آل حيدر: الخليج سيقدم كل شيء أمام النصر في الكأس    أجواء "غائمة" على معظم مناطق المملكة    إلزام موظفي الحكومة بالزي الوطني    "واحة الإعلام".. ابتكار لتغطية المناسبات الكبرى    تحت رعاية خادم الحرمين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    بمشاركة جهات رسمية واجتماعية.. حملات تشجير وتنظيف الشواطيء    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    القيادة تهنئ رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا وسيراليون وتوغو    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    انطلاق بطولة الروبوت العربية    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار شامل مع "الوسط" . بشار الأسد : التفاؤل بالسلام لا يعني الهرولة قسم ثاني
نشر في الحياة يوم 23 - 08 - 1999


الحزب والمؤتمر والتغيير
* يُحكى عن مؤتمر جديد لحزب "البعث" بعد غياب طويل للمؤتمرات وعن انتخابكم عضواً في القيادة القطرية في حال انعقاد المؤتمر...
- هناك اقاويل كثيرة واشاعات عن مؤتمر للحزب. المؤتمر يحتاج الى قرار من القيادة وحتى الان لم يصدر شيء عن القيادة في هذا الموضوع.
* هل يمكن ان ينعقد المؤتمر في الخريف المقبل؟
- القيادة هي التي تقرر.
* هل هناك توجه من هذا النوع؟
- يجب ان تطرح هذا السؤال على القيادة. اما بالنسبة للسؤال عن احتمال ترشيحي لعضوية القيادة القطرية، فاعتقد ان الانسان عندما يفكر في ترشيح نفسه لمنصب ما عليه ان يأخذ في الحسبان اعتبارات عدة شخصية وعامة. وهذه الاعتبارات قد تتغير من مرحلة الى اخرى. عندما يتخذ قرار بانعقاد مؤتمر قد تكون هذه الاعتبارات تبلورت، وعندها يقرر الشخص اذا كان ينوي ترشيح نفسه ام لا.
* هل انت متمسك بان تأتي الى مثل هذا الموقع عبر عملية انتخاب؟
- يحق للقيادة حسب النظام الداخلي ان تعين. يحق لها ان تفصل عضواً وان تعين آخر. الاسلم ان يصل الرفيق الحزبي الى هذا المنصب من خلال القاعدة، اي الانتخاب. هذا افضل للمؤسسة وللشخص معاً.
* هل سيكون الحزب مصدر التغيير في المرحلة المقبلة؟ ألا يحتاج الحزب نفسه الى مراجعة تجربته في ضوء المتغيرات الهائلة دولياً واقليمياً؟
- في سورية الحزب يقود الدولة ولذلك يجب ان يأتي التغيير من خلاله. المراجعة ضرورية في كل مجالات الحياة، خصوصاً بعد حدوث تطورات. المراجعة هي التي تؤدي الى التطوير وهي تتم من خلال المؤتمر. هناك مؤتمرات للمستويات الحزبية المختلفة تقوم بهذا الشيء لكن العملية الاشمل تتم من خلال انعقاد المؤتمر القطري.
* هل سيشكل المؤتمر القطري منعطفاً؟
- نتمنى ان يكون منعطفاً مدروساً. اقصد بالمنعطف قفزة الى الامام وليس تغيير اتجاه. المطلوب قفزة كبيرة ومدروسة.
* في مستهل الولاية الخامسة دعا الرئيس الاسد الى "تحديث الدولة" و"توسيع دائرة القرار" و"تعديل القوانين لجذب الاستثمارات الخارجية". هل يمكن اعتبار هذه المسائل بمثابة عناوين عريضة للمرحلة المقبلة ولبرنامجكم؟
- البرنامج يحتاج الى منصب اما انا فلدي افكار. البرنامج يحتاج الى منصب وجهات تنفيذية، نعم اقول ان هذه المسائل هي عناوين اساسية بين الافكار التي احملها. مع الاشارة الى ان هذه العناوين وردت في خطابات سابقة للسيد الرئيس، لكن التأكيد عليها يشير الى اهميتها والى ان عملية التحديث في سورية لاتزال بطيئة ولا بد من زيادة وتيرتها لان القطار في العالم سريع. هناك العديد من المراسيم درست او هي قيد الدراسة وستصدر في الوقت المناسب.
