سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استشراء ظواهر الفساد والفضائح الاخلاقية في الطبقة السياسية . العام الاسوأ في تاريخ اسرائيل على الاقل منذ 1973 : فشل عسكري في لبنان وسياسي مع الفلسطينيين وسورية
يتفق غالبية الاسرائيليين، لدى جردهم العام 2006 مع ما جاء في التقرير السنوي الذي أعده"المركز لتخطيط السياسة للشعب اليهودي"من أن هذا العام كان عاما سيئا لليهود في ارجاء العالم ولدولة اسرائيل تحديدا بل هناك من يرى انه أسوأ الأعوام في تاريخ الدولة العبرية، او على الأقل منذ حرب العام 1973. وليس من باب المبالغة تلخيص العام بالقول ان ثمة بلبلة تعم كل الجبهات وهي ما تدفع بالاسرائيليين الى الاقرار بأنهم ينظرون الى المستقبل بتشاؤم مرده أساسا ما درجوا على وصفه ب"أزمة قيادة"وقناعتهم بأن أحدا من الشخصيات السياسية القيادية الحالية ليس أهلا لمنصب رئيس الحكومة، مع اختفاء آخر من مثّل جيل تأسيس الدولة، ارييل شارون ومع أفول نجم عجوز السياسة الاسرائيلية شمعون بيريز. ويمكن القول ان الرابع من كانون الثاني يناير 2006 غدا على الروزنامة الاسرائيلية تأريخا مفصليا: يوم أصيب رئيس الحكومة ارييل شارون بجلطة حادة في دماغه بدا كأنها"جلطت دماغ اسرائيل"كلها. وبدا ان اسرائيل تتجه نحو عهد جديد رسم ملامحه شارون وقبل به معظم الاسرائيليين، عهد تفرض فيه اسرائيل حلا أحادي الجانب للصراع مع الفلسطينيين بموجب املاءاتها، مع املها ان يحظى بدعم دولي مستغلة ظروفا اقليمية ودولية جعلت من شارون، صاحب السجل الدموي الحافل"رجل سلام"مقبولا لدى المجتمع الدولي بفعل سحب جيش الاحتلال من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات فيه. وفي الواقع لم يبنِ الاسرائيليون آمالا عريضة على خلَف شارون، ايهود اولمرت الذي ابتسمت له الظروف ليتبوأ أرفع منصب في اسرائيل لكنهم سلّموا بالواقع آملين ان يواصل، والى جانبه زعيم عمالي سابق هو عمير بيرتس الذي صار رئيساً لحزب العمل ويصفه القاموس الاسرائيلي ب"حمامة سلام"،"نهج شارون". لكن سرعان ما تبين للاسرائيليين أنفسهم ان قلة خبرة الرجلين السياسية كلفت اسرائيل ثمنا باهظا في الحرب التي أطلقاها على لبنان بعد شهرين من توليهما المسؤوليات الحكومية. والحرب على لبنان ونتائجها الفاشلة، باعتراف الاسرائيليين أنفسهم ستسجل ايضا في تاريخ الدولة العبرية حدثا مفصليا سقط فيه تاج الهيبة الذي زينوا به رأس الجيش الاسرائيلي وغدوا يتحدثون، للمرة الاولى عن"أشد ضربة تلقتها سياسة الردع الاسرائيلية"، متحسبين من عواقب ما حصل على الجبهة اللبنانية على جبهات أخرى. وبحسب وسائل الاعلام العبرية فإن تداعيات الحرب ستكون ملموسة في العام الجديد حين تأتي لجان الفحص والتحقيق في الفشل بتلخيصاتها وتوصياتها التي ليس مستبعدا أن تحدث هزة سياسية مزلزلة لتؤكد ان ما شهده صيف العام 2006 كان حقا أحد أبرز المحطات في تاريخ اسرائيل. وفضلا عن الفشل العسكري، شهد العام المنتهي جمودا سياسيا في ما يتصل بامكان التوصل الى تسوية سلمية مع سورية كذلك على جبهة العلاقات مع الفلسطينيين بداعي انتخاب حكومة برئاسة حركة المقاومة الاسلامية حماس التي سارعت اسرائيل ونجحت في محاربتها دوليا ووقف كل الاتصالات مع الفلسطينيين وتصعيد الحرب عليهم ليُسجَل للحكومة الاسرائيلية الجديدة انها قتلت، قياسا بالفترة القصيرة التي مرت على ولايتها، اكبر عدد من الفلسطينيين. لكن القمع والقتل لم يحولا دون سقوط قذائف صاروخية فلسطينية على جنوب اسرائيل دفعت بسكانه الى التظاهر ضد الحكومة العاجزة عن توفير الامن لهم. وازاء خيبة أمل الاسرائيليين من اداء الحكومة، العسكري والسياسي غرقت الدولة العبرية أيضا في قضايا فساد وأخلاق طالت عددا كبيرا من المسؤولين الاسرائيليين على رأسهم الرئيس موشيه كتساف ووزير القضاء حاييم رامون، ليتسخلص الاسرائيليون ان الفساد يشكل خطرا حقيقيا على دولتهم لا يقل عن خطر التهديدات الأخرى. وشهد العام المنتهي استشراء ظاهرة العنف وتفشي الاجرام في اسرائيل، سواء في المدارس أعمال شائنة وارتكاب مخالفات جنائية"توجت"بعملية قتل طالبة في الثالثة عشرة من عمرها أو في النوادي الليلية، ما زاد القلقين على الأوضاع التي آلت اليها اسرائيل غما. اما نقطة الضوء الوحيدة التي سارع رئيس الحكومة الى الاعتزاز بها فتمثلت في انتعاش الاقتصاد الاسرائيلي، رغم الحرب وتكلفتها الباهظة، من الركود الذي غط فيه منذ بدء انتفاضة العام 2000 وتحقيق نسبة مرتفعة في النمو وتقليص العجز، الا ان الأمر لم يحل دون اتساع رقعة الفقر والفجوات الاجتماعية. فالموازنة العامة لا تزال توظف بجزئها الأكبر في الأمور الأمنية لتسجل موازنة وزارة الدفاع هذا العام أعلى رقم لها منذ اقامة اسرائيل على حساب الشرائح الضعيفة التي حجبت عنها مخصصات مالية كثيرة زادتها فقرا.