وصل البرنامج التلفزيوني الأميركي الشهير «العازب» إلى موسمه الحادي والعشرين (يُعرض الآن على قناة «أي بي سي» الأميركية)، من دون إشارات إلى أن الضجر بدأ بالتسلل إلى الجمهور في الولاياتالمتحدة من تركيبة البرنامج التي تجاوزتها خلال السنوات الأخيرة برامج مواعدة تلفزيونية أكثر واقعية وجديّة، بحيث تبدو مهمومة بالفعل في التقريب بين الباحثين عن علاقة عاطفية. وذلك على عكس برنامج «العازب» الذي يحول منصته الشعبية كل عام إلى ما يشبه «السيرك»، بحيث يجمع رجالاً وسيمين ونساء جميلات ليضعهم في مواقف صعبة وغير واقعية، تجعل من الاستحالة أن تخرج علاقة واحدة ناجحة من «أفران» هذه البرامج. انطلق «العازب» مع بداية موجة برامج تلفزيون الواقع في بداية الألفية الجديدة. كانت قبله برامج مواعدة تلفزيونية تنتمي إلى أنماط سابقة، بحيث تم تصويرها في الاستديو وضمن سقف زمني محدود جداً ولغايات كوميدية غالباً، في حين يرافق برنامج «العازب» المشتركين فيه لأشهر، وهم يبحثون عن الشريك العاطفي المرتجى. لم تتغير تركيبة برنامج العازب كثيراً، إذ إنها ما زالت تقدم رجلاً واحداً في كل موسم، وتتابع محاولاته إيجاد الشريكة المناسبة من بين ثلاثين فتاة جميلة، يتصارعن على طلب مودته، في بنية تقترب من النسخة الغربية للصور التقليدية التي نحملها عن الزعماء والأغنياء القدماء والمحاطين دائماً بالنساء. يقوم العازب كل حلقة باختيار مجموعة النساء اللواتي يرغب ببقائهن في البرنامج، من طريق منحهم وروداً حمراء، والمشتركة التي تبقى حتى نهاية الحلقة الأخيرة ستكون الشريكة العاطفية لعازب الموسم. وهو الأمر الذي لا يعني أنهما سيعيشان في سعادة بعدها، فما حصل لمشتركي البرنامج في مواسمه السابقة، يُبيَّن أن معظم علاقات البرنامج انتهت بعد أعوام قليلة فقط وأحياناً أشهر. وفي حين تهتم برامج المواعدة التلفزيونية في السنوات الأخيرة بتقديم نصائح إلى المشاهدين، وتجتهد بصدق لنقل تجربة اللقاءات الأولى للباحثين عن علاقات عاطفية، يبدو برنامج «العازب» مشغولاً بإرضاء الجمهور الواسع، بما يقدمه من مشهديات باذخة، وإبرازه لجمال النساء المشتركات فيه، وغلبة الجانب الترفيهي المحض فيه بدلاً من التركيز على صعوبة بناء علاقات عاطفية ناجحة وضرورة التركيز على أشياء مهمة في الشريك العاطفي من أجل الاستمرار بسعادة معه. فَتَحَ نجاح البرنامج في الولاياتالمتحدة الأبواب أمام الشركة المنتجة وقناة «أي بي سي» الأميركية، لإنتاج مجموعة من البرامج المشابهة، مثل «العازبة»، والذي يقدم فتاة تبحث عن شريك حياتها وسط ثلاثين رجلاً. و «عازب في الفردوس»، الذي يعود إلى مشتركي برنامج العازب والعازبة ويضعهم في جزر معزولة جميلة، للبحث عن العلاقة العاطفية في محيط مختلف هذه المرة. أنتجت البرنامج شركة «نيكست بروديكشن» الأميركية، وظهرت من البرنامج 19 نسخة دولية، لم يحقق أغلبها النجاح الذي يحققه البرنامج في الولاياتالمتحدة، وذلك على الأرجح بسبب اختلاف توقعات الجمهور في تلك الدول مما تعرضه قنواته. فالنسخة البريطانية من البرنامج توقفت بعد موسم واحد فقط. بيد أن بريطانيا ستتصدر بعدها جميع الدول الغربية بإنتاج الأفكار التلفزيونية المبتكرة التي تدور في فلك المواعدة، وإيجاد الشريك العاطفي.