مدينة صغيرة حالمة تقع في وسط المجر على يسار نهر الدانوب وبالقرب منه، كتب عليها الجمع بين النقيضين: الشهرة العالمية، والتجاهل المحلي. فهي وإن كانت منطقة سكنية قديمة، سكنها البشر قبل أكثر من ألفي سنة، فقد ظلت صغيرة لم تتطور مثل غيرها من المدن القديمة. إذ يبلغ عدد سكانها اليوم 17800 نسمة فقط. وكان عدد السكان في فترة الإحتلال العثماني وما بعده بضع مئات فحسب، بعد أن كانت مركزاً دينياً مهماً منذ قيام الدولة المجرية حيث انشأت فيها سنة 1002 ميلادية ثاني اسقفية في البلاد بعد اسقفية مدينة بيتش. عرفت المدينة آنذاك بزراعة الحبوب والذرة والكروم، ولم تتطور زراعة الفلفل الأحمر المستعمل في التوابل والمعروف بالبابريكا إلا فيما بين الحربين العالميتين، وطافت شهرة هذه الفلفل المطحون أنحاء العالم لتصبح كالوتشا من أهم منتجيه. واشتهرت صناعة التطريز الشعبية اليدوية خلال تلك الفترة أيضاً بسبب تنوع ألوان الزهور الجميلة الممتلئة التي تتميز بها الفنون التقليدية الشعبية في هذه المنطقة. والكاتدرائية وقصر الأسقف من أهم أبنية المدينة، ويشكلان بالإضافة إلى باقي الأبنية الكنسية التابعة للأسقفية المركز التاريخي. وقد شيد القصرسنة 1776 على أسس قلعة قديمة. وبني دير تأهيل القساوسة السميناريوم الكبير بين 1760-1767 على طراز الباروك، وقد تحول اليوم إلى مركز ثقافي. ويقع متحف البابريكا إلى جواره. ويربط بين السميناريوم الصغير والثانوية اليسوعية جسر ظريف وشهير. وقد درس في هذه الثانوية عدد من المشاهير، بينهم أساقفة مثل أوتّوكار بروهاسكا 1858-1927 وهو من كبار المفكرين الكاثوليك الذين أثاروا عاصفة من النقاشات، وآوريل شتاين 1862-1843 المستكشف المجري الذي تجول في مجاهل أفريقيا، وكونو كليبلسبرغ 1875-1931 وزير الثقافة بين 1922-1931. متحف البابريكا تعرض في هذا المتحف المثير عملية إنتاج تابل الفلفل الأحمر المطحون المعروف في اللغة المجرية بأسم بابريكا Paprika ومنها اشتق اسم هذا الصنف، والمكائن المستعملة لتهيئته وطحنه وتأريخ هذا التابل الذي دخل المجر بين 1538-1548 على يد الأتراك العثمانيين، بعد أن كان الأسبان أحضروه من موطنه الأصلي في المكسيك وأميركا الجنوبية. ومنذ ذلك الحين أصبح علامة مميزة من علامات المجريين. وقد تأسس المتحف سنة 1977 بالتعاون بين معمل كالوتشا لإنتاج المعلبات والفلفل والمتحف الزراعي المجري. وهناك نوعان رئيسان من البابريكا: الحلو والحاد، وينتج الحلو بإزالة العروق والبذور من الفلفل قبل طحنه. وتشتهر منطقة سَغَد في شرقي المجر كذلك بإنتاج أفخر أنواع البابريكا. وهذا الفلفل هو نتاج جهد طويل لتحسين أفضل السلالات، وتطوير أساليب زراعتها وتصنيع التابل، وهذا - علاوة على عاملي المناخ والتربة - ما يعطيه صفاته المميزة المتمثلة برائحته الخاصة وطعمه المميز، وبغنى المنتوج الحاد منه بمادة كابسايتسين التي تسبب الطعم الحاد، ولونه الغامق الأحمر القاني أو الأحمر الناري. ويطحن الفلف الأحمر الناضج والمجفف إلى مسحوق ناعم أقل من نصف ملّيمتر. وتذوب الصبغة الحمراء الطبيعية