أمام واجهة إحدى شركات الألبسة في سوق "الشعلان" وسط العاصمة السورية، يقف بسام متأملاً قميصاً جذبته ألوانه وعلامته التجارية المشهورة. فكر بسام بمدى ملائمة سعر القميص الذي بقي مرتفعاً بعد الحسم، مع قدرة جيبه الشرائية. لكنه ما إن تذكر أن زميله في الكلية لفت الأنظار إليه من خلال معطف ارتداه الشتاء الماضي، حتى قرر شراء القميص، وتأخير تسديد فاتورة هاتفه النقال الى يوم آخر. ومن بين شريحة شبابٍ تزعم أن "الجودة والحرفية وملائمة الذوق هي التي تتحكم بخيارات التسوق"، لا يخفي بسام، وهو طالب اقتصاد سنة ثانية، أن"العلامة التجارية الشهيرة هي أول ما يشد الشباب خلال التسوق". وبرأي بسام فإن"جو الجامعة يشجع اقتناء الثياب من الماركات العالمية، فمعظم الطلاب يتباهون باستعراض ما لديهم من بضائع ذات علامة تجارية اجنبية بدءاً من الملابس وصولاً إلى أجهزة الهواتف والحواسب النقالة". وعلى رغم اعتراضها على المبدأ توافق هدى وهي طالبة أدب انكليزي سنة ثالثة زميلها:"البيئة الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً في تشجيع انقياد الشباب وراء العلامات التجارية المشهورة على ارتفاع ثمنها". وتضيف:"شقيقي الذي لا يزال تلميذاً في المرحلة الثانوية يرهق موازنة العائلة بإنفاقه المال على ما هو غالٍ ومعروف". وتصف حالة شقيقها وأمثاله بأن لديهم"هوس الماركات". وتعتقد هدى أن الحد الطبيعي للتسوق يكون حين تعجبك بالفعل قطعة ما وتكون ضرورية وبسعر معقول. إلا أن مايا 18 سنة فيكفيها الشرط الأول أي أن تعجبها القطعة لتشتريها"أحب التسوق واعتدت شراء ما يعجبني من أفضل العلامات التجارية المعروفة عالمياً". وتتابع الشابة:"هناك أنواع لا تتواجد في الأسواق السورية، لذا أطلبها من خارج البلد أو انتظر ليسافر أحد أفراد أسرتي ويحضرها لي". وعائلة مايا التي عودت ابنتها على شراء بضائع تحمل علامات تجارية معينة، لا ترفض طلباً لابنة يبدو الدلال واضحاً عليها. غير أن هشام 23 سنة لا يحبذ التسوق المرتبط بعلامة تجارية شهيرة ويعتبر أن"الشراء من محل ما لمجرد اسمه يعبر عن قلة وعي المستهلك"، لكن ينصاع لرغبة صديقته ويشتري الهدايا لها من علامات تجارية ذاع صيتها، مبرراً التناقض بين رأيه وسلوكه بالقول:"للأسف صديقتي تحب المظاهر لذا أضطر أن أتسوق لأجلها من هذه المحال غالية الثمن". من جانبها تفضل أماني 24 سنة شراء ملابسها من علامات تجارية مشهورة لكن في نهاية الموسم حين يصل الحسم على البضائع إلى 70 في المئة!