«زاتكا» تضبط 33.5 ألف كبتاجون و21 كغم شبو في محاولتي تهريب    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    النفط يرتفع 1% وسط مخاوف نقص الإمدادات الروسية    152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    فرنسا تصعد لنهائيات كأس العالم 2026 برباعية في أوكرانيا    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    "أوتشا": استمرار الضربات العسكرية الإسرائيلية بالقرب من أو شرق الخط الأصفر    تراجع أسعار الذهب من أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع    مصرع طيار تركي إثر تحطم طائرة إطفاء في كرواتيا بعد انقطاع الاتصال بها    أفضل خمس خدمات بث فيديو    %48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    «الأرصاد» في إنذار أحمر : أمطار غزيرة على جدة اليوم الجمعة    مؤشرات التضخم تحدد مزاج المستثمرين في الأسواق السعودية    اللاعب السعودي خارج الصورة    الفيفا يختار هدف عمرو ناصر في الأهلي المصري ضمن القائمة المختصرة لجائزة بوشكاش    غدٌ مُشرق    رحلة الحج عبر قرن    الأخضر السعودي يختتم استعداده لمواجهة ساحل العاج    شبكة عنكبوتية عملاقة    إعلان أسماء المستحقين للأراضي البعلية الموسمية في الحدود الشمالية    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    إنجاز طبي جديد بنجاح عملية فصل التوأم الملتصق الجامايكي    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    القبض على (3) يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية    وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    توازن كيميائي يقود إلى الرفاه الإنساني    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    الدفاع المدني يهيب بأخذ الحيطة والالتزام بالتعليمات مع توقع هطول أمطار رعدية على معظم المناطق    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    شراكة مجتمعية بين ابتدائية قبيبان وجمعية «زهرة» للتوعية بسرطان الثدي    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواحة
نشر في الحياة يوم 10 - 10 - 2005


1
كتاب بديع النظام
مؤلِّفُ هذا الكتاب هو أحمد بن الساعاتي البعلبكي البغدادي توفي سنة 694 ه/ 1295م، وقد اقتفى المؤلف آثار سيف الدين الآمدي بترتيب الكتاب، ومزجه بأصول البزدوي، وأضاف إلى ما ورد في الكتابين آراءه، فجاء كتابه فريداً من نوعه، واتسم بسمة الريادة في مجال الجمع بين طريقة الفقهاء الأحناف، وطريقة المتكلمين الشافعية في طريقة واحدة مبتكرة اعتمدها مَن جاء بعد ابن الساعاتي من العلماء الذين ألفوا الكُتب في علم أصول الفقه الإسلامي.
2
محتويات بديع النظام
يحتوي كتاب بديع النظام على مقدمة المؤلف، وأربع قواعد، القاعدةُ الأولى: في المبادئ، القاعدة الثانية: في الأدلة الشرعية: الكتابُ، والسنَّةُ، والإجْمَاعُ، والْقِياسُ، والقاعدة الثالثة: في الاجتهاد وما يتبعه، القاعدةُ الرابعةُ: في الترجيح.
3
القاعدةُ الأولى
القاعدةُ الأولى: في المبادئ، وفيها: أصول الفقهِ علماً، وأصول الفقهِ مضافاً، وموضوعُ أصول الفقهِ، والأدِلَّةُ، وغايَة أصول الفقهِ، واسْتِمْدادُ أصول الفقهِ.
