السعادة تنطلق من السعودية إلى سوريا    NHC توقّع مذكرة تفاهم مع شركة كي هوفينيان الأمريكية لتطوير مشاريع سكنية وتجارية في وجهاتها العمرانية    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    بترومين راعٍ رئيسي لفريق نيسان فورمولا إي في سباق طوكيو إي - بري    وزير الرياضة يعتمد تشكيل مجلس إدارة الإتحاد السعودي للملاكمة    يايسله يكشف موقف لاعبه من مواجهة الخلود    موقف الفتح من ضم مدافع منتخب مصر    باخشوين ل"الرياض": 1200 خدمة رقمية تقدمها الوزارة عبر منصات متطورة    إطلاق النسخة الثالثة من معرض "إينا 3" للقطاع غير الربحي في الرياض بمشاركة خليجية ودولية واسعة    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    لاعب الاتفاق يجري عملية جراحية في الدوحة    "الداخلية": تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    رابطة العالم الإسلامي تُثمِّن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رفعَ العقوبات عن سوريا    الجامعة العربية تدين رفض الاحتلال الإسرائيلي الانصياع لقرارات مجلس الأمن    أسبوع الرياض للصناعة 2025 يؤكد الحراك السعودي لتشكيل مستقبل القطاع    الماجستير لعبير أبو ربعية    العمري ل"الرياض" : زلزال 14 مايو ناتج عن انزلاق صفيحة أفريقيا تحت بحر إيجة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "تجهيز العروس الجيزانية"    الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    ميناء جدة الإسلامي يستقبل أُولَى طلائع حجاج 1446ه    2400 مشروع لتطوير 9200 غرفة فندقية في مختلف المناطق    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    أسرار رونالدو!!    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    وكالة الفضاء السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    10 مسارات إثرائية دعوية في المسجد النبوي    عظيم الشرق الذي لا ينام    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    ماركا: لابورت يعود للدوري الإنجليزي    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    لا حج إلا بتصريح    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    «هيئة الأدب» تختم مشاركتها في بوينس آيرس    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    تعليق الحياة ليوم واحد    77% نموا بمطالبات التأمين    عماد التقدم    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يملك لندن ؟ مهاجرون يهود ومستثمرون عرب ينافسون نبلاء بريطانيا على عاصمتهم
نشر في الحياة يوم 02 - 09 - 2002

في بريطانيا التي تعيش على ايقاع التقاليد الصارمة، لا يزال الارستقراطيون يحكمون قبضتهم على نخبة الاراضي الباهظة الثمن في لندن. وكيف لا يتصدر النبلاء قائمة الاثرياء العقاريين اللندنيين، وهم ورثوا مساحات شاسعة من العاصمة اباً عن جد؟ لكن هذا الاحتكار بدإ يتراجع منذ القرن الماضي، ولم تعد الارض اللندنية حكراً على ابناء الطبقات المحظوظة.
البريطانيون العاديون والمهاجرون من اصول يهودية خصوصاً اخذوا يتسللون عبر باب الاستثمارات العقارية اللندنية الذي اوصد دونهم في الماضي. وفي السبعينات حدث "الاجتياح" الخليجي للسوق العقارية في العاصمة وخارجها. واذ تلكأ هذا المد السعودي والاماراتي والكويتي لسنوات، فثمة دلائل الى انه كان عائداً بزخم جديد في الصيف الماضي لولا ان احداث 11 ايلول سبتمبر الحقت اضراراً جسيمة بالصناعة السياحية. غير ان عودة المستثمرين الخليجيين الى لندن لم تكن الحكاية المثيرة بامتياز، لا سيما انهم لم يبرحوا الساحة العقارية تماماً منذ السبعينات. وربما خطف الضوء منهم مستثمران: السوري الاصل سيمون حلبي الذي برز بقوة مفاجئة في السوق العقارية، وروبرت تشينغوبز ذو الاصل العراقي الذي واصل ارتقاء سلم النجاح في هذا الميدان بخطوات ثابتة. "الوسط" تسلط الضوء في هذا التحقيق على الاستثمارات العقارية اللندنية في محاولة للتعرف على حائز مفاتيح العاصمة البريطانية.
