لا شك ان المعارضة الشديدة التي أبدتها وكالة الفضاء الاميركية ناسا حيال الرحلة الفضائية السياحية التي قام بها الملياردير الاميركي دنيس تيتو على متن مركبة روسية مبرراتها تنافسية محضة، فقد عمدت الوكالة بعد حوالى الشهرين الى القيام بتجربة اطلاق طائرتها المعجزة من طراز "اكس 43" X 43 من دون طيار التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بعشر مرات، اي انها قادرة على قطع مسافة 11 ألف كيلومتر في الساعة. وعلى رغم فشل التجربة الأولى فقد اكدت الوكالة عزمها على اجراء تجربتين اخريين قبل نهاية العام الحالي. ان ما يميز طائرة "اكس 43" عن مثيلاتها التقليدية الى جانب شلكها، هو محركها الذي يعتبر ثورة حقيقية في عالم صناعة الطيران. فهي قادرة على أخذ ما يلزمها من الاوكسجين من الهواء المحيط بها في الجو، اذ تقوم باستنشاقه واختزانه تحت ضغط وحرارة عاليين جداً، وعندما يصل الهواء الى المحركات ويلامس الوقود المؤلف من الهيدروجين فقط تتم عملية سريعة جداً تساوي في سرعتها سرعة الصاروخ. ولا يتم ذلك الا على علو ستة آلاف متر عن الأرض نظراً الى حاجة هذه الطائرة الى مساحة كبيرة من أجل الاقلاع ومساحة مماثلة لاستخدام الفرامل. لقد حددت وكالة "ناسا" سقف السرعة في التجربة الأولى ب7700 كيلومتر في الساعة على ان يرتفع هذا الرقم تدريجاً ليصل في مرحلة نهائية الى 11 ألف كيلومتر في الساعة. وتهدف الوكالة الاميركية من وراء ذلك الى فتح الباب أمام جيل جديد من المحركات الأصغر حجماً والأكثر سرعة للتخلص من حمولة الاوكسجين في خزانات الوقود وترك الحيز الذي تحتله هذه المادة لأغراض اخرى. ان هذه الطائرة، التي تؤكد وكالة "ناسا" ان دخولها حيز الاستخدام الفعلي لن يتم قبل العام 2020 على أبعد تقدير، قادرة على قطع المسافة بين باريس ونيويورك بحوالي ثلاثة ارباع الساعة، الا ان الهدف الآخر لهذه الطائرة هو خفض تكاليف وضع الأقمار الاصطناعية فوق المدارات الفلكية في وقت بلغت فيه المنافسة ذروتها بين المجمع الاوروبي الفضائي ووكالة الفضاء الاميركية في هذا المجال. لذلك تعول "ناسا" على استخدام الحيز الناتج عن خفض كمية الوقود في حمل المزيد من الاقمار الاصطناعية خلال رحلة واحدة. وبما ان موازنة هذا المشروع تبلغ 185 مليون دولار، فقد قررت الوكالة عدم استرداد النماذج الاولى لطائرة "اكس 43" خلال التجارب الثلاث المزمع تنفيذها وستتركها تسقط في أعماق المحيط الهادئ. واستناداً الى ما تقدم ستنطلق مقاتلة جوية من طراز ب52 من قاعدة ادواردز في كاليفورنيا حاملة تحت جناحها الطائرة "اكس 43" والصاروخ الصغير Begasus وعلى علو ستة آلاف متر تنفصل المقاتلة الجوية عن الصاروخ والطائرة معاً وعندما تصبح سرعة الصاروخ مساوية لسرعة طائرة "اكس 43" المقرر اي 7700 كيلومتر في الساعة ينفصل عن الطائرة فوق الصوتية بسبب بدء محركه بالعمل الأمر الذي يمكنه من متابعة الطيران وفقاً للبرنامج المقرر. وفي الواقع لا تتجاوز مدة عمل محرك الطائرة "اكس 43" اكثر من عشر ثوان، لكن هذه المدة كافية لاعطائها الدفع الكافي للبقاء في الجو حوالى 10 دقائق قبل ان تنتهي في مياه المحيط.