ثم المبادِئ الكلامِيَّةُ، ومنها: الدَّلِيْلُ في اللُّغةِ وفي الأُصول، والأمارةُ، والنظرُ: الاِعْتِبَارُ، والعلمُ والظَّنُّ. ثم الْمَبادِئُ الُّلغَوِيَّةُ، وفيها: المُفْرَدُ والمُرَكَّبُ، ودَلالَةُ الْمُفْرَدِ لَفْظِيَّةٌ وَغَيْرُ لَفْظِيَّةٍ، والْكُلِّيُّ والْجُزْئِيُّ الْحَقِيْقِيُّ، والَمُشْتَرَك والْمُتَرَادِفَةُ، وتسْمِيةِ الْكُلِّيِّ -الذي نُسَمِّيَهُ الْمُطْلَقَ- بالْعَامِّ، والْجُزْئِيِّ"بالْخَاصِّ، وتلي ذلك قاعدة المعنى الْعَامُّ، وقاعدة: الْلاّزِمُ الْحَقِيْقِيُّ، وقاعدَةٌ - يُفَرَّقُ فِيها بَينَ هَذا الْعُمُوْمِ وبَيْنَ الاسْتِغْرَاْقيْ، والْعَاْمُّ الْمَعْنَوِيُّ، والْمُشْتَرَكُ، والْمُشْتَرَكُ الذي يُفَارِقُ الْمُجْمَلَ، والْمُتَرادِفُ، والحَقيقةٌ: والمَجَازُ، والْمَجَازُ الذي يَسْتَلزمُ الْحَقيقةَ، وإذا دَاْرَ لَفْظٌ بَيْنَ الاشْتِراكِ والْمَجاز"فَالْمَجازُ أَوْلى، واذا قُصِدَتِ الْحقيقةُ بَطَلَ الْمجازُ، وإذا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بالْحَقيقةِ تَعَيَّنَتْ، والحقيقَةُ الُمْستَعْمَلَةُ أَوْلَىْ مِنَ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ، وتُتْرَكُ الْحَقيقَة"لِلْعادةِ الْعُرْفِيَّةِ، والشَّرْعِيَّةِ، والْمُشْتَقّ، ولا مَدْخَلَ للقياس في اللغة والاتفاقُ: أنّهَ مُمْتَنِعٌ في الاعلامِ، والفِعْلُ ما دَلَّ على معنىً في نَفْسِه مَقْترنٍ بأحد الأزْمِنَةِ الثّلاثَة، والحرفُ: وما لا يَسْتقِلّ بالْمَفهوميَّةِ، مثل: الواوُ، وأنّ، وَواوَ الاسْتئنافِ، وَواو الحالِ، وغير ذلك من الحروف، والنوعُ الثَّاني وهو الْمُرَكَّبُ، والأصْلُ الثَّاني: في مَبْدَأ اللُّغاتِ، وطريْقِ مَعْرِفَتِهَا.
4
الْمَبادِئ الْفِقْهِيَّةُ
وفيها: الحكمُ الشَّرعِيُّ، والحاكِمُ: اللهُ تعالى، والأصلُ الثاني: في الحكم وأقسامِهِ، وفصل يتضمن: الواجِبُ مُتَعَلِّقُ الوُجُوب، والْواجِبُ الْمُخَيَّرِ، والواجِبُ الْمُوسَّعُ، والعبادةُ، والعزيمةُ والرخصةَ، وحقوق العبادِ، والقدرةُ شرطُ التكليفِ وهي نوعانِ:مُمَكِّنَةٌ من الأداء ومُيَسّرةٌ.
والمحظُور: الممنوعُ، والمندوبُ، والمكروهُ، والْمُباحُ، وأصناف الأحكام الثّابتة بخِطاب الوضْعِ، وسَببُ وجوبِ الإيمان العقلُ، وسَبَبُ وجوبِ الصلاةِ: وقتُها، وإمارة السَّببيَّة: النسبةُ، وسبب الزكاة: مِلكُ النّصابِ للنسبة. وسبَبُ الصَّوم: أيام رمضان، وسَبَبُ الفطرةِ، وسبب الحج: البيت للنسبة، وسببُ العُشر: الأرضُ الناميِةُ - حقيقةً - بالخارج وفيه معنى المؤونةِ، وكذلك سببُ الخراج، والنماءُ مُعتَبَرٌ فيه تقديراً، وسببُ الطهارةِ: الصّلاةُ، وأسبابُ الحدودِ: ما تُنْسَبُ إليه، من زنىً، وسرقةٍ، وقتلٍ، وسببُ الكفَّارةِ: ما تُنْسَبُ إليه، والحكمُ على الوصف بالمانعيّةِ. فمنه: مانعُ الحكم، ومنه مانِعُ السَّبَبِ، والحكمُ بالشَّرْطِيَّةِ، والحكمُ بالصحة، والحكمُ بالْبُطْلانِ، والرّخْصَةُ والعزيمَةَ والعُذْر.
