الدكتوراه الفخرية العيسى    توفير دائرة البحث لمستخدمي iPhone    الكويت.. ضبط أحد أفراد الأسرة الحاكمة لزراعته الماريجوانا    النزوح الفلسطيني يرتفع مع توغل إسرائيل في رفح    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    235 ألف ممرض مسجل في السعودية خلال 2030    أمير المدينة يتفقد مركز الترحيب واستقبال الحجاج    17 عرضا ومضاعفات لمرضى السكري    17.5 ألف قرار إداري ل"الجوازات" في شوال    واجهات تجارية ل6 مطارات سعودية    تعزيز حضور الأفلام السعودية بالمحافل العالمية    القنصل العام في لوس أنجلوس والملحق الثقافي في أمريكا يزوران الطلبة المشاركين في آيسف    مساجد وجوامع تحاكي هويّة مناطق المملكة    أوراكل لتوفير ضيافة رقمية بمنتجعات البحر الأحمر    الفريق اليحيى: تدشين صالة مبادرة "طريق مكة" بمطار جناح الدولي في باكستان لإنهاء إجراءات المستفيدين بيسر وسهولة    الحضور شرط تجديد الجواز قبل 6 أشهر من انتهائه    محمد نور: غاياردو طرد لاعب الاتحاد    أمير جازان يرعى مراسم اتفاقية تعاون بين مديرية السجون وجمعية التوعية بأضرار المخدرات بالمنطقة    صراع الفوز باللقب يتواصل في الدوري الإنجليزي حتى الجولة الأخيرة    ناشئو الطائرة للآسيوية بالعلامة الكاملة    «التجارة»: بعض أصوات ناخبي غرفة الرياض «غير نظامية»    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل سفير كازاخستان المعين لدى المملكة    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    وزير الصحة يلتقي سفير جمهورية جيبوتي لدى المملكة    استكمال السوق العربية المشتركة للكهرباء خلال 13 عاما بعد موافقة 22 دولة    يوليو المقبل.. إطلاق خدمة حماية الأجور لرواتب العمالة المنزلية    تخصيص خطبة الجمعة للتوعية بأنظمة وإرشادات الحج    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران توقّع مذكرة تفاهم مع جامعة نجران    الغيلاني وطاشكندي يحوزان جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية    النيابة: إيقاف مواطن احتال على ضحاياه بالاستيلاء على مجوهراتهم    القبض على 3 أشخاص لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    النفط والذهب يتراجعان    محافظ الأحساء يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    الشؤون الدينية تعزز من خططها الاستباقية لموسم حج 1445ه    تدمير أسلحة أوكرانية.. كييف تقر بتقدم روسيا في خاركيف    غيابات الهلال أمام النصر في ديربي الرياض    سيفول رحمات: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    إبادة بيئية    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تي تي" ذات الفراشة من حقيبتي المدرسية ... الى بيتي الزوجي !
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 2012

هذه الپ"تي شيرت" الغريبة تربطني بها علاقة حب - كراهية من نوع خاص، لونها غريب وموديلها اغرب، اما مقاسها فما عاد يمت إليّ بصلة.
كل من يراها يصفها بكلمة تزيد من تمسكي بها:"غريبة""مزرية"،"من مخلفات الحرب العالمية الأولى"،"سخيفة"، ولكن الصفة الأفظع هي"مسخرة"! ولعل هذه الصفة الاخيرة هي التي جعلتني اتراجع في اللحظة الحاسمة عن قرار اعدامها وإحالتها على التقاعد لتقوم في المطبخ بمهمة ازالة البقع والاوساخ من على الأرض.
رآها زوجي وأنا أحملها بين تل الملابس الصيفية خلال المهمة الموسمية في رفع ملابس الشتاء الى اعلى الخزانة وإحلال ملابس الصيف مكانها. منذ تزوجنا وهو يرى هذا المشهد يتكرر: أحمل الپ"تي شيرت"ذات اللون البرتقالي الفاقع المزركشة بالزهور الحمر والخضر والبيض ونحلة بلاستيكية مثبتة على اكبر زهرة فيها كنوع من اضفاء الاحساس بالطبيعة. وفي نهاية الموسم، أعيدها الى حيث كانت سابقاً الى أن كان هذا العام الذي أصر فيه زوجي على ان يطلع على كنزي الثمين.
