تتلخص الوقائع في مطالبة المُدعي بتسليمه بقية أجرة عمله على تنفيذ ترميم دار للمدعى عليه اتخذها مستوصفاً خاصاً. وأجاب المُدعى عليه بالمصادقة على العقد بترميم المبنى، ودفع بأن بالعمل نواقص وملاحظات، كما أن المدعي تأخر في تنفيذ العمل، وعليه غرامة الشرط الجزائي، وأجرة الدار المستأجرة بدلاً عن الدار المستوصف التي تنفذ، وزيادة أجرة المهندس المشرف، وزيادة سعر جهاز الأشعة، وطالب باستنزال ما يحب لهذه الأشياء من ضمان من الأجرة، وبذلك يكون المُدعي مديناً للمُدعى عليه. وبعد مداولات بين الخصوم انحصرت طلبات المُدعَى عليه في غرامة الشرط الجزائي، وأجرة الدار البديلة، وزيادة أجرة المهندس المشرف، وزيادة سعر جهاز الأشعة. وادعى كل واحد من الطرفين بأن السبب في التأخير حاصل من الطرف الآخر. لما كانت دفوع الطرفين في سبب التأخير تدور حول تأخير تسديد استحقاق المُدعِي وأسبابه الفنية رأى القاضي، الكتابة إلى لجنة من مهندسي المحكمة لتطبيق العقد، وتقرير ما يرونه بصدد سبب التأخير. وتلقى القاضي إجابتهم، وحاصلها: أن اللجنة اطلعت على العقد المبرم بين الطرفين، وعلى الصورة المتضمنة لادعاء الطرفين، ودفوعهما لدى القاضي، ومستنداتهما، وتبين لها في ما يتعلق بالتأخير في العمل تعميد المقاول بأعمال أخرى زيادة على العقد الأساس، كما قام المالك نفسه بأعمال ترميمات نفذها مقاول آخر، وهذه الأعمال خارج بنود الاتفاقية، وهنالك مواد تم شراؤها بواسطة المالك ليقوم المقاول بتنفيذها وتم تعميد المقاول بعقد خاص لغرفة الأشعة، والتي سيقوم بتركيب أجهزتها مؤسسة وهي لا علاقة لها بالمُدعي، والتي طلبت من المقاول جدولة الأعمال، وكان طلبها متأخراً عن التعميد بمدة شهرين، وهنالك تأخير في تسليم الدفعات، الأقساط الحالية من الأجرة - إلى المقاول عن موعدها. بناء على ما تم ذكره فإن اللجنة ترى أن التأخير الذي يدعي به المالك سببه الطرفان -المقاول المُدعي، والمالك المدعى عليه وترجح نسبة المقاول في التأخير 60 في المئة، والمالك 40 في المئة. ترى اللجنة في هذه الحال وبناءً على ما اطلعت عليه من مسببات لكل طرف أن تطبق على المقاول غرامة التأخير المنصوص عليها في وزارة الأشغال العامة والإسكان، والتي أقصاها 10 في المئة من جملة استحقاق المقاول، وعليه فإن نسبة المقاول من غرامة التأخير تساوي 60 في المئة من إجمالي غرامة التأخير. وبعد تدوين هذا القرار جرت تلاوته على الطرفين، ووافق المقاول المُدعِي على هذا القرار، وعارض عليه المالك المُدعَى عليه متمسكاً بكامل طلباته في الغرامات المذكورة. فصل القاضي في هذه القضية بحكم مبين الأسباب، جاء فيه:"وبعد دراسة القضية وتأملها، وبناءً على مصادقة الطرفين على إجمالي الاستحقاق والمستنزل بسبب الملاحظات والنواقص في العمل، وأن الباقي بعد ذلك هو مبلغ ... يستنزل منه نسبة ستين في المئة من عشرة في المئة من إجمالي الاستحقاق المذكور مقابل غرامة الشرط الجزائي حسب قرار اللجنة آنف الذكر، وبلغ ذلك ... وباستنزالها من المتبقي للمُدعي