تشهد الجامعات والمدارس الرسمية ومعاهد اللغات الكندية منذ بضع سنوات لا سيما في أعقاب أحداث 11 أيلول عام 2001 إقبالاً لافتاً على تعلم اللغة العربية التي أصبحت اليوم إحدى اللغات الشائعة في المرافق العامة والخاصة الى جانب اللغتين الرسميتين الإنكليزية والفرنسية، ما يعني انها إضافة الى دخولها سوق العمل قد"باتت لدى الكنديين حاجة ملحة للتواصل بين الثقافات والحضارات العالمية من جهة ومدخلاً لا غنى عنه لفهم الثقافة السائدة في الشرق الاوسط من جهة ثانية"على حد قول جيمس اريشبلاند المسؤول عن قسم الترجمات العالمية في جامعة ماغيل. ويرى ان"ليس من المنطقي ان تبقى كندا في معزل عن سكان العالم العربي الذين يشكلون اكثر من 300 مليون من دون ان تحظى بمؤسسات تعليمية تخرّج خبراء يتقنون اللغة العربية كوسيلة للتعرف إلى آدابهم وفنونهم وتاريخهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي". منذ خمسة أعوام أقدمت الجامعات الكندية على افتتاح أقسام لتدريس اللغة العربية يشرف عليها اكثر من 40 أستاذاً متخصصاً بقضايا الشرق الاوسط والعالم الاسلامي. وهذا الاهتمام لا يقتصر على الطلاب الكنديين الذين يرون ان لغة الضاد باتت من المكونات الاساسية في ثقافة العولمة وانما ايضاً على الطلاب العرب نحو 65 في المئة المتحدرين من اصول فرانكوفونية وانغلوفونية والذين يحرصون على إبقاء صلة الوصل والتواصل مع جذورهم الثقافية كما يقول استيفان وانتر استاذ تاريخ الشرق الاوسط في جامعة اوكام. ويرى وليد الخشاب أستاذ قسم اللغات الحديثة في جامعة كونكورديا ان ثمة دوافع اخرى لتعلم العربية منها شخصية كتوطيد أواصر الصداقة بين الطلاب الكنديين والعرب، او مهنية كرغبة البعض في الحصول على وظائف ذات طابع دولي سواء في السلك الديبلوماسي أو في منظمات عالمية أو الرغبة في الحصول على عقود عمل في بعض البلدان العربية أو الخدمة في دوائر الامن والهجرة الكندية. كانت جامعة"اوكام"في مونتريال عمدت الى تدريس اللغة العربية. ويعود افتتاح اول قسم فيها الى العام 1997، وتضم اليوم خمسة اقسام تشكل الركيزة الاساسية لتعليم العربية ليس في كندا وحسب وانما في الشمال الاميركي أيضاً. اما جامعة مونتريال فبدأ تدريس العربية فيها في اعقاب احداث 11 أيلول 2001. تقول انجيلا ستنمنتز مديرة اللغات والثقافات الأجنبية. ان عدد الطلاب في القسم العربي تضاعف اكثر من ثلاث مرات، اذ بدأ بنحو 60 طالباً عام 2001 ووصل الى 196 طالباً وطالبة عام 2006. والامر نفسه في جامعة ماغيل أنشئ فيها اقدم معهد للدراسات العربية والاسلامية عام 1952 التي تشهد إقبالاً متزايداً سنة بعد سنة لدرجة"ان الكثر من الطلاب ما زالوا على لوائح الانتظار"، كما تقول كيرستي ماك كينون المسؤولة عن شؤون تسجيل الطلاب. اما جامعة كونكورديا اهم معقل للطلاب العرب والمسلمين، نحو ربع طلابها من بلدان الشرق الاوسط فانها تخصص لدراسة اللغة العربية ونحو 60 في المئة من برامج اللغات وحوالى 40 في المئة من المحاضرات والدراسات الجامعية العليا على مستوى ماجستير ودكتوراه، علماً بأن نسبة التسجيل في هذه الاقسام تزيد سنوياً في زهاء 30 في المئة. وكانت بلدان عربية مثل تونس خصصت للسنة 2007 منحاً دراسية للطلاب الكنديين الراغبين في دراسة اللغة العربية في اي من الجامعات الكندية. وهذه سابقة يؤمل ان تحذو حذوها الدول الاخرى لتعزيز مكانة العربية في المغتربات اقله في اوساط الجيل الناشئ والحيلولة دون تغريبه ثقافياً وفكرياً. اما خارج نطاق الجامعات فاستحدثت وزارة التربية في كيبك برنامج "بيلو"عام 1978 الذي يرمي الى تعليم الاطفال في المرحلة الابتدائية لغة اوطانهم الأم مجاناً تبلغ موازنته السنوية نحو مليوني دولار ويبلغ عدد الطلاب العرب المسجلين فيه زهاء 1500 تلميذ يضاف إليهم مثل هذا العدد تقريباً ممن يتعلمون العربية في نطاق الجمعيات الثقافية والدينية الاغترابية اي ما يعرف بمدارس السبت والاحد فضلاً عن العديد من المعاهد الخاصة التي تعنى بتدريس اللغة العربية للناشئين والبالغين.