اذا تأكدت المعلومات الواردة اخيراً على موقع "غلوب اس. تي. كوم" على شبكة الانترنت حول ابرام مجموعة "روتش" التي يديرها روبرت تشينغوبز وشقيقه فنسنت صفقة شراء مبنى "شيل - ميكس هاوس" لقاء 327.5 مليون جنيه، يكون المستثمران اليهوديان من اصل عراقي حققا انتصاراً كبيراً على منافسين اشداء جهدوا على امتداد اكثر من 12 شهراً للفوز بهذه "الدرة" اللندنية. فالبناء الذي ينهض في 80 شاع ستراند وسط لندن بجوار فندق سافوي المعروف، يعتبر من المعالم اللندنية البارزة على شاطئ نهر التايمز. وهذا دفع بعدد من ابطال السوق العقارية الى الاعراب عن رغبتهم باقتناصه حين طرح للبيع العام الماضي بسعر لا يقل عن 300 مليون جنيه استرليني. واشار الموقع الانترنتي الى ان "مجموعة ليهمان بروس اند وبتكوف" التي باعت المبنى للاخوين تشينغوبز كانت اشترته عام 1999 لقاء 163.5 مليون جنيه. ووصف معلّق بريطاني الصفقة بأنها "تمثل اكبر عملية بيع عقارية في وسط لندن" منذ اعوام عدة، فهل جاء هذا النجاح مباغتاً؟
الارجح ان صفقة "شيل ميكس هاوس" لم تكن مفاجئة، خصوصاً ان "روتش" تدير موجودات تربو قيمتها على 3.5 بليون جنيه استرليني ما يجعلها واحدة من اضخم الشركات المستثمرة في سوق العقارات البريطانية، وقد حلّ الاخوان في المرتبة التاسعة عشرة في قائمة لأغنى المستثمرين العقاريين اللندنيين وضعت في بداية العام 2000. هكذا كان فوز روبرت تشينغوبز بالمبنى الثمين منسجماً مع النجاحات التي احرزتها شركته اخيراً على اكثر من صعيد. وعدا ان "روتش" اشترت في الاشهر الماضية ما تقدر قيمته بأكثر من 500 مليون جنيه استرليني، الامر الذي رفع عدد املاكها الى حوالى 600 عقار في لندن وخارجها، فهي سعت دوماً الى تنويع استثماراتها. وكانت العام الماضي من ابرز المساهمين في تقديم عرض بقيمة بليون ومئتي الف جنيه استرليني لشراء شركة "بوب ماستر" التي تملك 2500 بار موزعة في انحاء المملكة المتحدة. كما دخلت شركة الاخوين العراقيي الاصل سوق الاستثمارات النفطية حين اشترت خمس محطات للوقود في بولندا وهي تسعى الى تملك مصفاة غدانسك للنفط.
وانشأ الاخوان شركتهما في 1982 وتحولت تدريجاً الى امبراطورية لها اذرع عقارية واستثمارية يتصل بعضها بصناعات دفاعية. اما ثروة روبرت الذي لا يزال في اوائل الابعينات، وفنسنت فتقدر بحوالي 300 مليون جنيه. وفيما كانت احبارهما الشخصية موضع اهتمام في سنوات سابقة كاثنين ممن تليق بهما صفة "بلاي بوي" على حد تعبير صحف شعبية بريطانية، فإن علاقة روبرت بالنجمة العارضة الاميركية كابريس بوربت وضعته في دائرة الضوء. بيد ان رجل الاعمال الذي يعد ولي العهد الأمير تشارلز بين اصدقائه، ويعيش في دارة فارهة يبلغ ثمنها 20 مليون جنيه استرليني وتقوم وسط حي كينزينغتون غرب لندن على مقربة من قصر الأميرة الراحلة "دايانا"، قال في مقابلة اخيرة انه لم يعد متحمساً لحياة الليالي الحمر لان العمر بدأ يتقدم به!
وذكر تقارير صحافية ان شركة "روتش" التي اشترت قبل شهرين مبنى في مدينة بريستول في جنوب غربي انكلترا ب12.17 مليون جنية سعت الى تملك مجموعة من الفنادق اللندنية. وقيل ان الأمير الوليد بن طلال تصدر قائمة الراغبين في شراء فندقي لانغهام هيلتون الكائن في ريجنت ستريت في قلب العاصمة لندن، وهيلتون بارك لين الذي
يطل على حدائق قصر باكنغهام الملكي. كما تردد ان سيمون حلبي كان بين المنافسين العرب على تملك الفندق الثاني الذي يعتقد ان سعره لن يقل عن 160 مليون جنيه استرليني. غير ان احداث ايلول سبتمبر الماضي أدت الى انخفاض عدد نزلاء الفنادق اللندنية بنسبة عشرين في المئة، وربما كان هذا التراجع الكبير في السوق السياحية دفع شركة "غولدمان ساكس" الى سحب عرض بيع فندق لانغهام هيلتون الذي قدر ثمنه ب200 مليون جنيه استرليني.
