كل عصر له نجومه.. من نجوم عصرنا اليوم الممثلون النجوم والمغنون المشاهير وابطال كرة القدم. لقد صعدت أرباح هؤلاء جميعاً الى السماء. إن نجم الجولف الاسمر الصغير عمره 24 سنة تايجر وودز حقق ارباحاً مالية بلغت 5 ملايين دولار في فترة لا تزيد على اربعة اشهر، من آب اغسطس الى كانون الثاني يناير. وهذا اللاعب قد يكون اقل اللاعبين كسباً للمال، ان ابطال الكرة بعد الاحتراف وعملية بيعهم للنوادي قد قفزت عن عشرة ملايين دولار.. في عالم السينما مثلا اصبح اجر روبرت دي نيرو يصل الى 15 مليون دولار في الفيلم.. وقس على ذلك نجوم التلفزيون ونجوم الكرة.. من بين هؤلاء جميعاً كانت النقود تجري في يد مارادونا لاعب الكرة الشهير.. او صانع الالعاب كما كانوا يسمونه.. ............... ارتفع رصيده في البنوك الى الملايين.. وارتفع رصيده في الملاعب فصار هو المعشوق الاول في الكرة.. كان اذا نزل ارض الملعب اشتعلت الجماهير بالهتاف والطبل والزمر وكان مارادونا فناناً بينه وبين الكرة سر كما يقولون، حتى كأن الكرة كانت تطيعه وتستسلم لركلات وتمريراته الذكية وتستقر اخيراً في شبكة الفريق المنافس.. وكان الناس يتابعون مارادونا كما يتابعون ساحراً من سحرة الزمان القديم وهو يقوم بألاعيبه.. واشتهر مارادونا شهرة فاقت شهرة النجوم، كان اذا ذهب للعشاء في مطعم اسرع اليه صاحب المطعم يحييه، فإذا جاء وقت الحساب رفض صاحب المطعم ان يتقاضى من مارادونا اي نقود، وقال له - انه يكفيه شرفاً أن يكون مارادونا من زبائنه.. يوما بعد يوم.. عاش مارادونا حياة النجوم، بكل ما تحمله هذه الحياة من معانٍ.. والمعروف أن تدفق الملايين على النجوم، ومعاملة الناس لهم بحب يتجاوز حدود المعقول.. يؤديان في النهاية الى تغيير النجوم.. إن المال الوفير والشهرة العريضة يسكران المرء عادة ويقنعانه بأنه من طينة أفضل من طينة البشر.. ويستقر في وعي النجم أنه مختلف عن البشر.. وبالتالي فإن القوانين البشرية لا تنطبق عليه، كما أن المتع البشرية المعتادة لا تكفي لإمتاعه، كما أن مباهج الحياة اليومية لا تكفي لاسعاده. وهنا يبدأ النجم في تجربة وسائل جديدة للسعادة الوهمية أو الصناعية، ويبدأ تعرفه على عالم المخدرات.. ............. وهكذا بدأت رحلة مارادونا مع المخدرات منذ اوائل الثمانينات، اختار اعتى انواعها وهي السموم البيضاء الهيروين والكوكايين وبدأ بها... وتزامنت بدايته بعد وصوله الى إيطاليا للعب مع فريق نابولي.. وقد عوقب مارادونا بالايقاف عن لعب كرة القدم بسبب المخدرات مرتين، الاولى وهو في صفوف الفريق الايطالي، والثانية وهي ضمن صفوف المنتخب الارجنتيني في نهائيات كأس العالم سنة 1994 بالولايات المتحدة، وقد استبعد يومها من صفوف المنتخب، ولم يكمل البطولة، وكان سيعاقب بالايقاف للمرة الثالثة حين عاد الى موطنه ولعب في صفوف فريق بوكاجونيور سنة 1997 عندما ظهرت نتيجة العيّنة التي اخذت منه ايجابية، لولا أن الايدي الخفية تدخلت في الموضوع وتم تبديل العيّنات.. ...................... انحسر عن النجم بهاؤه، وانطأ إشعاعه، وضاعت قدراته في الملعب، ولم يعد ساحر الكرة او فنانها يستطيع ان يستعيد مجده السابق.. وانكب أكثر على المخدرات.. انتهى الامر وصار ضحية للمخدرات من الذي كان وراءه.. من هم رفاق السوء الذين صحبوه الى كهف المخدرات المروع. كشفت مجلة "عالم الكرة" الانجليزية الستار عن هذا السر، وقالت إن هناك اثنين يمكن اعتبارهما مسؤولين عما حدث له، رجل الاعمال الارجنتيني "فيرو فيارا" وهو مشتبه باتجاره في المخدرات لدى البوليس الارجنتيني وهو مطلوب لمحكمة في اورجواي اصدرت أمراً بالقبض عليه. اما المسؤول الثاني - وهو المفاجأة - فهو مدير أعماله "جيلارمو كوبولا" وقد سبق له أن قضى فترة في السجن متهماً في قضية مخدرات، وهو الرأس المدبرة لمعظم مصائب مارادونا. وهكذا ذبح مدير الاعمال الفرخة التي تبيض ذهباً... وقد دخل مارادونا المستشفى اكثر من مرة للعلاج، وفي إحدى المرات انخفض معدل أداء قلبه الى 38 في المئة من أدائه المفروض، وارتخت عضلاته وكاد أن يموت، واتضح انهم يسربون له المخدرات في المستشفى التي دخلها للعلاج ما الذي بقي من مارادونا اليوم. إن الأطباء يؤكدون انه إذا لم يمتنع تماماً عن المخدرات فسوف يموت فجأة.. وبهذا وصلت دراما مارادونا الى ذروتها.. أخيراً تحولت الاسطوة الى شبح.