تتساءل كاثرين «لِم عليّ أن أبحث عن مكان لركن السيارة، أو العبور بين الشوارع المزدحمة من أجل أن أتأمل الواجهات حيث قد أجد ما أريد وربما لا أوفّق بأن أجده، وقد تصل تسعيرة ركن السيارة إلى ما يُعادل ثمن ما اشتريته؟». وتضيف: «لماذا كل هذا التعب طالما أن الأمور تحلّ بواسطة الكومبيوتر؟»، ملخّصة حاجتها للتسوّق عبر الإنترنت. حال كاثرين بدوره تلخّص حال 50 مليون مواطن ألماني، فقد أظهرت البيانات الصادرة أخيراً أن من بين 82 مليون ألماني، خمسين مليون منهم يتسوقون عبر الإنترنت. أعلى نسبة تصفح للمواقع عبر الإنترنت في العالم هي من الألمان، فالألمان باتوا يفضّلون توفير وقتهم على استنزافه في التجوال بين المحلات وفي زحمة الشوراع، ما أدى إلى هذا الارتفاع بنسبة التسوّق عبر الإنترنت. فجميع الشركات تقريباً، تمتلك موقعاً إلكترونياً خاصاً، يمكن من خلاله طلب ما تحتاج باللون والحجم والقياس، فضلاً عن شراء تذاكر السفر والحجز في الفنادق وكذلك شراء بطاقات القطار، ففي عام 2010 وصل حجم ما تمّ شراؤه من بطاقات القطار والطيران، والحفلات الموسيقية والحجز في الفنادق عبر الإنترنت إلى نحو سبعة بلايين يورو. يشكّل التسوق عبر الإنترنت، وخصوصاً بالنسبة الى الشباب، متعة خاصة، فيقول فيليب: «مواقع كثيرة ك «الأمازون» و «إي باي»، تشكل فرصة ممتعة للاطلاع على المنتجات غير المطروحة في الأسواق، ويمكن الشخص بمرور الوقت أن يشكّل خبرة حول ما هو مطروح، هل هو ذو جودة عالية أم لا؟ وهل يستحق السعر المطلوب؟». ويضيف: «ويمكننا أن نعرض عبر مواقع التسوق أغراضنا الشخصية إذا ما أردنا بيعها، لأننا لم نعد بحاجتها، أو أننا تلقيناها هدية ولا نريد أصلاً استخدامها»، موضحاً أن «بعض هذه المواقع يستقبل مواد مستعملة وشخصية ضمن شروط جودة معينة». ويشرح فيليب: «أشعر بمتعة المشاركة وأنا أتاجر مع الناس بأشياء بسيطة ومميزة». وكشفت آخر التقارير الصادرة في هذا المجال، أن موقع الأمازون يتسم بالانتشار الأوسع بين مواقع التسوق الإلكتروني، وذلك لسهولة استخدامه وإمكان مراجعة الزبون له وتقييم جودة ما وصله عبر مجموعة من النقاط. ومع هذا، يرى آخرون أن أخطار التسوق عبر الإنترنت كبيرة، وخاصة لجهة إمكان سرقة المعلومات الخاصة بالبطاقة الائتمانية، أو إرسال مواد غير مطابقة لصورة المنتجات المعروضة أو التي تم شراؤها ومواصفاتها، كما أن الناس المسنين لا يحبذون شراء ما لا تلمسهم أيديهم، على حد تعبير أحدهنّ. وعلى رغم هذا، فقد صرف الألمان عبر الإنترنت حوالى 16 بليون يورو سنة 2012، وشكّلت حصة تجارة الإنترنت، والتي تتضمن الطلب «أون لاين»، وعبر البريد الإلكتروني، 65 بالمئة من حجم التسوق. وفي السنة الماضية، وخلال فترة عيد الميلاد وحدها، ارتفعت نسبة التسوق عبر الإنترنت إلى 22 في المئة، ما يعني أن الشراء عبر الإنترنت إلى تزايد. وللتسوّق عبر الإنترنت رواد خاصون، ك «أرلوند»، الرجل الأربعيني المولع بشراء أجهزة الردايو القديمة، هذه الأجهزة -وفق قوله- لا يمكن الحصول عليها أو على قطع غيارها أو مكملاتها إلا من خلال عروض الإنترنت، ويمتلك حالياً 25 جهازاً تمّ شراؤها عبر الشبكة العنكبوتية. وجارت الشركات العالمية التطور الحاصل في التكنولوجيا، حيث غالبية الألمان الآن يملكون هواتف ذكية، وتعمل الشركات على توجيه رسائل وإعلانات تجارية تناسب تطبيقات ال «آي باد» و»آي فون»، بحيث يبقى المستهلك على تواصل مع كل جديد وبالتالي تتولد لديه الرغبة دوماً للطلب، والأمر يسير، فقط أرسِلْ طلبك وسيأتي إليك ما طلبته. تغيّر عادات الشراء أمر مرتبط بالمجتمعات وبمدى تطور التكنولوجيا، فكل المعاملات الحكومية والمراسلات مؤمّنة في ألمانيا منذ زمن، ويأتي التسوق عبر الإنترنت نتيجة شبه طبيعية للتقدّم العام في المجتمع. في سنة 2012 تبيّن أن 29 في المئة من الأطفال الذين تترواح أعمارهم بين 10 الى 15 سنة، يتسوقون بواسطة الإنترنت، في مقابل 89 في المئة ممن تترواح أعمارهم بين 25 و44 سنة و 74 في المئة من الشريحة العمرية بين 45 سنة الى 64 سنة. وكانت الكتب، المستعمل منها والجديد، تتصدر قائمة المبيعات، وإن كانت لا تزال تحتفظ بمرتبة متقدمة، ولكن أيضاً أصبحت وسائل الاتصال والهواتف النقالة وال «آي باد» واللوازم الكهربائية أيضاً من المنتجات التي يكثر طلبها عبر الإنترنت، إضافة إلى حقائب السفر ومسلتزمات النساء، من حقائب وخلافه، كما تدل الإحصاءات على أن الناس أصبحوا أكثر اعتماداً على الإنترنت في طلب منتجات شركات معروفة وموثوقة.