"البيئة" تعلن عن طرح مشروع تحديث دليل المهن والمنشآت البيطرية    قافلة مساعدات مصرية تتجه إلى معبر كرم أبوسالم في طريقها إلى غزة    فريق طبي سعودي يستعد لاستقبال توأم ملتصق من جامايكا    دراسة سعودية: بعض أدوية الطوارئ تحتفظ بجودتها بعد انتهاء الصلاحية    موجة حارة على المنطقة الشرقية    امطار على جتوب المملكة ورياح نشطة على عدة مناطق    إقلاع طائرات بولندية وأخرى تابعة لحلفاء لحماية المجال الجوي    ارتفاع أسعار النفط    دور المملكة الريادي تجاه القضية الفلسطينية امتداد أصيل لمواقفها التاريخية    وزارة الرياضة تُطلق برنامج "حكايا الشباب 2025"    فريق OpTic Texas يحقق لقب بطولة Call of Duty    اعتقال صاحب «السفارة الوهمية» بالهند    وزير الإعلام يبحث مستجدات النقل الإعلامي للمسابقات الرياضية السعودية مع الرئيس التنفيذي ل"SRMG"    محمية الأمير محمد بن سلمان تحتفي بولادة أول"وعلين نوبيين"    بدعم جيسوس.. النصر يخطف" جواو فيليكس"    الفلبيني"كارلو بيادو" يتوج ببطولة العالم للبلياردو 2025    "تاسي" يغلق مرتفعاً    تعكس قوة وتنوع الاقتصاد السعودي.. 9 مليارات ريال فائض تجاري خلال شهر    إحباط تهريب 75,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    إحالة 26 مخالفة لحماية الآثار للجهات المختصة    أحمد العوضي..«علي كلاي» في رمضان    "مانجا للإنتاج" تعزز المحتوي الإبداعي المحلي    عقدت اجتماعها الدوري برئاسة المفتي.. هيئة كبار العلماء تستدعي خبراء لتقديم رؤى متخصصة    بعد أربعة أيام من المواجهات الدامية.. تايلاند وكمبوديا تقتربان من وقف إطلاق النار    مشاورات سورية – إسرائيلية لاحتواء التصعيد    إيقاف مصنع منتجاته تهدد السلامة.. الغذاء والدواء: ضبط 471 منشأة مخالفة وإغلاق 28    عملية تجميل تمنع امرأة من السفر    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. بدء عملية فصل التوأم المُلتصق السوري "سيلين وإيلين" بمستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال في الرياض    بعثة الأخضر للصالات تصل بانكوك للمشاركة في بطولة القارات الدولية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول «وعلين نوبيين»    حالات تستوجب تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة    تفاصيل إصابة فابينيو لاعب الاتحاد    القادسية يستهل المرحلة الثانية من الإعداد في إسبانيا بتواجد الوافدين الجدد    الهلال الأحمر بجازان يُحقق المركز الأول على مستوى فروع المملكة في الاستجابة للحوادث المرورية والبلاغات الطارئة    علي مجرشي يُعلق على تمديد تعاقده مع الأهلي    "حرس الحدود":يقيم معرضًا توعويًا بالسلامة البحرية بمنطقة جازان    "كبار العلماء" تعقد اجتماعها ال(97)    أمير الشرقية يلتقي رئيس مجلس أمناء جامعة عبدالرحمن بن فيصل    22%النمو السنوي لإنتاج الذهب بالسعودية    أمير نجران يدشن مركز الدفاع المدني ومقر محافظة ثار    «إثراء» يختتم مهرجان الصغار بحضور مئة ألف    «المتاحف» تعيد افتتاح متحف قصر المصمك في الرياض    دعوة لتنظيم عالمي عاجل للذكاء الاصطناعي    المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2025    براك بخصوص سلاح حزب الله: الكلمات لا تكفي    المزاد الدولي للصقور يعود في أغسطس بمشاركات قياسية    وزير الخارجية: مؤتمر تنفيذ حل الدولتين يأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام البريطاني بجدة    مختص: استشارة الزوج لزوجته وعي عاطفي لا ضعف في القيادة    أنغام تطمئن جمهورها بعد الشائعة    قصر كوير    ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    نور تضيء منزل الإعلامي نبيل الخالد    تدشين مبادرة "السبت البنفسجي" لذوي الإعاقة    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة النسائية على شاشة "الحرة" . "هن" أخفقن في مناقشة قضية حساسة وشائكة
نشر في الحياة يوم 30 - 03 - 2008

في أقل من خمسين دقيقة، كان على المشاهد أن يستمع إلى أربع أديبات عربيات هن: الروائية السورية سمر يزبك والسعودية سمر المقرن والمصرية ميرال الطحاوي والشاعرة والصحافية اللبنانية جمانة حداد، والى عدد مماثل من المذيعات، هن: بثينة نصر وإيمان الحصري وأسماء بن عثمان وجوليا قصار. ظهرن كلهن في حلقة من برنامج"هنّ"الذي تبثه فضائية"الحرة"لمناقشة إحدى أخطر القضايا في المشهد الثقافي العربي الراهن وأهمها، ألا وهي الكتابة النسائية، والجرأة التي باتت تتحلى بها هذه الكتابة.
إذا تجاوزنا الاستديو والديكور وسواهما من الجوانب الفنية والتقنية، وإذا تجاوزنا الجمهور الذي كان حاضراً، والذي بدا أشبه بقطع الإكسسوار، إذ لم ينبس أحدهم ببنت شفة، ولم نرَ وجه أحدهم في لقطة"كلوز آب"، فالملاحظ أن الحلقة، التي بثت أول من أمس، أخفقت في إضافة شيء جديد وجوهري إلى الموضوع الذي ناقشته. فهذا البرنامج، الذي تقوم طبيعته على حشد عدد كبير من الضيوف، وتقدمه أربع مذيعات، يمكن أن ينجح في الحديث عن التجميل أو الأزياء أو الطبخ أو غيرها من المسائل ذات الوزن الخفيف. أما وقد تصدى البرنامج لمسألة الكتابة النسائية، ولمدى شرعية هذا المصطلح، وللفروق بين هذه الكتابة وتلك التي يكتبها الأدباء الرجال، فإننا لا يمكن أن نتوقع له نجاحاً كبيراً. كل عنوان يتطلب توضيح أبعاده أكثر من برنامج، وكل ضيفة تحتاج إلى ساعات طويلة من الحديث حتى تعبر عن وجهة نظرها بدقة، وعندما حشرن كلهن في برنامج واحد لم يجدن أمامهن، عندئذ، سوى الحديث في العموميات، وبأنصاف جمل عبر أفكار مقتضبة ومبتورة وناقصة، خصوصاً، ان المذيعات كن لهن بالمرصاد، فما إن تسعى إحدى الضيفات لتبيان وجهة نظرها في عجالة، حتى تتدخل إحدى المذيعات وتطرح سؤالاً مقحماً، ترمي بالفكرة، المقبلة على الولادة، إلى مكان بعيد.
اللبنانية جمانة حداد، صاحبة"عودة ليليت"، وانتولوجيا المنتحرين:"سيجيء الموت، وستكون له عيناك"، والعنوان الأجمل"مرايا العابرات في المنام"، اعترضت على أن توصف كتاباتها ب"الجرأة"، فهذه ليست قيمة أدبية على أي حال، وهي غمزت من قناة المذيعات أكثر من مرة، وفي شكل موارب، عندما أخطأن بين كونها روائية أو شاعرة. والسورية سمر يزبك، التي صدرت لها أخيراً رواية"رائحة القرفة"التي تتناول مسألة"السحاق"بين سيدة وخادمتها، قالت ان الكتابة النسائية يُنظر إليها بصفتها مرآة تعكس حال الكاتبة من دون إدراك من القارئ بأن ثمة فصلاً بين الشخصيات التي ترسمها الكاتبة، وبين ما تعيشه هي على أرض الواقع. وكادت صاحبة"طفلة السماء"، وپ"صلصال"أن تصوغ فكرة قيمة عن العلاقة بين الكاتبة، وبين كتاب"ألف ليلة وليلة"، والحكايات التي كانت تسردها شهرزاد على مسامع شهريار لولا أن إحدى المذيعات تدخلت، في اللحظة غير المناسبة، فطارت الفكرة. السعودية سمر المقرن أبدت سعادتها للانتشار الواسع لروايتها"نساء المنكر"، واستعارت من الشاعر السعودي سعد الحميدين قوله ان هذه الرواية"تتوجه إلى القلب والعقل"، وأشادت بالحرية التي باتت تتمتع بها الكاتبة السعودية لجهة الجرأة والمكاشفة، بينما أشارت ميرال الطحاوي، صاحبة"الباذنجانة الزرقاء"وپ"الخباء"، إلى أن التراث العربي حافل بكتابات جريئة، لدرجة أن عقد مقارنة بين ما يكتب اليوم ويصادره الرقيب، وبين ما كان يكتب في الماضي في مجال الجنس والعشق والغرام يكشف أن الرقيب في العالم العربي، حالياً، هو متزمت أكثر مما كان الحال في الماضي.
