يُعد شاطئ غزة المتنفّس الوحيد لأهالي القطاع جرّاء الحصار الإسرائيلي منذ عشرة أعوام ومنعهم من السفر وانقطاع التيّار الكهربائي. لكنّ التلوث البيئي الذي ارتفعت نسبته إلى 50 في المئة مقارنة ب20 في المئة خلال الأعوام السابقة، وفق مسؤول المختبر البيئي عطية البرش. لذا، قررت سلطة جودة البيئة إغلاقه في وجه مرتاديه منعاً لانتقال الأمراض المعدية، ووضعت يافطات تحذيرية في الموقع. وبعد أن كان شاطئ القطاع من أكثر الأماكن «تفضيلاً» عند الغزيين لقضاء أوقات إجازتهم الصيفية والاستجمام مع أطفالهم، بات يشكّل «خطراً» يتربّصُ بهم. وأشار البرش إلى أنّ أسباب التلوّث ناجمة عن ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر، نظراً إلى نقص الوقود لتشغيل محطات المعالجة بسبب الحصار، كاشفاً عن تصريف 110 آلاف متر مكعب من المياه العادمة يومياً في بحر غزة. وقال: «تعتبر المياه العادمة مستودعاً للأمراض الوبائية، وقد تتسبب المياه الملوثة بها بأمراض في الجهازين الهضمي والتنفّسي، وأمراض الجلدية، وأمراض العيون، وحمى التيفوئيد». وأضاف أن سلطة جودة البيئة بعد تأكدها من تلوّث مياه البحر، وحرصاً على أرواح المواطنين، خاطبت الجهات التشغيلية وطالبتها بضرورة وضع لافتات إرشادية للدلالة على المناطق الملوثة، داعياً المصطافين على بحر غزة بضرورة اتباع التعليمات والابتعاد عن المناطق الملوثة. وأكّد أن سلطة جودة البيئة، وبالتعاون مع وزارة الصحة، تطبّق المواصفات الخاصة بمياه الاستحمام الشاطئية. وأعلن فؤاد الجماصي، مدير دائرة الصحة والبيئة في وزارة الصحة، أن «الوزارة حددت الأماكن الآمنة للسباحة بناء على معطيات منها الكشف الظاهري، وفحص عينات من مياه البحر». وحفاظاً على السلامة، وضعت الوزارة الصحة أعلاماً حمراء وسوداء في أماكن قريبة من مضخات الصرف الصحي التي تصب مباشرة في البحر، للدلالة على تلوّث المياه ومنع المواطنين من السباحة فيها. هكذا، لم يعد هروب الغزيين في إجازتهم الصيفية إلى شاطئ البحر، والذي وصفته سامية مراد (36 سنة) ب «متنفسهم» الوحيد، مرغوباً به، إذ تُفاقم مشكلة تلوث مياه البحر أوجاع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات. تقول مراد إن «البحر بات يشكّل حصاراً جديداً للغزيين، خصوصاً في ظل تردي الوضع الاقتصادي. فتمضية يوم على الشاطئ لم تكن لها تبعات مادية كبيرة، لكن وبعد الإعلان عن تلوث 50 في المئة من مياهه، ستنهكنا أي رحلة عائلية جهداً ومالاً». وأوضحت أن البحث عن مناطق آمنة للسباحة، بعيدة من مضخات الصرف الصحي التي تصبّ في شكل مباشر في البحر، أصبح عائقاً مضنياً، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة.