تدخلت الحالة العاطفية لعالم المناخ الأسترالي كليمنت راج في العام 1970 حين راودته فكرة تسمية الأعاصير والحالات المناخية بأسماء نسوية، ويقال إنه كان يختار لها أسماء نساء يكرههن، ومنذ ذلك العام تقرر وضع لائحة أبجدية سنوياً تحمل أسماء نساء متناوبة، وكلما اكتشف إعصاراً أو عاصفة جديدة يعطى الاسم التالي على اللائحة. ويبرر ذلك بأن «الأعاصير تشبه النساء، فلا يمكن التنبؤ بتصرفاتهن ولا بحالتهن المزاجية، وهن على الدوام متقلبات الطباع». الروايات على تسمية الأعاصير والعواصف بأسماء بعينها بقيت محل خلاف، وكان السؤال الأبرز «من يسميها؟»، ففي العصور القديمة لم تكن هناك منهجية واضحة للتسمية، فكانت الأعاصير تأخذ أسماء القديسين مثل إعصار «هرقل» و«سانت بول»، و«سانت لويس»، أو «سانتا ماريا»، لتأتي حقبة التسمية بأسماء السنوات التي يقع فيها هذا الحدث المناخي، مثل «إعصار 1898»، و«إعصار 1906»، وتغيّرت التسمية بحسب المكان الذي يقع فيه مثل «إعصار ميامي». الدول الآسيوية وقفت موقف الرافض للأسماء الأميركية، مثل «تيد» و«فرانكي»، وبدأت بتسمية أعاصيرها بنفسها، بحجة أنها «غير مفهومة لشعوبها»، فاستخدمت أسماء الحيوانات بدلاً من أسماء البشر، مثل «إعصار دامري»، ويعني الفيل في اللغة الكمبودية، و«إعصار كيروجي»، وهو نوع نادر من البط البري في كوريا الشمالية، بيد أن سر التسميات لا يزال غامضاً، فالمجتمع يتلقاها ويتداولها من دون السؤال عن سبب التسمية وخصوصاً في الدول العربية والخليجية، ومثال ذلك الإعصار الذي ضرب السواحل العمانية وحمل اسم «جونو»، وكان يعني «الحقيبة المصنوعة من سعف النخيل»، بلغة سكان المالديف الأصليين. وتشكلت في المملكة في العام 2011 لجنة اختارت لنفسها اسم «لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في المملكة العربية السعودية»، واتفق أعضاؤها الذين يمثلون جهات غير رسمية على اختصار الاسم ب«لتحم»، ويترأسها عضو هيئة التدريس في قسم الجغرافيا في جامعة القصيم الدكتور عبدالله السند، لتتحمل هذه اللجنة مهمة اختيار التسميات للحالات المناخية من عواصف وحالات مطرية وغيرها، وبأسماء محلية صرفة بعيداً عن المسميات الأجنبية الغريبة. وجاءت التسمية الأخيرة التي أقرتها اللجنة للعاصفة القادمة إلى السعودية وأثرت في مصر وليبيا ب«عاصفة المدار»، وتوقع الدكتور السند أن «تترافق الحالة المقبلة بهطول الأمطار الرعدية على أجزاء واسعة من المملكة، كما تصحبها رياح قوية مثيرة للغبار الكثيف أحياناً». وأظهر مؤشر النظام الآلي للإنذار المبكر للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة صوراً توضح وجود زحف للسحب الرعدية الماطرة على مناطق شمال ووسط وشرق المملكة، ضمن ما أطلق عليه «عاصفة مدار»، وحذَّر الدكتور السند من «التقلبات المناخية، لذا يجب إلغاء أي مناسبة خارجية وكذلك السفر إلا للضرورة، وذلك تحسباً لآثار العاصفة». ويرجع المناخيون السبب وراء إطلاق أسماء على الأعاصير فقط «لتفادي الخلط والالتباس الذي يمكن أن يقع فيه الناس، وخصوصاً في بعض المناطق التي تكثر فيها الأعاصير المدارية، ولتجنب سوء الفهم في التنبؤ بالطقس، وللتحذير والتنبيه من تلك العواصف يتم إطلاق الأسماء عليها». ولا تزال العلاقة بين أسماء النساء والظواهر المناخية ومنها العواصف علاقة وثيقة، إذ اعتاد خبراء الأرصاد الجوية على تسمية العواصف الثلجية بأسماء النساء، وأصبح وراء كل ظاهرة عظيمة وقوية «امرأة»، وكأنهم يكملون مسيرة العالم الأسترالي كليمنت راج. واتبع المناخيون العرب هذا النهج، وأطلقوا أسماء نسائية على عواصف ضربت الوطن العربي، ومنها عاصفة «زينة»، التي ضربت في العام 2015 سورية ولبنان والأردن وفلسطين، وعاصفة «بشرى» في العام 2014، وتضررت منها دول شرق البحر الأبيض المتوسط، وأطلق عليها هذا الاسم أملاً في أن تحمل معها البشرى والخير للوطن العربي، وعواصف أخرى مثل «جنى»، و«اليكسا»، و«نويل» و«جيمي».