هي إشارات سريعة جاءت بصورة عابرة، وكان لا بد في برنامج من هذا النوع من أن تتم استضافة احد النقاد العرب المهتمين بهذا الجانب، وهم كثر مثل عبد الله الغذامي أو فيصل دراج أو محمد برادة أو جابر عصفور أو صلاح فضل أو جورج طرابيشي أو سواهم ممن لهم باع في هذا الميدان كما تظهر كتاباتهم، وكان البرنامج فرصة لنقل محتوى تلك الكتابات. كذلك كان يمكن استضافة ناقدات هن الأجدر على توصيف واقع الكتابة النسائية، وشرحه، مثل يسرى مقدم، أو يمنى العيد، أو نوال السعداوي وسواهن ممن مارسن النقد. ومثلما أن الفنان التشكيلي، مثلاً، لا يرغب كثيراً في الحديث عن لوحته وعن معاني الخطوط والألوان والكتل، فإن الكاتب بدوره لا يميل إلى الخوض في نقاشات عما خطه قلمه، فالمبدع ونقصد هنا الأديبات اللواتي تمت استضافتهن لا يستطيع أن يقوِّم نتاجه الأدبي، وليس في وسعه، إن حاول، أن يضيف الكثير. هو يكتب فحسب، وعلى الناقد أن يحلل الظواهر الأدبية، ويشرح آليات السرد، ويعقد المقارنات، ويخلص إلى استنتاجات.
على رغم ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن معد البرنامج كان محقاً لدى اختيار هذه القضية للمناقشة، فهذا الاختيار ينم عن قدرته على التقاط الظواهر المستجدة في الثقافة العربية والتي تستحق النقاش، لكن ما يؤخذ عليه هو انه اختار هذا الموضوع الشائك لبرنامج تتغلب عليه صفة الخفة، والتسلية. من هنا بدا عنوان الحلقة"مغرياً، وجذاباً"، لكن هذا"الإغراء"وتلك"الجاذبية"سرعان ما انطفآ حين اشتعلت أنوار الأستوديو، ورحنا"نسمع جعجعة، ولا نرى طحناً"، وهنا يجب إعفاء الضيفات مما آل إليه البرنامج، فهن كن جديرات بالحديث، وبطرح الآراء، بيد أن المساحة الزمنية كانت ضيقة، واقتصر دور المذيعات على إرباكهن لا على تحريضهن وإتاحة المجال أمامهن للتعبير.
الملاحظ في الفضائيات أنها تحشد مذيعات كثيرات حين تكون برامجها خاصة بالمرأة، وكأنها تريد القول ان أمور"الجنس اللطيف"لا تناقش إلا إذا وضعت في قالب"الثرثرة"، فهذا النعت تلصقه الثقافة العربية بالمرأة من دون تمييز بين"قارئات الفنجان"، وبين النساء المبدعات اللواتي حققن حضوراً محبباً عبر رواياتهن وقصائدهن ونقدهن... قد تكون هذه الآلية التلفزيونية الباحثة عن"الثرثرة، والطراوة، والخفة"، ناجحة في برامج الأبراج والطبخ، لكن حين تخوض الفضائيات في قضايا حساسة، عليها، أن تجتهد لتكون بمستوى تلك الحساسية، وألا تغيب عن ذهن أصحابها تلك المقولة:"لكل مقام مقال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.