على رغم الخطة الامنية، التي تطبقها الحكومة العراقية منذ اكثر من شهر، باتت الميليشيات الشيعية والمجموعات المسلحة السنية تفرض قوانينها الخاصة في الاحياء التي تتمتع بنفوذ فيها في العاصمة العراقيةبغداد. واصبحت العراقية تخشى من يوم لا تستطيع فيه الخروج من المنزل! وتقول صحافية شيعية، تقيم في حي الشعب شمال العاصمة الذي تسيطر عليه ميليشيا جيش المهدي التابعة لحركة مقتدى الصدر، ان اصحاب المحلات في المنطقة حذروها من انه لن يسمح ل"السافرات"بالسير في الشوارع بعد اليوم. وتضيف"اضطررت لارتداء الحجاب ولم اعد اسير في الشوارع واستعين دائماً باحد اقربائي لينقلني بسيارته الى مكان عملي". وتتعرض النساء لضغوط من اجل ارتداء الحجاب في حين انهن كن ترتدين من دون اي خوف الملابس التي كانت تروق لهن ابان حكم صدام حسين. واقر الرئيس العراقي جلال طالباني بأن الحكومة العراقية بحاجة الى مساعدة الولاياتالمتحدة للتصدي للمتطرفين الاسلاميين ولمرتكبي الجرائم. وقال السفير الاميركي زلماي خليل زاد ل"فرانس برس"ان"الطائفية والارهاب اللذين يمارسان باسم الاصولية الاسلامية، يشكلان اكبر تحد في العراق". ورفض معظم الاشخاص، الذين تحدثت اليهم"فرانس برس"ذكر اسماء عائلاتهم خوفاً من ان يتعرضوا لأذى. ولا تكتفي منى 37 سنة بارتداء الحجاب بل تضع ايضاً عباءة اثناء توجهها الى مقر عملها في المنطقة الخضراء التي تضم مقر قيادة القوات الاميركية ومقر البرلمان ورئاسة الوزراء وعدداً من المؤسسات الرسمية. ومع ذلك فهي تنتمي الى عائلة سنية غير متشددة تسكن في حي مختلط في منطقة الرصافة التي بات جيش المهدي يتمتع بنفوذ واسع في اجزاء كبيرة منها. وعندما تصل منى الى المنطقة الخضراء تكشف عن شعرها وتخلع العباءة، التي ترتدي تحتها جينز وقميصا بألوان زاهية وتعترف بأنها"تخشى ان يأتي يوم لا تستطيع فيه العراقيات الخروج من بيوتهن". وفي حي العامرية في غرب بغداد السني يفرض رجال ملثمون القانون ويطردون الشيعة الذين يصفونهم بأنهم"اعداء وكفرة"ويمنعون الرجال من ارتداء السروال القصير او الجينز الضيق ويهددون الذين قد يتجرأون على حلق ذقونهم. ويروي عدنان 27 سنة بأسى ان صديقا له كان يعمل حلاقا اغتيل لانه لم ينفذ التعليمات. ويؤكد انه رغم ارتفاع درجة الحرارة التي تصل الى 50 درجة احيانا ورغم انقطاع الكهرباء باستمرار في بغداد فان بعض افراد الميليشيات يريدون حتى حرمان الناس من شرب المياه المثلجة. ويقول:"تم قتل بائع ثلج بدعوى ان المسلمين في عهد الرسول لم يستخدموا الثلج". ويؤكد عدنان مع ذلك ان كل افراد اسرته بدأوا يتكيفون مع الواقع الجديد وانماط السلوك الجديدة. ويقول انه"لم يعد يرتدي السروال القصير في المنزل امام شقيقته ولم نعد نسمع موسيقى او اغاني ولا نشاهد الا القنوات الدينية". وتنقسم بغداد التي يقطنها ستة ملايين شخص الى تسع مناطق و89 حيا. وبسبب تهديدات المسلحين وما اعقبها من عمليات تهجير، اصبحت بعض المناطق شيعية بالكامل او سنية بالكامل. فعلى سبيل المثال، كان بعض تجار المواد الغذائية السنة يعملون في مدينة الصدر ولكنهم تركوا اعمالهم فيها منذ شهور. واصبحت اجزاء كبيرة من منطقة المنصور غرب بغداد خاضعة لنفوذ المسلحين السنة ما اضطر السكان الشيعة الى الفرار منها. واضافة الى القيود المفروضة على الملابس، ظهرت محاكم شرعية انشأتها حركة الصدر في الاحياء التي تسيطر عليها. ويقول سني يقيم في شارع فلسطين الذي يقطنه سنة وشيعة على مقربة من مدينة الصدر ان شقيقه اختطف أخيراً واصدرت احدى هذه المحاكم الشرعية"حكما"بحقه. ويضيف"تدخل اصدقاء شيعة لديهم اتصالات بجيش المهدي في اللحظة الاخيرة بعد ان تم الحكم عليه بالاعدام بتهمة انه ارهابي". وفي الاندلس، في غرب بغداد، امضى عراقي سني الليل فوق سطح منزله حاملا رشاشه لان امام المسجد الذي يصلي فيه اكد له ان ميليشيا شيعية ستشن هجوما على الحي. ويضيف"اننا لا نثق الا في الائمة". ويحمل الرجل منشورا يدعو السكان الى عدم غلق الطرق بجذوع النخل واكياس الرمل لان ذلك"يعيق عمليات المجاهدين". وتقول ايمان عبد الجبار مديرة رابطة الرافدين النسائية، وهي شيعية متزوجة من سني، انها تلقت تهديدات بالقتل على هاتفها المحمول اذا واصلت تبني قضايا المرأة وواصلت نشاطاتها. وتصاعد العنف الطائفي بصفة خاصة بعد تفجير مرقدي الامامين الهادي والعسكري في مدينة سامراء الشيعية المقدسة في شباط فبراير الماضي. ويقول النائب الشيعي الشيخ جلال الدين الصغير ان"الكيانات السياسية الموجودة في المنطقة الخضراء تجتمع وتتحاور ولكن للأسف ما يجري على الارض ان هناك قتالا واستفزازا للناس باسم الطوائف".