ويبدو ان الهجمات على مركز التجارة العالمية اودت ايضاً بمشروع شراء آخر، أدى العام الماضي الى تسليط الضوء على سيمون حلبي. فقد تناقلت صحف بريطانية انباء هذا "المجهول" السوري الاصل الذي اشيع انه بات على قاب قوسين او ادنى من تملك اغلى فندق في العالم، هو "لينزبوروه" الذي يقوم على حافة منطقة بيلغرافيا الباهظة الثمن وسط لندن مقابل حدائق هايدبارك الشهيرة. وحلبي الذي يملك شركة "باكنغهام سيكيوريتيز" للاستثمارات، استقر نهائياً في بريطانيا منذ قرابة ربع قرن حيث تلقى علومه واقام في ما بعد علاقات وثيقة مع كبار رجال الاعمال، وعمل في قطاعات تجارية شتى في اوروبا واميركا. وهو سليل عائلة بدأت نشاطاتها التجارية في سورية حيث كانت لها استثمارات في العقارات والزراعة وصناعة الادوية. ونشط في قطاع العقارات خصوصاً البريطاني منذ 20 عاماً.
وكان حلبي في طليعة المرشحين للفوز بفندق لينزبوروه لقاء 120 مليون جنيه استرليني بعدما فضلت شركة "جونز لانغ لا سال" التي تتولى ادارة عملية البيع عرضه من بين عروض اخرى تقدمت شركة "ماريوت" العالمية بأحدها. وفي اواسط العام الماضي عمدت الجهة المشرفة على عملية البيع الى اتخاذ قرار بعدم قبول عروض شراء من اي راغب آخر خلال مهلة زمنية محددة، ما أوحى بأن الفندق سيكون من نصيبه على الارجح. ولو تمت الصفقة فعلاً كما كان متوقعاً، لصار "لينزبوروه" اغلى فندق في العالم. ففيما لم يتجاوز سعر الغرفة الواحدة من اي فندق فاخر المليون جنيه، كان ثمن كل واحدة من غرف "لينزبوروه" ال95، مليون جنيه ونيف حسب عرض المستثمر السورى 120 مليون جنيه.
بيد ان عدد نزلاء الفندق انخفض بنسبة ملحوظة بعد احداث ايلول الماضي، خصوصاً ان معظمهم كان من الاميركيين. والاغلب ان هذا التراجع كان سيؤدي الى تقليص السعر المتفق عليه، الامر الذي حمل اصحابه على تأجيل ابرام الصفقة مع سيمون حلبي الذي بقي متفائلاً بإنجازها في وقت لاحق، كما ذكرت تقارير صحافية. لكن الاكيد ان انتظار البليونير السوري الاصل سيطول، هذا اذا كان امله بتملك هذا المبنى الفاخر لم يخب بعد، حسبما ذكر صحافيون بريطانيون. فقد عمد اصحاب الفندق قبل فترة الى تغيير الشركة التي تشغله، ما يدل الى انهم عازمون على الاحتفاظ به لفترة غير قصيرة. ويستشف من توقيع عقد التشغيل الجديد مع شركة "سانت ريجيز" الاميركية للفنادق والمنتجعات، بدلاً من "روزوود" التي ادارته لعشر سنوات، ان اصحاب لينزبوروه يرغبون بتنشيط عمله عن طريق دماء جديدة في محاولة لمعالجة الآثار الناجمة عن احداث 11 ايلول.
والادهى ان فشل محاولة سيمون حلبي لتملك لينزبوروه لا يجرد الفندق الفخم من صبغته "العربية". فمالكه الحالي هو "مكتب استثمارات ابوظبي" الذي اشتراه اوائل التسعينات حين كان لا يزال مستشفى يربو عمره على 173 عاماً، ثم حوله فندقاً من الطراز الرفيع تم افتتاحه العام 1992. ويذكر ان الفندق الذي تراوح اجرة المبيت فيه لليلة واحدة بين 311 جنيهاً للغرفة الدي لوكس و 5287 جنيهاً للجناح الملكي حيث صنابير المياه مطلية بالذهب، استقطب عدداً من مشاهير الفنانين من امثال مايكل جاكسون ومادونا فضلاً عن شخصيات سياسية بينها الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش.