وفيها: الأصل الثالث في المحكومِ فيهِ، والأصلُ الرابعُ في المحكومِ عليهِ، وشرطُ التكليف، والأهلية نوعانِ: أهليةُ وجوبٍ وأهليةُ الأداء، وما يعترض على الأهلية: أمورٌ سماويةٌ، وأخَرٌ مُكْتسَبَةُ.
5
القاعدة الثانية
في الأدلة الشرعية القائمة على أربعة أصول هي: الكتابُ، والُّسنَّةُ، والإجْمَاعُ، والْقِياسُ، وتقوم السّنّةُ أي الأصل الثاني على ما كان من أفعالِ النبي محمد صلى الله عليه وسلّم جِبِلِّياً، ومنها: الوجُوبُ، والندبُ، والإباحَةُ، والتقرير.
والأصل الثالث: الإجماعُ، والحقّ أنَّ الإجماعَ حُجّةٌ قاطعةٌ، ولا اعتبارَ بالكافِرِ فيه، وهو غيْرُ مَقبولِ القَولِ في حُجةٍ شرعيِّةٍ، وأنواع الإجماع هي: إجماعُ الصحابةِ رضي الله عنهم، وإجْماعُ الأربعةِ وحْدَهُمْ، ولا يُشْتَرطُ فيهِ عَددُ التّواتُرِ، ولا إجماعَ إلاَّ عَن مُستندٍ، خلافاً لِشَوَاذٍّ، وقد يَنْعَقِدُ عن قِياسٍ، وإذا اخْتَلَفَ أهْلُ عَصْرٍ على قولينِ لم يَسُغْ ثالثٌ، واتفاقُ عصرٍ بعدَ اختلافهِم إجماعٌ وحجّةٌ، ثُبُوْتُ الاجماعِ بخبرِ الواحدِ جائزٌ، وجاحِدُ حُكْمِ الإجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ كافِرٌ، والإجماع حُجَّةٌ لازِمَةٌ لِشمولِ أَدِلَّةِ الإجْماعِ.
6
ما تشترك فيه الأصول الثلاثة
الكتاب والسنة والإجماع
وفيه فصلٌ: في حقيقة الخبَرِ وأقسامِهِ، وأنواع الخبر: صادقٌ، وكاذِبٌ، وعارٍ عنهما، والخبرُ منه معلومُ الصّدقِ، ومعلومُ الكذب، وما لا يُعلمُ واحدٌ منهما. وفيه فصل في المتواتِر، ورأي العقلاء على أنَّ خبَر التواتُرِ بشرطِهِ مفيدٌ للعلمِ بصِدْقهِ، والجمهُورُ يرى: أنّ العلمَ بخبرِ التواتُرِ ضَرُوْرِيٌّ، واتفقوا في التواتُر على شروُطٍ، واختُلِفَ في شروط التواتر، وتقرير خبر الواحد وفيهِ أربعةُ أقسامٍ: الأول في حقيقَتِهِ، وخَبَرُ العَدْلِ يُفيدُ الظنَّ، ويجوز التَعبُّدُ بخبرِ الواحدِ عَقلاً، ويَجِبُ العملُ بخبرِ الواحِدِ، والمقطوعُ بِفِسْقِهِ بتأويلٍ رُدَّ بِلا خلافٍ، والاكتفاء بالواحِدِ في الجرح"والتعديلِ في الروايةِ"دُوْنَ الشَّهادة، والتصريحُ بالتزكية مَعَ سَبَبِها تعديلٌ بالاتفاق، والجمهورُ: على عدالةِ الصحابة، والصَّحابيُّ: مَنْ رَآهُ -عليه السلام- ولو ساعة.
