رحبت أوساط مغربية رسمية بتعيين دومينيك دو فيلبان على رأس الحكومة الفرنسية خلفاً لرئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران، عقب الهزيمة التي مني بها الجناح المؤيد للدستور الأوروبي في الاستفتاء الذي أجري في فرنسا الأحد الماضي، وشكل في رأي المحللين زلزالاً حول مستقبل الاتحاد الأوروبي ومصير اليورو، العملة الأوروبية الموحدة. وقال الناطق باسم الحكومة المغربية وزير الإعلام نبيل بن عبدالله ل"الحياة"إن رئاسة دو فيلبان للحكومة الفرنسية ستعزز العلاقات الثنائية خصوصاً في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتفتح آفاقاً لمستقبل الشراكة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتقوي الروابط التاريخية القائمة بين فرنسا وأصدقائها في المنطقة. وكان دو فيلبان ولد في المغرب في تشرين الثاني نوفمبر 1953 وقضى فترة من تعليمه وطفولته في العاصمة الرباط وهو قريب من الثقافة والحضارة المغربية، وله مواقف مؤيدة لدول شمال أفريقيا في مواجهة التيار الأوروبي المتجه شرقاً على حساب دول الجنوب يعارض فكرة أوروبا الجديدة على حساب أوروبا القديمة. وسبق لرئيس الوزراء الفرنسي الجديد أن خاض معركة ديبلوماسية وإعلامية صاخبة ضد الحرب الأميركية على العراق عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية. وتتوقع مصادر مغربية أن يقوم دو فيلبان بزيارة إلى المغرب في أول رحلة له خارج الاتحاد الأوروبي، وهو تقليد دأب عليه رؤساء الحكومات الفرنسية منذ وصول جاك شيراك إلى رئاسة الدولة في منتصف التسعينات. وقالت المصادر إن مشاريع ضخمة ستنفذها شركات فرنسية في المغرب، منها بناء شبكة لخطوط المترو في مدن الدار البيضاءوالرباط وسلا، وإقامة خط للقطار السريع - تي جي في - يربط العاصمة الرباط، بمدينة مراكش السياحية بطول 340 كلم. كما تنفذ شركات فرنسية أخرى مشاريع في المغرب منها ميناء طنجة اليورومتوسطي الذي تنجزه مجموعة بويغ للبناء بكلفة تزيد عن بليوني دولار، وتحديث شبكة الكهرباء والمياه والصرف الصحي التي تنفذها شركة لاديك في الدار البيضاء التابعة لمجموعة ليونيز دي زو بكلفة تزيد على ثلاثة بلايين دولار، وتنفذ شركة ريضال التابعة لمجموعة فيفاندي، مشاريع مشابهة في الرباط بقيمة بليوني دولار في إطار عقود"بي أو تي"وكانت فيفاندي الفرنسية تملكت غالبية اسهم شركة اتصالات المغرب على مرحلتين بقيمة نحو أربعة بلايين دولار. وتمثل فرنسا الزبون التجاري والاقتصادي الأول للمغرب بنحو 26 في المئة من إجمالي المبادلات المقدرة نحو 30 بليون يورو، وهي اكبر مستثمر أجنبي وأول مصدر للعملة الصعبة عن طريق السياح الفرنسيين 1، 4 مليون سائح فرنسي سنوياً، وعن طريق التحويلات التي يقوم بها المهاجرون المغاربة في فرنسا الذين يزيد عددهم عن مليون شخص بعضهم يقيم فيها منذ الحرب العالمية الثانية. وترى الأوساط المغربية أن معارضة غالبية الفرنسيين للدستور الأوروبي هي أشبه بالضارة النافعة، إذ كانت الرباط تتخوف من تنامي الحماس الأوروبي للانغلاق داخل القارة العجوز على حساب تطلعات دول جنوب البحر الأبيض المتوسط. ويطالب المغرب منذ عقدين بوضع يقترب من العضوية ويزيد كثيراً على مجرد الشراكة الاقتصادية والتجارية، وهو يتطلع إلى أن يصبح عضواً مراقباً في الاتحاد الأوروبي في حال انضمام تركيا إليه.