انتهز فرصة خروجي من الغرفة، وفعلها، عدت الى الغرفة على صوت ضحكه الهستيري، كان مستلقياً على ظهره وممسكاً ببطنه الذي بدأ يؤلمه لفرط الضحك والپ"تي شيرت"الحبيبة ملقاة الى جانبه على الأرض. وبعد دقائق من هذا المشهد الهزلي سألته عن سبب ضحكه فقال وهو يجفف دموعه"إيه المسخرة دي؟"، فهمت قصده، ولكني تظاهرت بالغباء وعدم الفهم حتى أعطي نفسي بعض الوقت لأدافع عن احدى أعز مقتنياتي، وقلت بلهجة تحفز يشوبها الهجوم"مش فاهمة". فأمسك بالپ"تي شيرت"وقال ساخراً:"دي عبارة عن ايه بالضبط؟ والنحلة دي محنطة ولا متصبرة؟".
خطفت الپ"تي شيرت"من يده وشعرت بتأنيب ضمير فظيع لانني كنت قررت ان اتخلص منها بعد ثلاثة عقود كاملة امضيناها معاً، كانت خلالها نعم الصديقة، لم تشك أو تتململ حتى حين اهنتها اهانة بالغة وجعلت"روكي"الكلب يرتديها في الشتاء. كنت بعد طفلة في السابعة من عمري حين ابتاعتها لي والدتي مكافأة لي على تفوقي في الصف الثاني الابتدائي، وهو التفوق الذي تزامن وخضوعي لعملية جراحية لإزالة اللوزتين، كانت والدتي تعلم مدى عشقي للألوان الفوسفورية الفاقعة، كما كنت اميل الى كل ما هو غريب في الملابس ظناً مني أنه الأجمل.
لن أنسى اللحظة التي افقت فيها من تأثير المخدر وشعرت بأن منطقة الفم والحلق التصقت ببعضها وانني لن استطيع ان افتح فمي مجدداً. كان الألم شديداً وعدم القدرة على الصراخ اشد، خصوصاً أن الممرضة وقفت خلفي قابضة على يدي تحاول دس كوب من الليموناضة في فمي، وانا ارفس في كل مكان. وفجأة دخلت والدتي وفتحت حقيبتها واخرجت الپ"تي شيرت"بسرعة وبدأت النحلة البلاستيكية المثبتة على احدى الزهرات ترفرف بجناحيها بفعل الهواء الذي تحرك في الغرفة فجأة. حدثت المعجزة وفتحت فمي فرحة فسارعت الى دس الليموناضة في حلقي، وبغض النظر عن ما حدث بعد ذلك من قيء شديد، الا انني احتفظت بالپ"تي- شيرت"التي لم تفارقني منذ ذلك اليوم. كنت ارتديها نهاراً، وأغسلها ليلاً قبل أن آوي الى الفراش كي تجف حين أصحو، حتى أنني كنت أضعها في حقيبتي المدرسية بين الكتب ظناً مني ان الفراشة ستشعر بوحشة ان تركتها وحيدة. وفي الشتاء ابتدعت موضة ارتداء قميص بكم طويل أسفلها حتى لا تشعر بأن وجودها في حياتي موقت. والأدهي أنني منحتها اسماً حتى لا تشعر بأنها اقل من بقية أفراد الأسرة، فأسميتها"تي تي". واحتفظت"تي تي"باسمها حتى بعدما كبرت وبدأت انحشر في داخلها، ولكني قاومت الزمن ومعه التعليقات السخيفة التي كنت اسمعها في الشارع.
لكن هرمونات النمو عاندتني واستمر نموي اكثر الى أن استحال حشري في داخلها، فأحيلت الى المعاش المبكر. لكن ذلك لم يمنعني من معاملتها أفضل معالمة، فشهدت احلى ذكريات الطفولة، وشقاوات المراهقة، حتى أني أحضرتها معي الى بيتي الزوجي!
والآن، وكلما تذكرت وصف زوجي لها بأنها"مسخرة"اشعر برغبة دفينة في افتعال مشاجرة.
لذا ستظل"تي تي"في خزانة ملابسي معززة مكرمة على رغم حقد الحاقدين وفي يوم ما قد تعرف طريقها الى خزانة ابنتي أو حفيدتي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.