العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    مطار الملك خالد الدولي يدشّن مسارا جويا مباشرا إلى بكين بواقع 3 رحلات أسبوعية    "ملتقى التشجير" يختتم فعالياته بتوقيع 10 مذكرات تفاهم وعقود استثمار في القطاع البيئي    انخفاض مبيعات النفط يهبط بأرباح أرامكو 14%    إطلاق خدمة "أجير الحج" للعمل الموسمي    استقرار أسعار الذهب وانخفاض الفضة    انعقاد الطاولة المستديرة الثالثة ضمن الحوار الإستراتيجي الثاني للتنمية والمساعدات الإنسانية بين المملكة وبريطانيا    إيقافات وغرامات آسيوية للأندية السعودية    روشن 31.. الهلال "الحسم أمام الحزم" واشتعال صراع البقاء    أمير الرياض يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    الرحيل الثقيل لرائد الشعر الحداثي    4.7 ألف طالب ينضمون ل"فصول موهبة"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.789 شهيداً    محافظ الخرج يرأس الإجتماع الدوري لرؤساء المراكز بالمحافظة    نائب أمير الشرقية : صعود القادسية سيضيف لرياضة المنطقة المزيد من الإثارة    أمير الشرقية يستقبل ضيوف الاثنينية و يدشن مقر الجمعية التعاونية الاستهلاكية    تطوير المدينة تستعرض مواقع التاريخ الإسلامي في معرض سوق السفر 2024    اهتمام عالمي بصعود القادسية إلى دوري روشن السعودي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الجبيل الصناعية تستضيف دوري FIRST2024 بمشاركة 260 طالب وطالبة    تعليم الطائف يحقق المركز الأول في دوري الفيرست ليغو 2024    المملكة توزع 6.500 سلة غذائية للمتضررين شرق خان يونس    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    مركز التنمية الاجتماعية في حائل يُفعِّل اليوم العالمي للإبداع والابتكار 2024    الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق    مالكوم: حققنا فوزاً ثميناً.. وجمهور الهلال "مُلهم"    "آيفون 15 برو ماكس" يحتل صدارة الأكثر مبيعاً    الهلال يحسم الكلاسيكو على حساب الأهلي    حظر ممارسة النقل البري الدولي بدون بطاقة التشغيل    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    تكامل رقمي بين «المظالم» و«التنمية الاجتماعية»    «الدون» في صدارة الهدافين    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    المملكة وتوحيد الصف العربي    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس يستقبل دورتموند وعينه على المباراة الختامية    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    أكذوبة «الزمن الجميل» و«جيل الطيبين»..!    السعودية وبريطانيا تبرمان اتفاقية لإنقاذ جوعى الصومال    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة «الإخوان»: طمس الحقيقة أم نفي الذات؟
نشر في الحياة يوم 31 - 07 - 2012

أثبت التيار الإسلامي التركي قدرة هائلة على التجدد بالتوافق مع الروح التركية الحديثة، عندما تجاوز كلياً «المنهج» الثوري العنيف لخليل فاضل وجبهة الشرق الأعظم والذي ساد عملية الإحياء الإسلامي في الستينات. وعندما عدَّل كثيراً في التوجه الإنكفائي لأربكان الذي أراد استقلالاً حضارياً لتركيا عن الغرب، والذي هيمن على تلك العملية في الثمانينات والتسعينات. وعندما وصل مع العدالة والتنمية، بقيادة أردوغان إلى التصالح صراحة مع علمانية معتدلة، هي العلمانية السياسية المتجذرة في التقليد الأوروبي، والقائمة على مجرد الفصل بين الدين والمجال العام، وليس على محاربة الدين في المجال العام كما أرادت الصيغة الأتاتوركية التي مثلت في الحقيقة نوعاً من «الأصولية العلمانية»، وإلى درجة تدفع بعض المتشددين إلى اتهام أردوغان ب «التواطؤ مع العلمانية»، والتشكيك في «ضميره» الإسلامي، ما يعنى أن الإسلام التركي بلغ حده الأقصى من النجاح، مع قدرته القصوى على التكيف. والسؤال هنا هل يشبه تاريخ الإخوان المسلمين تاريخ العدالة والتنمية؟ تبدو الإجابة الأقرب إلى الموضوعية هي «لا»، فالإخوان المسلمون جماعة ولدت (عام 1928) في بيئة غير معادية للإسلام من الأصل، نحا مسارها إلى التشدد لا الإعتدال، كما تبدى في حركة اغتيالات متبادلة شاركت فيها الجماعة طيلة أربعينات القرن العشرين، حتى طاولت مؤسسها نفسه. وبعد ثورة يوليو، وضمن سياق ملتبس اتهمت الجماعة بمحاولة اغتيال قائدها فكانت موجة اضطهاد نالت من المنتسبين إليها، ودفعت ببعضهم إلى المزيد من التشدد واعتناق الفكر التفكيرى في السبعينات، وصولاً إلى اغتيال الرئيس أنور السادات أول الثمانينات، وهو الحادث الذي أدى إلى حظرها قانونياً، وقمعها أمنياً طيلة ثلاثين عاماً تلت، وإن كان هذا القمع قد توقف دوماً عند خطوط معينة لم يتجاوزها، على نحو سمح لها بممارسة دور سياسي ما، ودخول برلمانات عدة، بالمشاركة في تحالفات عدة مع الوفد (1984)، والعمل (1987)، والفوز بنحو 20 في المئة من مقاعد برلمان 2005.
