40 مليون دولار لتعزيز النمو الاقتصادي بإفريقيا    "تاسي" يتراجع بأدنى تداولات منذ شهرين    منتدى المياه السعودي غداً بالرياض    قائد الجيش الأوكراني يحذر من الضغط على الخطوط الأمامية    ولي العهد وأمير الكويت يستعرضان أوجه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزيرة خارجية المكسيك    ولي العهد يلتقي رئيس مجلس الوزراء العراقي    حتى لا نفقد هيبة الأخضر في آسيا    الاتفاق يفتح ملف الفيحاء    معالي الرئيس العام يشارك في "المؤتمر الدولي لدور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي"    حفلات فنان العرب مؤجله حتى إشعار آخر    السعودية والأمم المتحدة تطلقان حملة لمكافحة التصحر    الرياض تستضيف مباحثات عربية إسلامية أوروبية حول غزة    رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي: السعودية شهدت تطورا يعكس طموحها الاقتصادي    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    وقاء الباحة" يبدأ حملة التحصين لأكثر من 350 ألف رأس ماشية ضد مرض الحمى القلاعية لعام 2024م    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية النرويج    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    منتدى الرعاية الصحية السعودي الأمريكي يحتفي بالابتكار والتعاون في تكنولوجيا الرعاية الصحية    أشباح رقمية    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    مؤتمر أورام الكبد يختتم فعالياته بالخبر بتوصياتً هامة    وكيل محافظة الزلفي يدشّن فعاليات أسبوع البيئة    ساعة أغنى رُكاب "تيتانيك" ب1.46 مليون دولار    النصر يؤمن مشاركته في السوبر السعودي    رسمياً.. الزي الوطني إلزامي لموظفي الجهات الحكومية    صدور الموافقة السامية علي تكليف الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبد العزيز التميم رئيساً لجامعة الأمير سطام    محافظ خميس مشيط يدشن مبادرة "حياة" في ثانوية الصديق بالمحافظة    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    270 دقيقة.. ويهتف «الشقردية»: نحن الأبطال    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    وصمة عار حضارية    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    انطلاق بطولة الروبوت العربية    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    تجربة سعودية نوعية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضعف الامكانات ينغص حياة الطبقتين الوسطى والفقيرة . المصريون "صامدون" أمام الاعلانات الجذابة والمشاحنات
نشر في الحياة يوم 08 - 12 - 2010

من قال إن"الغمة الاقتصادية"التي تهبط على البيوت المصرية في شهر ايلول سبتمبر من كل عام بسبب بدء العام الدراسي تنقشع وتتبدد وتتبخر في شهر حزيران يونيو من كل عام أي مع انتهاء العام الدراسي؟ ومن قال إن حالة الطوارئ التي يفرضها التوتر الناجم عن التحصيل الدراسي والحشو التعليمي والصم المنهجي تُرفع مع قدوم العطلة الصيفية؟
يشير واقع الحال الى العكس تماماً... صحيح أن العطلة الصيفية بدأت مع انتهاء العام الدراسي، لكن شبح المشاحنات الاسرية ذات الطابع الاقتصادي تلوح في الافق. بل ان حدتها تتزايد وترتبط بارتفاع درجات الحرارة وتفاقم نسبة الرطوبة وهي ما تعد علامات طبيعية تأتي من السماء لحض البشر على النزوح صوب البحر. لكن هذه العلامات الطبيعية كثيراً ما تفتقد عوامل مساعدة ومنشطة تسمح بتلبية نداءات الطبيعة. أبرز هذه العوامل اقتصادي بحت. فالأب الذي نجح في الإبحار إلى بر الأمان بعد عام دراسي حافل بمصاريف مدرسية مغالى فيها، وكلفة دروس خصوصية كادت تكسر كاهله، يكون منهكاً مادياً إلى الدرجة التي تجعل مجرد فتح باب الحديث عن مصيف أشبه بمن يشعل ثقاباً على مقربة من أنبوب نفط.
بأقل أضرار ممكنة
لكن أنبوب النفط شبه الجاف سرعان ما يضطر إلى إيجاد أي موارد من اجل قضاء عطلة صيفية بأقل أضرار ممكنة، فقد ولى الزمن الذي كانت فيه العائلات المصرية تنتقل بكامل عدتها الى"بيت اسكندرية"أو"شقة رأس البر"لقضاء فصل الصيف. وانقسم المصريون الى ثلاث فئات رئيسة: الاولى هي من تمتلك فيلا او وحدة سكنية في مدينة ساحلية او قرية سياحية ساحلية، والثانية هي من تقوم على توفير بضعة آلاف من الجنيهات بغرض التصييف لمدة اسبوع او عشرة ايام فقط لا غير. والثالثة هي تلك التي تنظر الى الفئتين الاوليين بعين ملؤها الحسرة. إذ إنها عادة ما تقبع في بيوتها بغض النظر عن بدء عطلة الصيف او انتهائها. وفي احسن الاحوال تتمكن من قضاء يوم على شاطئ قريب يكون عادة"مشتى"مثل العين السخنة او رأس سدر وذلك بحكم قربه من مدينة مثل القاهرة.
