«ساندي»، «كاترينا»، حتى أعاصيرهم غير، فتجدهم يدلعونها ويمنحونها الأسماء المغرية، ويستقبلونها ويحسنون وفادتها، بينما خذ لدينا على سبيل المثال، «غونو»، اسم قبيح «يجيب المغص»، أو «باز» أو «سدر» أو «هدهد»، وهي بعض أسماء الأعاصير التي تضرب الدول المطلة على المحيط الهندي، ومنها سلطنة عمان طبعاً، هل يعقل أن نشوه حتى أسماء الأعاصير؟ إذاً لا غرابة عندما نسيء استقبالها فتتساقط الضحايا. «ساندي»، «يا للرقة» التي ضربت الشرق الأميركي، يمكن أن نحسدهم عليها، طبعاً لا على الدمار الذي شكلته، لكن نحسدهم على حسن تدبيرهم واستعداداتهم وتحذيراتهم واحتياطاتهم، لن أذهب بعيداً وأقول تخيلوا أن يتوه الإعصار ويضرب الشرق السعودي «لا سمح الله» عوضاً عن الأميركي، لأنني لن أستطيع تخيل أمين المنطقة يجول في الشوارع ليقف على فضائح المشاريع، وأيضاً لن أتخيل أن يتم إخلاء المدن، وإحالة المواطنين إلى الشقق المفروشة في المناطق الأخرى، لأنه عندها ستخرج وزارة التجارة لتقول بزهو، أرأيتم لماذا تساهلنا مع الشقق المفروشة وسمحنا بانتشارها العشوائي، لاحتواء المواطنين في أي أزمة مشابهة، ولا أستبعد عندها أن نجد البعض وقد ارتدى أبهى حلله لاستقبال العاصفة «الناشطة» ساندي، لاسيما أنها تنشط على الشواطئ ظناً منهم أنها امرأة، وسيرحبون بها على الفضائيات، وكعادتهم سيتهافتون على إيجاد المبررات لشغفها وولعها بإثارة الفوضى. الثابت، أن لدينا جهات تعمل، وتخيلوا يعملون حتى بالإجازات، هل رأيتم أكبر من هذه التضحية؟ خذ موسم الحج مثلاً يتسابق بعض، «وأشدد على كلمة بعض» الموظفين على الذهاب إلى مكةالمكرمة من مدنيين وعسكريين، طبعاً ليس حباً في العمل أو إخلاصاً له، إطلاقاً، بل لتحصيل الإضافي الذي سينالونه جراء عملهم، وبطبيعة الحال بعد العودة من مكةالمكرمة فمن انتدب إلى هناك بحاجة إلى راحة جراء العناء الذي لاقاه، وليترك العمل هنا ولتترك معاملات المواطنين فالعجلة من الشيطان، الذي تم رجمه بحماسة وكانوا هم شهوداً على ذلك. الآن نعود للأسماء، لماذا ساندي وكاترين وليس ساند مثلاً، حسناً، هناك قولان لسبب تأنيث الأسماء، فهو إما أن تأنيثها أملاً بأن ترأف بهم في ذروة غضبها، لما عُرِف عن بعض الإناث طيبتهن، أو أنها متمردة عاصفة وجامحة، كطبع المرأة السعودية، وأقول السعودية لأن نظيراتها الأميركيات «باردات»، لكن وعلى رغم برودهن لم يسكتن أثر استشعارهن الإهانة من تسمية الأعاصير بأسماء أنثوية، والذي يقال إن الاسترالي كليمنت راج هو صاحب هذه الفكرة التي بدأت في أميركا منذ مطلع الخمسينات، ويقال إنه كان يطلق أسماء النساء اللواتي يكرههن، ومع مطالبات حركات تحرير المرأة بإعادة صياغة هذه التسمية لتشمل الرجال أيضاً، تنوعت الأسماء منذ أواخر السبعينات لتشمل قوائم من الجنسين تصدر كل ستة أعوام وظهر لدينا أعاصير مثل أندرو وميتش وتشارلي وإيفان، لكن بقيت الأعاصير النسائية «شكل ثاني» فتقرر في ما بعد أن يشطب الاسم إذا ما كان الإعصار مدمراً والاستعاضة عنه بالاسم الذي يليه أبجدياً. بطبيعة الحال، داخل كل امرأة ساندي وكاترينا، بمعنى أنك إذا أردت الدعاء على أحدهم فلتدعُ عليه بقولك «الله يزوجك ساندي»، وإذا كانت امرأة فقل الله يزوجك إيفان، وهكذا إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. لكن بمناسبة الحديث عن الأسماء، كيف لنا أن نسمح للفنان ماجد المهندس بذكر أسماء «محارمنا»؟ فهو في أغنيته «سحرني هواها»، لم يترك سارة ولا نورة ولا موضي إلا وذكرهن، لابد من وقفة حازمة، وأذكر هناك قصة تاريخية لموقف حازم حدثت في إحدى الصحف السعودية، عندما نشرت في طبعتها الأولى خبراً عن فيلة في حديقة حيوانات تُدعى آمال أصيبت باكتئاب، فتلقت الصحيفة اتصالاً من سيدة تزبد وترعد وتهدد بمقاضاتها، وبسؤالها عن السبب قالت «أنا اسمي آمال»، وإطلاق اسمي على فيلة من شأنه أن يحرجني، وهنا على الفور تبرع رئيس تحرير الصحيفة بتغيير الخبر في طبعته الثانية، لكن السؤال الذي يدور في ذهني منذ سنين، بعيداً من حذف الخبر، هل كانت المتصلة آمال فقط أم كانت فيلة أيضاً؟ [email protected] @Saud_alrayes