إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    أبها يتغلب على الاتحاد بثلاثية في دوري روشن وينعش آماله في البقاء    المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    بعد نحو شهر من حادثة سير.. وفاة نجل البرهان في تركيا    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    قصة القضاء والقدر    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة "التعرف إلى النظام السياسي" في دولة "الشوكولا والمصارف" ... والكانتونات زاخرة بالمفارقات اللبنانية الطريفة . مئة وخمسون سنة تفصل "سويسرا الشرق" عن "الكونفيديرالية السويسرية"
نشر في الحياة يوم 09 - 10 - 2007

قفزت المقارنات والمفارقات التي لا تخلو من الطرافة أحياناً، بين لبنان وسويسرا، الى الصدارة، في رحلة"التعرّف الى النظام السياسي السويسري"، التي نظمتها السفارة السويسرية في بيروت لعدد من الصحافيين اللبنانيين الى بضعة كانتونات سويسرية للاطلاع على كيفية عمل المؤسسات فيها وفي السلطة الكونفيديرالية المركزية، مطلع أيلول سبتمبر الماضي.
ولم يكن الأمر مستغرباً، فالتشبيه بين"الاتحاد السويسري"وبين"الجمهورية اللبنانية"، على رغم الاختلافات الكبيرة بين"التجربتين"، كان وراء الدعوة نفسها. فالسفير السويسري في بيروت فرنسوا باراس، وجد أن اللبنانيين يكثرون من ترداد تلك العبارة الشائعة في صفوفهم منذ ستينات القرن الماضي، عن"لبنان سويسرا الشرق"، وأنهم في الوقت ذاته لا يعرفون سويسرا جيداً، ولا مكونات مجتمعها.
واهتم باراس لفكرة التعريف بالنظام السويسري مع وزارة الخارجية في جنيف، لمناسبة رعايتها حواراً بين الفرقاء المتصارعين في لبنان قبل أشهر عقدت 3 ندوات في سياقه، على أن تعقد جولة جديدة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، في محاولة لتقريب وجهات النظر بينهم وتشجيعهم على تسوية، لأن"المعادلة السحرية"في المجتمع السويسري المتعدد والمتنوع المشارب والانتماءات الدينية، والجنسيات واللغات، هي التسوية للاختلافات، عبر الديموقراطية، على قاعدة احترام خصوصيات كل أقلية.
واللبنانيون، أو معظم الذين التقاهم ويلتقيهم الديبلوماسيون السويسريون يميلون الى المقارنة والتشبيه، غير واعين الفروق الكبيرة بين البلدين، شأنهم شأن الكثير من أوساط الرأي العام حول العالم التي تقتصر معرفتها بالاتحاد، على أقانيم ثلاثة، هي أنه بلد الشوكولا الفاخر واللذيذ، والمصارف، والسياحة. وأحياناً يستبدل بعضهم السياحة بصناعة الأجراس باعتبارها من ميزات سويسرا أو أنه بلد الحليب.
وإذا كان في لبنان بعض من أوجه الأقانيم الثلاثة التي تسمح بالتشبيه بين البلدين، فإن كثيرين من المسؤولين السويسريين الذين التقاهم الوفد الإعلامي، وسبق أن زاروا لبنان أو مكثوا فيه بضع سنوات، لا يمانعون في التشبيه بين البلدين بالحديث عن اشتراكهما في مبدأ التعايش بين الأديان، والمصارف، والسياحة. إذ أن لبنان يتمتع بذلك الطقس الجميل الذي يتيح"التزلج في أعالي الجبال قبل الظهر والنزول الى البحر بعد الظهر". إلا أن المسؤولين والأكاديميين الذين التقاهم الوفد الإعلامي اللبناني أشاروا الى أقانيم التعريف بسويسرا بالحديث عن التنوع الديني واللغوي والجغرافي، التسوية الدائمة بين المكونات المتعددة عبر الديموقراطية، والحياد في السياسة الخارجية الذي يتحول من سلبي الى إيجابي في بعض الحالات، وحين ترى سويسرا مصلحة لها في التعاطي الوثيق مع بعض الأزمات الدولية.
