عبد العزيز بن سعد يطلع على خطط هيئة تطوير حائل    المملكة تدين مصادقة إسرائيل على بناء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة    القادسية يستنجد بخبير أيرلندي    الفالح: المستثمر السعودي الركن الأساس لمنظومة الاستثمار    هيئة العقار تباشر إجراءات ضد 25 مطورا خالفوا أنظمة البيع على الخارطة    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل جائزة «نواة» 2025    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    الكرملين: اقتراح أوكرانيا بشأن هدنة في عيد الميلاد مرهون بالتوصل لاتفاق سلام    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    ياسر القحطاني يطلب استقالة الاتحاد السعودي    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    المطر في الشرق والغرب    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    موجز    أعلى رقم يسجله ميناء جوي سعودي.. 50 مليون مسافر عبر مطار الملك عبدالعزيز خلال 2025    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    دور إدارة المنح في الأوقاف    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصل مكتمل وصورة مختلفة: الصيام فرصة لتجديد حياتنا
نشر في الحياة يوم 29 - 08 - 2009

فارق كبير بين رمضان الذي ينطوي عليه النص الإسلامي المؤسس وهو القرآن الكريم وكذلك المستقى من سنّة النبي (صلى الله عليه وسلّم) والقائم في أفعال الرعيل الأول أو «الجيل الفريد» الذي تحلق حول الرسول الكريم وبين رمضان الذي يحييه المسلمون الآن قولاً وعملاً. وهذا الفارق يتسع كل سنة، ويهرول في الإتجاه الذي سيجعل الأول غير الأخير، ليتحول الشهر الفضيل إلى مجموعة من الطقوس الدنيوية المادية البحتة، المغلفة بروحانيات سطحية، وتدبر عابر، وافتقاد للحكمة التي من أجلها فرض الله سبحانه وتعالى الصيام على أمة محمد والأمم التي سبقتها.
فالله فرض الصوم، لا ليعذب الناس بالجوع والعطش والامتناع عن أداء الغريزة الجنسية، بل ليسمو بأرواحهم إلى أقصى حد، ويرتقي بمشاعرهم إلى أبعد غاية، ويدفع غنيهم إلى الإحساس بما عليه فقيرهم، وصحيحهم بما عليه مريضهم، وقويهم بما عليه ضعيفهم. وفرض الله الصوم ليجد الإنسان فرصة قوية لتدريب نفسه على السلوك الصحيح، فيبني ما تهدم، ويعدّل ما مال، ويقوّم ما اعوج وانكسر، فإن كان من سريعي الغضب فليدرب نفسه على الحلم والصبر والتريث، وإن كان من محبي النميمة والجدل فليعلم نفسه السكوت الحكيم الذي هو من ذهب، وليتعود على أن يقول خيراً أو ليصمت، وإن كان من المنساقين بعمى وقلة بصيرة وراء غرائزهم فليقوي ذاته في مواجهة شهواته، ولا يرهن نفسه لخدمة جسمه، وليدرك أنه بالنفس لا بالجسم إنسان.
وفي كل الأحوال يعطينا رمضان فرصة لتجديد حياتنا، وليصبح كل واحد منا، إن صدقت عزيمته وسلمت نيته، إنساناً جديداً، لا يعبد الله على حرف، ولا يكتفي من الدين بطقوسه وقشوره، بل يلج إلى جوهره الأصيل وحكمته العميقة، فيصبح بحق المسلم الذي تنطبق عليه الآية الكريمة «كنتم خير أمة أخرجت للناس»، ويصير المسلم الذي يباهي به الرسول الأمم يوم القيامة، وليس المسلم الذي لا يمثل سوى قطرة ضائعة في «غثاء السيل»، فتتداعى الأمم عليه كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.
لكن ما يجري في الواقع شيء آخر، فأكثر المسلمين المعاصرين حولوا رمضان إلى شهر دعة وراحة وكسل، ونسوا أن الصحابة خاضوا معركة «بدر» في رمضان، وأن صلاح الدين قد هزم الصليبيين في رمضان، وأن العرب قد هزموا إسرائيل في رمضان. كما حولوا رمضان إلى شهر تسلية تتسابق على إشباعها شاشات الفضائيات، المتخمة بالمسلسلات والأفلام والمسرحيات وبرامج المسابقات التافهة واللقاءات السطحية مع أهل الفن، إلى الدرجة التي أصبح عندها الممثلون والمخرجون والمنتجون من العلامات المميزة لهذا الشهر، أكثر من علاماته الأصيلة التي شرع الله من أجلها الصوم.
وبات أكثر المسلمين يستهلكون في رمضان أضعاف أضعاف ما يأتون عليه في الشهور التي تسبقه وتليه، ليحولوه من شهر الصوم إلى شهر الأكل، وصارت لرمضان صورتان عند النسبة الكاسحة من العوام، صورة في النهار، حيث الامتناع عن الأكل والشرب وخلافه من الخدمات التي تقدم للجسد، وصورة في الليل حيث يصبح الجسم سيداً، بخلاياه وغرائزه وأشواقه، وتتوارى الروح في ركن من النسيان والإهمال.
وهذا الفصام المزمن، الذي طالما رصدته أقلام وعدسات في أقصى الشرق والغرب، أضر بصورة المسلمين إلى حد كبير، وجعلهم عبئاً على دينهم الذي ينطوي على قيم روحية سامية من دون أن يهمل الجسد «قل من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق»، ويجعل للآخرة الأولوية من دون أن يغفل الدنيا «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا». لكننا جرنا على هذا التوازن، وخرجنا عن تلك الوسطية، فأعطينا للأدنى أولوية على الأعلى، ودسنا بأقدامنا المعاني الكبرى التي من أجلها شرع الله الصوم.
لقد بح صوت الذين ينادون كل عام في أمة محمد لتعود إلى رشدها وتتوب عن غيها، ولتتعامل مع رمضان بنزاهة وعدل يليق بما ورد عن الشهر الفضيل في محكم التنزيل، وفي ما كان يفعله الرسول وصحابته، لكن الناس آفتهم النسيان، وهذه ليست آفة المسلمين وحدهم، بل آفة البشرية جمعاء، التي تحول أغلبها إلى آلة استهلاكية نهمة، فصار الإنسان سلعة، تباع وتشترى، مع أنه خليفة الله في أرضه، ومعجزته الكبرى.
* كاتب وباحث مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.