اجتمع في مدينة اوبسالا الجامعية في السويد، ما يقرب من 300 من أبرز الباحثين للمشاركة في مؤتمر دولي متخصص في "طب الحساسية" Allergy Medicine. وهدف المؤتمر الى مناقشة مشكلات هذا المرض، ومعرفة سبب انتشاره في دول الجنوب الفقيرة التي تحاول الاقتداء بالشمال الغني. تمثل الهدف الأساس لهذا المنتدى العالمي، في بناء جسور بين الباحثين والاطباء العاديين في كل أنحاء العالم. وأعطى ركناً خاصاً لطرق اكتشاف أمراض الحساسية في وقت مبكر لدى الأطفال. مجرد نظرية، ولكن... وفي لقاء خاص مع "الحياة"، شرح البروفسور السويدي ستافان اهلستدت، ان الحساسية على وشك ان تصبح "مرض العصر...نظراً الى سرعة انتشارها في الدول الفقيرة والدول التي كانت مستعمرة، والتي تحاول راهناً الوصول الى مستوى الرفاهية التي وصل اليها الغرب. لا نعرف حتى الآن السبب الأساس وراء امراض الحساسية...هناك نظريات عدة اهمها نظرية... النظافة"! ويشير اهلستدت الى ان المجتمع الغربي أصبح شبه معقم، بفعل انتشار مستوى من النظافة عالي المستوى، في المنازل وأماكن العمل والاسواق. "نعتقد ان النظافة الزائدة هي السبب الرئيس لانتشار امراض الحساسية عند البشر! قبل 15 سنة، كنا نحذر الأهل من تعريض اطفالهم الحديثي الولادة لأماكن متسخة او الاقتراب من الحيوانات، ولكن هذه النظرية "تغيرت" قليلاً بعد ان تبين ان الاكثار من الابتعاد عن الميكروبات كافة، يضعف جهاز المناعة عند الانسان...ربما ادى ذلك الى تعزيز الاصابة بمرض الحساسية". وينبه اهلستدت الى ان ارتفاع مستويات النظافة في بعض الدول النامية، وفي شكل سريع، ترافق مع ارتفاع في معدل حالات الحساسية، بحسب رأي بعض الاختصاصيين. ويضرب مثلاً بألمانيا الشرقية سابقاً، حيث "كانت معدلات الاصابة بأمراض الحساسية مخفوضاً نسبياً ابان الحكم الشيوعي... ولكن بعد 15 عاماً على دخولها المجتمع الرأسمالي ارتفعت حالات الحساسية فيها لتصل الى اكثر من 25 في المئة بين السكان". وربما ينطبق وصف مماثل على عدد من الدول العربية التي تسجل قفزات في الاصابة بالحساسية، بالمقارنة مع ازمنة ماضية. وزار البروفسور السويدي ماغنوس فيكمان المملكة العربية السعودية مرات كثيرة، لمعاينة تطور مرض الحساسية عن كثب. وعمل مع بعض اهم اطبائها. ويشير فيكمان الى ان المجتمع السعودي تغير كلياً. "بعد ان كان شبه خالٍ من مشكلات الحساسية والربو، اصبحت السعودية راهناً تعاني اكثر من الغرب تلك الأمراض. ولربما انطبقت "نظرية النظافة" على المجتمع السعودي، حيث تعيش العائلات في بيوت شبه معقمة ومنعزلة عن الطبيعة الخارجية ومعتمدة على التكييف والتدفئة الاصطناعية. يخرج الفرد من بيته المعزول الى سيارته المعزولة ومكان عمله المعزول كما ان الطعام الذي يتناوله المقيم هناك شبيه بالطعام المعقم والخالي من البكتيريا والجراثيم، انه يشبه الطعام الذي نتناوله هنا في الغرب". ويحذر من مخاطر الافراط في استخدام العطورات والبخور. ويلاحظ انها عادات شائعة في السعودية ومعظم دول الخليج... "تحب المرأة السعودية العطور الثقيلة، كما ان الكثير من انواع البخور يستخدم في المنازل... ربما لا يكون السبب الأساس للاصابة بمرض الحساسية... وقد يكون العامل المسبب لتفاعل مرض الحساسية واظهاره". منذ عشرات السنين يحاول المئات من الباحثين في مجال امراض الحساسية التوصل الى دواء معالج لامراض الحساسية كافة، ولكن من دون جدوى. ويشير اهلستدت الى انه "لا يوجد دواء يشفي الانسان من مرض الحساسية... ثمة علاجات تكبح المرض وتخففه". ويضيف: "يهدف هذا المنتدى الى مد جسور بيننا وبين الاطباء العامين، الذين يختلطون بالمرضى في شكل مستمر. وفي حال حصل الطبيب العام على خبرة تساعده لاكتشاف اعراض الحساسية في شكل مبكر عند المريض، فهذا يسهل مكافحة المرض، ويخفف من احتمال تفاعله مستقبلياً. ومن المعروف انه في حال شكك الطبيب بوجود الحساسية يمكنه اخذ فحص دم وإجراء اختبار للتأكد من ذلك". يعطي اهلستدت نصائح لمحاربة امراض الحساسية اهمها "عدم منع الاطفال من اللعب في اماكن عامة فيها ميكروبات ومتسخة، وعدم منع الاطفال من الاقتراب من الحيوانات، إضافة الى عدم الافراط بالنظافة المنزلية، وتجنب تعقيم الطعام...الانسان بحاجة الى بعض الميكروبات التي قد تصيبنا بأمراض خفيفة، ولكنها تقوي جهاز المناعة عندنا.