وفي جولة الإعلاميين اللبنانيين التي دامت 4 أيام وشملت 4 كانتونات من أصل 26 كانتوناً ونصف كانتون يتشكل منها الاتحاد، فرضت"الإسقاطات"اللبنانية نفسها على المداولات. وهي اسقاطات غالباً ما استدرجت ابتسامة المحدِّث السويسري، فضلاً عن أنها استنفرت بعض السخرية السوداء من بعض الزملاء اللبنانيين.
من المفارقات، على أنواعها، أن في البلد الذي مساحته أكثر من 4 أضعاف مساحة لبنان، وعدد سكانه لا يتجاوز ضعفي عدد اللبنانيين، الدستور الذي كرّس وقف الحروب الأهلية التي دامت 7 قرون، ونشأ في العام 1848، أي قبل زهاء قرن ونصف قرن. وهي السنة التي بدأت فيها الحروب الأهلية اللبنانية الكبرى في التاريخ اللبناني المتوسط المدى بين الموارنة والدروز. هم أنهوا حروبهم عندما بدأناها، قال أحد الزملاء ساخراً.
لم تخلُ زيارة الوفد الإعلامي اللبناني الى موقع جدي تاريخي وثقافي، هو"المتحف الدولي للإصلاح"، خلال المحطة الأولى السريعة من الرحلة، في جنيف. فالمتحف الذي أنشئ قبل سنوات يضم المعالم التاريخية للثورة الإصلاحية في كنف المسيحية التي قادها الفرنسي جان كلفان، والبريطاني مارتن لوثر وأنتجت البروتستانتية. يؤرخ المتحف، عبر رسوم قديمة وأخرى حديثة مع مجسمات للحقبة ويضم تماثيل ونسخاً من الإنجيل مخطوطة وعن كتابات ومراحل حياة كلفان، وفترة هجرة الثوار الإصلاحيين وقادتهم، من فرنسا خصوصاً، والدول المحيطة الى جنيف، الديموقراطية منذ قرون، هرباً من الاضطهاد الديني والكاثوليكي. وهو يستعيد مراحل الحروب التي حكمت سويسرا بين الكاثوليك والبروتستانت. أسهبت مديرة المتحف إيزابيل غرايلسلي، ومعها المؤرخ والقاضي المتخصص بالبروتستانتية الدكتور برنار لسكاز في شرح معالم المتحف وارتباطها بكل مرحلة تاريخية. لمعت عينا أحدنا فتنهد وقال:"لقد وضعوا حروبهم الأهلية، الطائفية في المتحف. نحن في لبنان لم نبدأ بها بعد أو على وشك أن نبدأ بعدما اندلعت في العراق بين السنّة والشيعة...".
ومن باب السخرية السوداء، كان الأكثر طرافة بين المفارقات ما حصل حين شرح الدكتور يورغ ستوسي لوتربرغ مدير المكتبة العسكرية الفيديرالية، على عشاء في منزل السفير اللبناني في برن حسين رمال، عملية دمج الميليشيات التابعة للكانتونات السويسرية في جيش فيديرالي. وهي آلية طويلة وتاريخية بدأت نهاية القرن الثامن عشر لكنها تحققت فعلياً في النصف الثاني من القرن الذي تبعه. سأل أحدنا وفي ذهنه ما يجري في لبنان:"ماذا لو رفضت ميليشيا كانتون معيّن الاندماج بالجيش الفيديرالي؟". فأجاب لوتربرغ:"حصل ذلك، لكننا مارسنا الإقناع والاستناد الى القانون وكان المسؤولون يشرحون فوائد الاندماج. وفي النهاية كانت السلطة الفيديرالية تلجأ الى وضعهم في السجن". واستدرج السؤال اللبناني والجواب السويسري محاولة"إسقاط"أخرى للتجربة اللبنانية، على التجربة السويسرية فسأل أحدنا من المتعاطفين مع المعارضة:"ماذا لو أن ميليشيا ما أرادت مواصلة القتال مع محتل ما للبلاد ورفضت فئة أخرى من الشعب محاربة الغزاة؟". استبق زميل آخر قريب من الأكثرية اللبنانية الجواب السويسري بمزحة إذ قال:"نضع هذه الفئة من الشعب في السجن...". وضحك من سمع المزحة. لكن الدكتور لوتربرغ أجاب عن السؤال بجدية أكثر:"التجربة أثبتت إننا إما نحارب جميعاً وإما إننا لن ننجح"وعلى هذا المبدأ تقوم فلسفة الدفاع السويسرية بحسبها كل مواطن محارب يخضع للتدريب ويطلب إليه حمل السلاح وتلبية النداء عندما تطلقه من السلطة الفيديرالية وقيادة الجيش...
