الصفحة: 11 - المحلية ربما يجهل البعض أن "شهار" هو حي سكني راق في الطائف، قبل أن يكون رمزاً لمصحة نفسية تتوسط الحي نفسه، في الوقت الذي ارتبط مسمى "شهار" في أذهان الناس بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية، فما أن يذكر "شهار" في المنتديات والمجالس حتى تتداعى صور "الجنون" في شتى أشكالها وصورها. "الموريستان" المصري، و"العصفورية" السوري، أسماء تترادف مع "شهار" الطائف، وجميعها مصحات عقلية تتلقف المرضى النفسيين وتعالجهم، ومع مرور الزمن اختصرت أسماء الأماكن التي توجد فيها هذه المستشفيات، الحديث عن الاستطباب النفسي والعقلي، فأصبح "شهار" هو مستشفى المجانين، والمجانين يسكنون "شهار". ويذكر الكاتب والمؤرخ حماد السالمي في كتابه "المعجم الجغرافي لمحافظة الطائف "أن "شهار" أحد أشهر الأودية الزراعية في الطائف القديمة، وينقسم إلى ثلاثة أقسام، شهار الأول وهو الجهة الموالية لحوايا شمالاً، وشهار الأوسط ويقع إلى الجنوب من الأول، وشهار الأعلى وفيه مستشفى الصحة النفسية، ومستشفى الأمراض الصدرية. ومن أشهر الركبان والبساتين في شهار قبل العمران: مزرعة أبوتونة، البستان، ركبان العارض، وبستان شهار الأوسط. ويؤكد الكتاب على أن شجرة سدر "نبق هندي" المشهورة تتوسط "شهار"، وعمرها يناهز ال 300 عام وتوجد في بلاد المفتي على طرف البستان، وما زالت قائمة حتى الآن. وتغنى العديد من الشعراء القدامى ب"شهار" ويقول إبراهيم بن محمد الزيد: ووجدت نفسي في شهار مابين منتزه ودار وعلى ضفاف خريدة ريا يحاربها النهار وغنى الموسيقار طارق عبدالحكيم أغنيته المعروفة "حبيبي في روابي شهار". أما "شهار" الحديث فهو نخبة أحياء الطائف وأرقاها، ويؤكد عقاريون أن الأراضي في هذا الحي، سجلت أرقاماً قياسية في البيع طوال الفترة الماضية، وصل معها سعر المتر الواحد في بعض المواقع إلى 1800 ريال. وشارع شهار العام الذي يتوسط الطائف، ويربط طريق المسيال بمتنزه الردف الشهير، يمثل اليوم أهم الشوارع الرئيسة النابضة بالحركة البشرية والتجارية، وتتناثر على جنباته المراكز والمحلات التجارية والمطاعم الشهيرة ويتوسطه رصيف شجري قصير مزين بالورود الملونة. ويمتد شارع شهار بطول خمسة كيلومترات وعرض ثلاثين متراً، ويقطع أحياء أم العراد، حوايا، شهار، السداد، الردف، ولا يكاد يخلو من أي نشاط تجاري. ففي حين تزدحم عليه المطاعم العالمية ومطاعم أخرى عربية وشعبية، يضم الشارع عدداً كبيراً من مراكز الاتصالات والجوالات والمكتبات التجارية ومحال الحلويات، وصالونات الحلاقة والمقاهي والشقق المفروشة. ويوجد على الشارع سبعة مجمعات تجارية، تحتضن العديد من المحال التجارية للملابس الجاهزة وأدوات التجميل ذات الماركات العالمية. وأنشئ مستشفى الصحة النفسية "شهار" في العام 1382 ه، وبلغ عدد مراجعيه خلال العام الماضي فقط أكثر من 18 ألف مراجع، ومر المستشفى منذ إنشائه في مراحل تطويرية عدة، كان أبرزها التوسعة الجديدة في العام 1412 ه بزيادة 120 سريراً، وتوسعة المبنى القديم وتزويده ب96 سريراً، يستقبل المرضى الذين يعانون من الفصام العقلي والهوس والاكتئاب النفسي. ويؤكد مدير المستشفى الدكتور محمد عبد الباسط بخاري، أن المستشفى يقدم إلى جانب خدماته العلاجية والتأهيلية، خدمات تعليمية وتوعوية لجميع أفراد المجتمع، حول طبيعة المرض النفسي وكيفية احتوائه في المجتمع. ويسعى المستشفى إلى تأهيل الحالات المزمنة، تمهيداً لإعادتهم أعضاء مستقلين ونافعين لمجتمعهم.