وتضمن الكتاب مستنَد الرَّاوي وكيفية روايته، والإجازة، والمناوَلة: مع الاجازة، والكتابَة. وما اختُلِفَ في ردِّ خبر الواحد بهِ: إِذَاْ أَنْكَرَ الأَصْلُ روايَةَ الفرعِ، وما يترتب عليه إِذَاْ انْفَرَدَ العدلُ بزيادةٍ لا تُخالِفُ، وإذا نَقَلَ بَعْضَ الْحَدِيْثِ"وَتَرَكَ الْبَعْضَ، وخبرُ الواحِدِ فيما تعُمُّ بِهِ البلوى، وإذا خالفَ الكتابَ رُدّ، وإِذَاْ ثبت أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلاْمُ عمل بخِلاْفِ خبرٍ لَمْ يَكُن دَاْخِلاً في عُمُوْمِهِ. وخَبَرُ الواحدِ في ما يُوجبُ الحدَّ مَقبولٌ عِنْد الأَكْثَرِ، والْمُرْسَل من العدلِ مقبول عِنْد الأكثر مُطْلَقاً.
7
الأمر والنهي
تضمن الكتاب ما يتعلق بالنظر في المتن، وما يشترك فيه الثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع- من دلالة الَمْنطوق - فمِنْهُ الأمر، وقد اقتضى الأمرُ الإيجابَ، والْحُسْن الشَّرعيّ، ومما حَسُنَ لِكَوْنِهِ شَرْطاً للأداء القدرةُ. وهي: نوعان: القدرة المُطلقةٌ، والقدرة الْمُيَسِّرَةُ، وصِيْغَةُ الأمرِ لا تَقتضي اقتصارًا على الْمَرَّةِ ولا تَحْتَمِلُ التَّكْرار، والأمر لا يقتضي الفورَ ولا التراخي، وأَيُّهُمَاْ حَصَلَ أجزأَ، والأمرُ بشيء مَعَيّنٍ نَهِيٌ عن أضدادِه، والنَّهْيُ طلبُ كفٍّ عن فِعلٍ، فلَمْ يَستلزمِ الأمْرَ، وأكثر الْقَاْئِلين بِالْوُجُوْب، إنّ الأمر بعدَ الحظر للإباحة، والأمرُ بفعلٍ في وقتٍ مَعَيَّنٍ، إِذَاْ فاتَ عَنْهُ، فالقضاءُ بعدَهُ: بِأَمْرٍ جديدٍ، والآمِرُ بالأمْرِ بشيء لَيْسَ آمراً بالشيء. خِلاْفاً لِبَعْضِهم، وإِذَاْ أُطلقَ الأمرُ، فالَمْطلوبُ فِعْلٌ مُطاْبِقٌ لِلْمَاهِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ.
والنهي مُقْتَضاهُ: قُبْحُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعاً، وأنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَعْصِيَةٌ، فَلاْ تَنْتَهِضُ سَبَباً لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، والنَّهْيُّ: يَقْتَضِيْ الانْتِهاءَ دائِماً"خِلاْفاً لِشَواذّ.
8
الخاص والعام
إنَّ الْعُمُوْمَ مِنْ عَوارِضِ الأَلْفاظِ حَقِيْقَةً، ولِلْعُمُوْمِ صِيْغَةٌ موضُوعَةٌ لَهُ وهي أسماءُ الشُّروْطِ والاستفهامِ والَمْوصولاتُ والجُموعُ الْمُنَكَّرَةُ، والْمُعَرِّفَةُ لِلْجِنْسِ. والْمُضافَةُ. والْجِنْسُ الْمُعَرَّفُ. والنَّكِرَةُ في النَّفي، والجمَعُ الْمُنَكَّرُ عَامٌّ. خِلاْفاً لِقَوْمٍ، وأقل الْجَمعِ ثَلاثةٌ حَقِيْقَةً.
