تعود اصول الخلافات العراقية - الايرانية، التي ينوي البلدان طيها الآن الى قرون عدة من الصراعات والاحتلالات المتعاقبة والمتبادلة بين"بلاد فارس"و"بلاد ما بين النهرين"وكانت مساحات شاسعة من ايران تحت سيطرة البابليين والآشوريين قبل هيمنة الامبراطورية الفارسية على العراق التي انتهت باحتلال عثماني وانهاء الحكم الصفوي فيه في القرن السادس عشر الميلادي. وظلت مشكلة الحدود عالقة بين البلدين منذ ذلك الحين ولم ينجح 18 اتفاقاً حدودياً في حسمها خلال الفترة بين 1555 و1975. وكانت المصادر البحثية والتوثيقية العراقية اعتبرت ان اهم اسباب الخلاف هو احتلال ايران لمنطقة الاحواز"عرب ستان"الغنية بالنفط وضمها اليها في العام 1925، وبعد مجيء الزعيم عبد الكريم قاسم الى الحكم في العراق 1958 اقدم على اثارة موضوع الاحواز الحدودية من جديد وحاول الاستعانة بالجامعة العربية لإعادة"الاقليم العربي"ودعم الحركات الانفصالية هناك لكن تحركات قاسم تلك لم يكتب لها النجاح. وبعد وصول"حزب البعث"الى السلطة في العام 1968 اعلن ان"الاحواز"جزء من الارض التاريخية للعراق ما رد عليه شاه ايران حينها بدعم الحركات الكردية المتمردة على السلطة المركزية آنذاك حتى العام 1975 عندما تم توقيع اتفاق الجزائر. ونص الاتفاق الذي وقعه نائب رئيس الجمهورية انذاك صدام حسين والشاه محمد رضا بهلوي في العاصمة الجزائر برعاية الرئيس هواري بومدين على اعتراف عراقي ب"ايرانية الاحواز"عبر تحديد خط الحدود بين البلدين ليمر في نقطة القعر في شط العرب مقابل تراجع ايران عن دعم الحركات الكردية. وعند وصول صدام حسين الى الحكم عام 1979 ونجاح الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الخميني انتهت فترة التوافق بين البلدين بحرب ضروس اعاد خلالها صدام حسين احياء قضية"عراقية الاحواز"و"شط العرب"وألغى اتفاق الجزائر. وبعد الاضرار الكبيرة التي تكبدها الطرفان جراء حرب استمرت ثماني سنوات تخللتها معارك طاحنة اسقطت نحو مليوني قتيل من الطرفين، وضعف هذا الرقم من الجرحى والاسرى والمفقودين بالاضافة الى خسائر مالية فادحة قدرت بنحو 100 بليون دولار من الجانب العراقي و 150 بليون دولار من الطرف الايراني، اعلنت ايران موافقتها على انهاء القتال العام 1988. وبقي معظم الخلافات الحدودية على حالها حتى العام 1991 حين وافق العراق على اعادة العمل باتفاق الجزائر 1975 لانشغاله بغزو الكويت ومن ثم حرب الخليج الثانية"عاصفة الصحراء"التي قادتها الولاياتالمتحدة على العراق وخلال الفترة الحصار الاقتصادي منذ 1991 وحتى 2003 حاول العراق استعادة الاسرى العراقيين والطائرات العراقية التي اودعها صدام حسين قبيل الحرب لدى طهران لكن محاولاته تلك فشلت. وبعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 كانت طهران اول من رحب بإسقاط نظام صدام واعلنت تأييدها لمجلس الحكم في العراق الا انها عارضت الاحتلال ووجود القوات الاميركية بجوارها. واتهمت القوات الاميركية واطراف سياسية عراقية ايران خلال السنوات الخمس الماضية بدعم الميليشيات والجماعات المسلحة ومحاولة بسط نفوذها في العراق وسرقة النفط من الحقول الجنوبية. الا ان علاقاتها بقيت جيدة مع معظم الاحزاب العراقية سيما الشيعية منها التي كانت تتخذ من الاراضي الايرانية مكاناً لمعارضة نظام صدام حسين.