بين استمرار الاشتباكات متقطعة في مخيم نهر البارد في الشمال، حيث سعى الجيش الى تطهير المزيد من المواقع التي احتلها، من عناصر حركة"فتح الاسلام"المتشددة تمهيداً لحسم الموقف العسكري حيالها بعدما تراجع مقاتلوها الى وسط المخيم، وبين القلق على إمكان تجدد الصدام بين الجيش ومسلحي"جند الشام"على أطراف مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا الجنوبية، عاش المتابعون للوضع الأمني المتفجر في لبنان مخاوف من إمكان توسع الصدامات المسلحة، لمشاغلة الجيش عن المعركة التي يخوضها مع"فتح الاسلام"وسط الخشية من ان تقدم الجبهة الشعبية - القيادة العامة على فتح معركة ضد الجيش في مناطق أخرى ومنها البقاع راجع ص 7 و8. وليلاً وقع انفجار في منطقة سد البوشرية أمام"سنتر عبد المسيح"وقرب كنيسة مار تقلا، في حافلة كانت متوقفة وخالية من الركاب، لكن 10 جرحى سقطوا بحسب المعلومات الأولية، فيما أصيبت المنطقة بأضرار مادية كبيرة. وهرعت سيارات الدفاع المدني والإسعاف الى المنطقة لمساعدة الجرحى من المحلات وسكان المباني المجاورة. وعلمت"الحياة"ان عبوة ناسفة وُضعت تحت الحافلة وليس في داخلها. في هذا الوقت، أكدت الادارة الأميركية أنها تدرس إرسال المزيد من المساعدات العسكرية للجيش اللبناني في معركته ضد المجموعات المتطرفة، وأنها تبحث مع الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش في نوع المعدات والذخائر المطلوبة. وأشار مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي الى أن الرئيس جورج بوش استعرض التطورات على الساحة اللبنانية مع رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري الذي اتصل به على متن الطائرة الرئاسية خلال توجهه لحضور قمة مجموعة الدول الثماني في برلين. ولم يحدد هادلي ما اذا تم التطرق الى المساعدات الأمنية خلال الاتصال، واكتفى بالقول"أن التعاون مستمر بين الولاياتالمتحدة والجيش اللبناني لتحديد ماهية المساعدات المطلوبة"، مضيفاً أن بعضها تم تسليمه لقيادة الجيش والبعض الآخر"قيد الدرس، وسيتم ارساله في المستقبل". وإذ استنفرت اشتباكات عين الحلوة أول من أمس الاتصالات اللبنانية - الفلسطينية، والاجتماعات الفلسطينية - الفلسطينية لمحاولة ضبط الوضع هناك، تراجعت حدة الاشتباكات في مخيم نهر البارد باستثناء قصف عنيف من مدافع الجيش الثقيلة على المنطقة الوسطى في المخيم حيث يُعتقد ان مسلحي"فتح الاسلام"تحصّنوا، بعد 3 أيام من المعارك العنيفة والتحام"مغاوير"الجيش النخبة مع مقاتلي المجموعة المتشددة. وعمل فوج الهندسة في الجيش على تفكيك الألغام والعبوات المفخخة التي خلفها مقاتلو"فتح الاسلام"في المواقع التي تقدم الجنود اليها، وخصوصاً في موقعي الخان والتعاونية، اللذين كان يتحصن فيهما المقاتلون. كما عمدت قواته الخاصة الى تطهير هذه المواقع وتمشيطها، تمهيداً لمواصلة هجومه على هؤلاء في المواقع التي تراجعوا نحوها وخصوصاً في موقع صامد والتي أفادت المعلومات انها تشمل أحد المساجد في قلب المخيم حيث مارسوا من مئذنته أعمال القنص على وحدات الجيش المتقدمة، فيما امتنع الجيش عن الرد عليهم في هذا الموقع. وأفادت المعلومات الرسمية ان الجيش يحصن مواقع في الجهتين الشمالية والشرقية من المخيم ويشاغل مقاتلي"فتح الاسلام"بالقصف في الجهة الغربية لشل حركتهم وتشتيت من تبقى منهم. وأتاح تراجع الاشتباكات نجاح الهلال الأحمر الفلسطيني، من الجهة الجنوبية من المخيم في إخلاء أحد الجرحى ومريضين وعشر نساء. وأخضعت القوى الأمنية 3 رجال خرجوا أيضاً، للتحقيق، فيما أفادت معلومات"الحياة"ان شقيق أحد المسؤولين العسكريين ل"فتح الاسلام"استسلم للجيش. وكان الجيش نعى ثلاثة من جنوده سقطوا في الجنوب والشمال. وعلمت"الحياة"ان اثنين منهما سقطا نتيجة إطلاق النار من"جند الشام"على الوحدات المتمركزة عند مدخل عين الحلوة، والثالث من مخيم نهر البارد. وفيما أحصت وكالة"فرانس برس"سقوط 108 قتلى منذ بدء المواجهات في نهر البارد في 20 أيار مايو الماضي، بينهم 45 شهيداً للجيش و41 قتيلاً من"فتح الاسلام"، ومقتل 17 مدنياً وفق أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية العميد سلطان أبو العينين، فإن الاتصالات السياسية شهدت دخول"الجماعة الاسلامية"في لبنان على خط التوسط لايجاد حل لقضية مخيم البارد. وأعلن رئيس مكتبها السياسي علي الشيخ عمار بعد لقائه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان الحل الذي تقترحه"الجماعة"يقوم على تسليم عناصر"فتح الاسلام"أنفسهم الى القضاء ليلقوا محاكمة عادلة بضمانة السنيورة وبوجود شهود من الدول العربية والمجتمع الدولي. وفيما عزز الجيش