الجيش الأمريكي: الحوثيون أطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة    الأخضر يواصل استعداداته لمواجهتي باكستان والأردن    ولي العهد يتوج فريق الهلال بكأس خادم الحرمين الشريفين للموسم الرياضي 2023 – 2024    الإعلان عن إطلاق معرض جدة للتصميم الداخلي والأثاث    مدينة الحجاج "بحالة عمار" تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    الاتحاد الأوروبي يرحب بمقترح "واقعي" لوقف النار في غزة    الأمم المتحدة تحذر من خطر تعرض ملايين السودانيين للمجاعة    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    أسعار النفط تتراجع قبيل اجتماع "أوبك+"    200 دولة في العالم و66 قناة تلفزيونية نقلت نهائي كأس الملك    جمعية لياقة تستقبل وفد سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بعرعر    سفير المملكة لدى اليابان: العلاقات السعودية اليابانية خلال السبعين السنة القادمة ستكون أكثر أهمية    جامعة الطائف تقفز 300 مرتبة في تصنيف RUR العالمي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطلق خدمة (المرشد التوعوي الرقمي)    استقبال الحجاج عبر منفذ البطحاء بالمنطقة الشرقية    انجاز جديد لميتروفيتش بعد هدفه في كأس الملك    بمتابعة وإشراف أمير تبوك.. مدينة الحجاج ب«حالة عمار» تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ركلات الترجيح تمنح الهلال لقب كأس الملك على حساب النصر    بونو يُبكّي رونالدو بْزَّاف    موعد مباراة ريال مدريد وبورسيا دورتموند اليوم في نهائي دوري أبطال أوروبا    "أرامكو" ضمن أكثر 100 شركة تأثيراً في العالم    رصد 8.9 ألف إعلان عقاري مخالف بمايو    تدريب 45 شاباً وفتاة على الحِرَف التراثية بالقطيف    الإبراهيم يبحث بإيطاليا فرص الاستثمار بالمملكة    "كروم" يتيح التصفح بطريقة صورة داخل صورة    ضبط مقيمين من الجنسية المصرية بمكة لترويجهما حملة حج وهمية بغرض النصب والاحتيال    اختتام ناجح للمعرض السعودي الدولي لمستلزمات الإعاقة والتأهيل 2024    ثانوية «ابن حزم» تحتفل بخريجيها    ترمب: محاكمتي في نيويورك «الأكثر جنوناً»    ضبط مواطنين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    مشرف «سلمان للإغاثة»: 129 مليار دولار حجم المساعدات السعودية ل169 دولة في 28 عاماً    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    كيف نحقق السعادة ؟    المعنى في «بطن» الكاتب !    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقته "الوسط" في سجنه الأميركي . عمر عبدالرحمن : انتظر محاكمتي
نشر في الحياة يوم 17 - 01 - 1994

كان صوت الشيخ عمر عبدالرحمن يتسرب بهدوء الى مسجد أبي بكر الصديق عبر مكبرات للصوت, ليلة السبت الماضي. ولم يأتِ الشيخ بجديد فهو لا يزال يكرر رسالته القديمة التي جلبت عليه وعلى غيره الكثير من المتاعب: "قولوا الحق كاملاً ولا تخشوا في الله لومة لائم واصبروا واعلموا ان النصر آت". وكان الحضور الذين لا يزيد عددهم على اصابع اليدين الى جدران المسجد الاربعة متفرقين. كانوا صامتين ينظرون بسكينة الى هاتف ومايكروفون ينقلان حديث شيخهم من سجن نيويورك الفيديرالي الذي يبعد عن المسجد مسافة نحو نصف ساعة بالسيارة... اذا لم يكن هناك ازدحام في شوارع المدينة.
وعندما انتهى الشيخ زعيم "الجماعة الاسلامية" في مصر من كلمته جاء وقت الاسئلة التي لم تتجاوز الثلاثة. ولم يتعرض السائلون لقضايا سياسية, فهم اكتفوا بنصيبهم منها. فالقلائل الباقون من رواد مسجد ابي بكر الصديق, ولا سيما منهم المصريين يرون في حضورهم واستمرار تأييدهم الشيخ الضرير "شجاعة ومغامرة كافيتين". اما الآخرون الذين امتنعوا عن ارتياد المسجد فيبدو انهم استمعوا الى نصيحة القنصل المصري في نيويورك سامح ضرار الذي سألته صحيفة مصرية مهاجرة عن الذين يتعرضون لتحقيقات عندما يزورون بلادهم مصر بسبب ارتيادهم مساجد معينة, فأجاب: "احنا عندنا مثل شعبي يقول ابعد عن الشر وغنِّ له".
بعد المحاضرة التي تستغرق نحو ساعة وتتم اسبوعياً مساء كل سبت يتلقى الشيخ التقرير الاخباري اليومي. فهو حريص على ان يطلع باستمرار على الاحداث السياسية التي تهمه. ويبدو ذلك واضحاً لمن يزوره في السجن. ويتقاسم شباب من انصاره هذه المهمة مساء كل يوم فيقرأ له احدهم مختارات من صحيفة "الحياة" التي قال انه يفضلها على رغم عتبه عليها "انها تجامل الحكّام كثيراً". ثم يستمع الى ترجمات مختصرة مما تنشره الصحافة الاميركية عن قضيته.
يأبى الشيخ ان يغيب او يُغيّب فهو مستعد لتجاوز اي عراقيل لابلاغ ما يريد. وأدركت ادارة السجن ذلك, فمنعت آلة التسجيل لتحول دون اشرطة يسجل عليها احاديثه, لكنها سمحت له بآلة يسمع منها فقط ولا يستطيع استخدامها للتسجيل.
