تعليم جازان يتصدر ب 10.8% من المدارس الحكومية المتميزة على مستوى المملكة.    محمد بن سلمان رجل السلام    وكيل وزارة التعليم يشكر مدير تعليم الطائف    أخطرنا أمريكا بفرض قيود على المعادن الأرضية النادرة قبل الإعلان عنها    السواحه يجتمع مع المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Groq    المملكة تتصدى للكوارث والأزمات بالعمل الإنساني المستدام وتنفيذ مبادرات نوعية شمولية    مشاركات سعودية مكثفة في اجتماعات البنك والصندوق الدوليين    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    المملكة تتضامن مع أسر ضحايا حادث شرم الشيخ    وثيقة سلام تاريخية تنهي حرب غزة    فيروسات الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي    تحذيرات روسية لواشنطن وأوروبا: «توماهوك» قد تشعل مواجهة نووية    أكد أن الظروف الحالية تشجع على التسويات السياسية.. عون يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل القضايا العالقة    في ختام الملحق الآسيوي المؤهل لمونديال 2026.. قمة الحسم تجمع الأخضر وأسود الرافدين    رينارد: مواجهة المنتخب العراقي الأهم في حياتي    الهلال يحتاج إلى وقفة تقويم    زمن الاستحواذ مختلف    الخريجي ونائب رئيس «الأزمات الدولية» يستعرضان التعاون    من أوساكا إلى الرياض    دعا «هدف» لتطوير برامج دعم توظيف السعوديين.. «الشورى» يطالب الصندوق العقاري بمراجعة البرامج التمويلية    ضبط 29,644 قرصاً محظوراً و192 كجم قات    «الأرصاد» : حالة مطرية خلال نوفمبر بمعظم المناطق    أهمية الحوكمة    فحص الماموجرام    تخريج أطباء سعوديين من برنامج «القيادة المتقدمة» بأوتاوا    برعاية وزير الداخلية وبمشاركة 40 دولة ومنظمة.. مؤتمر الإنتربول يناقش مستقبل العمل الشرطي    ماجد الكدواني بطل «سنة أولى طلاق»    الكلمة الطيبة.. محفّزة    «التخصصي» يعزز ريادته في العلاجات الجينية    الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    التهاب المفاصل.. أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب    المبيض متعدد الكيسات (1)    40 ترخيصا صناعيا جديدا    1.13 تريليون صادرات السعودية خلال 90 يوما    14% انخفاضا في مخالفات مزاولة المهن الهندسية    أمير الرياض يستقبل محافظ الدرعية وسفير الإمارات    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67,869 شهيدًا    الصقر رمز الأصالة    نائب أمير الشرقية يلتقي تنفيذي «المياه» ومدير فرع «الصحة»    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    رئيس جامعة الملك سعود يدشن جائزة "جستن" للتميز    منتخبنا بطموح التأهل للمونديال يواجه العراق    النصر يخسر ودية الدرعية بهدفين    الوطن أمانة    أمراض الراحة    ترمب: ولي العهد السعودي يقوم بعمل رائع.. وثيقة توقف حرب غزة وتعيد الإعمار    المَجْدُ.. وَطنِي    رينارد يختار هجوم المنتخب السعودي أمام العراق    جامعة جازان تطلق معرض التعافي لتعزيز الصحة النفسية    32 مدرسة بعسير تحقق مستوى التميز    انطلاق البرنامج التأهيلي "الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز" بمحافظة أحد المسارحة    انطلاق أعمال ورشة العمل الثانية لأندية السلامة المرورية بجامعات وكليات المنطقة الشرقية    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الخامسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ينظم برنامجًا علميًّا في أستراليا    "التحالف الإسلامي" يعقد ندوة فكرية حول التطرف الفكري في البيئة التعليمية في المالديف    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان أمير قطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب الأفلام الوثائقية عن الشاشات
نشر في الحياة يوم 18 - 09 - 1998

لا ينفصل غياب الأفلام الوثائقية والريبورتاجات الطويلة عن البث التلفزيوني في معظم المحطات العربية، عن سياسات تتبادلها إدارات التلفزيونات والمشاهد العربي الذي لم يكترث، على ما يبدو لهذا النوع من الإنتاج الذي توليه المحطات الغربية اهتماماً يفوق التصوّر وترصد له موازنات هائلة. ولهذا اكتفت بعض المحطات التلفزيونية بترجمة بعض الأفلام الوثائقية او دبلجتها وبثّها في اوقات ميتة، في اشارة واضحة الى موقع هذا النوع من الانتاج التلفزيوني على سلّم اولوياتها.
اما الانتاج الوثائقي المحلي فكلفته، كما يقول مديرو المحطات باهظة، وإعلاناته اقل، ولا مشاهدين له. وبهذا يبررون نكوصهم عن انتاج الوثائقي المحلي. لكن للمعادلة التي يقدمونها معان تتعدى الفهم المباشر لها، فلماذا لا يوجد مشاهدون عرب لهذا النوع من الأفلام، وبالتالي لا يوجد معلنون يدعمون انتاج الوثائقي في حين تجد برامج المنوعات، وحتى تلك التي لم يبذل معدّوها ومقدّموها ادنى جهد ممكن لإنجاحها، واردات اعلانية هائلة تضطر المحطة التلفزيونية الى استمرار انتاجها سنوات عدة.
انه سؤال موجّه الى المشاهد العربي. اما المحطات التلفزيونية فيبدو انها غير معنية بالتفاعل مع اذواق المشاهدين ومحاولة التأثير في ميولهم، وهي غير مستعدة لبذل ادنى جهد مادي ومعنوي للانتقال بأذواقهم التلفزيونية الى مستويات اخرى. انها منساقة الى اهوائهم التي تترجم اعلانات وعائدات مادية. وهذا الكلام لا يأتي في سياق رذل الطموحات المادية للمحطات بمقدار ما هو تساؤل عن اسباب عدم وجود هموم اخرى لدى المؤسسات التلفزيونية غير الربح المباشر وصنع النجوم.