ورغبة رجل الاعمال السوري في شراء لينزبوروه جاءت في اطار محاولته تأسيس قاعدة متينة في سوق الصناعة السياحية. فهو يسعى الى جعل مبنى "نافل آند ميليتاري كلوب" في منطقة بيكاديللي اللندنية الراقية و"مينتومور تاررز" في باكنغهامشاير فندقين فاخرين. والعقار الاول يشتمل على مبنى عريق قطنه رئيس وزراء سابق في القرن التاسع عشر هو لورد بالمرستون واشتراه حلبي العام 2000 ب50 مليون جنيه استرليني. وحصل اخيراً على رخصة لتحويله الى فندق من فئة ستة نجوم، ما يعني ان المستثمر السوري الاصل يريد لفندقه الجديد ان يكون منافساً لفندق "برج العرب" في دبي الذي يكاد ينفرد بتصنيف الست نجوم.
وفي الوقت الذي بدأ حلبي العمل على الفندقين الجديدين ووضع لينزبوروه نصب عينيه، كان اشترى ثلث اسهم مشروع اعلى برج في اوروبا هو برج ساوثوارك الذي خطط لاقامته في منطقة ساثوارك اللندنية قريباً من محطة "لندن بريدج". والبرج الذي بدأت مجموعة "سيللر" العقارية الاعداد له في 1999 مؤلف من 66 طابقاً تضم مكاتب ومحلات تجارية تبلغ مساحتها الاجمالية مليون قدم مربعة. ومن المتوقع ان تكون كلفة انشاء البرج الذي يزيد ارتفاعه عن 1000 قدم اي انه اطول من برج كناري وورف بأكثر من 200 قدم حوالي 550 مليون جنيه استرليني. اما التنفيذ فكان يفترض ان يبدأ العام الماضي، حين سلمت التصاميم والمخططات للجهات المعنية بمنح الترخيص، وهي المجلس البلدي في منطقة ساوثوارك. والجدير بالذكر ان قيمة البرج النهائية بعد اقامته تقدر ببليون جنيه استرليني.
وعدا هذه "الانجازات" التي كانت وحدها كفيلة بجعل القادم الجديد الى سوق العقارات اللندنية موضع اهتمام، فإن حلبي توج نشاطاته الاستثمارية بخطوة جريئة اثارت الدهشة اذ تبين انه في الوقت الذي كان يتابع صفقات الفنادق الفاخرة، دخل ميدان المنافسة مع اقطاب سوق العقارات البريطانية على شراء ابنية ميدان "بيركلي" في حي مايفير اللندني. ومعروف ان قيمة كل من العروض المقدمة لا يقل عن 300 مليون جنيه استرليني.
غير ان صفقة ميدان بيركلي الذي انشئ العام 1730 ويضم اكثر من مئة مبنى تاريخي عريق ويحتل مساحة تبلغ 10 افدنة من منطقة مايفاير احد ارقى احياء لندن المركزية، جمدت هي الاخرى وربما لن تتم.
وتردد ان الامير الوليد بن طلال نافس في 1998 البليونير الاميركي بيل غيتس على شراء شركة "كليفدون" البريطانية تملك عقارات فاخرة، في طليعتها فندق "بيركشاير" ومنطقة "رويال كريسنت" في مدينة باث السياحية، ب41 مليون جنيه استرليني. الا ان الصفقة لم تتم، وذهب فندق "بيركشاير" الذي يطل على نهر التايمز بحدائقه التي تبلغ مساحتها 375 فداناً الى بيل غيتس. والجدير بالذكر ان بعض شهرة المبنى الذي يعود تاريخه الى القرن السابع عشر جاءت من زواره الذين ضموا اللورد كرزون واللورد بلفور فضلاً عن الشاعر روديارد كيبلنغ والروائي الاميركي هنري جيمس، كما كان في الستينات مسرحاً لفضيحة وزير الدفاع السابق بروفيومو التي أدت الى سقوط حكومة هارولد ماكميلان المحافظة.