المنصب والمسؤولية
* دكتور بشار، هناك حديث مستمر عن انك ستتسلم منصباً رفيعاً في سورية، فمتى ستتسلم هذا المنصب؟
- اولاً، لست انا من يقرر. هناك قيادة تقرر وحسب نوع المنصب. هناك مناصب بالتعيين وهناك مناصب عبر الانتخابات. انا قد اطمح كأي شخص، لكن لست انا من يقرر. اذا كنت تسألني عن رغبتي الشخصية، انا لدي افكار وهذه الافكار قد تكون بحاجة الى منصب معين. المهم حين يتسلم المرء منصباً معيناً الالتفات الى امرين: ان يكون المرء بقدر المنصب، فليس المهم ان تتسلمه بل ان تستحقه وان يؤهلك هذا المنصب لتنفيذ الافكار التي تبني عليها برنامجك. المنصب ليس الهدف بل هو الوسيلة. فانا لا اسعى الى منصب ولا اتهرب من مسؤولية.
* واذا طلبت منك القيادة ان تشغل هذا المنصب او ذاك؟
- علي ان ادرس اولاً ما اذا كنت قادراً على القيام بالتزاماتي في الحدود القصوى لكي استحق المنصب.
* ترافق انتخاب ايهود باراك مع رهان اقليمي ودولي على اعادة اطلاق عملية السلام، واوحت تصريحات الرئيس الاسد للكاتب البريطاني باتريك سيل ان سورية تراهن ايضاً على صفحة جديدة، هل ترون فرصة جدية للسلام؟
- بالتأكيد هناك فرصة اذا توافرت النيات الصادقة. النية الصادقة مطلوبة من الطرفين او من كل الاطراف المعنية وليس من طرف واحد. سورية عبرت عن موقفها من زمن طويل، وموقفها واضح ويدل على رغبة صادقة في السلام. وهي تريد السلام العادل والشامل من خلال الانسحاب الكامل من الاراضي التي احتلت في العام 1967 والعودة الى خطوط الرابع من حزيران يونيو من ذلك العام. فباراك اعرب مباشرة بعد انتخابه عن رغبته ونيته في السلام، لكن لم تحدث خطوات ملموسة في هذا الاتجاه. علينا ان ننتظر المفاوضات لكي نعرف مدى جدية الجانب الاسرائىلي في الوصول الى هذا السلام.
* ظهرت تحليلات تقول ان سورية افرطت في التفاؤل بعد وصول باراك، ماهو تعليقكم؟
- نحن في سورية متفائلون دائماً حتى في اصعب الظروف وفي احسنها نزداد تفاؤلاً فالتفاؤل هو الدافع للوصول الى اهدافك. سورية تفاءلت مع مجيء باراك بعد اعلانه انه سيتابع المفاوضات مع سورية في الخط نفسه الذي انتهجه رابين قبل اغتياله، وهو الخط الذي حقق مقداراً كبيراً من التقدم في عملية السلام. وهذا التفاؤل هو تعبير عن رغبة صادقة لدى سورية في الوصول الى سلام عادل وشامل. وبنفس الوقت لم يترافق التفاؤل السوري مع تنازلات، فالمبادئ هي نفسها والمواقف هي نفسها. لايمكن تسمية التفاؤل هرولة، ولانستطيع ان نسمي التشاؤم صموداً. خيارنا السلام العادل والشامل، والهرولة مرفوضة.