وعلى رغم اختفاء اخبار تفجير مركز التجارة العالمي واحباط الخطة لتفجيرات في نيويورك عن الصفحات الأولى في الجرائد, فان الشيخ عمر لا يزال يتلقى طلبات عدة للادلاء بأحاديث صحافية وتلفزيونية واذاعية. ونشرت مجلة "نيويوركر" المعروفة نص لقاء اجرته معه في زاويتها "حديث المدينة"... كأنها تستجيب رغبته في ان يكون جزءاً من المدينة, نيويورك. فهو كما يقول يريدها ان تكون قاعدته الصلبة "من اجل قول الحق وفضح انتهاكات حقوق الانسان والدفاع عن الابرياء" في بلاده. كما انه لا يرد صحافياً ما دام انه يجد فرصة لانتقاد الحكومة المصرية. وينتظر حالياً الفرصة عندما يقف امام كاميرات التلفزيون مدافعاً عن نفسه في محاكمته المتوقعة هذا العام. ذلك انه يصر على عدم توكيل محام وعلى الدفاع عن نفسه. وسيركز في مرافعته على مصر وأوضاع الحريات فيها وعلى "مصلحة الولايات المتحدة" في دعم النظام المصري, كما قال لپ"الوسط" التي امضت معه ساعتين في سجنه في نيويورك.
28 ألف سجين
يضم سجن "ميتروبليتان كوريكشنال سنتر" حوالي 28 الف سجين والرقم لا ينقص بل يرتفع باستمرار. ومعظم "النزلاء" من الذين ينتظرون المحاكمة. ويقع السجن في وسط المدينة ويبعد خطوات عن مبنى المحكمة الفيديرالية حيث يحاكم حالياً المتهمون بانفجار مركز التجارة العالمي, وهم مع المتهمين في التخطيط لتفجيرات اخرى في نيويورك, زملاء للشيخ الضرير الذين يلتقونه من وقت لآخر في الاروقة عند خروجهم للرياضة او لقاء المحامين او في الساعات التي يسمح فيها كل ثلثاء وخميس للمعتقلين في قضية واحدة بأن يلتقوا في مكان واحد منفردين او مع محاميهم لمناقشة قضيتهم وترتيب شؤون دفاعهم. ويقيم الشيخ منفرداً في زنزانة صغيرة طولها 3 امتار وعرضها متران. وهذه حال بقية المعتقلين في القضيتين... وموضوع شكواهم الرئيسية. لكن الشيخ يتميز عنهم بأن لديه مكاناً خاصاً للاستحمام داخل الزنزانة كونه ضريراً.
التقت "الوسط" الشيخ عمر في غرفة صغيرة بحجم زنزانته, في الطبقة الثالثة من السجن الضخم. كان المكان بارداً, فنيويورك تشهد كما في كل عام عاصفة ثلجية, وأبدى الرجل انزعاجاً, فهو يعاني من امراض عدة, لكنه بدا في صحة جيدة, فهو يتمتع برعاية صحية, ولكن لا يسمح له الا بارتداء زي السجن الذي يشبه الزي الافغاني, اي اشبه ببيجاما واسعة. ويتميز عن الآخرين باعتمار "طاقية" يسميها الاميركيون "قبعة الصلاة".
"الناحية الامنية"
بدأ الحوار مع الشيخ عن اوضاع السجن, فقال: "السجن لا يتفق مع ما تدعيه اميركا من احترام للحريات وحقوق الانسان. فعندما وصلت الى هنا قرأوا عليّ مذكرة تحدد حقوق المسجون فوجدت ان الحق مثلاً في اختيار ان اكون منفرداً او مع جماعة من المسجونين فاخترت ان اكون مع جماعة, لكنهم رفضوا وأبقوني منعزلاً قائلين ان الناحية الامنية تمنع ذلك. ووجدت من ضمن الحقوق ان للمسجون ان يختار عملاً يقوم به فقلت انا اذن اعمل في تعليم القرآن والاسلام, فقالوا ان الناحية الامنية تمنع ذلك. فوجدت نفسي طوال شهور وحيداً منفرداً, لا يدخل عليّ معظم ساعات اليوم الا من يقدم الي الطعام او الدواء. فقلت ان السجن الانفرادي عقوبة فهل انا معاقب, فقالوا لا فالناحية الامنية تحتم ذلك. وصلاة الجمعة والجماعة تمنع في كثير من الاحيان بحجة الناحية الامنية التي اصبحت هي المشجب الذي يعلق عليه تعطيل القوانين والحريات التي يدعو الى احترامها الدستور الاميركي ويكفلها. انني ادعو لجان حقوق الانسان الى المجيء الى اميركا لتحقق في ما يجري فيها. ان هذه المعاملة السيئة دفعت بعض الاخوة الى الوقوع في الجرم فحاولوا الانتحار وهو ما لا يجوز في شرعنا. ولكن اذا فقد الانسان اعصابه يصبح غير مسؤول لأن ميزان تصرفاته يختل.
هل التقيت بعض المتهمين في السجن وماذا يسألونك عندما تقابلهم؟
- نلتقي احياناً في الجلسات الاسبوعية وفي حضور المحامين عادة لمناقشة القضية والشباب مشغولون بهذه القضية في لقاءاتهم مع المحامين. وعندما تتيسر فرصة يسألونني عن شؤون الدين او تفسير آية اشكلت عليهم او احكام فقهية.
كيف تمضي يومك من الفجر الى ان تؤوي الى النوم؟
- ما يهون الصعاب هو قراءة القرآن وذكر الله. وأسمع ما يتصل بالقضية من شرائط. او يأتي المحامي ومن يترجم له. وتصلني الاشرطة الخاصة بالقضية اشرطة التسجيل التي سجلها عميل مكتب التحقيقات المصري عماد سالم. ولدي آلة تسجيل اسمع منها ولا اسجل عليها. يسمحون احياناً بأشرطة المحاضرات والدروس.