وقِيْلَ: اثنان حَقِيْقَةً. وقِيْلَ: مَجازاً، ومَنْ: مُفْرَدُ اللَّفْظِ عَامُّ الْمَعْنَىْ، ويُفْرَقُ بينَ: كُلٍّ"وَ: مَنْ: بالإحاطَةِ وعَدَمِها، وكلَمْة: الْجَمِيْعُ عَامَّةٌ في الاجْتِماعِ، وأَيُّ: يُرادُ بِهِا جُزْءٌ مِمَّا تُضافُ إليهِ، وأنَّ العامَّ بَعْدَ التَّخْصِيْصِ مَجازٌ، والعامُّ الْمَخْصُوْصُ بِمَجْهُوْلٍ أوْ مَعْلُوْمٍ حُجَّةٌ، والفارْقُ بينَ الْمَخصُوْصِ، وبَينَ خَبَرِ الواحِدِ، ونَظيرُ الاستثناءِ، ونظيرُ النَّسْخِ، ونظيرُ التَّخصصِ، وإِذَاْ وَرَدَ الْجوابُ غَيْرَ مُستقلٍّ، فهُوَ تابعٌ لِلسُّؤالِ، مُخْتَصٌّ بِهِ
خِطابُهُ لِواحِدٍ مِنَ الأُمَّةِ، لا يَعُمُّ إلاّ بِدَلِيْلٍ، وجَمْعُ الرِّجالِ لا يَتناوَلُ النِّساءَ، ولا بِالْعَكْسِ اتِّفاقاً، ومَنْ: الشَّرْطيَّةُ تَعُمُّ الْمُذكَّرَ والْمُؤَنَّثَ، والْخِطابُ بالنَّاْسِ، والَمْؤمنينَ: يَعُمُّ الْحُرَّ والْعَبْدَ، والْمُخَاطِبُ داخِلٌ في عُمُوْمِ خِطابِهِ، أمْراً، ونَهْياً، وخَبَراً، والعامُّ الْمُتَضمِّنُ لِلْمَدْحِ أوِ الذَّمِّ.
9
تخصيص العموم
الصنف الرابع في تخصيص العموم وهُوَ قَصْرُ العامِّ على بَعضِ مُسَمَّيَاتِهِ.
الْجُمْهُوْرُ على جَوازِ التَّخْصِيْصِ بِالْعَقْلِ، ويَجُوزُ تخْصِيْصُ السُّنَّةِ بالسُّنَّةِ، والإجماعُ مُخَصِّصٌ: ومعناه تضمُّنُ وُجودِ الْمُخَصَّصِ، والْعادَةُ مُخَصِّصَةٌ: يُتْرَكُ الْعُمُوْمُ بها، وتُقَيِّدُ الإطْلاقَ، والْجُمْهُوْر: إذا وافقَ خَاْصٌّ عامًّا لم يُخَصِّصْهُ مَذْهَبُ الرَّاْوِيْ على خِلاْفِ ظاهرِ الْعُمُوْمِ مُخَصِّصٌ، وتقريْرُهُ -عليهِ السَّلاْمُ"مَاْ فَعَلَ واحِدٌ مِنَ الأُمَّةِ"بيْنَ يدَيْهِ مُخَصِّصٌ، وفِعْلُهُ -عليه السَّلاْمُ- مُخَصِّصٌ"عِنْدَ الأَكْثَرِ، ويُخَصُّ الْعامُّ الْمَخْصُوْصُ بِالْقِياسِ. وفي الكتاب بحث في المطلق والمقيد، وفي المجمل والْمُبَيَّنُ.
