لا يحسد مدير التسويق في الاتحاد الدولي لألعاب القوى لويز كارولا على المهمة المكلف بها، القاضية ببلورة صورة جديدة زاهية للقاءات الدولية الكبرى، المعروفة ب"الدوري الذهبي"غولدن ليغ الذي اطلق عام 1998، وهرم باكراً لأسباب شتى. فبعض اعضاء الاتحاد الدولي ومسؤولون في شركات راعية طالبوه بصوغ معادلة جذابة سهلة التسويق تستقطب مبالغ مرتفعة وجمهوراً كبيراً، متخذين من الدوري الأوروبي لكرة القدم مثالاً. وتعيّن على كارولا جمع الاضداد وايجاد قواسم مشتركة بين منظمي اللقاءات الكبرى العريقة وما تتطلبه السوق حالياً في ظل تغييرات كثيرة. والحصيلة شبه النهائية التي تحددت معالمها"الدوري الماسي"يأخذ طريقه الى التطبيق بدءاً من موسم 2010. الاثنين الماضي، اعلن رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى لامين دياك في موناكو، إنشاء"الدوري الألماسي"للعبة. وفي حين ان"الدوري الذهبي"يقتصر على ستة لقاءات في اوروبا، يتضمن"الدوري الألماسي"حتى الآن 12 لقاء، وتجرى مفاوضات لضم ثلاثة لقاءات اخرى، ويشمل الولاياتالمتحدة والصين، كما انه قابل للتمدد الى منطقة الشرق الأوسط. ويتيح الدوري الألماسي المقرر ان ينطلق في ربيع 2010، فرصاً عدة للمشاركة لعدد اكبر من الرياضيين في عدد اكبر من المسابقات. واوضح دياك ان الاتحاد الدولي"سيكون قادراً على تنظيم دورات استثنائية ذات اسس مالية متينة، ما يسهم في تنمية العاب القوى وتطويرها". ويستوعب الدوري الألماسي 32 مسابقة عدو ورمي وقفز ووثب عوض العدد المحدود من المسابقات في الدوري الذهبي، موزعة على مجمل المراحل. وستحظى المسابقات بمكافآت مالية متساوية، وسيوزع في كل لقاء 416 ألف دولار. وستكون مشاركة النجوم فيه بموجب عقود مع منظمي بعض الدورات اللقاءات. وسيكون في كل من المسابقات ال32 تنافس على الألماس. ذلك أن كل مسابقة تنطوي على نقاط، واللاعب الذي يجمع اكبر عدد من النقاط في نهاية الموسم يربح الماسة أربعة قراريط قيمتها نحو 80 ألف دولار. في المقابل، تبلغ مكافآت الدوري الذهبي مليون دولار، يتقاسمها اللاعبون الذين يفوزون في مراحله الست في مسابقات يحددها الاتحاد الدولي سلفاً. واللقاءات الدولية ال12 الملحوظة في"الدوري الألماسي"هي: بروكسيل، اوسلو، باريس، زيوريخ، هي جزء من الدوري الذهبي حالياً، لوزان سويسرا، لندن، موناكو، استوكهولم السوبر غراند بري، يوجين الولاياتالمتحدة، غايتسهيد بريطانيا، نيويورك وشانغهاي الغراند بري. وتجرى مفاوضات لضم لقاءات برلين وروما والدوحة الى الدوري الجديد. كما تتطلع شركة التسويق الرياضي"اي ام جي"الى شراء حقوق النقل التلفزيوني للسلسلة في مقابل نحو 5 ملايين دولار. وكان دياك ونوابه وبينهم رئيس اللجنة المنظمة لدورة لندن الأولمبية سباستيان كو ناقشوا في موناكو انشاء"الدوري الماسي"، ليكون من شأنه تفعيل الموسم الصيفي لألعاب القوى، كما اوضح كو البطل الأولمبي مرتين، مشدداً على ضرورة تنظيم مواجهات منتظمة بين الأسماء الكبيرة في المضمار والميدان، إنقاذاً لألعاب القوى التي تتراجع، ولئلا تبقى هذه المواجهات نادرة ومحصورة حكماً بسباقات بطولة العالم والدورات الأولمبية. وضرب كو مثلاً بلعبة كرة