كيف تتفاهم مع حرس السجن؟
- اذا كان المترجم موجوداً فلا توجد مشكلة. اما في ما يخص الطلبات البسيطة والعادية فلقد تعلمت ما يكفيني من كلمات انكليزية.
لاحظت انك تتحدث بحرية بالهاتف مع المصلين في مسجد ابي بكر الصديق فهل يسمحون لك بالاتصال بمن تريد؟
- من الضروري الاشارة الى انه بالمقارنة مع السجون في بلادنا فهنا توجد مزايا عدة كاستخدام الهاتف داخل اميركا وخارجها ولا يتدخلون في ذلك.
تحرص على تلقي الاخبار من الجرائد فما الذي تود متابعته؟
- اخبار العالم الاسلامي عموماً كالبوسنة والهرسك وأفغانستان وما يجري في مصر ... وأتابع هذه الاخبار خصوصاً من جريدة "الحياة" وان كانت منحازة الى الحكومات والشرطة فهي تنقل احاديث مديري الامن وادعاءاتهم.
ما هو الخبر الذي اسعدك والخبر الذي احزنك؟
- ما احزنني الصراع في افغانستان بين المسلمين, وعلمنا ان مئات القتلى قد سقطوا. وأفرحتني الاحكام التي صدرت بتبرئة المتهمين في قضية فرج فوده وان جلل الخبر شيء من السواد بحكم اعدام احد المتهمين, لكن في الحكم عموماً شيئاً من الانصاف.
هل تتابع اخبار مصر من مصادر اخرى؟
- نعم تُقرأ لي صحيفة "الشعب" وغيرها من الصحف.
تتهمك الحكومة المصرية بامارة "الجماعة الاسلامية" وبتوجيه افرادها.
- هذه التهمة لم يثبتوها على رغم قوة اجهزتهم. انني فقط اقول الحق والانسان يجب الا يرضى الدنيئة في دينه, بل يجب ان يقول الحق في كل مكان. ان الخنوع والخضوع ليسا من شأن المسلمين. وهذا ما اقوله فأنا ادعو الى الله, وعلى المسلمين ان يقولوا الحق ويدعوا الى الله, فاذا ما اوذوا واضطروا الى الدفاع عن انفسهم فليدافعوا. ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. اما المداراة وراء الجدران فليست شأن المسلم.
لائحة الاتهامات
اطلعت على لائحة الاتهام الموجهة اليك فما رأيك فيها؟
- في الحقيقة شككت في ان مثل هذه الاتهامات يوضع في اميركا فاما انهم استعانوا بأحد من مباحث امن الدولة عندنا واما ان اللائحة وضعت هناك ثم اتوا بها الى هنا. هذا الاسلوب وهذه الترهات لا تعرف في اميركا فاحدى التهم هي قلب نظام الحكم ضاحكاً هنا في اميركا, وهذا يعني اننا اعددنا العدة للهجوم على البيت الابيض والكونغرس ونحو ذلك. هذه التهمة الفتها اسماعنا في بلادنا. الاتهامات مغرضة وباطلة وليس فيها شيء من الصواب. فمن ضمنها اتهامي بحمل متفجرات واستخدامها.
حتى القاضي قال انه "توجد أشياء لا يصح ان تنسب اليك". هذه تهم باطلة ونحن مطمئنون الى بعدنا عن التآمر. وما يوحي بتآمر مباحث أمن الدولة اتهامي بتزعم تنظيم منذ العام 1989, ففي ذلك الوقت كنت مسجوناً في أحد سجون الفيوم او تحت الاقامة الجبرية, فكيف التقيت المتآمرين!
لماذا اخترت ان تدافع عن نفسك عوضاً عن محام وهل تستطيع ذلك؟
- ان القاضي هو الذي اضطرني الى ذلك, فنحن عندما يشتد علينا أذى المباحث والشرطة كنا نلجأ الى القاضي فنجد عنده الصدر الحنون والأم الرؤوم فسرعان ما يصدر اوامره الى النيابة أو الشرطة باعادة الحقوق الى المتهمين. اما هنا فعندما شكا المحامون للقاضي ما يجد المتهمون في السجون وجدنا انصرافاً وعدم رغبة في سماع الشكاوى. ولعله معذور فهو مشغول, لكنه مشغول بماذا؟ انه مشغول بالقرار الذي اصدره بحظر النشر في القضية وهولا يستطيع ان يتحكم بالاعلام ويحقق معه او يتحكم بالحكومة ويحقق معها عندما يتحدثان عن القضية, لكنه يتحكم بالمحامين والمتهمين فأصبحنا مثل الذين عصبت عيونهم وقيدت أيديهم وأرجلهم وقيل لهم لا تدافعوا عن انفسكم مهما نهش الاعلام في لحومكم. ان المتهمين هم المتضررون من هذا القرار وحدهم.
نعود الى المحامي, فقد منعنى القاضي من توكيل المحامي الذي اخترته وليام كونسلر وفرض عليّ محامياً من الحكومة وتبين ان سمعته سيئة اذ اتهم بالتزوير ونحو ذلك, فرفضته فعين لي آخر فرفضته وبعث اليّ أخيراً بقائمة المحامين العاملين مع الحكومة فاخترت بعضهم, لكنني سأدافع عن نفسي وأتعامل مع المحامي كمستشار قانوني لأنني استطيع بذلك ان أبين أموراً لا يستطيع ان يبينها. سأبين ان المسلمين ليسوا ارهابيين. وأن الاسلام لا يدعو الى الارهاب أبداً. فالاعلام والشرطة لا ينسبان جرائم اليهود او المسيحيين الى اليهودية أو المسيحية مثلما يفعلون مع الاسلام والمسلمين.
