في مجتمع لا يزال ينظر الى الرياضة باعتبارها نشاطاً ذكورياً، ويدغمها بالحزازات والخصومات المناطقية والسياسية، أثار ظهور مشجعات يمنيات في الملاعب التي شهدت مباريات الدورة ال 20 لبطولة كأس الخليج لكرة القدم، ردود افعال متباينة. وفي حين أن البعض اعتبر ظهور السيدات في الملاعب، وإن بأماكن مخصصة لهن، مؤشراً إيجابياً يصب في مصلحة المرأة ويخرجها من الادوار النمطية المفروضة عليها، ومنها جلسات التفرطة (مقايل القات النسائية)، ثمّة من هاجم الواقعة ورأى فيها انحلالاً اخلاقياً، وخصص بعض أئمة المساجد خطبة الجمعة لنقد موضوع المشجعات. وكان حدث استضافة اليمن ل «خليجي 20» كشف عن استمرار الاختلال في النظرة الرسمية والشعبية الى الرياضة، وربما يعتبر ابتهاج يمنيين بهزيمة منتخبهم الوطني ظاهرة فريدة من نوعها. ومن الصعب تفسير اطلاق بعض ابناء المناطق الجنوبية الرصاص تعبيراً عن فرحهم بهزيمة اليمن، وخروجه المبكر من الدورة، بمنظور التشجيع الرياضي. والارجح أن الأمر يعود اصلاً الى طبيعة الثقافة العامة ذات الطابع القبائلي والتي تضفي على التعاطي مع الرياضة محمولات بعيدة من معنى الرياضة. فابتهاج يمنيين بهزيمة منتخب بلدهم لم يأتِ من باب التشجيع لفرق أخرى بل جاء نكاية بنظام صنعاء بحسب تأكيد جنوبيين، وغير بعيد من هذا قلّل مسؤولون حكوميون من اهمية الهزيمة معتبرين تنظيم البطولة في حد ذاته، انتصاراً سياسياً. وتلفت يسرى (30 سنة) الى وجود أوجه شبه ما بين استمرار اقصاء المرأة عن بعض المجالات ومنها كرة القدم لعباً وتشجيعاً واعتبار الرياضة ميداناً للصراعات الاجتماعية والسياسية، وتقول إن المجتمع التقليدي يعتبر الرياضة ميداناً ذكورياً صرفاً ويضعها في مصاف القتال. لذلك فإنه يستبعد المرأة ويرى في ممارستها الرياضة سلوكاًَ لا يتفق وطبيعة نوعها. حتى وان جاء من باب تشجيع الفرق. وتذكر أن بعض الآباء يمنعون بناتهم من مشاهدة مباريات كرة القدم على شاشة التلفزيون بدعوى أن اللاعبين يرتدون سراويل قصيرة. ممارسة النشاط الرياضي واحتراف لعبة ما، يكون في الغالب نتاج جهد فردي. أو لتمضية وقت الفراغ، ولا تولي مؤسسات التنشئة الاجتماعية مثل المدرسة والاسرة اهتماماً كبيراً بمادة التربية البدنية خصوصاً في مدارس البنات. وكشفت دراسة ميدانية شملت 80 مدرسة اساسية وثانوية في صنعاء وعدن، عن وجود قصور كبير في الاهتمام بمادة التربية البدنية في المدارس اليمنية وتهميش الادارة للنشاط الرياضي واعتباره امراً ثانوياً. وأكدت الدراسة التي اعدها استاذ التربية البدنية في جامعة صنعاء عبد الجبار عبدالله سعد وجود نقص واضح في أعداد معلمي مادة التربية البدنية والرياضية في المدارس وعدم تخصص معظمهم والتجاوز على دروس التربية البدنية في الجدول والتنازل عنها لدروس المواد الأخرى. ولاحظت الدراسة عدم كفاية الساحات والملاعب والتجهيزات التي من شأنها أخراج درس التربية البدنية والرياضية في شكله المطلوب. وعدم تمكن إدارة المدارس من إقامة علاقات سليمة مع المجتمع المحلي ووجهاء المناطق وأولياء الأمور مما ينعكس سلباً على دعم النشاط الرياضي للمدارس من قبل هؤلاء ويؤثر على تشجيع أولياء الأمور في دفع أبنائهم لمزاولة النشاطات الرياضية والمشاركة في المسابقات والفعاليات. وأوصت الدراسة بفتح معاهد وكليات وأقسام للتربية البدنية والرياضية في الجامعات بهدف تخريج المدرسين المتخصصين من كلا الجنسين، مع الاهتمام بتشجيع البنات على الالتحاق بها لتأمين حاجة مدارس البنات وبما يخدم تطور الرياضة النسوية واعتماد درس التربية البدنية كمادة اساسية يوضع لها درجات ضمن التقويم الدراسي للطلاب. وتلصق بالعاملين في جهاز الرياضة تهم عدة بينها ما يعتبر لا أخلاقياً. ناهيك بالفساد وعدم الكفاءة في العمل. ومن الاقاويل المتداولة عن وضع الرياضة في اليمن، إن من بين الذين شغلوا منصب وزير الرياضة والشباب مَن كان يضرب ابناءه بسبب ممارستهم لعبة كرة القدم. والارجح أن مقولة أن الأنسان يكون إنساناً فقط عندما يلعب، لا تبدو مطابقة تماماً لما هو حاصل في بعض البلدان ومنها اليمن، وبحسب يسرى فإن اقصاء المرأة من حقل الرياضة لعباً وتشجيعاً هو خدش لانسانيتها.