بعد 6 سنوات على الثورة التي أطاحت حكم معمر القذافي، لا تزال ليبيا منقسمة على رغم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لاستعادة وحدة البلاد الغنية، والتي تُعدّ من أهم مصدّري النفط في العالم. وعمل مبعوث الأممالمتحدة الخاص غسان سلامة على تحريك عجلة الاستحقاقات الانتخابية في العام المقبل بهدف توحيد البلاد تحت سلطة حكومة واحدة وجيش واحد، إلا أن عراقيل وصعوبات بالغة تعترض طريقه، في مقدمها «عدم حماسة» القيادات الليبية على خوض الانتخابات وبطء عملية تسجيل الناخبين الضرورية لإكساب العملية الانتخابية صدقية وشرعية شعبية. وتواصلت معاناة حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج وتحظى بدعم الأممالمتحدة في فرض سلطتها على غرب البلاد في مواجهة جماعات متطرفة وعصابات تهريب البشر، بينما لا تزال قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر عاجزة عن حسم المواجهة مع المتشددين في بنغازي (شرق)، على رغم إعلان الأخير في تموز (يوليو) الماضي، الانتصار الكامل على متشددي «مجلس شورى ثوار بنغازي»، إثر معارك ضارية شهدها حيّ الصابري في المدينة، حيث قُتل العشرات من الجانبين. كما يحيط الغموض بمستقبل ليبيا بعد مرور سنتين على التوصل إلى الاتفاق السياسي الذي وقعته الأطراف الليبية برعاية الأممالمتحدة في مدينة الصخيرات المغربية، في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2015، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. إلا أن حفتر اعتبر في خطاب ألقاه في 17 كانون الأول الجاري، أن اتفاق الصخيرات انتهت صلاحيته وانتهت معه كذلك ولاية حكومة الوفاق، بينما رأى السراج أنه لا يوجد تاريخ لانتهاء الاتفاق إلا عند تسليم السلطة لهيئة منتخبة من الشعب. واتهم السراج «بعض مَن وقّع على الاتفاق» بالتراجع وعدم الوفاء بالالتزامات، «الأمر الذي جرّ البلاد إلى دوامة لا هدف منها سوى المصالح الشخصية والطموحات». ونال «اتفاق الصخيرات» جرعة دعم كبيرة حين أكد مجلس الأمن الدولي أنه «يبقى الإطار الوحيد القابل للاستمرار لوضع حد للأزمة السياسية في ليبيا بانتظار إجراء الانتخابات المقررة العام المقبل». ومع تولي المبعوث الدولي الجديد إلى ليبيا غسان سلامة مهماته، دعا إلى إعادة صياغة الاتفاق، ودعا الأطراف الليبيين إلى مناقشة تعديلات اقترحها لإدخالها عليه. وعقدت لجنة مشتركة بين مجلس النواب (مقره طبرق) ومجلس الدولة (طرابلس) سلسلة اجتماعات في تونس في أيلول (سبتمبر) الماضي، من أجل هذه الغاية، إلا أنها لم تسفر عن نتائج ملموسة. وسُجلت محاولة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحل الأزمة، فجمع السراج وحفتر في مدينة لاسيل سان- كلو بحضور سلامة، حيث تصافحا وعقدا اجتماعاً ناقشا فيه سبل حل الأزمة. وقال ماكرون عقب الاجتماع إن الطرفين اتفقا على «الالتزام بوقف النار وإجراء انتخابات بأسرع ما يمكن». وعملت مصر على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية فاستضافت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، سلسلة اجتماعات في القاهرة ضمت ممثلين عن الجيش الوطني الذي يقوده حفتر، وضباطاً محسوبين على حكومة الوفاق التي يرأسها السراج. وأعلن الضباط الليبيين في اختتام اجتماعاتهم توصلهم إلى نقاط اتفاق شبه نهائية حول توحيد الجيش وعلاقته بالسلطة المدينة، على رغم أن البيان الختامي لم يعلن الاتفاق صراحةً على إعادة تشكيل الجيش بقيادة حفتر. على صعيد آخر، تابع الاتحاد الأوروبي العمل عن كثب مع السلطات الليبية لوقف تهريب البشر ورحلات المهاجرين غير الشرعيين البحرية المحفوفة بالخطر إلى الشواطئ الأوروبية، إلا أن تقريراً بثته شبكة «سي أن أن» الأميركية عن تجارة البشر والمعاناة الإنسانية التي يعيشها المهاجرون العالقون في ليبيا، بعد فشلهم في العبور إلى أوروبا، أثار صدمة عالمية كبيرة. واعتمد التقرير على مقاطع مصورة بطريقة سرية، أظهرت سوقاً لبيع البشر عبر مزاد علني، لاستخدامهم كعمال أو مزارعين، وغالباً ما كانت تتم عمليات البيع مقابل أقل من 300 دولار أميركي للشخص الواحد. وتمكنت «غرفة عمليات مكافحة داعش» العاملة تحت لواء القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة، من دحر مليشيات تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة صبراته الساحلية الواقعة غرب العاصمة طرابلس، متورطة في تهريب البشر والمخدرات ومواد حيوية كالوقود.