وسأبين أيضاً ما بين مصر وأميركا من ارتباط على رغم ان منظمات حقوق الانسان بينت ان ليست في مصر حرية وديموقراطية وعدم احترام للقضاء وتعذيب المسجونين... وعلى رغم ذلك فان الحكومة الاميركية لا تسمع ولا تبصر هذه التقارير لأن الحب يُعمي ويُصم. لقد طلبت من لجان حقوق الانسان كل ما كتبوه عن مصر. وليعلم النظام المصري انه هو الذي سيحاكم...
وسأذكر أيضاً كيف يهان الاسلام في اميركا عندما يستقبل الرئيس كلينتون سلمان رشدي صاحب كتاب "آيات شيطانية" الذي لا توجد له بطولة سوى انه هاجم الاسلام. اما عن دفاع كلينتون بأنه فعل ذلك من أجل الحرية فانني أسأل هل الحرية لمن يهاجم الاسلام ولا تكون الحرية لمن يدعو الى الاسلام؟ وسأدعو ايضاً علماء من مصر وغيرها للشهادة كي يعلنوا رأي الاسلام في العنف.
أنت متهم بالتحريض ضد الحكومة الاميركية, ومن السهل على أي محقق ان يجد في خطبك الكثيرة هجوماً على الحكومة الاميركية فكيف ستتعامل مع ذلك؟
- ان الهجوم على سياسة اميركا غير التآمر, والانتقاد مكفول حسب دستورهم. كيف أتآمر على اميركا وأنا جئت أبحث عن أرض صلبة للدفاع عن قضية الظلم في مصر, وعن مكان آمن ومستقر! والمتآمر الحقيقي هو الحكومة الاميركية التي زجت باسمي في اتهام لا سند له ولا دليل.
عماد سالم
في أحد الأشرطة المسجلة جاءك عماد سالم يستفتيك في شرعية القيام بعملية ضد الأمم المتحدة؟
- هو الذي يسأل عن هذا وأنا عالم دين تأتيني اسئلة كثيرة. واذا جاء لي عماد سالم وسألني فهو واحد من ألوف يسألونني عن مختلف قضايا دينهم ودنياهم.
هل يمكن ان تروي لنا الواقعة؟ ما الذي حصل ذلك اليوم؟
- هذه من الاسئلة المباشرة التي ينهى عن الاجابة عنها, حسب تعليمات القاضي. ولكن يمكنني القول ان عماد سالم جاءني وهو يبكي ويقبل الأيدي والأرجل ويظهر تفانيه ورغبته في خدمة الاسلام وفي القيام بعمل معين لخدمة الاسلام, فصددته عن ذلك وقلت له المرة تلو المرة ان هذا العمل يؤذي المسلمين, وهذا مكان معتبر للسلام فلا يصح ان يفعل به شيء من ذلك. ثم عندما قال انني احضرت اشياء وأعددت أموراً كثيرة ولا بد من ان نعمل قلت له ان هذا غير مهم ويعني انه مهما أعددت ومهما حضرت فهذا غير مهم ولكن لا تفعل شيئاً.
هل سألك صديق ابراهيم المتهم بالتخطيط لتفجير الأمم المتحدة عن حكم تفجير الأمم المتحدة؟
- لا أبداً, وصديق نفسه يقول في احد الاشرطة اننا لا يمكن ان نتحدث مع الشيخ في هذه المسائل فنسأله فقط في الحلال والحرام, ولا يستطيع أحد ان يفاتحني في مسائل كهذه. أنا أحب ان اقف في أرض صلبة وحولي اعداء كثيرون, ولا أريد ان اؤثر في وضعي هنا. كما ان جميع من حولي يعلم انني ارفض هذه الأساليب فالاسلام لا يقر الارهاب ولا يدعو له.
صرحت قبل أيام بأن عماد سالم كافر ومرتد ما أثار جدلاً حول مفهوم الفتوى في العقلية الاميركية اذ يفسرها بعضهم بأنها تعني انك تفتي بقتله عندما تقول بارتداده فهل توضح المسألة؟
- الحكم الشرعي غير الفتوى. أما الفتوى فهي عندما يتقدم انسان ويسأل عن شيء محدد وعمل محدد فيقول أريد أن أفعل الشيء الفلاني فأقول له افعله أو لا تفعله. هذه هي الفتوى. ولكن عندما أقول ان عماد سالم كافر ومرتد وخارج على الاسلام, فإن هذا ليس بفتوى لأنه لم يأت انسان ليسألني عن قتله فأقول له لا.
لو سألك شخص بالتحديد عن الحكم في اغتيال عماد سالم فماذا تقول له؟
- أقول إن هذا ليس من شأني, فما يعنيني في قضيتي أنه كفر وارتد عن الاسلام وهذا لا يعني أبداً انني أدعو الى قتله.
هل تعتقد بوجود مؤامرة أم ان عماد سالم خدع مكتب التحقيقات الفيديرالي؟
- عماد سالم كان يكذب ومكتب التحقيقات فتح آذانه لهذا الكذب. لم يقولوا له هذا لا يصح وهذا خطأ على رغم انهم عرضوه على جهاز الكذب وتأكدوا أنه كذاب. ومع ذلك اعادوه للعمل معهم فلماذا؟ كان يبني قضية كاذبة ويدعي بخطرها على الدولة. فهو قال مثلاً انه يفعل ذلك حباً لوطنه الأم مصر ووطنه الثاني اميركا, فكيف يحب مصر وهو يتكلم عنها باساءة في الأشرطة المسجلة اذ يصفها بأنها قذرة وهاجم رئيسها ثم يدعي حب مصر ورئيسها ويزعم انه يتصل بالمخابرات المصرية لحماية الرئيس المصري!
