أبقت بطولة العالم الثامنة لألعاب القوى التي اجريت في مدينة ادمونتون الكندية سجل الأرقام القياسية العالمية في منأى من أي تغيير، فلم يتحطم أي رقم منها كما ان النتائج المسجلة في غالبية المسابقات جاءت دون مثيلتها المحققة في بطولة العالم السابعة في مدينة اشبيلية الاسبانية قبل عامين. وعزا مراقبون مطلعون ان السبب الرئيسي لهذه الظاهرة التشدد في فحوصات المنشطات، فبات لازماً ادخال تعبير جديد الى شعار "لم الألعاب" والألعاب الأولمبية من خلالها، ليصبح مثلث "الأسرع والأعلى والأقوى" مربعاً باضافة "... والأنظف"، والقصد من ذلك ان المتنافسين لم يتعاطوا المنشطات... وقارن محللون للأرقام المسجلة بين ما سجل في اشبيلية وما سجل في ادمونتون، والنتائج والأرقام في اللقاءات الدولية التي سبقت بطولتي العالم في المدينتين، ليؤكدوا توقعاتهم وقرائنهم، ولا سيما ان تراجع "اندفاع" المشاركين في غالبية السباقات أثّر عموماً على نتائج المتوجين. لقد سجل المغربي هشام الكروج الفائز بسباق ال1500م للمرة الثالثة على التوالي زمناً مقداره 3.30.68 دقائق في مقابل 3.31.10د للكيني برنارد لاغات و3.31.54د للفرنسي ادريس معزوزي. بينما سجل الكروج في اشبيلية 3.27.65د، ونزل أربعة آخرين دون 3.32د. ويؤكد المحللون ان اعلان الكشف المبرمج والفجائي عن المنشطات خصوصاً فحص "ايبو" فرمّل "نهم" رياضيين كثيراً، الذين تصفهم العداءة الرومانية غابرييلا شابو بالآلات. والملاحظ في سباقات السيدات ان الأرقام المسجلة في المسافات المتوسطة والطويلة، باستثناء الماراثون، كانت أقل من تلك المحققة في اشبيلية وبفارق واضح، حتى ان سباق ال5 آلاف متر الذي أحرزته الروسية أولغا ييغوروفا، المتهمة بتعاطي المنشطات في ضوء نتيجة فحص لقاء باريس الدولي، سجلت خلاله 15.03.39د في مقابل 14.41.82 حققتها شابو في اشبيلية، وهي هددت بمقاطعة السباق اذا شاركت ييغوروفا "المتنشطة"، علماً ان لكل سباق ظروفه المناخية والتكنيكية التي يعوّل عليها في الفارق بين الأوقات المسجلة. والتراجع في الأرقام ينسحب على سباقات السرعة، باستثناء ال400م حواجز للرجال، لكن التقدم كان جلياً في مسابقات الرمي في ما عدا رمي المطرقة للسيدات، ولفت البعض ان وجود مواد منشطة جديدة لنمو العضلات "غير مرئية" بعد، تجعل متناوليها في مأمن في الوقت الحاضر. والى الحذر من "الفضيحة"، شكّل غياب بعض الاسماء سبباً مباشراً لتراجع مستوى الأرقام المسجلة، حيث افتقد سباق ال400م للرجال للأميركي مايكل جونسون، وسباق السيدات للأوسترالية كاتي فريمان والفرنسية المحتجبة ماري جوزيه بيريك، كما غاب الأميركي موريس غرين عن سباق ال200م بداعي الاصابة ولم تبذل مواطنته ماريون جونز قصارى جهدها في السباق عينه بسبب آلام الظهر، علماً انها المشاركة الوحيدة، من أصل 1172 خاضوا سباقات ادمونتون، طوقت عنقها بذهبيتين 200م والتتابع 4 مرات 100م. كما ان سباق ال100م للرجال كان مميزاً ولعله الاجمل في البطولة عموماً، حيث نزل خمسة عدائين دون حاجز ال10 ثوانٍ، ورقم الفائز غرين 10.82ث هو ثالث افضل رقم في تاريخ السباق. لكن "امسيات ادمونتون" لم تظهر نجماً استثنائياً متألقاً على غرار الأميركي كارل لويس في هلسنكي عام 1983 ال100م والوثب الطويل ومواطنه مايكل جونسون في غوتبورغ 1985 200 و400م والتتابع 4 مرات 400م والأوكراني سيرغي بوبكا في اثينا 1997، حين فاز للمرة السادسة على التوالي بلقب القفز بالزانة. ويبقى الألماني لارس ريدل العلامة الفارقة في البطولة الثامنة، فقد حقق لقبه العالمي الخامس في رمي القرص 69.72م واستعاده بعد اخفاق اشبيلية. ويليه من حيث عدد مرات التتويج الكوبي ايفان بدوزو، بطل الوثب الطويل للمرة الرابعة على التوالي. لكن شخصية ريدل غير محبوبة من قبل زملائه، حتى من قبل مواطنه مايكل مولنبيك الفائز بالبرونزية. و"الرماة" عموماً يفضّلون عليه بطل الرمّاح التشيخي يان زيليزني المتوج أولمبياً ثلاث مرات متتالية منذ 1992، وعالمياً في أعوام 1993 و1995 و2001. وعلى صعيد "القوى المسيطرة"، لا تزال الولاياتالمتحدة وروسيا في القمة برصيد 19 ميدالية لكل منها، وتصدّرت الولاياتالمتحدة الترتيب ب9 ذهبيات في مقابل 6 لروسيا. وتتزعم المانيا دول الاتحاد الأوروبي بسبع ميداليات بينها ذهبيتان لكن حصيلتها تعتبر متدنية نسبياً وقريبة مما حققته في غوتبورغ 6 ميداليات، بينما حققت بريطانيا النتيجة الأسوأ لها ميدالية ذهب وأخرى برونز. في حين يلاحظ التقدم المضطرد لأثيوبيا 8 ميداليات، وافريقيا عموماً سجلت المزيد من التقدم وقد تصبح على غرار القارة الأميركية حيث التنوع المميز من قبل أبطال كوبا وجامايكا والباهامس، ولا عجب في ذلك طالما ان مركز الاعداد الاقليمي في داكار عاصمة السنغال فاعل وناشط، وأول الغيث كان ذهب السنغال بفضل تيام مباكي في ال400م للسيدات وفضية الكاميرونية ايتون مبانكو في الوثبة الثلاثية.