قامت الهند في 1998 بخمس تجارب نووية ناجحة، تعمدت ان يكون تفجيرها قرب الحدود الباكستانية. فانضمت مذ ذاك الى "نادي" الدول المالكة للأسلحة النووية. ولأن التحدي كان يستهدف دولة باكستان المجاورة، فلم تمض ايام قليلة، عقب تلك التفجيرات الاستفزازية، حتى قامت باكستان بالرد على تلك التفجيرات بإجراء خمس تجارب نووية ناجحة يوم 28 من الشهر نفسه. ثم أتبعتها بتجربة سادسة في الثلاثين منه. وسبق قيام الدولتين بتلك التفجيرات النووية قيامهما بإنتاج وتطوير صواريخ بالستية بعيدة المدى، قادرة على حمل رؤوس نووية الى مسافات متوسطة وبعيدة المدى. ومنذ تلك الأحداث التي راقبها العالم بذهول بسبب اعتقاده ان انتاج مثل تلك الأسلحة، بسبب تكاليف إنتاجها الباهظة، وبسبب حاجة كل منهما لكل قرش أو دولار لمواجهة السيل الهادر من المواليد والمطالب الحياتية لملايين البشر المحتاجين للدواء والغذاء متعذر على البلدين. ومنذ ذلك الوقت تدفقت اسئلة المحللين والمراقبين، وتركزت بشكل اساسي تقريباً على تساؤل مفاده: هل مثّلت تلك الحوادث بداية سباق تسلح في منطقة جنوب آسيا؟ وما هي انعكاسات ذلك على استقرار الأمن والسلام العالميين؟ ولماذا عجزت اجهزة المخابرات الغربية عن معرفة حجم التطور الحقيقي للبرنامج النووي في الدولتين؟ إن من المهم إلقاء نظرة سريعة على جزئية واحدة من ماضي علاقات الدولتين الآسيويتين، وخلفية العداء المستحكم بينهما، وهو العداء الذي ادى اكثر من مرة لتفجر الحرب بينهما. وكاد الصراع بينهما ان يتطور الى أسوأ مما حدث بسبب عداوات قديمة ترسّخت في ذهنية صانع القرار الهندي، بوجه خاص، وجعلت كل تفكيرة ينصب على هدف وحيد هو الأمل في السيطرة على دولة باكستان المجاورة، والقضاء عليها كدولة إسلامية في ذلك الجزء من القارة الهندية. وتعتبر الهند ان باكستان عدو لدود لها. وهي لم تعترف بها كدولة اعترافاً حقيقياً في يوم من الأيام. وما الحروب التي كانت السبب في اشتعال نارها إلا دليل على ذلك. والهند تسيطر على اغلب مناطق جامو وكشمير منذ حرب 1948 التي اخذت فيها باكستان على حين غرة. وشنت حرباً خطيرة ضدها عام 1965، وقامت ببتر الذراع الشرقي لها عام 1971. وازدادت التحرشات الهندية بدولة باكستان الإسلامية حدة مباشرة بعد اعتلاء حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتعصب سدة الحكم. وهو نص برنامجه الانتخابي على إجراء التجربة النووية، وتحرير الجزء الذي تسيطر عليه باكستان من كشمير. محمد محمود [email protected] [email protected]