لقد وفّرت الاسقاطات اللبنانية على التجربة السويسرية بعض المقارنات التي أدخلت شيئاً من التمرين الفكري الى الوفد اللبناني. وفهم المسؤولون السويسريون والأساتذة الجامعيون، الذين استمعوا إليها المقصود منها لأن بعضهم عرف لبنان، أو يتهيأ لزيارته من أجل إلقاء محاضرات تعرّف بالنظام السويسري. وهي إسقاطات قادت بعضنا الى الاستنتاج ان اللبنانيين بعيدون ما لا يقل عن قرن ونصف قرن عن التسوية التي توصل اليها السويسريون. إلا أن المقاربة التي يحرص عليها السفير في بيروت، باراس، تستبعد الاسقاطات اللبنانية. فهو يقول ان صفحة الحروب الدينية بين البروتستانت والكاثوليك طويت ولا تعرف بلاده منها الآن إلا بعض السجالات السياسية.
ويضيف باراس:"لكل بلد تجربة خاصة. وسويسرا طوّرت نظاماً قد لا يتسنى تطبيقه في أي بلد. ليست لدينا النية لنجعل سويسرا مثالاً للبنان لأن هذا مستحيل. فهي مؤلفة من 4 مجموعات، ومجموعات دينية ومن 26 كانتوناً ونصف كانتون داخل بلد صغير... تعلمنا خلال قرون أن نتحكم بهذا التنوع. وقد تفتح التجربة السويسرية آفاقاً للبنانيين من أجل حل مشاكل معينة. سمعت من الصحافيين اللبنانيين خلال الرحلة أن قوتنا في التوافق لأن نظامنا قائم على التوافق واحترام الآخر، بعد حروب بين البروتستانت والكاثوليك وبين الريف والمدن... وعندما أرى الناس لا يتخاطبون في لبنان أشعر بالخطر. سويسرا كانت موقع الصراع بين الدول الأوروبية المجاورة وشهدنا صراعاً دينياً لكننا تنبهنا الى أن هذا الصراع كان سيقضي علينا نهائياً، وطبقنا قول أحد مفكرينا الذي أصبح لاحقاً قديساً: إذا أردت أن تبني سويسرا إبدأ ببناء سور حول حديقتك. نرى أن اللبنانيين يتطلعون شرقاً وغرباً وليس الى بلدهم".
ويضيف السفير باراس:"في سويسرا لا نعتبر أن هناك أقلية وأكثرية. السويسريون الناطقون بالفرنسية يمثلون 20 في المئة من الشعب ولا يعتبرون أنفسهم أقلية. وهذا ينطبق على السويسريين الناطقين باللغتين الإيطالية والروماندية، يجب ألا تعتبر أي فئة من اللبنانيين نفسها مهددة من الآخر بل أن تكون محمية من الآخر".
مما سمعه الوفد من باراس وجميع من التقاهم في الرحلة يمكن المرء أن يطرح المفارقة الآتية: السويسريون كانوا منقسمين على مدى قرون ووحّدهم النظام الفيديرالي. اللبنانيون ظلوا موحدين على رغم حروبهم، في نظامهم السياسي المركزي. فهل يوحدهم نظام آخر أم ان الأمر لا يكمن في هذه المعضلة؟ فإن مجرد طرح هذه المفارقة دليل الى المسافة الزمنية بين البلدين.
التنوع فرض نهج التسوية لأنه قائم على اللغة لا الطائفية
بين جنيف، العاصمة"الدولية"لسويسرا التي تنافس نيويورك وفيينا على جذب المنظمات الدولية وغير الحكومية في العالم وبرن العاصمة السياسية والكونفيديرالية للاتحاد الكونفيديرالي وزوريخ العاصمة التجارية وبال مدينة الصناعات، يشعّ التاريخ السويسري المعقد بسبب التنوع الاثني واللغوي والديني، الذي سبب حروباً من القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، تداخلت معها الحروب بين الفلاحين الريف والمدن.
التنقل بين المدن الأربع يتيح الاطلاع على تاريخ نشوء الكونفيديرالية، لكن التعرف يبقى ناقصاً إذا لم يشمل كانتونات أخرى من أجل الاطلاع على عمق الانقسامات وكيفية معالجتها وآلية النظام القائم.
مدينة جنيف تميزت بديموقراطيتها حتى إبان الانقسام السويسري في القرون السابقة، ولذلك كان يقال عنها إنه يصعب حكمها، قياساً الى برن الارستقراطية الحكم مثلاً. فهي محاطة بمقاطعة السافوا الفرنسية من معظم الجهات. وتأثرت بالثورة الفرنسية عام 1789، لكن هذا جاء بعد أن تحولت جنيف منذ القرن السادس عشر الى روما البروتستانتية تدريجاً لأنها احتضنت البروتستانت الهاربين من الاضطهاد الديني. كانت جنيف نتيجة الاختلاط السباقة في الديموقراطية، على رغم أن هذا التحول أبقى على العائلات هي الحاكمة، مع أن انتخاب مجلس الحكم في هذا الكانتون كان ينتخب من الشعب، بعد أن كان في عام 1538 يسمح بالتصويت فقط للبروتستانت.
حقق كانتون جنيف فصل الدين عن الدولة في عام 1907، أي بعد 10 سنوات على هذا الفصل في فرنسا. وبقاء العلاقة بين الدين والدولة في معظم الكانتونات الأخرى لم يمنع أن تبقى المؤسسات في تلك الكانتونات علمانية.
مع غلبة الفرنسية والبروتستانتية في جنيف، تغلبت الكاثوليكية مع الفرنسية في الكانتون المجاور لكانتون جنيف أي فريبورغ.
ويقول الدكتور جوزف دايس، من فريبورغ والذي شغل منصب رئيس الكونفيديرالية السويسرية سابقاً، أن الكانتون لا يشهد تقدماً في اللغة الألمانية، على رغم أن الحل الذي تم اعتماده في الكانتونات من أجل انفتاح المجموعات على بعضها بعضاً هو التعليم اللغوي المزدوج، اختياراً."لكن عدم الإقبال على الألمانية عندنا يسمح بالقول مزاحاً ان السويسريين يتوافقون في ما بينهم لأنهم لا يفهمون بعضهم بعضاً". وهذا الانطباع ينطبق على ملاحظة للسفير باراس يقول فيها أن في سويسرا 4 محطات تلفزة رئيسة تنطق أساساً بالألمانية، لا تتوانى أحياناً عن تأجيج مشاعر التفرقة بين السويسريين، لكن آثار التحريض الذي تمارسه شبه منعدم، بسبب عدم فهم معظم الناطقين بالفرنسية والإيطالية والرومنشية لما تقوله.
ويضيف دايس على ذلك قوله في ما يخص الفروقات الدينية التي كانت سابقاً سبباً للحروب:"ان الكاثوليكية، الغالبة في فريبورغ، لا تشهد تمسكاً بها عند مواطني الكانتون لسبب بسيط. فقد انخفض الالتزام الديني بين الناس وباتوا يذهبون أقل الى قداس يوم الأحد ولم يعودوا يمارسون الطقوس الدينية كالسابق، على رغم أن فريبورغ هي مسقط الجامعة الكاثوليكية في العالم".
شاء البروفسور توماس فلاينر المتخصص في النظام الفيديرالي، أن يشرح لنا النظام السويسري المؤلف من الكومونات في كل كانتون 2721 كومونة في سويسرا و26 كانتوناً ونصف الكانتون والمجلسين التشريعيين الكونفيديراليين والحكومة الكونفيديرالية. والمحكمة العليا الفيديرالية، وكيف تعمل في مقر"المجلس الكبير"السلطة التشريعية لكانتون فريبورغ، الذي يعود الى عام 1775.
ويقول فلاينر أن الكانتونات هي التي تعطي السلطات للكونفيديرالية التي تعنى بالسياسة الخارجية والدفاع الجيش والشرطة الفيديرالية والتعليم العالي والإداري، والنقل العام الطرقات الدولي والاقتصاد الوطني والمالية الفيديرالية، والضمان الاجتماعي، الصحة والمستشفيات، أي أنها تهتم بما لا تهتم به حكومات الكانتونات.
ويشير الى أن قوانين منح الجنسية في كل كانتون تختلف عنها في الكانتون الآخر، وفي بعضها يمنحها البرلمان وفي البعض الآخر تمنحها الحكومة. أما الضرائب فهي على 3 مستويات: الكومونة والكانتون والفيديرالية.
ويضيف:"لقد مكّن النظام الكونفيديرالي من جمع سويسرا من دون إلغاء الكانتون بعد قرون من الحروب بين الكانتونات الكاثوليكية المدعومة من دول تدين بالولاء الديني نفسه، والكانتونات الليبرالية البروتستانتية المدعومة من الثورة الفرنسية... أما الآن فإن قانون الانتخاب النسبي الذي ينتج 110 نواب لبرلمان فريبورغ موزعين على خمس كتل حزبية هي: الديموقراطيون المسيحيون، الاشتراكيون، الراديكاليون، ديموقراطيو الوسط وتحالف يسار الوسط، فإنه لا ينص على التمثيل الطائفي".
وفيما شكل دمج الكانتونات في أواسط القرن 19 خطوة كبرى على رغم أن الكانتونات الناطقة بالألمانية غير متحمسة لذلك فإن جميع من التقاهم الوفد الإعلامي اللبناني أكدوا أنه لولا النظام الكونفيديرالي السويسري لكان خطر وقوع الحرب الأهلية بقي جاثماً.
ويقول فلاينر الذي يعرف عن لبنان انه إذا كان النظام سويسري جعل التنوع مصدر تقدم فإنه يسبب مشكلة في لبنان. وما هو تنوع في سويسرا يعود الى طبيعة الأرض انتماء مناطق الى لغات وجنسيات مختلفة فيما التنوع في لبنان يعود الى الطوائف. والفارق على أساس اللغة يغلب في سويسرا. فدستور عام 1848 منع التحالفات بين الكانتونات وبين الدول الأخرى وحال دون أن تعقد معاهدات مستقلة عسكرية وغيرها عن الدولة الكونفيديرالية إلا إذا كانت تقنية. ويعطي فلاينر مثلاً على احترام التنوع بالإشارة الى أنه حين انفصلت منطقة جورا الفرنسية عن كانتون برن وباتت نصف كانتون، فإن جزءاً من أحياء المنطقة وشوارعها فضل البقاء مع برن.
ويضيف:"ان وحدة سويسرا لم تقم على أساس نظام المساواة الفرنسي والذي نشأ في القرن الثامن عشر بل على أساس وحدة ضمن التنوع نص عليها دستور 1848 على الأسس الآتية:
- الأخذ بالتباينات الثقافية في شكل جدي باحترام الاختلافات وضمان اللغات للنائب في البرلمان الحق بأن يتحدث بلغته حتى لو لم تكن لغة الغالبية في الكانتون وأن تتم ترجمة كلامه.
- ان سويسرا وطن الأقليات: الأكثرية في مكان هي أقلية في كانتون آخر ما يعني أن لكل مجموعة هوية تراها هي لسويسرا، مختلفة عن هوية الأخر.
- ان سويسرا أمة مركبة لا تتطابق مع مفهوم الدولة الأمة، الواحدة والموحدة. فالمادة الأولى من الدستور تنص على أن الكونفيديرالية السويسرية تتألف من شعوب الكانتونات. ولم نشأ خلط الثقافات ومزجها فأدى ذلك الى الحفاظ على الدولة والأمة معاً.
- حل النزاعات والحروب الدينية والاثنية بعد مئات السنوات، بإعلان الحرية الدينية على المستوى الكونفدرالي، ومثلاً في عام 1866 فرض الفرنسيون احترام الدين اليهودي والآن هناك نقاش حول بعض جوانب الدين الاسلامي كيف وأين يسمح ببناء المآذن في المساجد... لكن تأثير رجال الدين سياسياً محدود جداً ويوضح فلاينر:"كانت سويسرا كونفيديرالية كانتونات قبل مجيء نابوليون في القرن الثامن عشر فسعى الى توحيدها في أمة واحدة فرفض السويسريون ذلك واعتبر نابوليون ان سويسرا بلد غير قابل للحكم، ثم اضطر ان يوافق على فدرلة البلاد في عام 1802، ثم أقام السويسريون بعد عهده وانسحاب قواته 1804 النظام الفيديرالي تدريجاً، بالتناغم مع تأثرهم بالليبرالية الفرنسية، انطلاقاً من كانتون جنيف. وهم توصلوا الى القناعة بقيام نظام فيديرالي على أساس التنوع والتسوية بين المجموعات المختلفة استناداً الى الديموقراطية، بعدما سئموا الحروب، وبعدما اقتنعت الدول المجاورة لسويسرا بوجوب حياديتها فأسهمت بوقف حروبها التي مزقت أوروبا". لكن فلاينر لاحظ انه لو تنبّه الاميركيون الى عامل التنوع في العراق، لربما كانوا تجنبوا ما يجرى هناك الآن.
