ربما كان الاسم الصحيح لحزب اسرائيل بيتينو بيتنا هو الحزب الفاشي اليهودي، فرئيسه أفيغدور ليبرمان لا يختلف بشيء عن العنصريين الآخرين أمثال بورغ هايدر في النمسا وجان ماري لوبان في فرنسا. وفي حين انني اتفق تماماً مع هذا الرأي فهو ليس لي وإنما سمعته من الصديق الدكتور أحمد الطيبي بعد أن اتصلت به مهنئاً بفوزه بمقعد في الكنيست، ونجاح القاعدة العربية الموحدة في انتزاع أربعة مقاعد، ونجاح القوائم العربية عموماً على رغم انخفاض إقبال العرب الفلسطينيين على التصويت. الدكتور الطيبي تحدث عن صعود اليمين المتطرف في إسرائيل وقال إن ليبرمان أسوأ كثيراً من هايدر ولوبان، فهناك فرق ظاهر ومثير بين الثلاثة لأن السياسيَّيْن الفاشيَّيْن النمسوي والفرنسي وجّها عنصريتهما ضد الأجانب في بلديهما، خصوصاً من المسلمين، في حين أن ليبرمان المهاجر يركز عنصريته على أصحاب البلد الأصليين. وذكّرني الدكتور الطيبي بنقطة مهمة وهو يمضي في مقارنته، فعندما فاز هايدر في الانتخابات النمسوية قاطع المجتمع الدولي وحكومات أوروبا وإسرائيل نفسها الحكومة النمسوية. وعضو الكنيست العربي ذكّر رجال السلك الديبلوماسي الأجنبي في اجتماع معهم بسابقة هايدر وطالب بأن تقاطع الأسرة العالمية أي حكومة اسرائيلية تضم هذا المتطرف. وأتفق مع أخينا أحمد على أن المجموعة الأوروبية ضد العنصرية والفاشية بأنواعها، ولكن عندما تكون العنصرية ضد العرب يبدأ الكيل بمكيالين، ومحاولة إيجاد الأعذار لإسرائيل. ليبرمان فاشستي ممارس وإرهابي محتمل، وهو هدد الدكتور الطيبي علناً بأن على إسرائيل أن تعامله"كما عاملنا حماس في الحرب". وكان قبل ذلك صرح بأن أحمد الطيبي ومحمد بركة أخطر على اسرائيل من خالد مشعل وحسن نصرالله لأنهما يمثلان"عدواً داخلياً". إسرائيل بيتنا ما كان حقق نجاحاً لولا جو الحرب الذي رافق الانتخابات ومخاطبة ليبرمان الغرائز الدنيا عند الاسرائيليين ضد العرب، والنتيجة ان حزباً فاشياً يحتل 15 مقعداً في الكنيست من 120 مقعداً وقد يقرر من يكون رئيس وزراء اسرائيل، إلا إذا نجح شاس 11 مقعداً في ضم الأحزاب الدينية الأخرى في تحالف يصر على استبعاد ليبرمان من الحكومة. أوفايدا يوسف، الزعيم الروحي لشاس، لا يعترض على فاشية ليبرمان ضد العرب، فهو مثله عنصرية ومرضاً، وإنما يعترض على ليبرمان العلماني جداً الذي يطالب بالزواج المدني في وجه المتدينين الغارقين في خرافات توراتية وتاريخ لم يقم يوماً. الدكتور الطيبي لن يزكي ليكود أو كديما لدى الرئيس شمعون بيريز لرئاسة الحكومة الاسرائيلية، فهو لا يجد اختلافاً كبيراً بينهما من قضية السلام، ويرى أن معركة العرب ستكون أصعب في وجه العنصرية المتنامية فحقيقة الأمر انه لم تكن هناك مفاوضات سلام حقيقية وإنما"عملية"سلام قوامها حوار ولقاءات وتصريحات تشعر الحكومة الاسرائيلية بأنها تكفي لإرضاء المجتمع الدولي من دون أن تتنازل عن شيء. نتانياهو لا يريد دولة فلسطينية، ويرفض تقسيم القدس وإزالة المستوطنات والانسحاب من الجولان، إلا أن الدكتور الطيبي لاحظ أنه رئيس الوزراء الوحيد في اسرائيل الذي لم يخض حرباً مع العرب، أما كديما فبدأ بحرب في لبنان وانتهى بحرب على غزة. وتسيبي ليفني لها تصريحات عنصرية ضد الفلسطينيين العرب ورأيها إذا قامت دولة فلسطينية أن يَرحل الفلسطينيون من أصل 1948 اليها من اسرائيل، أو يرحَّلون. ربما قامت في النهاية حكومة وحدة وطنية تضم ليكود وكديما والعمل، غير أن الصعوبة هنا ستكون في من يرأسها، ونتانياهو صرح بأنه يرفض المداورة في رئاسة الوزارة مع ليفني، وهي تقول إن حزبها هو الذي فاز بحصوله على أكبر عدد من المقاعد لأي حزب في الكنيست، 28 مقعداً مقابل 27 مقعداً لليكود. واتفقت مع الدكتور الطيبي تماماً على أن الفلسطينيين سيضيعون كل شيء وينقذون المتطرفين الاسرائيليين إذا استمر الخلاف بينهم والانقسام، وعجزوا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، فالحكومة الاسرائيلية القادمة ستزعم انه لا يوجد شريك سلام فلسطيني. الحكومة الفلسطينية ستكون موضوع هذه الزاوية في يوم قريب. نشر في العدد: 16754 ت.م: 16-02-2009 ص: الأخيرة ط: الرياض