10
البيان والمبين
وفيه الاستثناءُ الْمُتَّصِلُ: وهو إخْراجٌ بإلاّ وأخَواتِها"ويُبَيِّنُ أنَّ الْمُرادَ: الْباقِيْ، والاستثناءُ: تَكَلُّمٌ بالباقي بَعْدَ الْمُستثنى، وشَرْطُ الاستثناء: الاتِّصالُ لَفْظاً، أوْ حُكْماً، والْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ، وجَوَّزَ الأكثرونَ: الأكْثَرَ، والْمُساويَ، والْجُمَلُ الْمُتَعَاقِبَةُ بالواوِ العاطِفَةِ، إذا تَعَقَّبَها استثناءٌ، رَجَعَ إلى الأخيرةِ، وبيان الضرورة: فَمِنْهُ: ما هو في حُكمِ الْمَنطوقِ، والْفِعْلُ بَيانٌ. لنا: أنّه -عليه السَّلاْمُ - عَرَّفَ الصَّلاةَ والْحَجَّ بالْفِعْلِ، ولا يَجوزُ تَأخِيْرُ البيانِ عن وقتِ الحاجَةِ إتِّفاقاً، والْفارْقُ: أنَّ بيانَ الْمُجْمَلِ تَفسيرٌ"والعامّ تَغييرٌ.
11
التَّبْدِيْلُ: وهو النَّسْخُ
أَهْلُ الشَّرائِعِ على جَوازِ النسخ عَقْلاً، وَوُقُوْعِهِ شَرْعاً. وخالَفَتِ الْيَهُوْدُ.
وشَرْطُ النَّسْخِ: التَّمَكُّنُ مِنَ الاعْتِقَادِ، وإذا قُيِّدَ الْمَأْمُوْرُ بِهِ بالتَّأبِيْدِ، لا يَجوزُ نَسْخُهُ، خِلاْفاً لِلْجُمهورِ، وجواز النَّسْخِ بأثْقَلَ، خِلاْفاً. وأمَّا الأخَفُّ والْمُساوي، فاتِّفاقٌ، ويجوزُ نسخُ التلاوةِ والحكمِ معاً، والتِّلاوةِ وَحْدَهَاْ، والحكمِ وَحْدَهُ، والزيادةُ على النَّصّ نَسْخُ، والإجماعُ لا يُنْسَخُ بِهِ، لأنَّهُ إنْ كانَ عنْ نَصٍّ فهو النَّاسِخُ، ويجوزُ نَسْخُ الكتابِ بالكتابِ، والسُّنَّةِ الْمُتواتِرةِ بِمِثْلِها، والآحادِ بمثلِها اتفاقاً، والسنّةُ تَنْسَخُ حُكمَ الْكِتَاْبِ، فَهُما مُتساويانِ، ولا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّاسِخِ، قبلَ تَبليغِهِ عليهِ السَّلاْمُ.
12
اقتناص الحكم
اقتناص الحكم من النّظم له وجوهٌ، فمنها: الْعِبَارَةُ والإشارة، والدلالة: وهي المسمّاة بمفهوم الموافقة، وفحوى الخِطَاْب، والْمُقْتَضَىْ: يَثْبُتُ بشروطِ ما توقَّفَ عليهِ، لا بشروطِ نفسِهِ لأنَّهُ تابعٌ، وما ثَبَتَ بالإشارَةِ يُمْكِنُ تَخْصِيْصُهُ بِخِلاْفِ الدَّلالةِ. وفي الكتاب فصل في الْمَفْهُوْم، وهُو: ما دَلَّ عليه اللفظُ في غَيْرِ مَحَلِّ النُّطْقِ، والمفهوم نَوْعان: مَفْهُوْمُ مُوافَقَةٍ وهو الدَّلالةُ ومفهوم مُخالَفَةٍ، وهنالك مفهوم الصفة، ومفهومُ الشَّرطِ، ومَفْهُوْمُ الْغَاْيَةِ، ومفهومُ اللَّقَبِ، والْحَصْرُ بِإِنَّمَاْ. ومفهومُ قِرانِ الْعَطْفِ، قال بهِ البعضُ.