في لقاءات أخرى للوفد مع مسؤولين ومفكرين واختصاصيين تكرر الحديث مرات عدة عن أن السويسريين توصلوا الى قناعة بوجوب اعتماد التسوية في كل شيء نظراً الى أن الحروب أنهكتهم، فإرادة البقاء معاً من دون نزاعات مسلحة غلبت لديهم.
في زيارة الى مؤسسة أوروبا التي نشأت من أجل درس الفروقات والجوامع المشتركة مع الدول الأوروبية ولتعريف السويسريين الى الوحدة الأوروبية بعدما رفضوا في استفتاء، الاندماج بها، قال البروفسور جورج كرايس أن بناء سويسرا المتماسكة استند الى أساس متين هو الجيش السويسري إذ ان هذا الجيش كان قوياً على مستوى الكانتونات والمستوى الفيديرالي.
ويقول كرايس، الذي يلقي غداً محاضرة في الجامعة الأميركية في بيروت في إطار سلسلة محاضرات تنظمها السفارة السويسرية تحت عنوان"فهم سويسرا: ممارسة التنوع والوحدة"، أن الجيش"كان مدرسة وطنية، بعد أن تعرضنا الى هزائم وحروب عدة". ويرى أن بناء جيش قوي مهم جداً بالنسبة الى لبنان. لكنه أضاف بأن سويسرا كانت تمتلك مع توحدها وسائل أخرى منها تقدم التعليم فيها.
وفي شرحه أسباب الحرب بين الكاثوليك والبروتستانت قال كرايس ان سويسرا الكاثوليكية كانت متخلفة ومحافظة فيما كانت سويسرا البروتستانتية متقدمة ومتطورة واقتصادها أفضل. والتسوية التي توصلنا اليه جاءت نتيجة قناعة بأننا لم نرد إهانة المهزومين في الحرب لأن المهزوم اليوم هو شريك الغد. لكنه استدرك قائلاً بعد ان استمع الى أسئلة عدة فيها إسقاطات الوضع اللبناني على سويسرا:"لا يمكن سويسرا أن تفيدكم كثيراً إذا أردنا المقارنة. فنظامكم له مقاييس دقيقة أخرى. سويسرا كان يتم تمثيل مجلس الحكم الوطني فيها على أساس توزيع طائفي 6 للبروتستانت وواحد للكاثوليك وهذا تغير تدريجاً وبات توزيع السلطة على أساس الكتل والأحزاب 2+2+2+1 والانقسامات على أساس الدين واللغة تحصل فيها تقاطعات، لأن هناك شريحة وسطية في المؤسسات السياسية تنشأ على أساس الخيارات السياسية تكون عابرة للانقسامات الدينية واللغوية، ويرى كرايس أنه"لولا اعتماد مبدأ الحيادية في سويسرا لكانت كل مجموعة ذهبت في هذا الاتجاه أو ذاك، وهذه الدولة أو تلك. فالحيادية تخفف من مركزية الخيارات السياسية. وبمعنى آخر، لكان إذا أراد فريق الانضمام الى شمال إيطاليا لكان أهالي برن اهتموا بالذهاب الى ألمانيا... أن اعتماد الحيادية جاء نتيجة الواقعية والمصالح المشتركة، في وقت كان من مصلحة أوروبا أن تكون سويسرا حيادية. وأنا لا أعرف ما إذا كان من مصلحة إسرائيل وسورية أن يكون لبنان حيادياً".
لكن كرايس لفت الى علاقة التطورات الاقتصادية في نشوء الانقسامات في القرون القديمة ثم التسوية: البروتستانتية جاءت نتيجة تطور الاستثمارات والصناعات. ثم عند التسوية لم يشأ البروتستانت ترك الكاثوليك. والانفصال عنهم. كما أن الكاثوليك الموجودين في سويسرا الآن لا يمارسون كاثوليكيتهم كما يمارسها الكاثوليك الألمان مثلاً... كما هو الفرق بين كاثوليك أوروبا وكاثوليك أميركا اللاتينية.
