نجح العلماء الاستراليون، فيما فشل خبراء وكالة الفضاء الاميركية "ناسا"، حيث استطاع الأولون تشغيل محرك فوق صوتي على أمل ان تتزود به طائرات المستقبل لتستطيع قطع أكثر من 8 آلاف كيلومتر في الساعة. ولم تستمر مدة عمل هذا المحرك أكثر من سبع ثوان لكنها فترة ستترك بصماتها على تاريخ الطيران وتشكل الخطوة الأولى نحو بناء طائرة تقارب سرعتها 8 آلاف كيلومتر في الساعة. ولا شك في أن هذا المحرك الذي اجتاز الاختبار الأول في الصحراء الاسترالية سيلاقي نجاحاً في مجال الصواريخ لأنه محرك فوق صوتي ثابت يعمل بالاحتراق فوق الصوتي ايضاً وبهذا فإنه أكثر فعالية وأقل كلفة من قاذفات الأقمار الاصطناعية الحالية، والسبب انه على خلاف الصواريخ التقليدية يستخدم الهيدروجين الموجود في الجو في عملية الاحتراق بينما تقوم الصواريخ المستخدمة حالياً باستخدام الهيدروجين المحمول على متن القمر الاصطناعي، وكلما قلت حمولة الوقود اتسع الحيز المكاني لتحميل ما هو مفيد. وأثار هذا المشروع المسمى Hy Shot والذي تقوده جامعة كوينزلاند الاهتمام والحماس في قطاع الطيران فوق الصوتي. وأثناء التجربة، قام صاروخ بحمل المحرك الثابت فوق الصوتي الذي يبلغ طوله 60 سنتيمتراً الى ارتفاع 314 كيلومتراً فوق سطح الأرض قبل الهبوط بحذر. وفي طريق العودة بلغت السرعة حوالي 8.65 آلاف كيلومتر في الساعة بفضل احتراق كمية من الهيدروجين تم ضخها في المحرك. وفي الواقع حدث الاختبار الحقيقي في الثواني الاخيرة من عملية الطيران قبل ان يلامس الصاروخ والمحرك الثابت فوق الصوتي سطح الأرض، حيث تولى جهاز رادار واربع محطات راديو أرضية متابعة الرحلة ومراقبة المعلومات المنقولة بواسطة المعدات الالكترونية المدمجة في المحرك خصيصاً لهذه الغاية. ودلت هذه الثوابت على تطابق النتائج وفعاليتها التي تم الحصول عليها في الاختبار الارضي وأثناء الطيران. ولم يسع الفريق الى تسريع المحرك الثابت فوق الصوتي خلال التجربة في الجو لأن هدف الاختبار تمثل وببساطة بالبرهنة على امكان حدوث عملية الاحتراق. اما الآن فيعكف الفريق على درس تمويل الرحلات الذي يحتاج الى 25 مليون دولار. ومن المقرر أن تسفر ست رحلات في خمس سنوات عن تطوير طائرة فوق صوتية تعمل بمبدأ الطيران الحر. وتتمثل الخطوة اللاحقة في تسريع هذا المحرك قبل الطيران ومن ثم مراقبة السرعة التي ستبلغها هذه الطائرة وكيفية ضبطها. ان فكرة المحرك الثابت فوق الصوتي ليست جديدة، فقد بذلت بلدان عدة جهوداً كبيرة خلال العقود الماضية للتوصل الى هذه النتيجة. فقد قامت الولاياتالمتحدة بأبحاث في حقل الطيران بقوة الدفع فوق الصوتية تكللت بالفشل خلال الاختبارات الاخيرة التي اجرتها في شهر حزيران يونيو العام 2001 على الطائرة التجريبية من طراز X43A التي تحطم محركها/ الصاروخ وهي في الجو. وقد عرف فريق Hy Shot فشلا مماثلا العام الماضي خلال تجربة لم يعمل فيها المحرك الصاروخ كما يجب. ان الفرق بين المحركات التي تعمل بالاحتراق فوق الصوتي ومثيلاتها التقليدية يكمن في أن الأولى مصممة خصيصاً للطيران فوق الصوتي اي بسرعة تفوق 5600 كيلومتر/ ساعة لذلك تجد أن الطائرات التجارية الحالية مزودة بمراوح متعددة الشفرات تقع بوضوح في مقدم المحرك، فتسحب الهواء الى الداخل حيث يوجد جزء مضغوط منه وممزوج بوقود الطائرة يتم احتراقه داخل غرفة المحرك، حيث تقوم المراوح بضخ الهواء المتبقي الى خارج غرفة الاحتراق لتوليد قوة دفع اضافية. اما الطائرات فوق الصوتية فانها مزودة بمحركات ارتكاس تمتص الهواء وتضغطه وتمزجه مع الوقود قبل الاشتعال. وتصل سرعة الطائرات الاكثر فعالية الى حوالى 3000 كيلومتر في الساعة على أبعد تقدير. غير ان الطائرات التي تصل سرعتها الى 4500 كيلومتر في الساعة فتتطلب محركات ثابتة فوق صوتية على غرار تلك المستخدمة في بعض الصواريخ الحديثة، وتعتبر هذه المحركات بسيطة وخالية من الاجزاء المتحركة لكنها لا تعمل الا بسرعة فوق صوتية يدخل الهواء فيها الى المحرك ويتم ضغطه بحركة من الامام ثم يمتزج بالوقود ويحترق، وتكمن الصعوبة في هذه العملية في ابطاء دخول الهواء الى سرعة أقل من الصوتية كي يحدث الاشتعال في غرفة الاحتراق، وتّولد عملية ابطاء دخول الهواء الاحتكاك والتسخين. وبما ان المحركات الثابتة تعاني من المحدودية لدى بلوغ هذا الحد من السخونة، تدخل المحركات فوق الثابتة على الخط حيث يحافظ مرور الهواء فيها على السرعة فوق الصوتية. ويعتقد بعض الباحثين ان سرعة الطائرة يمكن أن تتجاوز 8 آلاف كيلومتر في الساعة بفضل هذا النوع من المحركات