13
القياس
القياس في الأُصُولِ: هو مُساواةُ فرعٍ لأصْلٍ في عِلَّةِ حُكْمِهِ، وأركان القياس هي: الأصلُ، والفرعُ، وحُكمُ الأصلِ، والوصفُ، وشروط حُكْمُ الأصلِ: أنْ يكونَ شَرْعِيًّا، ومِنْها أنْ لا يكونَ فَرْعاً، وهنالك شُرُوْطُ عِلَّةِ الأَصْلِ، وَلاْ يُسْتَثْنَىْ مِنْ هَذا إلاَّ حُكْمٌ أُضِيْفَ إلى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مُجْمَعٍ على دَلِيْلِهِ، واخْتُلفَ في اتِّحَاْدِ الْوَصْفِ. فَقِيْلَ: يَجِبُ. والْحَقُّ: أنَّهُ يَجُوْزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ، واخْتُلِفَ في تَخْصِيْصِ الْعِلَّةِ، ويُسَمِّيْهِ بَعضُهم النَّقْضَ، ومَوْضِعُ التَّخلُّفِ، يُعَلَّلُ بِالْمَانِعِ عِنْدَ الْمُخَصِّصِ، وبِعَدَمِ الْعِلَّةِ عِنْدَ الأحناف.
وللفرع شروط تتكون من الطرد وتقسيمِهِ، ووجُوهِ الطَّرْدِ، ويتبعه حُكْمُ الْعِلَّةِ والتَّعْدِيَةِ على مَا لاْ نَصَّ فيهِ بِغالِبِ الرَّأي على احْتِمَالِ الْخَطَأِ، وما يُعَلَّلُ بِهِ أَرْبَعٌ: إثباتُ الْمُوْجِبِ. أوْ وَصْفِهِ. والشرطِ أو وصفِهِ. والحُكمِ أو وصفِه. وتَعْدِيَةُ حُكْمٍ مَعْلومٍ بَسبَبِهِ وشَرْطِهِ بِوَصْفٍ مَعْلُوْمٍ.
14
القياس والاستحسان
هنالك علاقة بين القياس والاستحسان، فالاسْتِحْسَاْن: هو القياسُ الذي يجبُ به العمَلُ وهو أنواع، ويتبعه الَفَارْقُ مَا بَيْنَ الاسْتِحسانِ والْقِياسِ الْخَفيِّ، وإثباتِ العلة. وفيه مَسالِكُ الأول: الإجماعُ، والثاني: النصُّ، إذا صُرّحَ بالوصفِ، وكانَ الحكمُ مُستَنْبَطاً مِنهُ غَيْرُ مُصَرَّحٍ، واشْتَرَطَ قَوْمٌ الْمُنَاسَبَةَ في صِحَّةِ عِلَلِ الإيْمَاءِ. ونَفَاهُ قَوْمٌ، ومن متطلبات القياس: السَّبْرُ والتَّقْسِيْمُ، والشّبَه، والطَّرْدُ والْعَكْسُ، ويتبعه الفَارْقُ بيَن تَحقيقِ الْمَناطِ، وتَنْقِيْحِهِ، وتَخْرِيْجِهِ. والْمُناسَبَةُ والإخَاْلَةُ: ويُلَقَّبُ بِتَخْرِيْجِ الْمَناط، وله علاقة بالْمَقَاْصِدِ وهي ضَرْبَانِ: ضَروريٌ في أصلِهِ، وهو أعلاها، كالمقاصدِ الخمسةِ: حِفْظُ الدِّيْنِ، والنَّفْسِ، والْعَقْلِ، والنَّسْلِ، والْمَالِ، ومُكَمِّلُ الضَّرُوْرِيِّ، وغيرُ ضَروريٍّ، ومُكَمِّلٌ لهُ، وما لا تَدعُو إليهِ، وتقسيم المناسب وهو مؤثِّرٌ، ومُلائمٌ، وغَريبٌ، ومُرْسَلٌ، والتَّعَبُّدُ بِالْقِيَاْسِ جَائزٌ: خِلافاً للمخالفين، وأكثرُ المجوّزين: قائل بالوُقوعِ. ومن وسائل دفع العلل المؤثّرة: الممانعةُ، والْمُعَاْرَضَةُ نوعان، والقَلْبُ. وأنْ تجعلَ الوصفَ شاهداً، ويلحق بهذا النوعِ العكس.
