لم تعد عمليات سرقة السيارات في الرياض، تتطلب سدل الليل لستاره، حتى يتمكن اللصوص من تهشيم زجاج سيارة لسرقة بعض محتوياتها، وأحياناً سرقتها بالكامل، إذ شهدت العاصمة حالات عدة من السرقات في وضح النهار، وأحياناً في حضور أصحاب"الحلال". وبالنسبة لسرقة السيارات، قد يكون السيناريو الذي نقله المسلسل الساخر"طاش 13"، آخر صيحاتها، إذ يقوم شخصان يستقلان سيارة واحدة، بصدم خلفية أي سيارة تقع عليها عينيهما ويجدان فيها ما يؤهلها للسرقة، وعند نزول راكب السيارة بهدف الاطمئنان على سيارته وعلى المتسبب في الحادث، يقوم أحدهما بالتوجه إلى السيارة، بينما يشغله الآخر بعبارات الاعتذار أو العكس أحياناً، لينطلق الأول بها بسرعة الريح، ويلحقه الثاني أثناء محاولة الضحية اللحاق بسيارته، ونظراً لانتشار هذه الظاهرة أصبح بعض العاملين في محال تأجير السيارات ينصحون عملاءهم بتوخي الحذر منها. كما أصبح ترك محرك السيارة يعمل أثناء مغادرتها ولو لبضعة أمتار، مغامرة كبيرة نادراً ما تسلم عواقبها، إذ لم يمنع وجود أحد الأطفال في السيارة، التي ترك والده محركها يعمل أثناء ابتياعه غرضاً من البقالة التي أوقف سيارته إلى جوارها، اللصوص من سرقة السيارة والطفل معاً. وأمام هذه السرقات المتكررة والمتنوعة اقترح بعض المواطنين حلاً ظريفاً قد يساعد في التخفيف من حدة البطالة، ويتلخص في حراس أمن ل"السيارات"، وكان بعض أصحاب هذا الاقتراح أكدوا فعالية التجربة في بعض الدول التي زاروها، والتي يقف عند كل شارع فيها حارس أمن يتولى حراسة السيارات ليلاً، وفي بعضها ليل نهار، ومنهم حراس تابعون للدولة، ويتقاضون معاشاتهم منها، بينما يتولى أصحاب السيارات دفع مبلغ شهري للمتطوعين من الحراس. إلا أن مؤيدي هذه الفكرة طالبوا بدرسها من وزارة العمل والجهات الأمنية، وذلك لوجوب حصول هؤلاء الحراس على ترخيص لمزاولة تلك المهنة، وذلك لزرع الثقة في نفوس أصحاب السيارات تجاههم، بينما اقترح آخرون تولي الشركات الأمنية الخاصة هذه المهمة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه سرقة السيارات ظاهرة دولية تعانيها الكثير من الدول، تشير الكثير من الإحصاءات والدراسات الرسمية السعودية إلى أن هذه المشكلة لم تتجاوز الحد الذي تصبح فيه ظاهرة، خصوصاً أن غالبيتها تكون نتيجة طيش شباب. وبحسب هذه الإحصاءات فعند مقارنة أعداد السيارات في السعودية، التي يصل عددها إلى الملايين، بأعداد السيارات المسروقة يتضح أن سرقة السيارات لا تزال في نطاق الحدود الطبيعية. وأثبتت الدراسات والسجلات أن غالبية المتورطين في سرقة السيارات هم من فئة الأحداث من الطلبة والعاطلين عن العمل، وتوصلت إحداها إلى أن طلبة المدارس يمثلون النسبة الكبرى من مرتكبيها، كما توصلت دراسة أخرى إلى أن نسبة العاطلين عن العمل بلغت الثلث من مجموع المتورطين في تلك السرقات. وفي شأن الدوافع والأسباب الكائنة وراء ظاهرة سرقة السيارات، تبرز مسببات اقتصادية واجتماعية عدة، إذ يعتبر بيع قطع السيارة المسروقة مجزأة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى السرقة، إضافة إلى استخدام تلك السيارات في المباهاة بين الزملاء، فيما يجدها آخرون وسيلة لإشباع هواياتهم في التفحيط والاستعراض. وألقت قوات الأمن في محافظة جدة القبض على عصابات عدة متخصصة في سرقة السيارات، وذلك من خلال عمليات الدهم المستمرة، إذ أوقفت أعضاء أكثر 20 عصابة تخصصت في تلك السرقات خلال الأشهر الماضية. ويعتبر شهر رمضان من أكثر الشهور التي تكثر فيها بلاغات عن سرقة السيارات، خصوصاً في فترة ما بعد صلاة الفجر، وهو الوقت الذي يخلد فيه معظم الناس إلى النوم، إذ سجلت قوات الأمن خلال الأسبوعين الأولين من شهر رمضان فقط بلاغات بسرقة أكثر من 117 سيارة.