لكن لحسن الحظ أن هناك من الانشطة ما يمكن ان يملأ فراغ اشهر الصيف، إذ تتكاثر اللوحات المرفوعة على مداخل المدارس والتي تعلن عن بدء النشاط الصيفي لطلابها، ومنها ما يشمل تعلم فنون مثل الرسم، النحت، تلوين الزجاج والعزف، ومنها ما يقدم نوعاً من الخدمات المجتمعية مثل المساعدة في تنظيف الحي وتشجيره.
وتعد العطلة الصيفية ايضاً فرصة ذهبية للمؤسسات الدينية لجذب الاطفال والمراهقين الى انشطتها وافكارها من بوابة الانشطة الاجتماعية والترفيهية التابعة لها.
الا ان مثل هذه الانشطة تجذب عدداً صغيراً من الاطفال والمراهقين الذين يفضلون الانطلاق من دون تقيد بمواعيد وحصص محددة بعدما أعيتهم المدارس بجداولها المتخمة، وحصصها المعبأة بشتى صنوف العلوم والمعارف. كما تفتح هذه المدارس مراكزها الرياضية، حيث يمارس آلاف الأطفال والشباب، الرياضة لا سيما كرة القدم مياومة طوال الأسبوع.
الا ان هذه المراكز الرياضية لا تستقطب سوى فئات تُصنّف غالباً ضمن"قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي"وهو ما يبقي أبناء الطبقة الوسطى بعيدين عنها. فمعظم هذه المراكز يعاني إهمالاً كبيراً من حيث الاهتمام بالملاعب والمرافق.
اما الطبقات الثرية، فيجد ابناؤها وبناتها ملاذاً في النوادي الرياضية الراقية التي تستلزم عضوية ثابتة لارتيادها واستخدام مرافقها الرياضية والترفيهية، وهي عضوية مورثة. اما الاشتراك فيها حالياً فيتطلب مبالغ طائلة يعجز السواد الاعظم من المصريين عن سدادها.
هكذا، يبقى ابناء الطبقة المتوسطة حائرين، فلا هم مستعدون للانخراط مع طبقات ادنى في مراكز الشباب، ولا هم قادرون على توفير ما لا يقل عن عشرة الاف جنيه على اقل تقدير رسوم الانضمام الى عضوية ناد رياضي. هذه الحيرة تعبر عن نفسها صيفاً بأشكال عدة تبدأ بالوقوف على النواصي، وتمر بالتسكع في المراكز التجارية، وتنتهي بمشاحنات ومطاحنات اسرية تتخذ طابع المطالبة بمزيد من الحقوق الترفيهية من الاب والام، على رغم أن مثل هذه المطالبات تكون غير مشروعة نظراً الى عدم قدرة اولياء الامر على تلبيتها لاسباب اقتصادية بحتة.
وما يؤجج هذه المشاحنات سيول الاعلانات التي تتزايد على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد والمجلات والتي تقدم"اروع عروض الصيف في جزر الكناري"و"اجازة الصيف في اوروبا للجميع"، وپ"ب1500 جنيه في الشهر صيِّف انت واولادك". مثل هذه الاعلانات التي تقدم الوهم بعينه، سواء من خلال تنظيم رحلات بالتقسيط تثقل كواهل الاهل بديون على مدى اشهر مقبلة، او باكتشاف ان الرحلة المعلن عنها التي تكلف صاحبها 1500 جنيه فقط، ما هي إلا"مقدم"لبقية التكلفة.
ومع احتدام المشاحنات الاسرية المطالبة بالمزيد من الترفيه رغم محدودية الامكانات، تتعالى دعوات الامهات المتضرعة الى الله بسرعة بدء العام الدراسي الجديد والخلاص من"الصيف وبلاويه"... وتستجيب السماء لدعوات الامهات. ويبدأ العام الدراسي بحملة شعواء من محاولة تدبير المبالغ اللازمة لتسديد مصاريف المدارس الآخذة في الانتفاخ، ودفع فواتير الدروس الخصوصية، وذلك بعدما تكون عطلة الصيف أتت على كل ما في حوزة الأهل من سيولة مادية واصول غير ثابتة، وتبدأ ازمة العام الدراسي بمتطلباته، وتستمر حتى بدء أزمة العطلة الصيفية بمتطلباتها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.