الا ان المنافسة على ميدان بيركلي كانت اشد ضراوة. والمتوقع ان قائمة الراغبين في الفوز بصفقة القرن ضمت ايضاً رجال اعمال عرب تقدمهم الشيخ محمد بن راشد المكتوم وزير دفاع الامارات العربية المتحدة، فضلا عن الاخوين ديفيد وسايمون روبن صاحبي شركة "ترانسورلد المونيوم" اللذين ولدا في بومباي لام عراقية الاصل وحققا نجاحات في السوق السوفياتية ثم الروسية يعتقد انها كانت اهم مصادر ثروتهما الكبيرة. ويشار الى ان ولي عهد دبي يملك ايضاً مجموعة من العقارات اللندنية، بينها فندق حياة ريجنسي في منطقة نايتسبريدج الفاخرة. وذكرت صحف بريطانية ان الشيخ محمد بن راشد المكتوم كان العام الفائت في طليعة المستثمرين الخليجيين الراغبين في تعزيز محفظتهم العقارية اللندنية، وضمن هؤلاء عدد من الكويتيين. وتردد ان استثمارات وزير الدفاع الاماراتي تتم عبر شركة "شيفال" العقارية، التي عمدت قبيل احداث 11 ايلول الى شراء المزيد من العقارات في منطقتي نايتسبريدج وغلوستر رود.
والاهم ان في طليعة المتقدمين بعرض لشراء ميدان بيركلي، دوق ويستمنستر السادس اغنى اثرياء بريطانيا حسب القائمة التي نشرتها اخيراً مجلة "غلوبال فورس" لاغنى بليونيرات العالم. اما عن املاك الدوق اللندنية، واسمه الحقيقي جيرالد غروسفنور، فحدث ولا حرج. ويقول كيفن كاهيل في كتابه "من يملك بريطانيا" الذي يمثل "اول نظرة مفصلة على ملكية العقارات البريطانية في الازمنة الحديثة" والصادر العام الماضي، ان عميد عائلة غروسفنور النبيلة يملك 300 فدان من اراضي منطقتي بلغرافيا ومايفاير تقدر قيمتها ب10 بلايين جنيه استرليني. والدوق الذي لا يزال في اواسط الاربعينات، يملك معظم عقارات هاتين المنطقتين السكنيتين بما فيها مبان تحتلها مؤسسات عربية عدة بينها السفارة السورية وغرفة التجارة العربية - البريطانية. وقد استقال من حزب المحافظين في العام 1993، احتجاجاً على تعديل الحكومة المحافظة آنذاك قانوناً يهدف السماح لبعض المستأجرين بتملك الأبنية التي اتخذوا منها بيوتاً او مكاتب.
ويأتي العرش البريطاني في المرتبة الثانية لجهة ملكية العقارات اللندنية. ف"عقارات التاج" التي تمثل جزءاً من ميراث الملكة اليزابيث الثانية، تشتمل على 265 فداناً في لندن تبلغ قيمتها حوالي 6 بلايين جنيه استرليني، حسب كاهيل. الا ان المؤسسة العقارية الملكية اخذت على المؤلف مبالغته في تقدير ثروة الملكة، مؤكدة ان محفظتها العقارية اللندنية تضم مباني لا يزيد ثمنها في السوق عن 5.2 بليون جنيه استرليني. ومعروف ان عقارات التاج موزعة في عدد من اغلى احياء وشوارع لندن التجارية، وبينها ريجنت ستريت وريجنت بارك، فضلاً عن شارع بال مال الشهير وحفنة من القصور الملكية.
وبعد عدد من النبلاء، يحل بول رايموند سابعاً في قائمة "مالكي لندن" العشرين التي وضعها كاهيل. ورايموند 75 عاماً يملك 140 فداناً في حين سوهو تتجاوز قيمتها بليون جنيه استرليني، ما يجعله ابرز ابطال السوق العقارية اللندنية منذ الخمسينات. واللافت ان الرجل بدأ حياته المهنية عاملاً بسيطاً في جلي الصحون يتقاضى جنيهاً واحداً في الاسبوع. غير انه افتتح العام 1958 حانة في الحي المعروف بمحلاته الاباحية وحياته المنفلتة من التقاليد البريطانية الصارمة، در عليه الكثير من الارباح. ثم لم يلبث ان بنى امبراطورية في عالم الصناعة الاباحية مكنته من تأسيس محفظة عقارية تضم اكثر من 330 مبنى في حي سوهو والمناطق المتاخمة له. ورايموند وزملاؤه من اصحاب البلايين ذوي الاصول الطبقية المتواضعة يملكون حوالي 250 فداناً من الارض اللندنية، ما يعني ان الملكة وحدها تفوقهم ثراء عقارياً في العاصمة. واذا اضيفت الى عقارات الملكة املاك دوق ويستمنتسر 300 فدان والايرل كادوغان 90 فداناً، لبدا واضحاً ان الفجوة بين البليونيرات النبلاء والعامة لا تزال واسعة جداً. لكن من يدري، ربما تكفلت الاستثمارات العربية بتقليص الفارق الكبير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.