وهنالك وجوهُ دفعِ المناقضة، ووجوه دفع العلل الطّردية، والقولُ بِمُوْجَبِ العِلَّةِ، والممانعة وفسادُ الوضع والْمُنَاْقَضَةُ، وتقسيم الأحكام ومتعلّقاتها من السبب، والعّلة، الشرط، أمّا مُتَعَلَّقَاْتهَاْ: فالسَّبَب، والْعِلَّة، والشَّرْطُ، والْعَلامَة، ويتبع ذلك تقسيم السبب، وتقسيم العلة، وتَقْسِيْمُ الشَّرْطِ، والعَلامةُ، وَمِنَ الأُصُوْليينَ، مَنْ أَلْحَقَ بِهذهِ الأَدِلَّةِ الاسْتِدْلاْلَ.
15
القاعدة الثالثة: الاجتهاد
الْمُجْتَهَدُ فِيْهِ: هو الأَحْكامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَظْنُوْنَةُ الدَّلِيْلِ، ولَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ في الْعَقْلِيَّاتِ مُصِيْباً اتِّفَاقاً، ولا إِثْمَ على مُجْتَهِدٍ في حُكْمٍ شَرْعيٍ اجْتِهَادِيٍ قًطْعاً، وما فِيْهِ نَصٌّ، ومَا لاْ نَصَّ فِيْهِ، فالْعُقَلاءُ على امتناعِ تَقَاْبُلِ الدَّليليِن الْعَقْليينِ، لاسْتِلزامِ اجْتِماعِ النَّقِيْضَيْنِ، وإذا أدّاهُ اجتِهادُهُ إلى حُكْمٍ، لم يَجُزْ لَه تَقْلِيْدُ غَيْرِهِ اتِّفَاقاً، وفي هذه القاعدة: التَّقْلِيْدُ والْمُفْتِي، وَالْمُسْتَفْتِي، ومَا فِيْهِ الاسْتِفْتَاْءُ، وأَنَّ الْمُحَصِّلَ لِعِلْمٍٍ مُعْتَبَرٍ، إِذا لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الاجْتِهَاْدِ، يَلْزَمُهُ التَّقْلِيْدُ، والاتِّفاقُ على اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ بالْعِلْمِ والْعَدَاْلَةِ، ولا يَحْتَاجُ الْمُجْتَهِدُ إلى تَكْرِيْرِ النَّظَرِ عِنْدَ تَكَرُّرِ الْوَاقِعَةِ وقِيْلَ: يَحْتَاجُ، وغَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يُفْتِي"بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ، وإذا تَعَدّدَ الْمُجْتَهِدُوْنَ، فَلِلْمُقَلِّدِ تَقْلِيْدَ مَنْ شَاءَ"وإنْ تَفَاْضَلُوا.
16
القاعدةُ الرابعةُ في الترجيح
الترجيح أساسه: الْمُعَارَضَةُ، والتَّرْجِيْحُ، ومَاْ بِهِ التَّرْجِيْحُ، وما يجب إذا تعارضَ ضَرْبَا ترجيحٍ أَحَدُهُمَا ذَاتِيٌّ، والآخَرُ حَالِيٌّ، وتَرْجِيْحُ الْقِياسِ بِمِثْلِهِ فَاسِدٌ لانْفِرَاْدِهِ بِالْعِلِّيَّةِ وبِغَلَبَةِ الأَشْبَاْهِ.
محمود السيد الدغيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.