ما هو شعورك الشخصي تجاه عماد سالم؟
- اشعر بأنه شيطان فرق جماعة المسلمين واساء الى العلاقة بين المسلمين والحكومة الاميركية مثلما يفعل الشيطان. إنه من شياطين الانس. لقد كان كلامه كله للحكومة الاميركية عن المسلمين. ان هذا يتآمر وهذا يعد قنبلة وهذا يعد تفجيراً, وانهم يجتمعون للتخريب ويأتون الى المساجد لقلب نظام الحكم أو التخريب... وأصغت اليه الاجهزة في الحكومة الاميركية, وبنت تقاريرها على ادعاءاته, بينما كانت العلاقة وطيدة بين المسلمين والحكومة اذ كانت تستعين بهم في صد الجرائم وغير ذلك.
تركز في حديثك على الجهاد, مما يجعل بعض الشباب يفهم ان الجهاد في كل مكان وزمان فهل تقصد ذلك, ام انك تحدد مكاناً من دون آخر توجد فيه شروط الجهاد؟
- بالطبع الجهاد في كل مكان وزمان, لكن له ميادينه ولا أريد ان اختلق اماكن اخرى فالبوسنة مسيرات للجهاد وكذلك الفيليبين. وكان هناك ميدان للجهاد في افغانستان., ونحن لا نطلب فتح ميادين اخرى الى ان يسدوا المفتوح. والجهاد للدفاع عن الدين فاذا اعتدي على المسلمين وجب عليهم ان يجاهدوا. والعجب ان الدول التي تستنكر الجهاد قامت بمثل ذلك ولا اقول انها جاهدت وانما دافعت عن نفسها عندما اعتدي عليها. كأميركا عندما كانت مستعمرة قامت بثورات عدة حتى تحررت, فلماذا تعيب على المجاهدين جهادهم وهي قامت بالشيء نفسه؟ لماذا يسمحون لانفسهم الدفاع عن بلادهم ولا يسمحون للمسلمين بالدفاع عن انفسهم ودينهم فيسمونهم ارهابيين. الفلسطينيون يدافعون عن انفسهم فيقولون عنهم انهم ارهابيون في حين ان اسرائيل المعتدية لا توصف بالارهاب. هكذا تنكس الامور رأساً على عقب.
اذن ما رأيك في اتفاق غزة - اريحا؟
- هذا كله ضىاع في ضياع وتمثيليات وتعطيل للوقت وليس فيه ذرة من حق. لا بد ان يعود المسلمون الى وطنهم ويأخذوا حقوقهم كاملة غير منقوصة.
هل اتصل بك أي مسؤول سياسي أميركي؟
- لا لم يحصل ذلك.
لا أصدر أوامر
أنت متهم بأنك تثير في أوساط المحيطين بك من الشباب اجواء تشجع على ممارسة العنف, وذلك بتصريحاتك المستمرة عن "الجهاد" و"مواجهة الحكام" و"قول الحق" الذي يؤدي الى توتير العلاقة مع الأنظمة.
- ليست لدي تصريحات مطلقاً إلا ما قال الله وقال الرسول. تصريحاتي في حدود الكتاب والسنة وليست لدي نظرية او منهج جديد أجيء به من عندي ولا ادعي لنفسي حقاً ولا سبقاً, فاذا كان ما قاله الله وقاله الرسول هو الذي يخلق هذه الأجواء الاسلامية فإن من الواجب ايجاد الأسباب لذلك. ان تصريحاتي محدودة بما قاله الله وقاله الرسول وجاء به السلف الصالح.
هناك اتهام آخر هو انك توجه الشباب للقيام ببعض العلميات من دون ان تدخل في التفاصيل فتقول لهم افعلوا كذا وكذا وبهذه الطريقة لا تدان قانوناً.
- انني لا أصدر أوامر لا من قريب ولا من بعيد, لا مباشرة ولا مداورة. وحديثي كما قدمت ان الحق يجب أن يقال وانه يجب أن نقول للظالم أنت ظالم وان نكفه عن ظلمه. وهذا هو ما قاله القرآن وقالته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله تعالى "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" وقوله تعالى "ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار", وقول الرسول الكريم صلى الله وسلم "يا أيها الناس اذا رأيتم الظالم ولم تأخذوا على يديه يوشك ان يعمكم الله بعذاب", وقوله "اذا رأت أمتي الظالم فلم تأخذ على يديه فقد تودع منها". هذه توجيهات القرآن والسنة. فأنا كما قلت لا اصدر أوامر مباشرة أو غير مباشرة.
تنفي إمارتك ل "الجماعة الاسلامية" ونحو ذلك, ولكن ما تعليقك على ما جرى في المحاكمات الأخيرة في القاهرة عندما وقف متهمون وهتفوا باسمك ووصفوك بأنك أمير لهم؟
- لقد سمعت بهذا, وهؤلاء الشباب يرون أن ما أقول حق فقالوا هذا الكلام. وهذا الاتهام قديم جاء في قضية الجهاد الكبرى المعروفة اغتيال السادات ومع ذلك اصدر القاضي قراراً بأنه لا توجد جماعة أو تنظيم اسمه "الجماعة الإسلامية". والشباب قالوا ما قالوا من تلقاء أنفسهم...
وتدخل احمد عبد الستار: يسأل عن هذا الشباب أنفسهم ويسأل عن هذا الناس الذين يلتفون حول فكر الشيخ. ان الشيخ أصبح اليوم رمزاً لكل المضطهدين في الأرض فلا عجب أن يلتف حوله كل هؤلاء ولا عجب أن ينادي باسمه كل هؤلاء الناس.
