حين نظر إلى ملابسه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، أيقن أنه لم يعد يختلف كثيراً عن أخته التي كان يسخر منها بسبب ملاحقتها العلامات التجارية."الشماغ"الذي يعد زياً وطنياً سعودياً، لم يعد وطنياً"خالصاً"مع شركة"دنهل"، نظاراته التي يلبسها من شركة"ليند بيرغ"، قلمه الفاخر من"شيروتي"وثوبه"الوطني"أيضاً من شركة"ريتشي"، الساعة التي تطوق معصمه، سويسرية من شركة"موفادو"حتى حذاؤه حرص أن يكون من ماركة معروفة، لذا اختاره ألمانياً من"ميرل". تساءل حينها، ماذا لو اكتشفت أختي هذا"الهوس"الذي شننت عليها ذات يوم حرباً بسببه؟ حمى العلامات التجارية امتدت إلى الشباب الذكور أيضاً، في شكل لا يقل عنه عند الفتيات. وشهدت السنتان الأخيرتان إقبالاً شبابياً لافتاً على الشركات ذات السمعة العالمية، لدرجة أن اسم الشركة قد يطغى أحياناً على نوعية اللباس الذي قد يختاره الشاب ويدفع ثمناً باهظاً له. يؤكد سعيد محمد الذي يعمل في أحد محال الملابس أن إقبال الشباب على ارتداء الملابس من الشركات الشهيرة لم يكن كذلك قبل سنوات قليلة، مشيراً إلى أنه كان يحاول في السابق تسويق بضاعته من خلال اسم الشركة المنتجة، لكنه يقابل بالإجابة الاعتيادية من جميع الشباب" وإذا كان من شركة مشهورة؟ ما الفائدة؟ لسنا فتيات حتى نقتنع بهذا الكلام". لكن الأمر بحسب سعيد الذي يعمل في سوق الملابس منذ 12 سنة لم يعد كذلك، فالإقبال على"الماركة"بدأ يسابق شكل اللباس والألوان حتى، وصار يكفي لتصريف البضاعة أن تحمل تلك القطعة الصغيرة المتدلية من طرف اللباس. ولا يقتصر إقبال الشباب على العلامات الشهيرة على ذوي الدخل المرتفع فقط، إذ تنشط المحال التجارية التي تبيع ماركات شهيرة بأسعار زهيدة، نظراً الى توفيرها موديلات أقدم، أو بسبب عيب مصنعي بسيط في القطعة أو النظارة أو الحذاء أيضاً. وهذه المحال يقبل عليها الشباب من ذوي الدخول المخفوضة والمتوسطة أحياناً، فالمهم هنا الحصول على أسماء شركات شهيرة وإن بسعر زهيد. وإذا اشترك الشبان والفتيات في الاهتمام باللباس والعطور والنظارات الشمسية، فإن لكل فئة خصوصياتها التي تفهمها الشركات جيداً. لا يستطيع عدد من الشباب أن يكتفي بمجرد مشغل صوتيات بميزات عالية، الأهم أن يكون من طراز"i pod"ذي الشكل المتميز، حتى يكون شاباً"مودرن"، كما أن الحصول على هاتف محمول أو اثنين لم يعد شيئاً مميزاً، من المهم جداً أن يكون من شركة"نوكيا"ومن فئة"N"على وجه التحديد، أو هاتف I mate- K jam وأن تتدلى السماعات من أذني الشباب حتى يعرف زملاؤه نوعية الهاتف المخفي في جيبه. إذا كنت تمتلك سيارة صنعت عام 2006 فإنك لا تبدو متميزاً بين زملائك، الأهم اسم الشركة المصنعة والعلامة التي تنتصب في مقدمة السيارة. ويؤكد حامد عبد الله 24 عاماً أن عدداً من الشباب يفضل شراء سيارة مستعملة منذ سنوات عدة من شركة شهيرة، على شراء سيارة جديدة ومتينة من شركة غير شهيرة. فالأولى لا تحتاج سوى بضعة إكسسوارات وقليل من التلميع، لتبدو جديدة، في حين تبقى الثانية مغمورة. نظرات الاستغراب التي بدت على عيني سعود وخالد أثناء سيرهما في أحد الطرق السريعة لم تنطفئ إلا بعد توقفهما عند إشارة المرور، إذا شاهدا سيارة"غريبة الأطوار"بدت مقدمتها وكأنها سيارة مرسيدس بنز الألمانية في حين بدا وسط السيارة ومقاعدها وكأنها سيارة كورية. لم يفهما ما الذي حصل بالضبط! لكن كل ما في الأمر أن مالك السيارة الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره حاول تغيير شكل سيارته الكورية لتبدو وكأنها ألمانية،"حتى تسرق الأبصار"كما قال، فعمد إلى إضافة قطع، وتكبير أخرى حتى صارت سيارة هجينة لا تعجب سوى صاحبها. الذين تجاوزوا مرحلة الشباب أيضاً ليسوا بريئين من هوس"الماركات"فلكل عمر"ماركاته"كما يقول صالح ذو الأربعين عاماً، مؤكداً أن الاهتمام بالشركة المصنعة ليس عيباً وليس هوساً فالشركات الشهيرة لم تصل إلى تلك الشهرة إلا لمتانة تصنيعها أو تميز مصنوعاتها عن الآخرين، العيب في نظر صالح أن يكون الاهتمام باسم الشركة على حساب المنتج.