ليس غريباً ان يتجاوز الرقم الذي انفقته الحكومة السعودية على توسعة الحرمين الشريفين حاجز البليون الاول ثم البليون الثاني خلال عقدين من الزمن، ذلك لان المملكة ومنذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز ال سعود، اتخذت من خدمة الحرمين الشريفين والاماكن المقدسة هدفاً أساسياً لها. وكان الملك المؤسس نذر نفسه لهذا الواجب العظيم، لدرجة أكد معها في وصيته على ضرورة الاهتمام ب"علماء المسلمين"، ولان ابناءه ادركوا ان "توقير مجالس العلماء" الذي أوصى به الملك المؤسس يجب ان يترجم الى واقع ملموس. وقد واصلوا العطاء من بعده الى ان تمكنوا بفضل من الله من اجراء اكبر توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين،اضافة الى توفير كل الخدمات التي من شأنها تمكين الحاج والمعتمر من اداء مناسكه وسط جو آمن ومريح. ولهذا الغرض عملت السعودية على عدد من المشاريع الحيوية مثل الطرق السريعة والجسور والانفاق التي تسهل تحركات الحجاج. وفي السنوات الاخيرة، وبعد اكتمال ما يمكن ان نسميه البنية التحتية، اتجهت الحكومة الى العمل على المشاريع التي من شأنها توفير السلامة لزوار بيت الله ومسجد رسوله. ولعل اخرها الخيام المضادة للحريق والمجزرة المسلخ الخاصة بالاضاحي والتي تعتبر اكبر مجزرة في العالم. وقبل ذلك كانت السعودية، ومراعاة للظروف المناخية، عملت على تزويد الطرق المؤدية الى المشاعر المقدسة باجهزة لرش المياه الباردة من اجل التخفيف من حرارة الطقس. يبدو الحرمان الشريفان والاماكن المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في أعلى مستوى من الانجاز المتقن توسعة وخدمات متكاملة تهيء للحاج والمعتمر والزائر كل ما يتطلع اليه من أمن وأمان واستقرار وطمأنينة 0 ونتيجة لذلك شهدت مواسم الحج والعمرة تزايداً مستمراً ومتصلاً فى اعداد الحجيج والمعتمرين والزوار خلال الستين عاماً الماضية حيث تلاشت المشقة التي كانوا يعانونها، وهيأت المملكة لهم جميع السبل والوسائل التي تعينهم على القيام برحلة العمر وحج بيت الله الحرام0 وبثت وكالة الانباء السعودية تقريراً حول اعداد الحجاج القادمين الى الديار المقدسة من خارج المملكة ومدى التدرج في الزيادة خلال الفترة بين 1350 و1419هجرية مستندة الى الاحصاءات الصادرة عن المديرية العامة للجوازات، فذكرت ان اعداد الحجاج كانت اقل من 100 الف حتى سنة 1369 ثم تضاعف هذا العدد العام 1374، وبعد ذلك تراوحت الاعداد ولمدة عشر سنوات بين الزيادة والنقصان، ثم اخذت بعد ذلك في الارتفاع وبلغت العام 1389 أكثر من اربعمئة الف حاج. واستمرت الزيادة في التصاعد الى ان وصل العدد سنة 1392 الى 645 الف حاج. وفي سنة 1394 قفز العدد دفعة واحدة الى 918 الف حاج أي بزيادة 311 الف حاج عن السنة الماضية وبنسبة مئوية قدرها 51 في المئة. وتحقق اكبر رقم يصل اليه عدد الحجاج القادمين من الخارج سنة 1403 حيث وصل العدد الى 1005060حاجاً، ويمثل هذا العدد الرقم القياسي لسنوات القدوم حتى سنة 1407 وهي السنة التي بلغ فيها مجموع الحجاج 9060386 حاجاً. وأدى أرتفاع معدلات القدوم اليومي سنة 1407الى زيادة ملحوظة فى ذلك الموسم حيث سجلت بعض ايام القدوم اعداداً كبيرة تجاوزت 60 الف حاج فى اليوم الواحد. ونتيجة لذلك اضطلع الملك فهد بن عبدالعزيز باقامة مشاريع عملاقة وكبيرة لتوسعة الحرمين الشريفين وتطوير المدينتين المقدستين والمشاعر المقدسة لرفع الطاقة الاستيعابية لهما أضعافاً عدة خدمة لضيوف الرحمن. استدعى شروع السعودية في الخطط الجديدة صدور قرار عن المؤتمر الاسلامي السابع عشر لوزراء الخارجية الذي انعقد في العاصمة الاردنية خلال الفترة 21 25 أذار مارس 1988 بشأن التدابيرالخاصة في تنظيم وتحديد أعداد الوافدين الى الاماكن المقدسة لاداء فريضة الحج، وقد أيد القرار الاجراءات السعودية بتحديد نسبة حاصل تقسيم سكان الدولة على عدد المسلمين في العالم طالباً من الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي التعاون مع حكومة المملكة في كل ما من شأنه اتخاذ الاجراءات الملائمة لذلك بما يكفل تكافوء الفرص بين جميع الحجاج وتأمين اداء مناسكهم وتوفير جميع وسائل الراحة لهم 0 وبلغ عدد الحجاج القادمين من الخارج في تلك السنة 1408 762755 الف حاج، وكان عددهم العام 1406حوالي774560 حاجاً، ثم ارتفع العدد العام 1410 الى 827236 حاجاً، وانخفض العدد قليلاً العام 1411عن سابقه حيث بلغ 720202 فقط. وفي العام 1412 وصل عدد الحجاج القادمين من الخارج الى 1012114 حاجاً، وقارب العدد في العام 1413العام السابق له وبلغ عدد الحجاج الذين وفدوا الى الديار المقدسة 929813 حاجاً، ثم ازداد العدد قليلاً العام 1414 وبلغ 995611 حاجاً. وارتفع عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة سنة 1415 الى أكبر رقم يصل اليه عدد الحجاج من الخارج منذ العام 1350 حيث بلغ 1043470حاجاً، وأرتفع العدد سنة 1416 الى 1080465 حاجاً. وتواصلت الزيادة الى ان بلغ عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة العربية السعودية العام 1417 حداً لم يصله من قبل وبلغ 1068591حاجاً، وفي السنة التالية وصل الى المشاعر المقدسة1032344حاجاً. في العام 1419سجل عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة رقماً قياسياً يعد أعلى رقم منذ العام 1350 حيث بلغ عددهم 1704852حاجاً. وعلى رغم هذا العدد الكبير الذي يضاف الى عدد الحجاج من داخل المملكة من المقيمين والمواطنين فأن الاعمال الجليلة التى قام بها الملك فهد في الحرمين الشريفين والمدينتين المقدستين والمشاعر المقدسة أتت الثمار التي سعى اليها والمتمثلة في راحة المسلمين وتمكينهم من أداء مناسكهم في جو آمن ومريح.