ادن اسألك أحمد عبدالستار وأنت من الملتفين حول الشيخ, هل توجد جماعة أو تنظيم باسم "الجماعة الاسلامية"؟
- لا, لا يوجد! وتابع الشيخ عمر: إذا ذكر الشباب الذين ذهبوا للجهاد وفي افغانستان اسمي وتحدثوا عني فهل انا الذي عملت هذا أيضا؟ انهم يرون قدوة وكلمة حق ويريدون ان يلتزموهما في مصر وبعض البلاد الأخرى, وهذا لا يعني ان هناك تنظيماً.
تجري محاولات لاغتيال بعض المسؤولين المصريين في القاهرة ويسقط فيها مواطنون وبعضهم أطفال صغار وأبرياء فما رأيك في مثل هذه العمليات؟
- تفجير القنابل وسط الأماكن العامة لا يجوز وكل الاتجاهات الإسلامية تتبرأ من ذلك مثل تفجير قنبلة في ميدان التحرير في مقهى من المقاهي. ان الجميع يتبرأ من هذا وليس الجماعة الاسلامية فقط فهذه الاعمال تصيب مدينة وأناسا لا علاقة لهم بهذا الأمر.
ما رأيك بالتحديد في محاولة اغتيال رئيس الوزراء الدكتور عاطف صدقي والتي سقط فيها عدد من المواطنين؟
- ما جرى لم نحضره ولا نسأل عنه.
حل بسيط؟
ما تعليقك على استهداف السياح؟
- المسلمون كان قصدهم ضرب السياحة والضغط على الحكومة كي تفرج عن عشرات الآلاف من المعتقلين الذين تركوا زوجاتهم وأولادهم من دون عائل ولم يقدموا الى المحاكمة او يفرج عنهم ويجدد اعتقالهم عشرات المرات على رغم اوامر القضاء بالإفراج عنهم/
ما رأيك في الوضع الحالي في مصر وكيف يمكن وضع حد لهذه الاحداث المؤلمة؟
- هناك حل بسيط هو ان تترك الحرية للشعب ليعبر عن رأيه وان تترك الدعوة الى الله هذا لا يكلف شيئاً, ولكن عندما تتخوف العقول ويتسابق اهل الحكم على الحكم ويشرعون من القوانين ما يحمون به انفسهم فعلى الدنيا العفاء. ان كل هذا يحل باطلاع الدعوة الى الله, ولا تستخدم الحكومة العنف ولا الجماعة الاسلامية بالعنف بحجة انها تدافع عن نفسها. واذا اخطأ احد يكون هناك دعاة يبينون الخطأ.
ويجب احترام القوانين والتوقف عن تفصيلها بما يحمي الحكام, واحترام الشعب والتوقف عن تزوير ارادته بتلك الاستفتاءات والانتخابات المزورة واعطاء الصحافة والاحزاب حرياتها والغاء قوانين الطوارئ وأهم شيء ترك الحركة للدعوة الى الله.
اذا برأتك المحكمة هل ستعود الى مصر لتشكل حزباً سياسياً تمارس الدعوة من خلاله ام تنضم الى احد الاحزاب القائمة حالياً؟
- اولاً نعرض على المسلمين هل كلمة "الحزب السياسي" تنفع. انا لا تهمني هذه الامور فلا ادخل في حزب سياسي قائم او أؤسس حزباً سياسياً. المهم عندي هو الدعوة الى الله وبيان الحق كما اخذ الله الميثاق من العلماء "واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبينونه للناس ولا تكتمونه" كما يقول الله عز وجل "ولا تبخسوا الحق بالباطل".
هل اتصل بك احد من مصر؟
- لا لم يتصل بي احد واتصالاتي الوحيدة مع المحامين في القضية المرفوعة ضدي هناك.
ما رأيك في محاكمتك في مصر؟
- القضية صورة لاستخفاف الحكم في مصر بالقضاء فما يعجبه من احكام ظلم وطغيان اقره وما فيها من انصاف اعاده للمحاكمة مرة اخرى, ومن ذلك قضية الشغب في الفيوم سنة 1989 وحكمت فيها محكمة امن الدولة العليا ببراءة المتهمين جميعاً وعددهم 49 شخصاً ولم يعجبه هذا وأعاد القضية الى الحاكم العسكري. ما هذا الاستهتار؟
ما رأيك في محاولة التوسط بين الحكومة والجماعات من خلال لجنة الحوار؟
- اعتقد بأنها كانت تمثيلية لابعاد وزير الداخلية السابق عبدالحليم موسى ولا اظن ان الحكومة جادة في هذه المسألة.
هل تدعو العلماء الذين حاولوا التوسط الى تكرار محاولتهم؟
- الحكومة ليست جادة وليس عندها هذا الاتجاه وانما هي تلعب بأقدار الناس.
يقال ان لديك اصدقاء في السودان وايران هل تلقيت مساعدات من هناك؟
- انني احاكم حالياً في مصر وأميركا ولدى هؤلاء المعلومات والمراقبة والتحريات وقالوا انني اتلقى مساعدة وانني ارسلت شيكات الى جماعات, فتحديتهم وقلت ابرزوا شيكاً واحداً. زوّروا شيكاً. واجابة عن سؤالك: لا لم اتلق اي مساعدات من احد. وانت كما ترى لا نملك توكيل محام ونرفض في الوقت نفسه محامي الحكومة الاميركية. تدخل هنا احمد عبدالستار احد ملازمي الشيخ منذ مدة طويلة ويعاونه قانونياً وقال: لا بد من الاشارة الى اننا في حاجة ماسة الى مساعدة المسلمين فاضافة الى القضية هناك اسر تحتاج والشيخ لن يطلب تبرعات لكنني انا اطلب واناشد المسلمين... وقاطعه الشيخ: انا اضم صوتي الى صوت احمد, فهناك اسر محتاجة وزوجات وأطفال يحتاجون الى لقمة العيش فلا البطن ترحم ولا الجسم يرحم ولا الشقق ترحم. وهؤلاء فقراء وعلى المسلمين ان يتحملوا هذا العبء, فهؤلاء امانة في اعناقهم.
