عبارة السخرية"الشعبية"التي تقول"ردد يا ليل ما أطولك"هي إحدى إفرازات القاعدة الشهيرة"القانون لا يحمي المغفلين"، التي تشكل حاجزاً"نظامياً"يقف أمام المحامين، ولكن هذه القاعدة هي اللعبة التي بات يتفنن في إتقانها الكثير من النصابين والمحتالين، من خلال إيقاع ضحاياهم في شباكهم عبر"تفخيخ"العقود المبرمة بين الطرفين للإفلات من العقاب، أو التلاعب بالألفاظ والمصطلحات لإيهام"الضحية"بصدق النية ومشروعية العمل. هذه المعادلة التي تحكي واقع الكثير من السعوديين في المؤسسات الحقوقية والمحاكم يؤكدها المحامي فيصل صالح في حديثه إلى"الحياة"، لافتاً إلى نجاح هذه"اللعبة"من جانب المحتالين والنصابين في السعودية، مستندين في عملهم إلى ثغرات القانون، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن"المحتالين"ينجون بفعلتهم مقارنة بحجم القضايا المرفوعة ضد هذه الفئة لدى المحاكم واللجان الحقوقية. ونبه المحامي صالح إلى أن الآونة الأخيرة شهدت تعرض الكثير من المواطنين لعمليات النصب والاحتيال، إذ تفنن أناس على درجة كبيرة من الخطورة الإجرامية في استخدام عقولهم في خداع البسطاء والمثقفين والمتعلمين وأصحاب المراكز الرفيعة، للإيقاع بهم... وأشار في حديثه إلى أن المعيار الذي يرجحه غالبية فقهاء القانون في مسألة خداع الأشخاص الأذكياء والأقل ذكاء، هو معيار الشخص"العادي"، بمعنى إذا كان هذا الكذب من الجاني ينخدع به الشخص العادي فهنا تقع الجريمة ويتحقق ركنها المادي، أما إذا كان هذا الكذب من السهولة واليسر أن يكتشفه الشخص متوسط الذكاء، فإن النظام لا يحمي هؤلاء الذين يفرطون في حماية أنفسهم، ويسلمون أموالهم طواعية بسهولة ويسر. وأكد المحامي صالح أن غالبية عمليات النصب والاحتيال تقع ضمن دائرة تسرع المجني عليه، وطمعه الذي يوقعه في"فخ"المحتال، ويقول:"هرولة الباحثين عن الثراء من دون وعي وإدراك أوجدت فرصاً لاصطياد الضحايا من جانب ضعاف النفوس، خصوصاً أن غالبية السعوديين يجهلون أهمية البحث والتحري واستقصاء المعلومات الحقيقية من الجهات المختصة، أو عن طريق استشارة الخبراء والاختصاصيين في المشاريع الكبيرة التي يخوضونها". وألمح في حديثه إلى أن المتورطين في الكثير من عمليات النصب والاحتيال ينجون منها من دون تقديمهم للعدالة والاقتصاص منهم، مرجعاًً ذلك لأسباب عدة، أبرزها تحصنه بأوراق قانونية تحميه من العقاب وتساعده في الإفلات من العدالة، من خلال توريط المجني عليه بالتوقيع على أوراق يجهلها تكون سبباً في ضياع حقه... وأوضح المحامي فيصل أن النصابين والمحتالين يقدمون تنازلاً إلى ضحاياهم، يتمثل في إعادة جزء من الأموال إلى أصحابها في مقابل التنازل عن الدعوى المرفوعة ضدهم، وهو الحل الذي يرحب به غالبية المجني عليهم إذ"يعتقد الكثير من الضحايا أن استرداد جزء من المبلغ أفضل من حبس المحتال ومعاقبته"على رغم أن هذه الفكرة تساعد في انتشار هذه الظاهرة في البلاد. ونصح المواطنين في الوقت ذاته بحماية أنفسهم، عن طريق السؤال عن الشركة التي تقدم عروضها، سواء في البيع أم التأجير لدى الجهات الرسمية، ومن ثم يعمد إلى عرض العقود والسندات التي سيبرمها مع الشركة على أحد المستشارين القانونيين لطلب الاستشارة، ومعرفة نقاط الضعف، والخلل والثغرات، كي يفوت على الآخر الفرصة للفرار من العقاب، ويحمي في الوقت نفسه مصالحه المالية. وأضاف المحامي أنه يتعين على المواطن الذي وقع في شباك المحتالين أن يسارع بالتقدم بشكوى إلى الجهات المعنية كالشرطة أو هيئة التحقيق والادعاء العام، التي تتخذ من الإجراءات السريعة ما يحول دون فرار الجاني، والحفاظ على حقوق المجني عليه بمنع التصرف في الأموال حتى الانتهاء من التحقيق والمحاكمة. ودعا المحامي فيصل إلى ضرورة إصدار عقوبة التشهير بحق المحتالين والنصابين، حتى يتحقق الزجر والردع، وضمان عدم العودة للتلاعب بالقانون وسرقة مال المواطنين بغير حق، خصوصاً أن حجم المبالغ المسروقة من المواطنين تقدر ب"البلايين"، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً على المجني عليه، سواء من ناحية الاستقرار النفسي أم الاجتماعي.