وهكذا نجد الخبرة الإخوانية مترددة في توجهاتها بين الإعتدال والعنف، على العكس من الخبرة التركية المتنامية في اعتدالها. فإذا ما حاولنا مقاربة موقف الإخوان الآن بمراحل الإحياء التركي، فربما قاربناها بمرحلة الرفاه، الذي فاز ب 20 في المئة من مقاعد برلمان 1996. وعلى رغم حصول «الحرية والعدالة» في الانتخابات البرلمانية السابقة (2011) على النسبة ذاتها التي حصل عليها «العدالة والتنمية» في انتخابات 2002 (40 في المئة)، فإن هذا التشابه على صعيد التمثيل العددي والطاقة الانتخابية، لا يعكس تشابهاً موازياً على صعيد التمثُل القيمي، والتكوين السياسي، فالعدالة والتنمية في تركيا وريث تجربة تحديث عنيفة بلغت حد (التغريب) وإن كانت فاشلة، وقد تعلم من فشل الأتاتوركيين والإسلاميين التقليديين معاً. وفي المقابل لا يملك إخوان مصر خبرات في الحكم تبدو ضرورية لإنضاجهم، كما أنهم لا يملكون هامشاً كبيراً أو حتى واضحاً للمناورة يبرر مجرد وصفهم ب (الإخوان المسلمين)، ففي تركيا وحيث الأتاتوركية تمثل أصولية علمانية، يمكن بروز علمانية معتدلة تتوافق مع الإسلام على نحو يوفر لها مجالاً للعمل والإضافة والتجديد، بل يبرر وجودها من الأصل. أما في مصر حيث الدولة مدنية حقاً منذ قرنين، ترتكز إلى علمانية معتدلة توقر الإسلام وتحترم الأديان، فمن الصعب إضافة جديد يذكر من داخل فضاء الدولة المدنية نفسه، ومن المتعذر وجود هامش واسع للتجديد، فيما تؤدي المحاولات المصطنعة لصوغ ذلك الفضاء أو توسيع ذلك الهامش باسم الإسلام إلى القضم من جوهر الدولة المدنية، والنحر في عضد القيم الديموقراطية. هنا يواجه «الإخوان» مأزقاً حقيقياً لا يمكن الخروج منه إلا بطريق واحد قويم، فيما البديل زائف وغامض.
أما الطريق الصحيح فهو الإعتراف الشجاع بأن ما كانته مصر عبر قرنين هو الدولة المدنية الحق التي نرجوها، وإن شوهتها بثور عسكرة وشمولية يجب استئصالها، ما يجعل دورهم المنتظر مجرد الإبحار عميقاً في بنى الديموقراطية، والاحترام العميق لقيمها ومفاهيمها، من دون بذل جهد ضائع لتمييز أنفسهم عمن سواهم من قوى مدنية أو ليبرالية. وهكذا سيكتشفون أنهم ليسوا أكثر من جماعة أو حزب سياسي وطني، مجرد إخوان مصريين. وأما البديل لهذا الطريق فهو الإبحار عميقاً في رحلة عبثية من اللف والدوران والغموض، يسودها جدل بيزنطي حول علاقة الهوية بالحداثة، والديموقراطية بالإسلام، والحرية بالإيمان، على نحو ما تجسده مقولة الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، والتي لا تعدو أن تكون عرضاً لهذا الغموض الملتبس، الناجم عن محاولة اصطناع خصوصية سياسية غير قائمة في الحقيقة، وسمواً أخلاقياً غير قائم في الواقع، ولا حاجة إخوانية لهما سوى المزايدة على القوى المدنية الأخرى، حشداً للمصوتين، ونفاقاً للمريدين.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.