اذا تيسر وخرجت من السجن فهل تبقى في اميركا؟
- الله اعلم بذلك طرحت هذه المسألة جانباً وأترك القضية لوقتها ولما يقدره الله عز وجل.
هل طلبت من عماد سالم عندما سافرت معه الى ديترويت قبل عامين ان يغتال الرئيس حسني مبارك كما يقول الآن؟
- في الأوراق يقول عماد سالم ان هذا كان أول لقاء بيني وبينه فكيف أطلب طلباً كهذا من شخص التقيه للمرة الأولى؟ المنطق السليم ينافي ذلك... هذا إذا كنت أريد أن أقتل مبارك, لكنني لا أتآمر فأنا أعارض مبارك وأفعل ذلك في المؤتمرات الصحافية علناً. ان الذي يعمل في الجهر لا يعمل في السر.
إذا كنت شككت في عماد سالم منذ البداية فلماذا قربته منك وسمحت له بمرافقتك ودخول بيتك؟
- هذا سؤال طرحه علي كثيرون. الحقيقة انه لا يوجد عندي ما أخشاه وبيتي مفتوح لكل سائل ولكل طارق, فهذا يأتي لسؤال, وهذا يأتي لاستفتاء, وهذا يأتي ببيان من الجماعة. شقتي كانت مفتوحة للجميع فلا أمنع أحداً وقد يأتي ومعه آخرون فلا أقول لهذا ادخل ولذاك لا تدخل. كما انه ليست عندي أسرار أخفيها. ولم أدرك ان هناك شيطاناً من شياطين الأنس سيفرق المسلمين كما فعل.
ما هي طبيعة العلاقة بينك وبين الشباب الذين يحيطون بك في بيتك أو في المسجد؟
- علاقتي بهم قائمة على الاخوة وقد يقتنعون برأيي وقد اقتنع برأيهم فأنزل عند رأيهم, وليس لي حق عليهم أكبر من حق الأخوة, اللهم الا احترامهم للسن وللعلم.
في المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي الذي عقد أخيراً في الخرطوم طالب المؤتمرون باطلاقك مع بقية المعتقلين كالشيخ عباسي مدني وأحمد ياسين فهل بلغك هذا؟
- نعم والحمد لله. وهذا عمل طيب يشكرون عليه فهم يتذكرون اخوانهم المأسورين.
في الوقت نفسه هناك من ينأى عنك ولا تريد جماعات اسلامية ان تتدخل في هذه القضية فما رأيك وهل يؤلمك هذا؟
- لا, لا يؤلمني فلكل انسان قدرته وأنا التمس المعذرة لقدرات الناس فقدراتهم على قول الحق تختلف من الناحية الاسلامية. وأناشدهم ألا يخافوا "انما الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين" وليعلموا ان الأجل والرزق بيد الله فمما يخافون؟
بين الشيخ عمر وعماد سالم
احدى النظريات الرائجة في صفوف انصار الشيخ عمر عبدالرحمن ان عميل مكتب التحقيقات الفيديرالي عماد سالم كان يسعى الى توريط الشيخ عمر بعدما نجا من الاتهام في تفجير مركز التجارة العالمي, على رغم ان وسائل الاعلام قدمته مخططاً وزعيماً روحياً يوجه اتباعه من دون ان يترك ادلة تدينه.
ويقول هؤلاء ان عماد سالم نجح في تطوير علاقة صداقة مع السوداني, صديق علي ابراهيم, المعتقل بتهمة التخطيط لتفجيرات في نيويورك, ودخل معه في "مشروع جهادي غامض", وسعى بعد ذلك الى توريط الشيخ عمر معهما "ولو بمجرد مباركة بصوته يسجلها سراً".
ويجد اصحاب هذه النظرية ادلتهم في الاشرطة الكثيرة التي تركها عماد سالم والتي افرغت في نصوص بلغت نحو 3000 صفحة تختلف ترجماتها احياناً في مواقع خطيرة تدين المتهمين. وسيحاول محامو الدفاع اظهار التحريف في الترجمة عن النص الاصلي لتبرئة موكليهم.
ويقول المتعاطفون مع المعتقلين ان سالم اعجبته حياته السرية فأخذ يسجل للجميع وحتى اتصالاته برجال مكتب التحقيقات الفيديرالي. ويضيفون ان فكرة توريط الشيخ الضرير واضحة في محادثة بين سالم وعميل مكتب التحقيقات جون انتي كيف. وجرى الحوار الهاتفي بعد شهر من تفجير مبنى التجارة العالمي والشيخ عبدالرحمن ما زال طليقاً وثمة كلام على احتمال تسليمه الى القاهرة. ويبدأ الحديث عن عملية تسليم الشيخ, وان مصر لو قدمت طلباً لاستعادته فان ذلك سيستغرق على الاقل من عام ونصف عام الى عامين, فيسأل سالم بتعجب:
عام ونصف الى عامين!
- نعم, اذا استخدم كل حقوقه في الاستئناف... الا اذا تطوع الشيخ وسلم نفسه.
