يعتبر الورم الليفي للرحم من أكثر أورام الحوض حدوثاً لدى المرأة. ويتألف هذا الورم من المركبات نفسها التي يتكون منها الرحم، وهو سليم مئة في المئة ومن النادر جداً أن يتطور نحو الخباثة. ينشأ الورم ضمن جدار الرحم وينمو اما باتجاه جوف الرحم، أو باتجاه الأعضاء المجاورة في البطن، وإذا كبر كفاية فيمكن جسه باليد. ما سبب الورم؟ في الواقع لم يتوصل الطب الى تحديد السبب الذي يقف وراء الورم الليفي للرحم. وهناك نظرية تقول ان الورم ينمو على حساب خلايا جنينية ظلت معششة في قلب الرحم منذ كانت المرأة جنيناً، وهذه الخلايا تبقى "نائمة" الى أن تحين الفرصة المناسبة فتعطي الورم الليفي الذي يفصح عن ذاته ما بين الثلاثين والخمسين من العمر. والقائلون بهذه النظرية يدعون أن الخلل في التوازن الهرموني ما بين الاستروجين والبروجسترون هو الذي يحث على امتداد الورم طولاً وعرضاً. وما يؤيد هذه النظرية هو عدم مشاهدة هذا الورم قبل سن البلوغ، ونادراً جداً ما نشاهده قبل العشرين. الشيء المعترف به طبياً هو حساسية الورم حيال هرمون الاستروجين، وبالفعل تمكن الباحثون من احداث الورم تجريبياً عند حيوانات التجربة بعد حقنها بهرمون الاستروجين، واتضح أيضاً أن الورم يتقهقر عند استعمال هرمون البروجسترون والهرمونات الذكرية. ويكثر حدوث الورم الليفي الرحمي عند العوانس الكبيرات في السن، وكذلك عند النساء المصابات بالعقم، والملاحظ أيضاً وجود الورم بكثرة عند الزنوج، ولهذا اتهم بعضهم العامل الوراثي بأنه الدافع لتكوّن الورم، وهناك من وجه أصابع الاتهام للداء السكري، ولكن الحقيقة أن لا دليل يؤكد هذه التوقعات. والشيء الجديد على هذا الصعيد هو ما حملته قبل فترة مجلة نسائية ايطالية، اذ نشرت مقالاً نوهت فيه الى أن للغذاء دوراً في اصابة النساء بالورم الليفي للرحم، وذكرت ان الافراط في أكل اللحوم الحمراء يزيد من نسبة حدوث الورم، بينما استهلاك الخضروات الداكنة والفواكه يحمي من الورم. كيف يتظاهر الورم الليفي للرحم؟ يمكن للورم أن يبقى صامتاً في الرحم سنوات طويلة قبل أن يكتشف صدفة خلال تصوير البطن والحوض بالأمواج فوق الصوتية أو التصوير الطبقي المحوري. ولكن المصابة قد تستشير طبيبها لواحد أو أكثر من العوارض الآتية: النزف الطمثي، ويعتبر من أهم الاضطرابات الوظيفية التي تدفع المرأة للاستشارة. وقد يكون هذا النزف قليلاً أو غزيراً جداً وفي الحالة الأخيرة تتدهور صحة المصابة بشكل لافت لاصابتها بفقر الدم الشديد الذي يقود الى التعب. "الضائعات" التناسلية، وتشاهد هذه في الفترة ما بين الطمثين وتكون مائعة كالماء، وهي تزداد قبل حدوث الطمث وبعده. وتمتاز هذه "الضائعات" بسيلانها صباحاً عند نهوض المرأة من سريرها، ويستمر السيلان طيلة ساعات النهار. الألم، وهو نادر الحدوث وتعاني منه المريضة أكثر ما تعاني عندما يتعرض الورم للاختلاط، كأن يبرز في جوف الرحم، أو عند انفتاله على نفسه، أو حدوث استحالة فيه، أو التصاقه بالأعضاء المجاورة. حس الثقل في البطن، عندما يصل الورم الى حجم كبير. عوارض خارج الرحم، مثل الانحباس البولي نتيجة ضغط الورم على المثانة، أو الاصابة بالامساك الشديد إثر ضغطه أي الورم على الأمعاء. كما يمكن للورم أن يضغط على أوردة الحوض أو الأعصاب الحوضية مسبباً الوذحات في الطرفين السفليين والآلام العصبية الشديدة. كيف يعالج الورم؟ بشكل عام يعتبر الورم الليفي للرحم من النوع المسالم ولا يشكل خطراً على الحياة إلا اذا تعرض للاختلاط. على أية حال هناك ثلاثة أنواع من العلاج: - العلاج الدوائي، وهدفه ليس ازالة الورم وانما وقفه عند حده ومنع امتداده طولاً وعرضاً. ويعتمد العلاج على اعطاء الهرمونات المعاكسة لعمل الاستروجينات. - العلاج الشعاعي، ويتم اللجوء إليه في حال تعذر تطبيق المعالجة الهرمونية والجراحية. - العلاج الجراحي، ويعتبر الحل الأخير الذي يلجأ اليه الطبيب لتوافر ظروف معينة تجعل اللجوء اليه لا مفر منه، ومن هذه الظروف النزوف الرحمية العاصية على العلاج، أو عند ضغط الورم على الأعضاء البطنية المجاورة، أو إذا كان الورم كبير الحجم، سريع النمو، أو عندما يمنع الورم حدوث الحمل