في بال مدينة الصناعات هي الأخرى، شرح لنا المسؤولون في البرلمان كيفية إدارة النزاعات والفروق، في الكانتون الأصغر في الكونفيديرالية. فالكانتون الذي يخوض منافسة مع مدن أخرى عالمية في الصناعة، جعل الجزء الريفي منه ضعيفاً فطلب سكان بال كومبانيي الانفصال عن بال المدينة وتحقق لهم ذلك في استفتاء شعبي، نظراً الى رفضهم الخضوع لضرائب الجزء التقني من الكانتون الذي يرتب عليهم أعباء لا تتناسب مع مداخيلهم، من جهة، ولأنهم يدفعون حالياً ثمن الاختناق السكاني في بال المدينة.
في السنوات الماضية سعت ادارة بال المدينة الى إيجاد جوامع مشتركة بنفس طويل، من أجل إعادة الدمج في كانتون واحد، لكن تجاوز سبب الانقسام الاقتصادي، والنفسي يتطلب وقتاً كبيراً فاعتمد مسؤول بال المدينة سياسة النفس الطويل، بهدف إعادة التوازن الاقتصادي والإنمائي فبدأ التعاون عبر بناء مستشفيات وجامعات مشتركة... وهو ما يعتبره المعنيون محاولة لإنشاء مصالح مشتركة تسمح بالتقارب ثم إعادة الدمج، مع الوقت.
الكونفيديرالية... والاستفتاء الشعبي
بينما تتشكل المجالس التمثيلية في الكانتونات على قاعدة النسبة الى عدد السكان، والحكومات المحلية من 5 الى 9 مسؤولين يتم انتخابهم كل 4 سنوات على ان ينتخب رئيس الحكومة السلطة التنفيذية مرة كل سنة دوره هو ترجيح الكفة عند التصويت، إذا جاء متعادلاً فإن السلطة الفيديرالية تقوم على المبادئ نفسها وهي تتألف كالآتي:
1- البرلمان يتشكل من غرفتين ينتخب اعضاؤهما من الشعب مباشرة وفقاً لعدد سكان الكانتون.
- المجلس الوطني: يتألف من 200 عضو ينتدبون من الكانتونات وفق عدد سكان كل كانتون. وهو الغرفة الدنيا.
- مجلس الدول الكانتونات يتألف من 46 عضواً، يمثلون 26 كانتوناً نصف الكانتون يحق له بنائب واحد، فيما الكانتونات الكاملة ممثلة بنائبين. الغرفة العليا.
2- الحكومة: تتألف من 7 أعضاء ينتخبون من المجلسين النيابيين مجتمعيْن لمدة 4 سنوات. وينتخب رئيس الحكومة لسنة واحدة.
3- المحكمة العليا وتتألف من 38 قاضياً و19 إضافيين، تتفرع منها محكمة جزائية وأخرى إدارية.
وفي موازاة السلطة الفيديرالية ينص الدستور في إطار الديموقراطية المباشرة من الشعب على حق الحكومة في عرض أحد القوانين بعد إقراره"ضمن السلطة التشريعية على التصويت الشعبي، وحق"المبادرة الشعبية"إذ يحق للمواطنين إذا جمعوا 100 ألف توقيع طلب تعديل الدستور. كما ينص على الاستفتاء. ويحق ل 50 ألف مواطن إذا وقعوا عريضة ان يطلبوا استفتاء شعبياً في مواضيع محددة. ويشكل الاستفتاء وسيلة لإبطاء أي قوانين من أجل إعادة التصويت عليها.
وتقول رئيسة البرلمان الفيديرالي كريستين أوبريست انه"إذا كنت في بلد فيه 4 لغات وانتماءات دينية عدة فإن عدم الانتباه إلى ضرورات الشراكة يسبب مشكلة ويجب إيجاد تسويات دائمة بين المجموعات، ولذلك فإن الرئيس يتغير كل سنة فتشارك الأحزاب والكتل والمناطق كلها في السلطة مداورة".
