امطار وضباب على اجزاء من منطقة الرياض والشرقية والشمالية    إطلاق مبادرة "عطاء هنوف" للتوعية بأهمية التبرع بالدم    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    كريم بنزيما يُلمّح: العودة للمنتخب الفرنسي ليست مستحيلة!    الطائف تحتضن فعاليات CIT3    الصين تطلق أقمار صناعية جديدة للإنترنت    منافسات قوية في اليوم الثالث من العرض الدولي الثامن لجمال الخيل العربية    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    بوتين يعلن الاستيلاء على بلدة سيفيرسك الأوكرانية    النفط يتراجع مع عودة التركيز إلى محادثات السلام في أوكرانيا    المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    الاتحاد الدولي يختار"كنو" رجل مباراة السعودية وفلسطين    الأدب وذاكرة التاريخ    قلم وشمعة وإدارة    كنو: سعيد بتسجيل هدف الفوز على فلسطين وهدفنا تحقيق كأس العرب    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    معرض جدة للكتاب 2025 يسجل إقبالا كبيرا في يومه الأول    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    العمل التطوعي.. عقود من المشاركة المجتمعية    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    السعودية تتفوق على فلسطين وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب    المغرب لنصف نهائي كأس العرب    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    القصبي يشرف مهرجان المونودراما بالدمام.. وتتويج عشرة فائزين في ليلة مسرحية لافتة    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    برعاية محافظ صبيا المكلف"برّ العالية" تُدشّن مشروع قوارب الصيد لتمكين الأسر المنتجة    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    مهرجان البحر الأحمر.. برنامج الأفلام الطويلة    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    استضعاف المرأة    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    المملكة تعزز ريادتها العالمية في مكافحة الجفاف    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    زواج يوسف    «بناء» تحصد المركز الأول بجائزة الملك خالد    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    بحث مع الرئيس الإريتري تطوير التعاون المشترك.. ولي العهد وغوتيرس يستعرضان سبل دعم الاستقرار العالمي    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    8.9 % ارتفاع الإنتاج الصناعي    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن روسي «هجّرته» ثورة 1917
نشر في الحياة يوم 28 - 02 - 2017

لم تفوت أربعة متاحف عالمية كبيرة فرصة الذكرى المئوية لثورة أكتوبر البلشفية عام 1917، وسقوط القيصرية، باستحضار النماذج الفنية في تلك الفترة التحولية، وتناقض تياراتها الثورية مع الثورة السياسية، في كل معرض على طريقته وهي: معرض «تجارب الطليعة الروس» في متحف «موما» في نيويورك ومعرض «الثورة الفنية الروسية من 1917 وحتى 1932» في متحف الأكاديمية الملكية في لندن، ومعرض «فجر التجريد في روسيا من 1914 وحتى 1923» في متحف الفنون الجميلة في أوتاوا – كندا، ثم معرض «ألكسندر رودشنكو وسيرغي الزينشتاين» في متحف موسكو.
يعانق معرض لندن ثلاثين لوحة من الأشد شهرة لكازيمير مالفتش، ويؤكد معرض أوتاوا على نهوض التجريد ابتداء من كاندينسكي وصدامه الفكري المتدرج الذي بلغ ذروته مع منعه (ومنع بقية التيارات الفنية) وفرض «الواقعية الاشتراكية» من قبل ستالين عام 1932 وحل الجماعات الفنية. وكان هذا التناقض ابتدأ منذ عهد لينين. يتميز معرض نيويورك بدوره بشمولية نماذجه الإبداعية وصولاً حتى السينما والشعر والمسرح والموسيقى.
تقود هذه المعارض (بدرجات متفاوتة) إلى العلاقة المأزومة بين الثورة السياسية والفنية. والتي قادت إلى هجرة أغلب المبدعين الروس، من كاندينسكي وشاغال إلى استرافنسكي ولاريونوف. فهم في الأساس كانوا ينشطون بين موسكو وبرلين وبين موسكو وباريس. بعضهم صودرت أملاكه مثل منزل كاندينسكي الذي كان يأمل بتحويله إلى محترف فني، وكذلك منزل استرافنسكي. وبسبب تعسف النظام الجديد في السماح لهؤلاء المبدعين بالحركة والعرض في الخارج (كانوا يملكون علاقات فنية تسمح لهم بتبادل العروض) فالعديد منهم كان يتملص من الإقامة القهرية من دون عودة.
فكاندينسكي مثل شاغال حاول العودة والاستقرار من دون طائل فاستقر الأول في ميونيخ لينخرط في جماعة «الفارس الأزرق»، واستقر الثاني في فرنسا ليصبح واحداً من مؤسسي مدرسة باريس.
هذه الفترة تتميز بظهور مبدعين روس عالميين كبار وتقزم قدر الإنسان المعاصر حتى العدم. وظهور رسام مخضرم مثل المعلم الكبير ريبين الذي زامن العهدين القيصري والبلشفي، وواحد من أشهر بورتريهاته يمثل موسورسكي الذي كان جزءاً من حركة الخماسي الروسي الموسيقي إلى جانب بورودين وسواه، هم الذين أسسوا للمدرسة الموسيقية المتفوقة في أوروبا، والتي انتجت في الجيل التالي عازفين ومؤلفين إعجازيين على آلة البيانو من مثال رحمانينوف الذي استقر في الولايات المتحدة أو استرافنسكي الذي استقر في نيويورك أو بروكوفييف الذي تأخر خروجه حتى أرسله خروتشوف في بعثة تعليمية إلى نيويورك ليصبح أشدهم شهرة في الداخل والخارج. هو ما يعني أن بداية القرن العشرين ونهاية التاسع عشر تمثل طفرة إبداعية استثنائية كما يثبت معرض «موما» نيويورك، بل إن معرض موسكو خصص نصفه لتكريم مؤسس خصائص السينما الروسية: إيزنشتاين (بخاصة فيلمه الطويل عن «ايفانوفيتش الرهيب»)، وعلى رغم اندلاع الحرب العالمية الأولى منذ 1914 وحتى 1918 لم تتوقف حركة المبدعين ونشاط تجمعاتهم في الفن التشكيلي. لا شك في أن خروج «فرقة دياغيليف» في بداية القرن ونقل فن رقص الباليه إلى باريس كان منعطفاً رمزياً في هجرة الإبداع الروسي الذي ترسخ مع الثورة البلشفية، ارتبط فن الباليه في الداخل بعبقرية المؤلف الموسيقي تشايكوفسكي صاحب «بحيرة البجع». وارتبطت هجرتها بعبقري الجيل التالي استرافنسكي منذ عروضه الأولى في باريس: «بتروشكا» و «عصفور النار» و «تتويج الربيع» قبل سفره إلى نيويوك واستقراره فيها. يكشف هؤلاء الموسيقيون مثل المصورين استلهامهم من الموسيقى والموتيفات الشعبية ومصادر الغناء والعمارة والأيقونات. لم يبق من الموسيقيين طواعية إلا تشيستاكوفيتش متحملاً تعسف الإدارة الثقافية، ورقابتها السياسية على الإبداع، ما اضطره لإنتاج موسيقي 300 فيلم دعائي، وعانى المصورون أكثر من هذا القمع بخاصة مع فرض التيار الرسمي «الواقعية الاشتراكية» بما يتناقض مع معرض: «فجر التجريد الروسي» من 1914 وحتى 1923، الذي يعتبر أن هؤلاء قادوا حركة التجريد في ألمانيا وفرنسا، بخاصة واسيلي كاندينسكي الذي يعتبر أول من اخترع التجريد في ألمانيا ما بين عامي 1908 و1910، ضمن جماعة الفارس الأزرق ثم من خلال تدريسه في الباوهاوس ثم انخراطه في التجريد الغنائي الباريسي. لم تقتصر الهجرة المعترضة على الذكور، لدينا أمثلة نسائية بارزة مثل الفنانة ألكسندرا اكسترا، درست في باريس التكعيبية وتأثرت بثورية الفنان مالفيتش عند عودتها، ثم هربت من موسكو في عهد لينين بحجة اشتراكها في بينالي فينيسيا عام 1924 سافرت بلا عودة. وكذلك الفنانة ناتاليا غونتشاروفا، كانت تفضل التجربة الروسية في باريس ابتداءً من فرقة دياغيليف للباليه لذا استقرت فيها، وصلت الرغبة في الهجرة حتى للملتزمين منهم بالبلشفية مثل بوريس ميكولوفيتش، ذلك أن أساليب هؤلاء كانت متأثرة في ثورتها بالتكعيبية الفرنسية والمستقبلية الإيطالية (مدرسة نابولي) والإشعاعية التي قادها لاريونوف في موسكو قبل هجرته إلى باريس (كان حضور لوحاته كثيفاً في معرض «باريسموسكو» عام 1979 في مركز بومبيدو، غاب ذكره نسبياً في المعارض الأربعة رغم عمق تأثيره في التجريد الغنائي، واعتبرت «تصعيدية» مالفيتش وتجريده الهندسي (منذ مربعه الأبيض) رمزاً للعلاقة المأزومة بين هؤلاء الرواد والثورة البلشفية، تراجع في ما بعد عن تجريده الهندسي ليصور الفلاحين بطريقة مبسطة رآها البعض أشبه بالأكفان المشخصة، تزامنت مع تصور المصور ألسسيتزكي للإنسان الجديد من طريق تصميم العرائس الميكانيكية متزامناً مع عرائس شنايدر في مدرسة الباهاوس الألمانية. هو شأن تاتلان ورودشنكو وعشرات من المواهب الروسية المهاجرة من جحيم الواقعية الاشتراكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.