سأسأل الآن سؤالاً قانونياً: عندما طلب مني الامير الاسم الذي يستخدمه سالم للاشارة الى الشيخ ان اغتال الرئيس المصري مبارك... أليس ذلك قضية اجرامية؟ اذا كان الامر كذلك يجب ان يعاقب هنا او يجب ان يسلم الى السلطات المصرية فهو يحرض على اغتيال الرئيس المصري وهناك سوف يعاقب.
- لا اعتقد ذلك, لكنه سؤال جيد.
وراح العميل يشرح لسالم الفرق بين التفكير في المؤامرة والشروع فيها: "عندما اتآمر مع داريل زميله في المكتب لنهب بنك فان المؤامرة ليست موجودة اذا اقتصر الامر على الكلام. ولكن عندما يذهب احدنا لشراء مسدس والآخر لشراء قناع او سيارة للهروب او يلتقط صوراً للبنك فلا بد من فعل يعقب الكلام للتأكيد على وجود مؤامرة".
ويعلق سالم: "هذا يعني انه لا يوجد لدينا شيء صلب ضده الآن". فيوافقه انتي كيف قائلاً: "انه رجل صعب الايقاع به. لنقل على سبيل المثال انه قال ان الشياطين في مركز التجارة العالمي يجب ان يقتلوا ثم لا يحدث شيء... ولكن عندما يعود الى الشيخ محمد سلامة او نضال عياد ويقولان له يا رئيس لقد اشتريت الكيماويات... لصنع هذه القنبلة فيقول الشيخ اه اه جيد جداً, بنغو تعبير اميركي يرمز الى الظفر بالشيء فان الشيخ عندئذٍ في المؤامرة... وسيكون مذنباً مثله مثل سلامة". وتابع شرحه بأنه لو اجتمع هؤلاء الشباب وصنعوا القنبلة من دون العودة الى الشيخ فلا شيء سيثبت ضده.
ويتابع المتعاطفون مع المعتقلين روايتهم: عندما باشر سالم مشروعه مع صديق - الذي اكد لمندوب "الوسط" في لقائه معه في السجن "لم تكن هناك مؤامرة مطلقاً لتدمير اي شيء في نيويورك" وفضل عدم الاجابة عن اسئلة في شأن حديثه المسجل مع سالم عن "البيت الكبير" و"الامم المتحدة" - سعى جاداً الى الحصول على عبارة منه تفيد ان الشيخ مطلع على العملية وانه يؤيدها, وكان واضحاً في شريط التسجيل بين سالم وصديق في لقائهما في بيت الاخير ان سالم يسأل باستمرار عن عملية "البيت الكبير وتأديب الكفار" فيوافقه صديق او يسترسل في حديث آخر من دون ان يعقب.
ويعتقد هؤلاء ان هذا الشريط كان احد اقوى الادلة لاتهام الشيخ عمر بأنه كان على علم بالمخطط لتفجير الأمم المتحدة. وأشاروا الى "ان مقارنة بين النص المكتوب الذي افرغته السلطات الاميركية والنص المسجل بصوت سالم وصديق تظهر بوضوح اضافات خطيرة في النص المكتوب. ففي جزء من الحوار يقول صديق: "نحن ايضاً سألنا عن شرعية هذه العملية من وجهة النظر الشرعية ويقول الشيخ انها حلال فتواه كانت خذ منهم واضربهم بها.
والعبارات بين قوسين, اي يقول الشيخ, وفتواه كانت, ليست موجودة في الشريط. عماد: هل اخبرت الشيخ عني؟
صديق: الشيخ لا يعرف شيئاً عنك او عن هذا الموضوع نحن نريد الشيخ ان يكون Head Line قالها بالانكليزية.
عماد: ألن يتدخل؟
صديق: لا, لا, انه لن يتدخل وليست له علاقة لا تدخله في الوسط فقط اسأله سؤالاً عاماً, هذا كل شيء.
عماد: ماذا يعتقد بخصوص "البيت الكبير"؟
صديق: بالطبع يؤيدها - وهذه غير موجودة في الشريط -
وفي نهاية الامسية وكذلك نهاية الشريط, يسأل سالم مرة اخرى "هل سألت الشيخ عن عملية البيت الكبير", فيجيب صديق "انه يقول انها واجب انها ضرورية" وعلى رغم ان عبارة انه يقول غير موجودة في الشريط بصوت الرجلين فان صحيفة تابلويد نيويوركية نشرت قبل شهرين صورة كبيرة للشيخ عمر وكتبت تحتها "الشيخ يقول تدمير الامم المتحدة واجب وضروري". ويضيف المتعاطفون ان سالم "سعى الى مباركة بصوت الشيخ عمر لعمليته الارهابية فذهب اليه قبل كشف العملية ببضعة ايام صيف العام الماضي وجلس على الارض عند ارجل الشيخ الذي كان يجلس على كرسي وارتمى يقبل يديه ورجليه وأخذ يجهش بالبكاء - وهذا مسجل في احد اكثر الاشرطة اثارة - وقال له انه اضاع سنوات عمره في الحرام وانه يريد ان يتوب ويخدم الاسلام, وعرض عليه مشروعه لضرب مبنى الامم المتحدة التي اصبحت تحارب الاسلام والمسلمين. ومضى قائلاً: انني اضعت 18 سنة من عمري هباء وأنا احضر لعمل كبير اخدم به اسلامي. وانني اعتبر مبنى الامم المتحدة مركزاً للشيطان وسوف اقوم بتفجيره وأخلي عاليه واطيه... فنهاه الشيخ وقال: "هذا مركز معتبر للسلام وعمل كهذا يؤذي المسلمين...
فيقول عماد سالم: يعني بلاش يا شيخ؟
- لا
لقد حضرت كل شيء.
فيرد عليه الشيخ "معليش وماله" ويقف من دون ان يلتفت الى عماد سالم وعلامات الغضب بادية على وجهه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.