أوصت دراسة فقهية مالية صدرت أخيراً، المؤسسات المالية الإسلامية بتمويل الأنشطة الزراعية، من خلال عقود المشاركة الزراعية (المزارعة، المساقاة، المغارسة)، مشددة في الوقت نفسه على أهميتها في تحقيق التنمية الاقتصادية. وركزت الدراسة التي أعدها الباحث في معهد الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أحمد محمد نصار (حصلت «الحياة» على نسخة منها) بعنوان: «خصائص عقود المشاركات ومدى الاستفادة منها في التمويل الإسلامي»، على أهمية الموضوع من الناحية التطبيقية في ظل إحجام المؤسسات المالية الإسلامية عن التمويل بالمشاركة. وأكدت الدراسة في توصياتها، ضرورة الاهتمام بدرس مخاطر صيغ المشاركات، وكيفية التحوط منها، وتأكيد أهمية صيغ المشاركات في النظام المالي والمصرفي الإسلامي، وأنها روح وقلب العمل الكفء في الاقتصاد الإسلامي، مطالبة بضرورة حث متخذي القرارات في المؤسسات المالية الإسلامية على تبني استخدام صيغ المشاركات في العمليات التمويلية، وذلك لكفاءتها على مستوى الأفراد، إضافة إلى ضرورة حث المؤسسات العلمية والمراكز البحثية على درس أساليب المشاركات المختلفة، لكشف خصائصها التمويلية والاستفادة منها. ودعت إلى تكوين أدلة مرجعية في تطبيقات المشاركات في الفقه الإسلامي للاستفادة منها في تطوير المنتجات المالية الإسلامية، مع تنفيذ حملات توعوية لدى جمهور المتعاملين في المؤسسات المالية الإسلامية، لتأكيد أهمية صيغ المشاركات ومميزاتها بالنسبة إليهم، إضافة إلى حث المصارف المركزية في الدول التي توجد بها مؤسسات مالية إسلامية، على إصدار تشريعات وتعليمات متوافقة مع طبيعة عقود المشاركات. وحثت الدراسة على ضرورة الاهتمام بدرس الجدوى الاقتصادية في المؤسسات المالية الإسلامية، لاستكشاف الفرص الاستثمارية لتهيئة البيئة الملائمة لتطبيق صيغ المشاركات والاستفادة من خصائصها، مع رصد المعوقات التي تعوق تطبيق صيغ المشاركات في المؤسسات المالية الإسلامية واقتراح الحلول الملائمة لتفاديها والتقليل من أثرها. ووصفت نتائج الدراسة عقود المشاركات المتعلقة بالمضاربة ب«الأخطر»، مرجعة ذلك إلى تقديم المال من طرف واحد، وانفراد الإدارة من الطرف الآخر. وأوضحت أن عقود الشركات في الفقه الإسلامي متنوعة، وذلك بحسب طبيعة النشاط، وهذا بحد ذاته يوسع مجالات تطبيقها واستكشاف خصائصها لدى المصارف الإسلامية، مشيرة إلى أن عقود الشركة من أكثر العقود في الشركات التي تشمل خصائص ومميزات عدة بالنسبة إلى بقية عقود الشركات (المضاربة والمزارعة والمساقاة والمغارسة). وأضافت نتائج الدراسة أنه، من الناحية الشرعية وكذلك الاقتصادية، فإن عقد المغارسة من أفضل العقود المالية الإسلامية، لورود فضلها في الأحاديث النبوية، ومن الناحية الاقتصادية فإنها تعمل على توسيع قاعدة الملكية بجهود وكلفة مناسبة، لأن العمل الشريك في المغارسة يستحق نسبة من الشجر والأرض معاً، بخلاف المزارعة والمساقاة. ولفتت إلى أن عقود المشاركة طبيعتها تحمل معنى الاستمرارية، إذ إنها طويلة الأجل، باستثناء عقد المضاربة، وهذا مهم وملائم لطبيعة المشاريع الاقتصادية التنموية، كما أن طبيعة عقود المشاركات تؤثر بشكل كبيرة في نظم العمل في المؤسسات المالية الإسلامية، إذ تجعل عملها ذا طابع فني استثماري، بدلاً من الطابع المالي البحت.