* اذا وافقت اسرائيل على اعادة كامل الاراضي السورية المحتلة، وهو ما لا تقبل سورية بأقل منه، ماهي العُقد التي ستعترض المفاوضات؟ ترتيبات الامن؟ ام التطبيع؟ ام المياه؟
- الامر يتعلق بمدى وجود الرغبة في السلام، بامكان الاطراف تحويل هذه المواضيع الى عُقد وبامكانها ان تحل هذه العقد. اذا توافرت الرغبة الصادقة في السلام لكل شيء حل. توافر الرغبة الصادقة يؤدي الى حل العقد او الى عدم تحويل مواضيع التفاوض الى عقد. الواضح اننا لا نقبل شيئاً يمس سيادتنا او ينتقص من حقوقنا.
سلام عادي
* هل سورية جاهزة لاقامة سلام كامل بمعنى علاقات كاملة مع اسرائيل اذا ابدت استعدادا لقبول مواصفات السلام العادل والشامل؟
- البداية يجب ان يكون السلام كاملاً وشاملاً. السلام الناقص يعني النيل من الحقوق، وهو غير مقبول. في العام 1994 تحدث الرئيس الاسد عن امكانية قيام سلام عادي كأي سلام يقوم بين اي دولتين. السلام لا يعني بالضرورة قيام علاقات حارة. العلاقات الحارة تفترض علاقات بين شرائح المجتمع. الدولة تقيم علاقات عادية، في حين ان العلاقات الحارة لا يمكن ان تأتي بقرار من الدولة.
* ماهي التحديات التي يطرحها السلام على سورية، هل هي تحديات سياسية؟ ام اقتصادية؟ ام غير ذلك؟
- يمكن الحديث عن نوعين من التحديات، تحديات ماقبل السلام اي التحديات العادية وهي تحديات التنمية والتطوير وحل المشاكل اليومية، وهي تحديات دائمة في حياة الشعوب والدول. اما التحديات المرتبطة بالسلام فهي تحديات تبدأ بكيف تعد نفسك كي تحصل على سلام مشرف، اي يجب ان تكون قوياً كي تحصل على سلام مشرف. اما تحديات ما بعد السلام فمنها ما يتعلق بمواقف الاطراف الاخرى وكيف ستنظر الى المرحلة الجديدة وهل ستفتش عن بدائل للنزاع العسكري بمعنى خلق ازمات من نوع آخر. علينا في سورية والدول العربية الاخرى ان نستمر في تحصين انفسنا لنكون قادرين على التعامل مع التحديات الحاضرة والتحديات التي يمكن ان تظهر في المستقبل.
* خلال النزاع العربي-الاسرائيلي نجحت قيادة الرئيس الاسد في جعل سورية لاعباً بارزاً في المنطقة وممراً الزامياً لاي سلام شامل ولاي ترتيبات استقرار. كيف تتصورون دور سورية في شرق اوسط دون نزاع عربي- اسرائىلي؟
- تحولت سورية لاعباً بارزاً لانها تمسكت بحقوقها وبالموقف القومي وباخلاقياتها السياسية. هذا هو السبب. وسورية ستستمر في هذا النهج حتى بعد عملية السلام. ومن هذا النهج سيتبلور دورها المستقبلي كدور فاعل في البوتقة العربية في اطار السعي الى بناء وطن عربي متطور ومتضامن ومتعاون. وهو ما يجعل للامة دوراً. ودور سورية يندرج في هذا الاطار.
* يتوقع ان تزور وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت المنطقة، كيف تنظرون الى الدور الاميركي في عملية السلام؟
- في المرحلة السابقة وبسبب تعنت بنيامين نتانياهو وحكومته، تعطلت الادوار وتوقفت المفاوضات. نحن متفائلون اليوم بامكان عودة المفاوضات الى مسارها الذي كانت عليه قبل العام 1996، ونأمل ان يكون الدور الاميركي فاعلاً وحيادياً، والوسيط الحيادي يجب ان يكون نزيهاً.
