غاب المهاجم الهداف عن الملاعب السعودي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، نظير تأثره بعوامل عدة أدت في النهاية أن تفتقد الكرة السعودية للمهاجم «الفذ»، الذي يواصل حضوره الميداني بكل خطورة، مع مرور السنين، ويكون مثالاً يحتذى فيه لدى النشء، فما أن يستبشر الرياضيون بقدوم مهاجم للملاعب المحلية، إلا أنه سرعان ما يغادرها من دون أن يكون له رد فعل تثبت موهبته أو قدراته التهديفية، إذ ان الموهبة أصبحت عملة نادرة في الملاعب السعودية كما هي حال في ملاعب العالم، إلا أن العوامل الأخرى قد حدت بنسبة كبيرة من مواصلة هؤلاء المهاجمين ركضهم الميداني والتهديفي، وأصبحت الجماهير ووسائل الإعلام تتغنى بأي مهاجم يبدأ مشواره الرياضي بهدف أو هدفين، أو حتى عشرة؟ حتى نال هؤلاء «المبتدئون» في التهديف ألقاباً تكبرهم بكثير، وسرعان ما اختفوا عن الملاعب السعودية جراء تأثرهم بما يكتب من أسطر تتغنى فيهم، ووصلت الحال بالبعض أن يخلق مقارنة مع نجوم في الماضي اعتمدوا في تهديفهم على الموهبة الفطرية، التي غرست فيهم باكراً، فمع تطور طرق اللعب، وتشديد الرقابة على المهاجمين «اختفى» الكثيرون، والسبب في ذلك ضعف الموهبة وضعف المهارات الفردية، التي هو في أمس الحاجة لها في مثل هذا المأزق، وانعدام «الفكر» الكروي عن الغالبية العظمى من هؤلاء المهاجمين، إضافة لاعتمادهم الكبير على المجهود البدني على حساب «ذكاء التحرك»، وهو اختيار الوقت والزمن بشكل دقيق، للإفلات من الرقابة، وخلق عنصر المفاجأة أمام أي رقابة مشددة من المدافعين؟ ومن العوامل المؤثرة في غياب الهدافين في الأندية السعودية هو «ضعف» التمويل من منطقة الوسط، فلاعب التمريرة الحاسمة أصبح عملة نادرة قل أن توجد في الملاعب السعودية، وهذا ما أثر بشكل كبير في خطورة المهاجمين، وتعتبر الطرق «التكتيكية» عاملاً مؤثراً كما نتابع حينما يركز المدربون على تكثيف منطقة المناورة، على حساب تدعيم خط المقدمة بمهاجمين أو ثلاثة، لذلك سهلت الرقابة على المهاجم الوحيد في كل فريق، وتمت السيطرة بشكل كبير على المهاجم الوحيد نظير التركيز العالي من المدافعين على هذا المهاجم المعزول؟ ومن أهم عوامل «تقليص» عدد المهاجمين في الكرة السعودية هو اعتماد «جل» الأندية على التعاقد مع مهاجم أجنبي أو لاعبين، وهنا أصبحت مشاركة المهاجم المحلي ضعيفة، وتسببت في تراجع أداء من يملكون مقومات تهديفية تحتاج للصقل، والاحتكاك، من أجل زيادة الحساسية التهديفية، واكتساب خبرة ميدانية، ستتطور مع مرور المشاركات، إلا أن افتقاد العناصر الشابة للثقة، ورميهم على دكة البدلاء ألقت بسلبيتها بقتل طموح الكثير من الوجوه الواعدة؟ وأدى كذلك بحث الأندية بقيادة مدربيها عن تحقيق الفوز والبطولات فقط، إلى عدم مجازفة المدربين في منح بعض الصاعدين في مركز الهجوم فرصة المشاركة، إما خوفاً من نتائج وقتية، أو من ضياع بطولة، أو خطر الهبوط من الدوري؟ الأندية السعودية وفي درجاتها كافة «تزخر» بمهاجمين واعدين، إلا أن طموحاتهم تصطدم بعراقيل حملنا الجزء الأكبر للأجهزة الفنية والإدارية بالأندية، وتتحمل وسائل الإعلام بفئاتها كافة جزاء كذلك، وللعوامل الأخرى كالطرق التكتيكية جزء في «تغييب» المهاجمين الذين نطمح لاستمرارهم سنوات عدة، وليس كما يحدث مع السنوات الماضية، أن يختفي المهاجمون بسرعة عن «دورهم» الرئيسي كزوار دائمين لشباك الخصوم، وينتقلون لمقاعد البدلاء، وربما خارج حسابات مدربيهم.