دعا رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الى "نسيان الماضي"، في اشارة الى "محاولة البعض اجهاض عملية اقفال ملف السجناء اللبنانيين في سورية من خلال استغلال مشاعر أهالي المفقودين"، في وقت أعرب البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير عن ارتياحه الى تسليم الموقوفين اول من أمس، آملاً بمبادرات ايجابية. لفت رئيس الحكومة رفيق الحريري، في كلمة خلال افطار لفاعليات شمالية أمس، الى "محاولات أناس دفع الأمور في اتجاه فتح دفاتر الحرب وما نتج منها خصوصاً بالنسبة الى المفقودين". وأضاف "ليست هناك عائلة او منطقة لم تفقد عزيزاً، وثمة أمهات كثيرات فقدن فلذات أكبادهن. من السهل جداً على أية جهة القيام بالاعتصام أو دفع هؤلاء اليائسين الى التجمهر والتظاهر وإعلان مطالب يعلمون تماماً انها غير مجدية". واعتبر ان "البلاد تمر بمرحلة دقيقة جداً علينا التنبه اليها في شكل جيد". وقال ان "الاعتدال ينمو في جو الاعتدال، والتطرف ينمو في جو التطرف، ونحن من أهل الاعتدال ونؤمن به والمسلمون أهل اعتدال، وبالتطرف لا نستطيع الوصول الى أي نتائج، بينما بالاعتدال، حيث يتحكم العقل بتصرفاتنا، نصل الى ما نصبو اليه". وشدد على "ان من غير الجائز ان نتجه الى اي مهاترات، أياً تكن الأسباب، أو الى اي تصرف بعيد من الاعتدال، أياً تكن المبررات والدوافع، لأننا في الاعتدال نظهر كما نحن، بينما في التطرف يظهر الناس أسوأ ما فيهم". وأكد تضامنه "مع أهل المفقودين"، داعياً الى "التنبه من الذين يحاولون استغلال احزانهم". وقال: "نستطيع ان نعيش وضع الحرب ونعيشه كل يوم، لكن الحرب أصبحت وراءنا وعلينا التطلع الى المستقبل والى الذين سقط أولادهم أو آباؤهم وصمدوا، ويتولون اليوم تربية أولادهم وأحفادهم". ودعا الى "نسيان الماضي والتطلع الى المستقبل، ومن يحاول ان يوقظ الفتنة فهو يسيء الى بلاده وأهله ودينه، العقل والاعتدال وحدهما يدفعاننا الى التعاون، وليس مجدياً على الاطلاق التظاهر أو الاعتصام، لأنه يفتح الباب امام الآخرين ليقوموا بعمل مواز. كلنا يتذكر ما حصل في الطريق الجديدة والمزرعة ورأس بيروت عام 1982، والشباب الذين سيقوا من العاصمة. هذا الأمر اذا كنا لا نتكلم فيه لا يعني اننا لا نعلم به، ولا نعلم ماذا حصل لهؤلاء الناس، لكننا وضعنا هذا الأمر وراءنا وطلبنا من أهل هؤلاء الناس ان يشكروا الله وأن يرأفوا بوطنهم وبأنفسهم. وهذا ما فعله المئات من ذوي العائلات في بيروت لإيمانهم بالله وبوطنهم ولا داعي لاثارة أحزان الناس والمتاجرة بها. نقول هذا الكلام في شهر رمضان المبارك الذي هو شهر التقوى وعلينا النظر الى الأمور بعيداً من المشاعر التي من السهل تأجيجها لأغراض شخصية أو سياسية بسيطة". ورأى البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير ان سورية "جادة في إقفال ملف" المعتقلين والموقوفين في سجونها، آملاً "بأن تستمر المبادرات الايجابية وصولاً الى ما نصبو اليه جميعاً". وابدى ارتياحه الى اطلاق نحو 50 منهم امس، لكنه دعا السلطات اللبنانية الى "اداء دورها واجراء اللازم وتوضيح مصير باقي الموقوفين والمفقودين كي يرتاح اهاليهم، وضمن مهلة زمنية محددة". واذ قال ان "الاستمرار في اللغط امر غير مقبول"، أشار الى "ان لدى الاهالي لوائح تدل الى الخاطفين". وانتقد النائب ألبير مخيبر سوق السجناء العائدين من دمشق الى لبنان معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي. وسأل عن "سبب هذا الاذلال الذي لا يليق بشعبناً. أولا يحق لهؤلاء، بعد عتمة سجن طويلة، ان يروا النور ولو في بلادهم؟". واعلنت منظمة "سيدر واتش" التي تعنى بحقوق الانسان، ومركزها لندن، انها "لم تفاجأ" باطلاق "مجموعة بسيطة" من المعتقلين في السجون السورية والتلويح بنهاية سعيدة للملف، مشيرة الى انها "حذرت من الردود المبالغ فيها حيال هذه المأساة الانسانية". وتحدثت عن تضارب في ارقام الموقوفين والسجناء في سورية "ما يؤكد ان رقم المفرج عنهم يخضع لمزاجية السلطات السورية وسياساتها". وسألت عن "اختفاء" معتقلين كان يسمح لأهلهم بزيارتهم في سجون المصنع والمزة وصيدنايا، وعن مصير عضو المكتب السياسي الكتائبي بطرس خوند وضباط وجنود اسروا عام 1990 بعد اطاحة العماد ميشال عون، والكاهنين الانطونيين ألبير شرفان وسليمان ابو خليل. وأكدت "ان القضية لا تزال مستمرة في كل المحافل حتى تحرير جميع المعتقلين"، مطالبة بتشكيل لجنة دولية محايدة للبحث في مصير هؤلاء، ومعتبرة "ان كل ما عدا ذلك من محاولات لا يعني ابداً قفل الملف، بل تصعيد المطالبة بحل حقيقي".