* دعمت سورية المقاومة في جنوب لبنان، والتقيت الامين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصر الله مرات عدة، هل سيكون سهلاً على المقاومة قبول السلام والانضواء فيه؟
- الاشخاص الذين انضووا تحت لواء المقاومة الوطنية اللبنانية هم لبنانيون يعيشون هموم وطنهم ولديهم عائلات واقارب وطموحات في الحياة وبينهم المزارع والعامل والطالب وخريج الجامعة. اختار هؤلاء طريق المقاومة لهدف محدد. فهناك واقع معين فرض عليهم اعتماد هذا الخيار. والمقاومة لم تنطلق من حب للقتال او لتقديم الدم بلا هدف. في اعتقادي انه عندما تنتفي الاسباب التي ادت الى قيام المقاومة سيعود المنضوون فيها الى حياتهم العادية وسيختارون التضحية من اجل وطنهم عبر طرق اخرى بعدما حققوا النصر الذي عقدوا عليه الامال.
دعم العهد والرئيس
* وصل الرئيس اميل لحود الى رئاسة الجمهورية اللبنانية عبر ارادة شعبية ونيابية لبنانية التقت مع دعم سوري حاسم، هل الدعم السوري للرئيس اللبناني لايزال على المستوى نفسه؟
- اعتقد ان الرئيس لحود هو اكثر من يعرف نوعية هذا الدعم. يعرف ان الدعم ليس لشخص الرئيس بل لنهج الرئيس لحود، وهو نهج قومي ووطني ولاطائفي، وهو نهج مؤسساتي. نعم الدعم السوري دعم حاسم لان الرئيس لحود نفسه كان حاسماً في خياراته. لقد جاء الرئيس لحود الى الرئاسة بارادة شعبية لبنانية، والدعم السوري توافق مع ارادة الشعب اللبناني. طبيعي ان تقف سورية الى جانب من يجسد تطلعات اللبنانيين.
* كيف تقومون العلاقات السورية- اللبنانية في ظل وجود الرئيسين لحود وسليم الحص في الحكم؟
- العلاقات السورية- اللبنانية هي في احسن احوالها، واستطيع القول انها الآن في قمتها. ومع ذلك نقول ان الطموح الى الافضل في العلاقات السورية-اللبنانية كبير. وهنا لا ننسى الدور الذي لعبه الرئيس السابق الياس الهراوي في تطوير هذه العلاقة.
* تتعرض حكومة الحص لحملة سياسية واعلامية واسعة، كيف تنظرون الى هذه المسألة خصوصاً بعدما تردد ان دمشق كانت تتمنى ان يكون الاداء الحكومي افضل؟
- هذا الموضوع هو شأن لبناني داخلي. اذا كان ما يحصل هو حملة سياسية واعلامية، فانه لن يكون غريباً عن الحياة السياسية في لبنان. وبغض النظر عما اذا كان حملة مبرمجة ام شيئاً آخر، المهم ان لا ترمي اي حملة الى الهدم. المطلوب ان يكون اي انتقاد يرمي الى الاصلاح.
بالنسبة الى الاداء الحكومي اعتقد ان الامور نسبية دائماً. وحده من لا يعمل لا يخطئ، ودائماً يمكن ان يكون العمل افضل. نحن في سورية ومن خلال العلاقة الاخوية مع لبنان نتمنى دائماً مايتمناه الاخ لاخيه وهو الافضل وحتى ان يكون افضل منه. نحن نتمنى بالتالي على الرئيس الحص وعلى اي رئيس حكومة يأتي في المستقبل ان يستمر في السعي الى الافضل. وجود الاخطاء يعني ان هناك عملاً. ووجود الاخطاء لا يعني ان العمل غير ناجح، ففي كل عمل اخطاء خصوصاً اذا تم في ظروف صعبة. ربما يقصد البعض ان الاخطاء تجاوزت حداً معيناً. هناك في لبنان دستور ومؤسسات وضوابط تحدد كيفية تلافي الاخطاء.
* تربطكم بالرئيس لحود علاقات وثيقة، ماهي الصفات التي تستوقفكم في شخصه وممارسته؟
- سأختصر مواصفات الرئيس لحود الشخصية بكلمة الشخص النبيل. سمعت باسم الرئيس لحود في 1988 كضابط مستقيم لامع. وفي منتصف 1989 ذاع صيته كضابط يتخذ موقفاً لمصلحة البلد حتى لو تعارض ذلك مع مصلحته الشخصية. ثم عُيّن قائداً للجيش وظهرت واضحةً نتائج عمله في المؤسسة العسكرية، فهي اول مؤسسة اعيد بناؤها على اسس غير طائفية وبمبادرة من قائد الجيش نفسه. واثبت نهج العماد لحود نجاحه داخل الجيش اللبناني.
* متى تعرفت على الرئيس لحود؟
- كان اللقاء الاول في العام 1995، وكان لقاء غير معلن. حصل اللقاء في بيروت. زرته ودام اللقاء ساعتين وكان العماد لحود واضحاً في طروحاته، ولم يكن ذلك مفاجئاً لي فقد كانت ممارساته السابقة تدل الى ذلك.
* هل زرته في قيادة الجيش في اليرزة؟
- لا حصل اللقاء لدى صديق لبناني مشترك وتطورت هذه العلاقة.
* يتردد ان حلفاء لكم في لبنان يشكون من سياسة فتح الملفات كما يتردد ان الكبار من حلفائكم حصلوا على ضمانات بأن لا تشملهم الملاحقات، فهل هذا الكلام دقيق؟ وهل صحيح انكم نصحتم الحكم اللبناني بالتخفيف من فتح الملفات؟
- في البداية نحن حلفاء لكل وطني لبناني. نحن في سورية نعتبر انفسنا حلفاء للبنانيين. التحالف هو لاهداف كبرى تخص لبنان وسورية وتصب في مصلحة البلدين. هذا لا يعني ابداً اننا نتحالف مع اي جهة او شخص ضد القانون او ضد المؤسسات. في الوقت نفسه لا نتدخل نحن كسوريين في تفاصيل يومية غير ذات اهمية، في تفاصيل يومية لا يكون من نتيجتها سوى تشتيت جهود البلدين.
* وماذا عن اللقاء الاخير مع الرئيس لحود؟
- تطرقنا في هذا اللقاء الى قضايا دولية واقليمية ومحلية، وكان التركيز على سبل مواجهة المرحلة المقبلة. كما تم التطرق الى كيفية لمّ الشمل، والحقيقة ان الرئيس لحود هو الذي تطرق الى هذا الامر، فقد اكد على ضرورة توحيد الصفوف الداخلية في مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة.
* هل نفهم انكم تعارضون اضعاف الحكم في لبنان فيما المنطقة تتجه نحو مفاوضات سلام مع اسرائىل؟
- نعارض اضعاف الحكم في كل المراحل. لايمكن ان يكون هناك بلد قوي دون حكم قوي. هذا الموضوع غير مرتبط بالازمات. طبعاً في الازمات تزداد الحاجة الى الحكم القوي. لا مصلحة للبنان في اضعاف الحكم او الدولة. نقول ذلك بغض النظر عن شخص الرئيس.
ترتيب التعايش
* تبدو مهمة ترتيب التعايش بين الرئيس لحود ورئيس الوزراء السابق رفيق الحريري صعبة، هل تعتقدون ان مثل هذا التعايش مستحيل؟
- لا يوجد شيء مستحيل، وقد سمعت هذا الشيء من الرئيس لحود نفسه. الرئيس لحود يؤكد دائماً على عدم اعطاء امور الدولة طابعاً شخصياً. قد يكون هناك اختلاف في النهج او الاسلوب، وهذا جزء من تاريخ لبنان، وحصلت في السابق اختلافات بين الرؤساء وعمليات تجاذب لكن ذلك لايعني الاستنتاج ان بعض الامور مستحيل. الرئيس لحود يلتقي الرئيس الحريري من وقت الى آخر، والرئيس الحريري قال ان هناك صراحة في اللقاءات، وهذا امر طيب.