والمواد الحاوية على الطعم وزيوت الفلفل في الزيوت والشحوم، وكذلك المواد المهيجة الحادة المتمثلة بالكابسايتسين التي تساعد على الهضم. وينبغي استعمال كمية كبيرة من البابريكا للحصول على أفضل النتائج. متحف كاروي فيشكي متحف للتراث الشعبي والطبيعة المحلية في منطقة كالوتشا، وقد بدأت المقتنيات تتجمع منذ العام 1932 عندما عرضت للمرة الأولى في ممرات بناية البلدية، من دون أن يكون للمتحف مبنى خاص به. وأخيراً، وبعد محاولات عدة للحصول على بناية خاصة. انتقلت المجموعة سنة 1971 إلى بناية كانت مدرسة للمدينة شيدت سنة 1886. ويضم عشرة مجاميع مختلفة عدد مقتنياتها 24 ألفاً، أهمها مجموعة الأحجار والمعادن، ومجموعة العمل المعدنية والمسكوكات 11 ألف مسكوكة، وأثمنها وأكثرها أهمية مجموعة من نوادر الملابس الشعبية والمشغولات اليدوية المطرزة التي يعود أقدمها إلى منتصف القرن التاسع عشر. علاوة على ذلك يوجد بعض اللقى الأثرية القديمة التي تعود إلى عصور الإستيطان المجري بعد نهاية القرن التاسع الميلادي وما قبله، ويحتفظ المتحف كذلك ب15 ألف وثيقة و21 ألف صورة. بيت الفنون الشعبية بيت فلاحي قديم سقفه من القصب حفظ بشكل جيد، أُثث بأثاث عتيق أصلي وأصبح يستعمل كبيت للتراث الشعبي منذ سنة 1963، وأهم ما تتميز به مدينة كالوتشا من الفنون الشعبية هو التطريز، وأكثر الأشكال المستعملة الزهور، وبالخصوص الزنابق والجوري الورد الدمشقي والقرنفل، وزهور برية مستوطنة في المجر. وتطرز هذه الورود الصغيرة والكبيرة في لوحة متكاملة متناظرة عادة وبألوان يصل عددها اليوم إلى 27 لوناً، يغلب عليها الأحمر والأبيض والأزرق والأسود. غير أن التطريز بهذا العدد من الألوان لم ينتشر إلا بعد عشرينيات القرن الماضي، وكانت الألوان السائدة في السابق الأبيض والأسود، ثم أضيف إليهما الأحمر والأزرق في نهاية القرن التاسع عشر. وتطرز الملابس الشعبية وتنقش الأواني الخزفية وقطع الأثاث الخشبية بهذه الأشكال، وترسم كذلك على الجدران، وهي عادة غير منتشرة كثيراً خارج منطقة كالوتشا. متحف ميكلوش شُفَّر وهو فنان تشكيلي من أبناء المدينة هاجر إلى الغرب مبكراً وعرف هناك بأسم نيكولا شُفَّر. تميز بأنه أول من مزج بين اللون والضوء والحركة والصوت في أعماله، وباستخدام السيبَرنَتيك كيبرنتيكا. تأسس المتحف في 1980 ويضم 47 عملاً من أعمال شُفَّر ابدعها من 1939 حتى وفاته في فرنسا سنة 1992، من أهمها أعماله كرونوس 8 وهو تشكيل طوله 27 متراً، وكرونوس 1 و5. ويزين أحد أعماله السيبرنتيكية المسمى برج الأضواء ساحة من ساحات المدينة. وتقام في المدينة مهرجانات ونشاطات فنية كثيرة، من أهمها تلك المتعلقة بالفنون الشعبية كالموسيقى والرقص الشعبيين. وللمدينة فرقة الوردة الحمراء للرقص الشعبي أعضاؤها من الهواة يهتمون بتجميع تراث الرقص في منطقتهم والحفاظ عليه، شأنها شأن عدد من المدن المجرية الأخرى. وسيقام المهرجان الخامس عشر لفرق الرقص الشعبي في مدينة كالوتشا يوم 22 حزيران يونيو 2007. أما المهرجان السنوي المعنون"أيام الفلفل"فسيقام بين 9 - 22 أيلول سبتمبر.