يكون استحقاق المُدعي الواجب دفعه مبلغ ... وبما أن الشرط الجزائي معتد به بحسب ما يقرره أهل الخبرة، وقرروا بأن المُدعِي مدان بنسبة ستين في المئة منه، كما أن المدعى عليه مُدَان بنسبة أربعين بالمئة منه، كما قررت اللجنة بأن المستنزل لهذا الشرط يكون بنسبة عشرة بالمئة، ورضيها المقاول المُدعي، وعارض عليها المالك المُدعَى عليه، ولا وجه لمعارضته، لأن الاستنزال يكون حسب ما يقرره أهل الخبرة لا حسب المتفق عليه. كما أنه لا وجه لما طلبه المُدعَى عليه من: أجرة المبنى المستأجر، ومن قيمة الأشعة، وأجرة المهندس المشرف، لأن هذه الأمور اشترطت لإزالة ضرر التأخير، فهي من ضمن الشرط الجزائي، فاشتراط الشرط الجزائي مُغنٍ عنها، لأن هذا الشرط جُعِل لإزالة ضرر التأخير، فتكون متداخلة معه، وساق الاعتداد بالشرط الجزائي واستنزال ما تقرر له، لذا ألزمتُ المُدَعى عليه بتسليم مبلغ ... للمُدَعي، وصرفت النظر عما يطالب به المدعى عليه من زيادة في الشرط الجزائي وما ألحق به من أجرة المستوصف، وفرق أجرة المهندس المشرف، وفرق سعر جهاز الأشعة، والمبلغ الذي يطالب به في دفعه للدعوى، لأنه لا يستحق شيئاً من ذلك، وبذلك قضيتُ. وبدراسة الحكم مع اللائحة الاعتراضية من قبل محكمة التمييز قررت موافقتها عليه، توصيف هذه الواقعة بأنها من قبيل الشرط الجزائي، وأن الاعتداد بالشرط الجزائي صحة ولزوماً، استناداً إلى أصل صحة الشروط الجعليَة ولزومها التي يشترطها المتعاملان أو أحدهما مما له فيه منفعة أو دفع ضرر ما لم تخالف أصلاً شرعياً، وهذا قضاء شريح، واختيار هيئة كبار العلماء في السعودية والجمهور على خلافه، وعدوه وعداً لا يلزم الوفاء به. والعمل على الأول بضوابط شرعية، وأن تقدير الشرط الجزائي يكون حسب العرف لا حسب المشروط وأن العرف الجاري عند إصدار الحكم في الرياض هو ألا يزيد الشرط الجزائي على عشرة في المائة من مجموع الاستحقاق، وإذا كان التأخير من طرفي العقد فتتجزأ غرامة التأخير عليهما بحسب اشتراك كل واحد منهما في التأخير، فكل واحد من الطرفين يتحمل جزء منه، ويرجع في تقرير مقدار الضمان عند الاشتراك إلى أهل الخبرة. وأن الشرط الجزائي يتداخل، فمهما تعددت الشروط الجزائية التي الغرض منها حث المتعاقد على سرعة التنفيذ، وضمان ما فات على المشترط بسبب التأخير فهي واحدة وجزاؤها واحد فقط لا يتعدد، واستعانة القاضي بالخبراء في بيان المتسبب في تأخير تنفيذ العمل عند الاختلاف فيه بين المتداعيين في الشرط الجزائي إذا كان ذلك مما يدرك بالخبرة كهذه الواقعة، لأن ذلك من قبيل دليل وقوع معرفات الحكم الذي يدركه الخبراء، بل يختصون بإدراكه دون القاضي وقد ذكر الفقهاء أن الراعي لو فعل فعلاً وصادق رب الماشية على وقوعه واختلفا في كونه تعدياً رُجِع في تقرير كونه تعدياً إلى أهل الخبرة، لأنهم أدرى بذلك وأعلم، كما ذكروا: أنه لو تصادق المستأجر والمؤجر على وجود صفة في العين المستأجرة واختلفا في كونه عيباً فإنه يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة.