لم يكن غريباً أن يصل حجم المتعاملين إلكترونياً داخل قطاع حيوي ومهم كأمانة محافظة جدة، خلال عام واحد فقط، إلى أكثر من مليون متعامل، بسبب التصاقها المباشر بكل التعاملات الخدمية المهمة في حياة الناس، وتمثيلها الشريان الرئيس لكل أحلامهم وهمومهم المختلفة، لكن الأغرب من هذا كله أن يوصم هذا القطاع في الوقت ذاته على رغم الإقبال الشديد من المستفيدين من خدماته، بالتأخر والتقليدية واستشراء البيروقراطية فيه. فخلال جولة ل «الحياة» على مبنى الأمانة العملاق الذي اتخذ من غرب شاطئ البحر الأحمر مخدعاً له، وكأنه وبعفوية يوثق علاقة أبدية بينه وبين الماء، وبعد مرور عام كامل على كارثة السيول يستطيع شاهد العصر أن يشاهد حجم التغيير المستمر الذي يحدث داخل القطاع، والعمل المكثف والمنظم الذي بدأ يظهر جلياً خصوصاً بعد حصد القطاع جائزتي الإنجاز للتعاملات الإلكترونية الحكومية ودرع الحكومة العربية لأفضل موقع حكومي عربي، ما دل على أن هناك عملاً ينجز، وخدمات تقدم على رغم كل الشوائب. وتبقى معضلة إنجاز المعاملات أكبر العقبات التي تواجه أمانة جدة ما دعا أمين جدة الدكتور هاني أبوراس للتأكيد على عموم الموظفين بسرعة إنجاز المعاملات وعدم تأخيرها، إضافةً إلى السرعة أيضاً في تحريك توجيه المعاملات المتأخرة إلى أقسامها المخصصة لتنفيذ دورة العمل الصحيحة، وحتى يتمكن الجميع من الحصول على المعاملات كاملة من دون أي نواقص. والمثير أن صفحة الاستعلام عن المعاملات تعد أكثر الصفحات زيارة من على موقع الأمانة، ما يؤكد حجم العمل الكبير والمتابع الذي يقع على عاتقها، كما أن زوار هذا القسم ووفق إحصاءات رسمية زادوا خلال عام 2010 بنحو 124 ألف زائر عن العام الماضي والذي بلغ فيه عدد الزائرين876.137. وفيما يذهب عدد كبير من زوار الموقع إلى متابعة الأخبار والإعلانات التي يتم نشرها، والتعرف على اللوائح والاشتراطات، والدخول إلى صفحة منتدى جدة. تسعى الأمانة إلى أن يكون موقعها الإلكتروني أداةً للتواصل والتفاعل الأساسية بينها وبين روّاد وساكني ومستثمري مدينة جدة. ولم تقف موجة التحدي على هذا القطاع عند هذه الحافة من التهديد والانتقاص، فهو على موعد أيضاً وتحديداً خلال هذه الأيام مع اختبار مختلف من نوعه، لم يشهد له مثيلاً منذ تاريخ إنشائه، بسبب ما تمثله هذه الأوقات من ذكرى مؤلمة لعام فائت، قضى فيها عشرات الأرواح من البشر إثر فاجعة السيول المدمرة، وهدمت فيها دور وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله. وكشف حجم الاستعدادات التي اتخذت لمواجهة موسم الأمطار مدى الاهتمام الذي توليه الأمانة لهذا العمل الشاق، والذي جاء من خلال اجتماعات ومداولات متواصلة امتدت لفترات طويلة، بهدف الوقوف والجهازية التامة لكل العقبات. وأفصح نائب أمين محافظة جدة المهندس خالد بن فضل عقيل أن الأمانة وضعت خطة محكمة للتصدي والحيلولة دون وقوع أي خسائر في الممتلكات أو الأرواح، كما أن الخطة تضمنت تحديد مسؤوليات وواجبات كل إدارة وعمليات التنسيق مع الإدارات المعنية خلال تلك الفترة، لا فتاً إلى أنها حددت أسماء المسؤولين في كل الإدارات على مدار اليوم، وبحسب نظام الورديات وبمعدل ثماني ساعات لكل وردية. وأكد على أن الخطة يعمل على تنفيذها المديرون العامون للإدارات المعنية ورؤساء البلديات الفرعية وموظفوها وعمالها ؛إضافة إلى المسؤولين والعاملين في الشركات العاملة مع الأمانة ومندوبي الإدارات الأخرى المشاركة، وتم حشد الطاقات البشرية والمالية كافة وتجهيز المعدات اللازمة لذلك والمتوافرة لدى الأمانة ومقاوليها لتنفيذ خطة عمل الأمانة بالمستوى المطلوب. ووضع وكيل أمين جدة للتعمير والمشاريع المهندس علوي سميط حداً لكل المقاولين المتلاعبين بالمشاريع، متوعداً إياهم بإيقاف مستحقاتهم حال عدم الوفاء بإنجازها في غضون خمسة أشهر كآخر فرصة لإكمالها، وإسناد تلك المشاريع إلى مقاولين آخرين بعد أن بلغ عدد المشاريع غير المتأخرة أكثر من 25 مشروعاً. وقال «اتفقنا مع المقاولين المتعثرين على إعادة جدولة المشاريع خلال خمسة أشهر، وإن لم تنجز خلال هذه الفترة فسيتم إسنادها إلى مقاول آخر، وسنوقف استحقاق المقاول الأساس»، مضيفاً أن غالبية المشاريع تأخرت بسبب مشكلات بسيطة كوجود خدمات تعترض طرق تنفيذها، أو تأخر في صرف مستحقاتها. وبينما تظل عجلة التخطيط والتطوير داخل هذا القطاع الحيوي والمهم تسير وفق مخططات وإستراتيجيات طويلة أو قصيرة المدى ربما تتحقق وربما لا، يبقى سيل الطلبات لا ينقطع أبداً، ولواذع الانتقادات لا تتوقف، خصوصاً إذا ما علمنا أن هذا القطاع يتصل بشكل مباشر وغير مباشر بأكثر من ستة أو سبعة ملايين هم سكان عروس البحر. موظفون: لا يمكن الارتقاء بسير المعاملات من دون تعديل بعض البنود سجل أحد الموظفين في أحد الأقسام الإدارية في أمانة محافظة جدة (فضل عدم ذكر اسمه) عدداً من الملاحظات التي يجب على الأمانة والقيادات الرئيسة في القطاع الانتباه لها، واتباع الطرق الكفيلة للقضاء عليها، قبل أن تستفحل ويصبح أمر القضاء عليها أمراً في غاية الصعوبة. وأكد الموظف أن أولى المشكلات التي تواجه الأمانة هي الآلية الجديدة التي وضعتها الأمانة في ترقية الموظفين ورفع درجتهم الوظيفية، فبعد أن كانت الترقيات تمنح للموظفين القدامى والذين أمضوا سنوات عدة في الخدمة، بات الأمر يخضع للعشوائية والاختبارات التي لا تمنح مجال الخبرات أي دور في عمليات الترقيات. وأوضح أن من المعضلات التي يجب على الأمانة سرعة القضاء عليها التعقيد في الآليات التي يستطيع من طريقها المراجع الوصول إلى الموظف المسؤول عن معاملته، وكثيراً ما تجد المراجع ينتظر أياماً عدة أمام مسؤولي الاستعلامات، وهو يحمل 20 رقماً لمعاملة واحدة، جميعها في سبيل الوصول إلى الموظف المعنى بإنهاء معاملته. ولفت إلى أن تسليم بعض الأقسام لشركات خاصة يسهم أيضاً في فقد العلاقة بينها وبين المراجعين بطريقة غير مباشرة، كما أنه يسهم في خلخلة دورة العمل الرئيسة وفقاً للتنظيم المعمول به. مشدداً على أن هذه الأقسام يجب أن تكون في إطار القطاع نفسه كونها تتبع لدائرة حكومية مختصة.