وفي تعدادهم لمشكلات انتاج الفيلم الوثائقي التي دفعتهم الى عدم الإقدام عليه، يظهر مسؤولو المحطات كأنهم لا يرغبون في التأسيس لشيء. فالفيلم الوثائقي يحتاج الى ارشيف عمل كما يقولون، وهو غير متوفر في المحطات العربية، فضلاً عن انه يحتاج الى ابحاث وفرق عمل متخصصة.
أمر آخر يستحضره مسؤولو المحطات في تبريرهم عدم انتاج الافلام الوثائقية المحلية، وهو ان هذا العمل يحتاج الى كتّاب متخصّصين في هذا المجال، في حين ان ميل الكتّاب القلائل الذين خاضوا تجربة الكتابة للفيلم الوثائقي كان انشائياً او على الاقل غير تلفزيوني. اي انهم لم يكتبوا للصوَر، ولم يراعوا تفاوت مستويات المشاهدين. وهم جاؤوا الى هذا النوع من الكتابة من الصحافة المكتوبة او من الكتابة الأدبية، وفي هذا مقدار كبير من الحقيقة. ولكن كيف ننشئ كتابة للفيلم الوثائقي المحلي اذا لم تكن هناك بداية؟ وكيف ننشئ ارشيفاً اذا لم تكن هناك بداية ايضاً؟ اما موضوع ضجر المشاهد العربي من الجلوس امام التلفزيون اكثر من نصف ساعة لمشاهدة فيلم وثائقي، فمشكلة واجهت منتجي هذا النوع من الافلام في الغرب وهم تجاوزوها عبر تقديم المعلومات المراد تقديمها الى المشاهد عبر الافلام الوثائقية في سياق درامي، اي ابتكار قصة حصلت في قلب الحدث او موضوع الفيلم، تمسك بالفيلم الوثائقي وتقدم الخدمة الاخبارية والمعلومات في سياق عرض القصة، وهذا ما يلبي رغبة المشاهد في سماع القصة ورغبة المحطة في تمرير المعلومات والأحداث.
وعدوى القصة انتقلت من الوثائقي الى التحقيق الاخباري التلفزيوني، اذ دأبت المحطات التلفزيونية الغربية على نقل الحدث على شكل قصة صغيرة تخرجه من جموده ومن تقليديته وتقدمه الى المشاهد في قالب درامي مشوق اكثر. ولكن يبدو ان الخبر السياسي العربي كما يؤكد عاملون في المجال التلفزيوني منزوع منه بعده الدرامي، ومقولب مسبقاً في تقاليد البث الاخباري العربي ضمن مقولة "استقبلَ وودّعَ وصرّحَ وأشادَ..." التي تطغى على مساحة نشرات الاخبار.
ثم ان عالم الافلام الوثائقية انتقل ليشمل معه افلام الرحلات والسياحة كتلك التي تبثها احدى الفضائيات العربية بعدما دبلجتها واشترت حقوق بثها. ومشاهد هذا النوع من الافلام يكاد يكون، اثناء مشاهدته، مشاركاً في رحلة الفريق الذي أعدّ الفيلم. فأحد الافلام مثلاً كان عن رحلة قام بها قسم البرامج الوثائقية في احدى المحطات التلفزيونية الغربية الى اليونان، واختار الذهاب في باخرة، والكاميرا لم تهمل حتى تلك التحضيرات التي باشرها افراد الفريق للرحلة، من شراء حاجات السفر الى النقاشات والأحاديث العادية التي دارت بينهم، الى المعدّات التي يحتاجون اليها لتصوير الفيلم الى موقع الميناء الذي ابحروا عبره، الى ركاب الباخرة السياحية وطريقة تعارفهم واللغات التي تحدثوا بها والحفلة التي اقامها قبطان الباخرة، الى ان وصلوا الى اليونان. وهنا بدأ الفيلم فعلاً عبر عرض الأماكن الاثرية والسياحية التي زارها الفريق.
خلال تصوير هذه الوقائع والتفاصيل يشعر المشاهد ان الكاميرا في تجوالها بين الاغراض والموانئ والركاب والمواقع الأثرية والسياحية انما تنسج عالماً من الصور لا غنى لك عنها في تخيّلك رحلة الى اليونان فيما استعاض المخرج عن السياق الدرامي بعرض تفاصيل الوقائع والعثرات التي واجهت فريقه.
وقبل اشهر قليلة انتج التلفزيون البريطاني بي.بي.سي. فيلماً وثائقياً في مناسبة مرور 50 عاماً على نكبة فلسطين، لخّص فيه مراحل الصراع العربي - الاسرائيلي وصولاً الى مفاوضات السلام، وأجرى خلاله عشرات الأحاديث الصحافية مع مسؤولين اسرائيليين وعرب، وتخلله عرض بالصور للأحداث والحروب. الفيلم احدث ردود فعل متفاوتة بين معجب ومتحفظ، ونظمت احدى المحطات التلفزيونية العربية التي عرضت الفيلم ندوة لنقاشه. لكن مدير المحطة اكد لپ"الحياة" ان عرضها هذا الفيلم كان خاسراً من الناحية المادية، وهذا جواب يلغي سؤالاً كان سَيَليه، وهو لماذا لا تنتج المحطات التلفزيونية العربية افلاماً وثائقية، في حين أمتعتنا التلفزيونات الغربية بأفلام من هذا النوع عن انفسنا وحياتنا في اوطاننا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.