يُحضِر صيادون مخضرمون الى الشاطىء أسماكاً ضخمة من مياه المحيط الزرقاء في ساو تومي وبرنسيب. ولكن في الأعماق تكمن ثروة أكبر تثير عواصف تضرب هذه الجزر الأفريقية النائية بقوة. وتشير بيانات سيزمية الى احتمال وجود بلايين من براميل النفط قبالة ساحل ساو تومي قرب نيجيريا وغابون وأفريقيا الاستوائية الغنية بالنفط، في منطقة تزداد أهميتها النفطية بعيداً عن مخاطر الشرق الاوسط. وقال محللون اقتصاديون، أمس الثلثاء، ان ذلك يثير صراعاً محلياً حاداً بين القوى يزداد تعقيداً بتدخل لاعبين كبار من الخارج اجتذبتهم هذه الجزر التي كانت على رغم فقرها تنعم بالهدوء. وأضافوا ان القلاقل قد تكون ثمن النفط في هذه الجزر التي تضم 170 ألف نسمة وتُصدّر القليل من الموز والكاكاو، ولا يزيد فيها متوسط دخل الفرد عن 280 دولاراً سنوياً يُمكن ان يزيد 20 مرة إذا تحققت توقعات متفائلة. وقال الرئيس السابق، مانويل بينتو دي كوستا: "عندما تفوح رائحة النفط، تضطرب العقول. إنها تخلق سراباً في عقول الناس. وإذا لم نعرف كيف نديرها، فإننا سنعيش في جحيم". وبالفعل، فقد بدأت العاصفة تضرب الجزر، على حد قول المراقبين. ففي كانون الثاني يناير الماضي، حلّ الرئيس فراديك دي منزيس البرلمان ودعا الى انتخابات عامة مبكرة عن موعدها بثلاث سنوات، وذلك بعد خلافات حول من له حق التفاوض في عقود النفط. وانتهت هذه الأزمة وعاد البرلمان. لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة. وأحدث نزاع كان في شأن مبلغ يقول الرئيس انه حصل عليه من شركة نفط واستخدمه في تمويل حملته بطريقة مشروعة. إلا ان خصومه يتهمونه بالتلاعب. وفي مؤشر الى تنامي التوتر، قُتل شاب أخيراً فيما أُلقي القبض على العشرات في تظاهرات مناهضة للحكومة تُطالب بتحسين الأجور. وقال وزير النفط، رافائيل برانكو: "النفط يسيطر على عقول الناس.. والبلاد متوترة جداً". ولصغر مساحتها، نجت ساو تومي منذ استقلالها عام 1975 من القلاقل التي عصفت بدول أفريقية اخرى. كما ان الجزر لم تكن مأهولة عندما جاءها البرتغاليون. ولذلك فان الانقسامات العرقية أقل حدة منها في مناطق اخرى في أفريقيا. ويُشير المراقبون الى ان الفساد منتشر في هذه الجزر التي تقل صادراتها عن أربعة ملايين دولار سنوياً، وان كانت غالبية موازنتها تأتي من مانحين يُراقبون أين تذهب النقود. أي انه إذا كانت هناك مشكلة على هذا الصعيد، فإنها أصغر منها في دول أفريقية مجاورة. كما أثار طريق الثروة التي يُمكن ان تسير فيه ساو تومي اهتمامات دول مجاورة. فقد ألقت نيجيريا بثقلها واتفقت مع ساو تومي على إنشاء منطقة تنمية مشتركة على حدودهما البحرية. وستحصل نيجيريا، التي يزيد عدد سكانها 700 مرة عن سكان ساو تومي، على 60 في المئة من عائدات النفط المستقبلية. وفي خطوة تُعبّر عن القلق من نيجيريا، اقترح دي منزيس طلب مساعدة عسكرية من الولاياتالمتحدة. لكن واشنطن أعلنت انها لا تعتزم حالياً إقامة قاعدة بحرية في ساو تومي. وفي المقابل، عملت ساو تومي على تحسين علاقاتها مع أنغولا المنتِجة للنفط والمستعمرة البرتغالية السابقة مثلها. وأضاف دي منزيس: "نحن جزيرة صغيرة قابلة للاختراق. نريد ان نعيش في سلام. ويجب إعداد البلاد لصدمة النفط".