المضرب التي"تستطيع ان تقدم مرات عدة خلال السنة مباريات بين السويسري روجيه فيدرر والإسباني رافاييل نادال، لذا ينبغي ان يكون لدينا بين الجامايكيين اوساين بولت واسافا باول أكثر من لقاءين سنوياً"، لافتاً الى أن التغيير حتمي وإلا ماتت اللعبة. وبناء عليه، ستختلف كثيراً مواعيد الروزنامة الدولية، وقد يتراجع تصنيف لقاءات عدة ليصبح إقليمياً أو دولياً فقط ب"نجمات اقل"، وتبرز الى الواجهة اماكن ظلت طويلاً بعيدة من الصف الأول. ومن الأفكار التي طرحت أخيراً إقامة مسابقة ل"أم الألعاب"تسبق مباريات كرة القدم او الكريكيت، او خلال الاستراحة بين الشوطين في كل لقاء، سعياً الى توسيع القاعدة وحصد مداخيل مالية وجذب جمهور جديد. وفي حال أبصرت الصيغة المقترحة للدوري الألماسي النور في الموسم المقبل، تصبح إقامة نهائي الدوري الذهبي المقرر في الرباط من دون فائدة، وبالتالي ستلغى حتماً. كما يبحث الاتحاد البريطاني لألعاب القوى مع ممولين ورعاة استضافة لقاءين بدءاً من عام 2013 أي بعد دورة لندن الاولمبية، على أن يكون الملعب الاولمبي الجديد مسرحاً لأحدها، ما يسهم في تشغيله واسترداد جزء من كلفة بنائه العالية. صيغة ثابتة وهوية راسخة منذ موسمين، حضر لقاء برلين الدولي 70352 متفرجاً، وهو رقم قياسي للقاءات الدولية في رياضة"أم الألعاب"، لكن ذلك لم يكن مؤشراً إلى صحة الدوري الذهبي، باعتبار ووفق رأي متابعين خبراء، أن صيغة هذه المسابقة"المعقدة"نوعاً ما، لا تجذب دائماً الأسماء الكبيرة كلها. عام ذاك، شكل لقاء برلين ال70، المرحلة السادسة الأخيرة من"غولدن ليغ". وإذا كانت الإثارة تكمن في"التصفية الذاتية"للمتبارين والمتنافسين على الذهب من خلال تحدي الفوز، وكلما أخفق أحدهم أو تخلف، انحصرت الجائزة بعدد أقل، وبالتالي باتت حصة كل منهم أكبر، فإن عوامل أخرى لا تغري بعضهم، فضلاً عن الإرهاق وكثافة الاستحقاقات، لاسيما في السنوات التي تشهد دورة أولمبية أو بطولة عالم كما هو منتظر هذا الموسم. وعام 2007 استضافت مدينة اوساكا اليابانية"مونديال أم الألعاب"من 25 آب أغسطس وحتى 2 أيلول سبتمبر، وأجريت بعدها ثلاثة لقاءات وصولاً إلى اليوم الموعود في برلين 16 سبتمبر. وشهدت منافسات ألعاب القوى تطوراً كبيراً منذ مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، وأضحت اللقاءات الدولية حلقات تحدٍّ وتعزيز لشهرة الأبطال والبطلات، حيث الجوائز النقدية المغرية التي تتضاعف مرات عدة في حال تمكن أحدهم من تعزيز الرقم القياسي للمناسبة أو تحطيم الرقم العالمي. والجوائز عموماً لا تعتمد"تسعيرة"محددة، معيارها اسم النجم ومحتوى سجله. وبعضهم يشترط مبلغاً محدداً لمجرد حضوره مضافاً إليه مشاركة مجموعة من المتبارين"الذين يدورون في فلكه"، إلى"أرانب"يرفعون من وتيرة السرعة في المسافات المتوسطة والطويلة، مساهمين في بلوغه الأرقام التي ينشدها، وطبعاً الجوائز التي يصوب نحوها. كما أن سمعة اللقاءات وعراقتها تقاس في جانب منها بالأسماء التي تستقطبها والنتائج التي تتحقق على مضاميرها. هكذا يعد المنظمون أمسيات"ملونة"أداء وحضوراً، من ضمنها فقرات فنية استعراضية، كما تدخل هذه المناسبات في البرامج السياحية.