* دكتور... لوحظ ان لقاءاتك مع الرئيس الحريري ازدادت بعد خروجه من رئاسة الوزراء، وثمة من يعتقد ان فكرة عودته الى الحكم صارت ممكنة او اقل استحالة من السابق، فما هو تعليقكم؟
- نعم اللقاءات تزايدت، وهي غير مرتبطة لا بخروجه من الحكم ولا باحتمال عودته الىه. هناك في لبنان رئيس جمهورية ومجلس نواب فالمؤسسات هي التي تقرر من يبقى ومن يذهب. اما علاقتي بالرئيس الحريري فهي مبنية على التفاهم والمودة. انا شخصياً لم اسمع ان عودة الرئيس الحريري كانت مستحيلة كي تصبح ممكنة. هذا النوع من الطروحات غير مفيد في الوقت الحاضر.
* هل صحيح ان سورية فوجئت بالموقف الذي اتخذه الرئيس الحريري يوم اعتذر عن عدم تشكيل الحكومة الاولى في عهد الرئيس لحود؟
- قدم الرئيس الحريري اعتذاره نتيجة قناعات معينة يعتقد انها صحيحة. التكليف والاعتذار حصلا في الاطار الدستوري. وبعد الرئيس الحريري جاء الرئيس الحص وقد قام كل منهما بدور ايجابي تجاه وطنه. ماحدث لم يكن غريباً وهو طبيعي في الحياة السياسية اللبنانية حيث يذهب شخص ويأتي شخص ويعود شخص.
* نُقل عنكم معارضتكم الشديدة لتوظيف المشاعر الطائفية او المخاوف المذهبية في الصراع السياسي في لبنان؟
- الطرح المذهبي يزيد من التشنج، وكل تشدد يستدعي تشدداً مقابلاً، وهذا كله لا يخدم الوطن. نحن مع الطرح الوطني لامع الطرح الطائفي او المذهبي. لقد دفع لبنان غالياً ثمن لعبة تحريك المشاعر الطائفية والمذهبية. سورية دخلت لبنان بهدف وقف الاقتتال الطائفي، وقدمت تضحيات من اجل تحقيق ذلك. ومن الطبيعي ان تكون سورية ضد التلاعب بهذه المشاعر او توظيفها في الصراع السياسي. اعتقد ان العودة الى الوراء غير مقبولة وغير مسموحة لبنانياً وغير مقبولة سورياً. موضوع العودة الى التناحر الطائفي والمذهبي هو خط احمر.
* كيف تنظرون الى الوضع الحالي في العراق والى تحول اسقاط الرئيس صدام حسين هدفاً معلناً للسياسة الاميركية؟ هل تتخوفون من انهيار في العراق يحمل خطر التقسيم او الفوضى الدامية؟
- لا يوجد مواطن عربي لا يتألم يومياً لما يحصل في العراق. كل واحد منّا يريد عودة العراق سليماً معافى ليلعب دوراً فاعلاً الى جانب الاشقاء العرب. وبصرف النظر عن وجهات النظر المختلفة تجاه الرئيس صدام حسين، فان تبديل النظام في العراق او تغيير شخص فيه هو شأن عراقي بحت ويجب ان يرجع الى الشعب العراقي حصراً فهو صاحب الحق في التفكير في مثل هذا التغيير وليس اي جهة او دولة اخرى. واضح ان التدخلات الحالية في شؤون العراق الداخلية تحمل بذور التقسيم. وهذا التقسيم لن يتوقف عند حدود العراق في حال حصوله، بل سيتجاوزها وسيصعب التكهن بمداه، وهو ما يدخل المنطقة في دورة من التشرذم والاقتتال والتخلف، وعندئذ سيعيش الشرق الاوسط في ظل منطق القرون الوسطى.
