لا حاجة بنا لاثبات حقيقة مرة وفاضحة وهي ان اسرائيل قامت على التزوير والتضليل واشاعة الأكاذيب وقلب الحقائق وتزييف التاريخ والجغرافيا وسرقة الحقوق وتحويل الظالم الى مظلوم والمجرم الى حمل بريء واللص الى رمز الأمانة! وهناك سجل حافل لهذا التزوير والكذب على العالم وعلينا على طريقة اكذب اكذب اكذب فكلما كانت الكذبة كبيرة كلما صدقها الناس أكثر. ولكن آخر ما كشف النقاب عنه من تزوير وقح لا يمكن لانسان ان يصدق حدوثه جرى خلال زيارة بنيامين نتانياهو رئيس وزراء اسرائيل لواشنطن واجتماعه بالرئيس كلينتون لبحث استحقاقات اعادة الانتشار وتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاقات اوسلو. فقد تحركت الماكنة الاعلامية الصهيونية في اسرائيل والولايات المتحدة لتحصين نتانياهو ضد أية محاولة من كلينتون للضغط عليه. فبالاضافة الى "صدفة" اثارة الفضائح الجنسية غير البريئة والضغوط التي مارسها اللوبي الصهيوني والمقالات والاعلانات في الصحف التي يسيطر عليها الصهاينة، تفتقت عبقرية نتانياهو عن كذبة كبرى لتزوير الحقائق وايجاد تبريرات أمام كلينتون لرفض الانسحاب والتمسك بالموقف المتعنت. فقد ادعى بكل وقاحة ان الميثاق الوطني الفلسطيني ينص على بنود مخالفة لاتفاقات اوسلو وتحض على ازالة اسرائيل، وسلم الرئيس الأميركي وثيقة رسمية عن الميثاق ثم حرك "ماكينته الاعلامية" لتبني هذا الطرح والتأكيد على ان أي انسحاب لن يتم إلا بعد الغاء الميثاق وتبني ميثاق جديد يعترف باسرائيل اضافة الى ما أثاره من أكاذيب عن الأمن وغيره. ومن حسن حظ الرئيس ياسر عرفات ان اجتماعه مع كلينتون حدد بعد لقاء الرئيس الأميركي مع نتانياهو حتى يتمكن من فضح عملية التزوير وايضاح الحقائق التي يعرفها الجميع وهي ان المجلس الوطني عدل الميثاق وألغى البنود المختلف عليها ودعا الى تشكيل لجنة خاصة لوضع ميثاق جديد. كما ان الرئيس الفلسطيني نفسه أعلن، حتى قبل اتفاقات اوسلو، ان هذه البنود لم يعد لها وجود واستخدم عبارة شهيرة هي "كادوك". وبعد أيام انكشفت عملية التزوير، بعد ان حقق نتانياهو أهدافه منها وتبين، حسب ما تم تسريبه من معلومات سرية نشرت بعضها "معاريف"، ان ايغال كرمون أحد مساعدي نتانياهو المتطرفين نفذ هذه "المناورة المحكمة" باسلوب احتيالي حيث طلب من "عربي اسرائيلي" لم يذكر اسمه ان يتوجه الى مكاتب السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله ليحصل على نسخة رسمية من الميثاق الوطني الفلسطيني باللغة العبرية فسلمته الموظفة المختصة نسخة قديمة اضاف اليها كرمون بخط يده تاريخاً حديثاً وسلمها الى نتانياهو الذي عرضها بدوره على كلينتون لدعم أكاذيبه. ولا شك في ان كلينتون وأركان ادارته يعرفون الحقيقة ويعرفون أكثر عن عمليات التزوير السابقة واللاحقة، ولكن ليس من مصلحتهم فضحها فاكتفوا بالاشارة الى ما قدمه عرفات من دلائل لتطوى صفحة سوداء أخرى من صفحات التزوير الاسرائيلي وأساليب الدعاية السوداء. ولكن التزوير نفسه لم يطو من قبل اسرائيل… لأن من شب على شيء شاب عليه.
خلجة الحب أوله ميل تهيم به نفس المحب فيلقى الموت كاللعب يكون مبدؤه من نظرة عرضت او فرحة اشعلت في القلب كاللهب كالنار مبدؤها من قدحة، فإذا تضرمت أحرقت مستجمع الحطب!