أحيطت زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ل صنعاء أمس بالسرية والكتمان والاجراءات الأمنية المشددة، ولم يتم الإعلان رسمياً عن وصول تشيني إلا بعد مغادرته، حيث لم تستغرق زيارته أكثر من ساعتين عقد خلالها جولتين من المحادثات مع الرئيس علي عبدالله صالح، الأولى بحضور كبار المسؤولين اليمنيين والوفد المرافق لتشيني، والثانية اقتصرت عليهما فقط. وجرت المحادثات في صالة التشريفات بمطار صنعاء فور وصول تشيني على متن طائرة عسكرية أميركية من طراز "سي 170". واستقبله على أرض المطار نائب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي اصطحبه على الفور لاجراء المحادثات مع الرئيس صالح. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة بأن علي صالح أكد مجدداً موقف بلاده الرافض للإرهاب بكل أشكاله وصوره ومبدأ الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه وتعزيز الشراكة بين اليمن والولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك بين البلدين. وأضافت المصادر ان تشيني أبدى ارتياحه لمستوى التعاون الذي تقدمه الحكومة اليمنية لمكافحة الإرهاب وملاحقة العناصر المطلوبة والاجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية في هذا الجانب، وأنه وعد بمساعدات أميركية في مجال التدريب والمعدات بما يساعد القوات اليمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب في انجاز مهماتها. وقالت المصادر إن وجهات النظر بين الجانبين اتفقت في عدد من القضايا التي تم بحثها، في حين كان هناك تباين في قضايا أخرى، خصوصاً مسألة ضرب العراق التي أكد الرئيس صالح موقف اليمن الرافض لتوجيه أي ضربة عسكرية اليه، وانه أكد لنائب الرئيس الأميركي استعداد اليمن لمواصلة جهوده مع العراق من أجل القبول بعودة المفتشين الدوليين في إطار قرارات الشرعية الدولية التي يؤكد العراق التزامه بها، وبما يضمن أمن العراق واستقراره وسلامته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. وكان علي صالح بحث مع تشيني في الأفكار المطروحة من قبل ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حول ايجاد سلام عادل وشامل في المنطقة مقابل الانسحاب الإسرائيلي حتى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وإمكان أن تتبنى القمة العربية في بيروت تلك الأفكار لتصبح مبادرة عربية ويبقى على الولاياتالمتحدة الزام الجانب الإسرائيلي بالقبول بالمبادرة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وبما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدسالشرقية، على أن يتولى الجانب العربي بذل الجهود مع الجانب الفلسطيني للخروج من الوضع الراهن وإعادة الهدوء والاستقرار في المنطقة. وأكد الجانبان حرصهما على تطوير العلاقات الثنائية ومجالات التعاون، فيما جدد تشيني التزام الولاياتالمتحدة تقديم مساعدات لليمن ثنائياً في المجال الاقتصادي وعبر الدول المانحة، لدعم برامج التنمية ومكافحة الفقر ودعم النهج الديموقراطي وجهود مكافحة الإرهاب. إلى ذلك، توقعت مصادر ديبلوماسية في صنعاء أن يرسل الرئيس علي صالح مبعوثاً من قبله إلى بغداد قريباً. وقالت هذه المصادر إن احتمال قيام وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي بزيارة بغداد ليس مستبعداً، وربما يحمل رسالة من علي صالح الى الرئيس صدام حسين تتعلق بوجهة نظر اليمن في حض العراق على قبول عودة المفتشين الدوليين في إطار قرارات الشرعية الدولية لكي يتجنب أي ضربة عسكرية أميركية. وفي هذا السياق، تلقى الرئيس اليمني أمس رسالة من الحكومة البريطانية تتعلق بالاجراءات المتصلة بطلب الحكومة اليمنية تسليمها الإرهابي أبو حمزة المصري لمحاكمته أمام القضاء اليمني لتورطه في جرائم إرهابية وقعت في اليمن قبل سنوات. وقالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" أمس إن لندن أكدت حرصها على تعزيز العلاقات مع اليمن وتنسيق جهود البلدين في مكافحة الإرهاب، وأكدت بأنها لن تسمح بأن تكون أراضيها ملاذاً آمناً لأي إرهابي أو منطلقاً لأي نشاط معاد لليمن أو غيره من البلدان.