مواقع حول نهر البارد وحول مخيم عين الحلوة بعد اشتباكات الامس، تلاحقت الاجتماعات واللقاءات في صيدا وداخل المخيم لضمان عدم تكرار اطلاق النار من"جند الشام"على الجيش، خصوصاً ان هذا أدى الى تهجير زهاء 250 عائلة من منطقة التعمير فضلاً عن سقوط 11 جريحاً بين المدنيين جراء الاشتباك مع الجيش، اضافة الى سقوط قتيل ل"جند الشام"تردد ايضاً انهما قتيلان. وعقد اجتماع في صيدا في حضور ممثلي الاحزاب اللبنانية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتحالف القوى الفلسطينية والاسلامية التي هي خارج المنظمة، وأصدر المجتمعون بياناً دانوا فيه الاعتداء على الجيش ودعوا الى وأد الفتنة والى معالجة سريعة لما يجري في مخيم نهر البارد من خلال وضع حد نهائي ل"فتح الاسلام". وشكل رجال الدين في صيدا لجنة لمتابعة الموقف، وأعلنت النائب بهية الحريري بعد زيارة وفد من الفصائل الفلسطينية المختلفة لها، انها تبلغت من لجنة مصغرة بتفاهم الفصائل على تشكيل قوة أمنية تتولى ضبط عناصر"جند الشام"في عين الحلوة والحؤول دون اعتدائها على الجيش. وعلم ان عناصر التنظيمات الفلسطينية الاسلامية، أي مسلحين في عصبة الانصار و"أنصار الله"و"الحركة الاسلامية المجاهدة"، سينتشرون في منطقة التعمير حيث"جند الشام"فيما تتولى المنظمات الأخرى الانتشار في مناطق المخيم الأخرى لضبط الامن. وردت الحريري على الاتهامات التي وجّهت اليها بأنها ترعى مجموعة"جند الشام"بالقول إنها من ضمن الحملات والاشاعات التي تحاول النيل من صدقيتها. وذكرت بأن دخول الجيش اللبناني قبل أسابيع منطقة تعمير عين الحلوة تم بدفع كلفة لمنظمة التحرير للمساهمة في نقل جند الشام من ثكنة كانوا فيها..."وهذا الأمر تم بمعرفة الجميع". وترأس السنيورة بعد ظهر امس اجتماعاً لهيئة الاغاثة الحكومية من أجل البحث في الاضرار التي لحقت بمخيم نهر البارد الشمالي، والتحضير لمباشرة الكشف عليها فور توقف المعارك تمهيداً لاعادة بناء كل ما تهدم. وعلى الصعيد السياسي الداخلي دعا رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الى"وقفة موحدة خلف الجيش بعيداً من الخلافات السياسية العنيفة..."وإذ امتدح جنبلاط دعوة مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي الى تنظيم العلاقات اللبنانية ? الفلسطينية، وان"حركة التحريض من بعض الاحزاب في حين يخوض الجيش معركة وجود وفي حين كاد الشمال يفلت من سلطة الدولة...". وعلّق نائب الأمين العام ل"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم في كلمة، على مبادرة زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري الخميس الماضي حينما أعلن استعداده للقاء الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ورئيس البرلمان نبيه بري والعماد ميشال عون لتجديد الحوار ومن ضمنه إقامة حكومة وحدة وطنية، فقال:"لا نسمع من المبادرة إلا كلمة لطيفة لا تترجم باجراء عملي". وأضاف قاسم:"خذوا هذه المبادرة. ونحن ننتظر من الفريق الحاكم ان يوافق على حكومة وحدة وطنية فيها شراكة حقيقية واذا كان اعلان عن قبول حكومة وحدة وطنية فنحن حاضرون لنبدأ بالآليات ونطرح المشاكل والهواجس في اطار هذه الحكومة ومصير الرئاسة هو حكومة الوحدة الوطنية ومن دونها ستصلون الأكثرية الى وقت لا انتخابات رئاسية". وفيما كان قاسم يلقي كلمته كان الحريري يلقي كلمة أمام وفد من عائلات بيروت، قال فيها ان يده"لا تزال ممدودة للحوار على رغم بعض المواقف التي وردت في الصحف". وأضاف:"نحن نؤمن بالحوار والتواصل لحل جميع المشاكل القائمة، وقلبنا مفتوح وأنا انتظر جواباً واضحاً ومباشراً على دعوتي لأن لا سبيل لحل المشاكل والخروج من الازمة الحالية الا من خلال التقارب وطرح الامور على الطاولة". وتابع:"واجهنا تحديات عدة خلال السنتين الماضيتين ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستطعنا منع إثارة الفتنة ومواجهة الاغتيالات والتفجيرات والاعتصامات والآن نتصدى لفتنة نهر البارد ونقف بثبات وقوة وراء الجيش اللبناني الذي يخوض معركة الدفاع عن أمن لبنان واستقلاله والحفاظ على السيادة الوطنية". من جهة ثانية، أعلن النائب عن الطائفة العلوية في كتلة"المستقبل"النيابية، في عكار الشمال مصطفى علي حسين عن انسحابه من حركة 14 آذار ودعا الى قيام كتلة نيابية مستقلة"للجم التحريض المذهبي والطائفي". وصدر بيان عن نواب عكار اعتبروا ان زميلهم تعرض لضغوط. والى دمشق، وصل امس وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما في زيارة مخصصة لبحث الوضع في لبنان، ومن المقرر ان يستقبله الرئيس بشار الاسد اليوم بعد محادثات مع نظيره السوري وليد المعلم.