* كيف تصف العلاقات السورية- السعودية في ضوء زيارتك؟
- العلاقات السورية-السعودية ممتازة ومواقف المملكة واضحة بالنسبة الى القضايا العربية في شكل عام وبالنسبة الى الموقف السوري والقضية المتعلقة باستعادة الجولان بشكل خاص. هناك تطابق حقيقي في وجهات النظر. التقدير السعودي للموقف السوري يترجم من خلال دعم فعلي في موضوع السلام وعلى مستوى تطوير العلاقات الثنائية. كما ان السعودية تقوم بدور فاعل في تحسين العلاقات العربية-العربية، وكذلك في تحسين العلاقات بين دول منطقة الخليج العربي.
* هل تتأثر العلاقات السورية- الايرانية بتطورات عملية السلام؟
- العلاقات السورية- الايرانية جيدة، ومنذ الثورة وقفت ايران الى جانب القضية العربية. بالنسبة الى عملية السلام، كل طرف يحترم وجهة نظر الطرف الآخر ولن يؤثر ذلك على العلاقات. الاختلاف في وجهات النظر لن يوثر في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
* هل يمكن الحديث عن صفحة جديدة مع تركيا؟
- لا احب الحديث عن صفحة جديدة، فنحن لم نكن اعداءً. بين سورية وتركيا علاقات قديمة علاقات تاريخية وعلاقات تجارية واجتماعية واسعة. بالنسبة الى نقاط الخلاف التي كانت موجودة مع تركيا، فان الحوار مستمر لحل ما تبقى منها، وهناك رغبة متبادلة لتطوير العلاقات.
* تبدو العلاقات السورية-الاردنية جيدة، كما تبدو علاقاتكم بالملك عبد الله ممتازة. كيف تنظرون الى هذه العلاقات رغم ثقل الماضي القريب وربما افتراق بعض الحسابات في الحاضر؟
- الماضي نتعلم منه ولا نعيش عليه. الماضي علّمنا اننا كعرب سنعود ونلتقي مهما اختلفنا. المشكلة في العلاقات العربية-العربية هي الاعتقاد ان الالتقاء يجب ان يكون كاملاً او الافتراق يجب ان يكون كاملاً. في رأيي ان هذه النظرة المطلقة الى الامور لا تخدم العلاقات. يجب ان ننطلق من نقاط الالتقاء وهو ما يساعدنا على تقليص نقاط الافتراق. لكل بلد ظروفه وخصوصياته ووجهة نظره، والتطابق ليس شرطاً للعلاقات الجيدة طالما ان عدم التطابق لا يسيء الى مصالح احد البلدين او المصلحة العربية عموماً. سورية تنطلق في سياستها من نقاط الالتقاء وجولة الملك عبدالله العربية الاخيرة تصب في هذا الاطار. العلاقات السورية-الاردنية جيدة ويجب الاستمرار في تطويرها، واعتقد ان العلاقات العربية-العربية يجب ان تُبنى على القاعدة نفسها اي الانطلاق من نقاط الالتقاء.
* هل الباب مقفل تماماً امام احتمال قيام علاقات طبيعية اوشبه طبيعية او تنسيق مع الرئيس ياسر عرفات؟
- لم تقفل سورية يوماً ابوابها في وجه الاشقاء او الاصدقاء، لكن من طبيعة علاقات الاخوة الاستمرارية والتواصل في التنسيق. التنسيق لا يكون خلال الازمات فقط بل يجب ان يكون عملية مستمرة وليس تحت وطأة الظروف. السؤال المطروح في الشارع السوري: لماذا الرغبة في التنسيق مع سورية اليوم ولم تكن هذه الرغبة موجودة في الامس؟ سورية لم تغير موقفها. لماذا لم يُنسق معها عندما اختارت السلطة الفلسطينية اتفاق "واي ريفر"؟ او لماذا لم يُنسق معها لدى توقيع اتفاق اوسلو او قبل اوسلو؟ سورية لم تتغير، وهي كانت تدعو دائماً الى التنسيق لكن العلاقة الظرفية لاتضع اسساً ثابتة لعلاقات اخوية تتميز بمتانتها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.