بريسدنتي ديركي الارجنتين - رويترز - بعدما تجمدت الحسابات المصرفية في الارجنتين وأفلست آلاف الشركات، عادت قبيلة توبا الهندية الى جذورها وبدات تتعامل مرة اخرى بالمقايضة من اجل البقاء على قيد الحياة. الا ان هذا التقليد لم يعد قاصراً على المحمية التي تعيش فيها القبيلة في منطقة على مشارف العاصمة بوينس ايريس، اذ اصبحت المقايضة أكثر الأنشطة انتعاشاً خلال مرحلة ركود تعيش عامها الرابع الآن. وانتشر نحو 75 نادياً للمقايضة في بوينس ايريس وما حولها وهي المنطقة التي تمتعت في التسعينات بمستويات معيشية كانت تضاهي مثيلتها في المدن الاوروبية. ويتدفق ما بين 2.5 مليون وخمسة ملايين على 4500 ناد للمقايضة عبر البلاد لمبادلة كل شيء من الاطعمة حتى الرحلات السياحية مروراً بالملابس والسيارات والعقارات. ولم يقلص النمو في عدد اسواق المقايضة من عدد الذين يقايضون مع قبيلة توبا التي بدأت نشاطها منذ شهرين وسط تزايد مطرد في الزبائن الذين يتدفقون على اسواق تقيمها ثلاث مرات اسبوعياً. وقالت سونيا دياز ابنة القبيلة وهي تحاول مقايضة سلال من القش: "لم اكن استطيع الحصول على ملابس جديدة او احذية جديدة قبل انتعاش سوق المقايضة". وقررت القبيلة فتح الباب أمام الآخرين وأخذت تحاول مقايضة مصنوعات يدوية من اجل توفير الطعام والغذاء للمقيمين في المحمية البالغ عددهم 150 شخصاً. وقال المنظمون ان السوق انتعشت وزاد عدد الزبائن من 40 الى 200. وابناء توبا ليسوا استثناء في الفقر. اذ ان نحو 22 في المئة من القوة العاملة تعاني الآن من البطالة. ويعيش 45 في المئة من مواطني الارجنتين في فقر والبيزو اصبح يساوي نصف قيمته مقابل الدولار منذ خفضه في كانون الثاني يناير. ومن بين كل ستة متاجر اغلق متجر ابوابه في ما وصفه جورجي ريميس لينيكوف وزير الاقتصاد بأنه أسوأ أزمة خلال قرن. وتمتعت كارمن البورنوز بمستوى معيشي جيد على مدى 20 عاماً عملت خلالها في وظيفة متواضعة في شركة "تيكينت" احدى كبرى الشركات الصناعية القابضة حتى استغنوا عنها قبل 19 شهراً. وقالت انها انفقت كل ما لديها ولم يعد ثمة مفر من مقايضة ملابسها بالطعام. واضافت: "في ايام الجمع نقايض هنا وفي ايام السبت نقايض على مسافة قريبة وفي الآحاد نقايض في الميدان امام الكونغرس، اما في ايام الاثنين فإننا نقوم بعملنا في شمال المدينة. هذا هو جدول اعمالي كل اسبوع". وقال محللون ان انتعاش اسواق المقايضة جاء نتيجة العقبات المصرفية التي فرضت في كانون الاول ديسمبر الماضي لوقف التدفق على السحب من المصارف ومحاولة اجبار الاقتصاد غير الرسمي الضخم على الاندماج في قنوات الاقتصاد الرسمي المشروع. وقال خوليو بوردمان مدير قطاع الابحاث في مؤسسة "نويفا مايوريا" الاستشارية: "اكثر الذين تضرروا من القيود المصرفية هم العاملون في القطاع غير الرسمي او خارج النظام المصرفي الذي يمثل في الارجنتين 60 في المئة من السكان". والواقع ان تلك الازمة الاقتصادية التي تمر بها الارجنتين لم تعد للحياة تقليدا قديماً تتوارثه قبيلة توبا عبر الاجيال فحسبإ بل انها ايضاً جعلت عائلات القبيلة البالغ عددها 32 اسرة تفخر بهذا التقليد. وتعيش القبيلة التي انتقلت قبل ستة اعوام من اقليم تشاكو في الشمال للاقامة في بريسدنتي ديركي، وهي بلدة تبعد مسافة 60 كيلومتراً شمال غربي بوينس ايريس على وجبة واحدة يومياً مقدمة من احدى الكنائس. وربما تتوافر اكثر من وجبة في اليوم في حال نجاح بعض صفقات المقايضة.