وكيف توفقون بين الديموقراطية التوافقية وبين منطق الأكثرية والأقلية؟ تقول أوبريست:"في نهاية المطاف تفوز الأكثرية لكن الأمر يتطلب أكثرية المجلسين. إذا فشلنا تؤلف لجنة منهما بالتساوي لتحسم الأمر وإذا تعذر ذلك بالتصويت 3 مرات يسقط القانون المقترح".
وتشير إلى ان تعديل الدستور يتطلب إضافة إلى غالبية المجلسين، استفتاء شعبياً، يتفوق على رأي المجلسين.
وأوضحت ان النظام السويسري معقد ومتشابك، خصوصاً ان الحكومة تقوم على الدوام على تمثيل الأكثرية والمعارضة وهذا يطرح على الدوام تحدي إيجاد الأكثرية حول قضية ما.
الحياد يستوجب جيشاً قوياً
مفهوم الجيش القوي بالنسبة الى السويسريين يتلازم مع مفهوم الحيادية، ففي كل قرن واجهت سويسرا حروباً بين جيرانها وصولاً الى الحرب الألمانية - الفرنسية عام 1870، مروراً بغزو بونابرت لأراضيها.
ويقول الدكتور يورغ ستوسي لوتربرغ مدير المكتبة العسكرية الفيديرالية انه منذ 1793 كانت القناعة لدى السويسريين بأن على سويسرا ان تحتفظ بجيش مخيف لخصومها، فواجهت تحدي بناء المؤسسات الفيديرالية والجيش بعد انسحاب بونابرت حيث كان لكل كانتون جيشه وميليشياه. ومع آخر حرب أهلية في عام 1447 قبل عام من الدستور المعمول به حتى الآن دخلت التجربة مرحلة توحيد الجيش تحت السلطة الكونفيديرالية في شكل جدي. وكانت الحروب المتعاقبة أدت الى نشوء جيوش يؤدي اتحادها الى قيام جيش قوي أكثر من أهمية البلد من زاوية المساحة وعدد السكان.
ويقول لوتربرغ ان الجيش الفيديرالي نشأ في عام 1874 في شكل واضح بعد توحيد جيوش الكانتونات، تحت السلطة الكونفيديرالية المركزية. وتم احترام خصوصية جيش الكانتون باحتفاظه بعلمه اضافة الى العلم السويسري، لكن التسليح والتدريب والامرة، تعود الى السلطة الكونفيديرالية، بعد ان كانت انشئت مدرسة حربية مركزية.
وكان من التحديات البارزة لدى هذا الجيش هو عدم التورط في الحرب العالمية الثانية مثلاً. وأقفلت سويسرا بجيشها طريق انتقال الصلب والفحم الالمانيين عبر أراضيها الى أماكن انتشار الجيش الألماني منعاً لاستغلال أراضيها.
ساهم الحفاظ على جيوش ميليشيات الكانتونات في ظل الامرة الفيديرالية في نشوء الشعور القومي، لأنه استند الى مبدأ الجيش الشعبي. فكل مواطن يحتفظ بسلاحه تحت سريره، يخضع للتدريب الدوري، بعد ان ينهي خدمته العسكرية الالزامية وينتقل الى الحياة العملية، على السلاح كي يتذكر طريقة استخدامه. ويحتفظ كل مواطن في منزله، مع السلاح بدفتر خدمة، في مغلف مختوم، من القيادة العسكرية، يفتحه اذا سمع نداء الى الخدمة من الاذاعة او وسائل الإعلام، فيعرف الجبهة التي عليه التوجه اليها من اجل المساهمة في مهمته العسكرية بحسب النداء والإنذار الموجهين اليه هناك اللون الأحمر واللون الأصفر الذي يحدد كل منها مهمته وفق دفتر الخدمة العسكرية خلال 12 او 24 ساعة. أما السلاح الذي يحتفظ به في منزله فهو بندقية مع علبة ذخيرة من 24 طلقة او ممشطين. يقوم هذا الاسلوب على فلسفة اشتراك الشعب كله في الدفاع عن البلاد، بالتناغم مع الحكومة والعمل الديبلوماسي.
ويقوم الجيش المتفرغ والمحترف، ببناء تحصينات في عدد من المناطق، وفقاً للتطورات وتقدم وسائل المواجهة على الصعيد العسكري العالمي.
وزار الوفد الإعلامي في منطقة بال منطقة تحصينات من الاسمنت والخنادق أقيمت قريباً من الحدود الألمانية في منتصف الثمانينات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.